أسعار اللحوم اليوم الاثنين 17-6-2024 في الأسواق    أسعار الذهب اليوم الاثنين 17-6-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21 الآن؟    «خطوة بخطوة».. طرق شحن عداد الكهرباء الكارت بالموبايل في العيد    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف جنوب غزة    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    فيلم عصابة الماكس يحتل المركز الثالث في السينما بإيرادات مليون جنيه    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    الخارجية الإيرانية: بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني لا قيمة له    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    استقرار أسعار الفاكهة بسوق العبور اليوم 17 يونيه    «الأرصاد»: انخفاض في درجات الحرارة.. العظمى على القاهرة 37    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    انتقاما منه.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في شقة زوجها لزواجه في الوراق    ثاني أيام العيد.. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    إصابة عامل بحروق أثناء تنظيف المنزل بمادة بترولية بجرجا فى سوهاج    جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعًا بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    جامعة القاهرة تستقبل 3079 حالة طوارئ وتُجري 371 عملية خلال عطلة العيد    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري في الدوري    مصادر فلسطينية: القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم عقبة جبر في أريحا ومدينة قلقيلية    تشكيل الإسماعيلي المتوقع ضد إنبي في الدوري المصري    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول إسلامية تحتفل بأول أيام عيد الأضحى اليوم    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا دائما يفاجئك جمال ما.. لا تتوقعه .
لم أفهم يوما سر حبي العميق والمعلن لمدينة الإسكندرية بمصر فأنا طفت وزرت وأقمت بعديد من أروع وأنظف مدن العالم
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 08 - 2015


الساحلية .
بدأت أعرف، أظن هذا، أني لم أحبها يوما فحين كنت أجري إلي البحر معطية ظهري للمدينة بأمل الاسترخاء وكتابة قصيدة لم يكن هذا حبا ولا يمكنه أن يكون . فلا الأنانية تصلح بديلة للحب ولا النوستالجيا. حين نتعامل كسياح مع مدينة في بلدنا نحن لا نحبها . حين نتعامل بحنين مع مدينة في بلدنا أو أي بلد آخر نحن لا نراها بل نري صورة الماضي والذكري التي تخصنا فيها. نوستالجيتنا جريمة حين نواصل إدارة ظهورنا للمدينة أثناء اغتصابها فقط لأننا نحب أن نفكر في صورتها القديمة، في ذكرياتنا نحن لا واقعها هي . هذا ليس حبا بل قتلاً .
زادت حيرتي . كيف يمكن أن أحب ما يشعرني بالذنب ؟ ولا أغوص في تفاصيل وأسئلة أخري مثل " كيف بددتُ كل هذه السنوات العريضة دون بذل جهد للتعرف علي واقع الجريمة المستمرة علي المدينة ؟" لأني ربما أحببت الإسكندرية لشعوري الصامت المتواطئ حتما علي مر السنين أنها تحتاجني بسبب انتهاكها المتواصل، لأن لا مدينة ساحلية أخري - ولا مدن اليونان وفرنسا وإيطاليا الساحلية بطبقاتها التاريخية المغروسة علي الشاطئ الآخر - تعرضت وتتعرض لمثل ما يحدث للإسكندرية التي بدأت أسمع صرخات اغتصابها المكتومة، استغاثات الحَجَر والبحر التي طالما وضعنا أصابعنا في آذاننا كي لا تصلنا و نتوهم عروسا متوسطية دائمة الرونق .
لو كنت أعرف أن للعدل ثأرا مؤجلا، حقا للمدينة ظللتُ أتناساه ما كنت ضيعت آخر فرصة لتصوير مبني قصر البورصة الأثري للمليونير اليوناني توسيجه في ميدان المنشية حين جئت مصر في زيارة مع عائلتي قبل أشهر من حرب أكتوبر 1973 م فوقتها كان القصر ما يزال قائما. بعدها بسنوات سأشاهد الرئيس السادات تليفزيونيا في جلسة بمجلس الشعب بعد عودتنا إلي مصر وهو يصف " انتفاضة الخبز " عام 1977 م ب " انتفاضة الحرامية "، لكني كنت طفلة في المرة الأولي لا يزيد عمرها عن 12 عاما ومراهقة في المرة الثانية عمرها 16 عاما فما عذري في المرة الثالثة حين زرت المدينة مع أبي وأمي في الثلاثينات من العمر دون تصوير للفيلا التراثية التي امتلكها أحد اللواءات الذي نسيت اسمه علي كورنيش سيدي بشر ورأيتها مهدومة تماما في زيارتي الحالية ؟ وكيف لم ألحق تصوير طابية سيدي بشر الأثرية بمدافعها علي كورنيش نفس المنطقة ؟؟.. ربما لم نقم بتصوير الطابية لأنه لا أحد توقع إزالتها وتسوية التلة التي تقع عليها بالأرض لبناء عمارات للضباط وأن يكون المجرم المسئول هو محافظ المدينة سيدها وامبراطورها الأوحد .
حين انفجر لومي الذاتي العنيف كان قد سبقه واستمر بعده حنقٌ أعنف علي أهل المدينة وقد احتككت بطوائف وشرائح مختلفة منهم طوال شهر من إقامتي لإنجاز تحقيقي الحالي . كان السكندريون بعد ثورتين شعبيتين يدافعون بشراسة عن حقهم الكامل في العجز واليأس. طبعا نحن كائنات تبريرية لذواتنا ولست بريئة من التهمة. كنت أشاهد كمًا رهيبا من اجتماعهم ضدي في نقاشات الترام بحجج مثل لقمة العيش وقانون التظاهر وأقوال عن " انتحار الشهداء " بلا طائل كأنما كان " قانون التظاهر " موجودا منذ بدء الجريمة المحروسة بالقانون علي مدينتهم، كأنما توقف تفكيرهم عن إجراءات أخري كأن ينظموا وفودا لمقابلة المحافظين ورؤساء الأحياء والبلديات أو حتي السفر لمقابلة رؤساء الوزراء المتعاقبين ولاحظت أن عنف المواطنين في جدالي وتثبيط همتي لتحقيق انتصار صوتي جماعي وعنفهم لاحقا في محاولات منعي من إنجاز عملي لو وجهوه ضد مغتصبي المدينة لأمكنه صنع ما يتخيلونه معجزة تحتاج لقيامة .
بدأتُ بنفسي أمشي طوال شهر إقامتي يوميا ولا أعود للبيت إلا في العاشرة ليلا بلا طعام أو ماء طوال النهار، لا أجد وقتا أو رغبة أو طاقة للجلوس علي البحر ، كفّارة عما فعلته لسنوات وقد أدركتُ أخيرا أني لم أكن أحضر للإسكندرية بسبب البحر فالبحار في كل العالم أفضل حالا كشواطئ و من حيث نظافة المياه . لا أنكر أني ما زلت أسيرة إحساس أني حين أنظر إلي الأفق علي بحرها كنت أشعر بمسافة من المياه تفصلني وتفصلها عن أوروبا، جنوب المتوسط بما يثيره ذلك في خيالي .. أي فقط لو عبرته سأدخل مدارا آخر تنتمي له هذه البطلمية التي الأحلام والاحتمالات من أعظم هداياها .
لا شك ظللت أدخر في قلبي الأسي و رغبة عمل شيء لها. كنتُ مجذوبة لأنين يخص المدينة الصابرة ك " الندّاهة " لكنها تنده عليك كي تنقذها، تضم لها فخذيها وتغسلهما من دم الاغتصاب الجماعي الذي لا يتوقف منا كلنا، تحنو وتعلمك الحنو فما حدث ويحدث من تدمير همجي داعشي الروح لمباني الإسكندرية ما هو إلا عيّنة مما حدث لكل الأبنية التراثية والأثرية في عموم محافظات مصر لكن في الإسكندرية علا صوت الأنين حتي صار طنينا في أذني هذه المرة وهي التي كانت منتجعا ومصيفا عبر أكثر من قرن للعائلات المصرية بأجيالها المختلفة مع سكانها ومواليدها الطليان والأرمن واليونانيين واليهود والمالطيين والسلوفانيين منذ ما قبل ارتفاع أسعار القطن عالميا بعد الحرب العالمية الأولي وازدهار بورصته في مصر مما ضاعف من الهجرة ودخول رءوس الأموال إليها.
مع هذا لست بمنقِذة و لا أدعي هذا . ليتني كنت أملك الصلاحيات التي تمكنني من هذا للمدينة .
لأجل تحقيقي الحالي كنت أمشي لمسافات ومحطات عديدة في أحياء وشوارع لم أدخلها من قبل وأظل بلا ماء أو طعام حتي العاشرة ليلا. أوقاتا كان لا يوجد حولي سوي الرجال وصمتٍ مخيف وكنت أقاوم خوفي من أجل فرصة تصوير لما تطور من تصوير لتحقيقي الاستقصائي الميداني/ التوثيقي إلي أرشيفي الخاص عن المندثر الجميل.
هذا التجوال اليومي في كل ما أمكنني من أحياء استنزفني بدنيا وروحيا وكلما كنت أشاهد خرابا أحدثه عنف الأفكار والمفاهيم والسلوكيات كنت أستعيد مشاهد في ذاكرة أيام مدرستي الثانوية بالقاهرة حين بدأ عصر السادات يعرض لعورات المرحلة الناصرية مبرزا إخفاقاتها كشرور عظمي وبعضها فعلا كذلك إلي الحد الذي دفع الرئيس السادات ذات خطبة كنت أتابعها بمجلس الشعب علي التليفزيون وقتها أن يردد " أنا اللي اديتكم الحرية "! . لم أنسها ولم أغفرها .
كانت مرحلة ما سمي " بثورة التصحيح " التي عظّمها الإعلام المرئي ضرورة لتمهيد الطريق ليس لإنهاء عبادة الحاكم الفرد والتهوس الجماهيري بالأب .. " يا جمال يا حبيب الملايين " كما رَدَدت أغنيات الفترة السابقة بل كانت لتمهيد الطريق لسياسة الانفتاح الاقتصادي حين بدأت لافتة " للإيجار " التي أتذكرها من طفولتي الأقدم تختفي لتبدأ مشكلة الإسكان بارتفاع أسعار العقارات بعد حرب 1973 وظهور صيغة " الخُلُوّ " ثم تمليك الشقق والأراضي في وقت لم يكن مرتب حتي الطبيب صاحب أعلي الشهادات كأبي يتجاوز العشرين جنيها، فبدأت الملبوسات والسلع المستوردة تغزو المحلات وبدأ شراء السياح العرب للأراضي والشقق .
كنت أشاهد من شرفة بيتنا بحي الدقي بالقاهرة سيارات البويك والشفروليه الأولي النادرة في العاصمة لأصحابها العرب تقف فجأة لتستوقف الشابات للمساومة علي أجور بيع أجسادهن بعد عصور من الحرمان من الاستيراد أو حرية السفر في العهد الناصري ثم يطل علينا الرئيس المؤمن تليفزيونيا مرة أخري نافيا بغضب ما تنشره الجرائد عن شبكات الدعارة وقضايا الآداب :" احنا بناتنا كده ؟! "
نعم كان لا بد أن يبصق زميلي الذي نسيت اسمه علي تمثال نصفي لعبد الناصر في بهو مدخل مدرستنا الثانوية المختلطة بعد تحية العلم في طابور الصباح لكي يتمكن الانفجار القيمي الجديد من كل شيء، لكي يرتفع صوت المال حتي يُخرِس كل ما عداه وينتهي تاريخ مرحلة من الغفران المجاني المستمر لنكسة 1967 م ومعها ذبح متزامن محتوم للإحساس بالانتماء والثقة المطلقة السابقة في الحاكم ثم السخرية المتنامية لفترة من كل معاني الوطنية .
حين تمت التضحية بمشاعر الانتماء من أجل هدم صورة زعيم، حين تم اتخاذ قرار منفرد بتحويل سياسة مصر الاقتصادية والخارجية من اليسار إلي اليمين، وتم استبدال " الحضن " الذي يتم الارتماء فيه في عالم القطبية الثنائية وقتها .. من الدب الروسي إلي النسر الأمريكي كان عصرا جديدا يدشنه مهربون و " تجار شنطة " من أجداد عديد من " سُرّاق وحرامية " اليوم يولد، عصرا يتم فيه نسيان تاريخ من زراعة القطن والقمح المصري وتصديرهما، ونسيان مجانية التعليم التي طالب بها العظيم طه حسين حتي يصبح التعليم اليوم هو رشوة بعلبة سجائر كما حكي لي تلميذ سكندري ليقوم المدرس المرتشي بحذف اسمه من سجل الغياب أما أنا فكنت كغيري شاهدة علي ما لم أعرف أنه سيوصل إلي كل الخراب العمد الذي وجدته متواصلا بشراسة إجرامية في الإسكندرية اليوم .
لم أنتبه إلي حكاية الرجل العجوز المجاور لمقعدي في القطار للإسكندرية . كان يحكي عن محاولات مالك عقاره إخراجه بالقوة من مسكنه بطرق ليس أقلها الرفع المستمر للقيمة الإيجارية دون منحه إيصالات بذلك وإرسال ابنته للتفاوض معه هو وزوجته العجوز للخروج فيضطر للمواجهة قائلا : " خروج مش حاخرج إلا لو كان لقبري " واضطره لرفع قضية . نعم كان انتباهي دوما قاصرا ومتأخرا عما كنت أكتشفه !
لكوني لست سكندرية لم يكن الأمر سهلا. كنت أتعثر صدفة في بعض المباني التراثية التي تعمل فيها البلدوزرات وأنا لا أعرف لمن كانت قبل هدمها أو ماذا كان اسمها . وحين كنت أسأل أهل المدينة كنت لا أجد من يدلني فالتجهيل عبر تعليم يستبعد العملية التربوية وتنمية الخيال أو الإيمان بقيم تعلو علي المال أو التجهيل بتعمد عدم التعريف بإنجازات مرحلة قامت ضدها ثورة يوليو 1952 م التي طالما آمنت بها وأعد نفسي من بناتها زاد من صعوبة مهمتي التي لو أضفنا إليها ذلك الميل المتعمد لرأس المال الفاسد وحراسه لتقديم معلومات مشوهة ومضللِة ( وهو ما كنت أتعرض له كثيرا ) أو الاندفاع العاطفي لدي عامة المصريين لمساعدتك ولو بمعلومات غير دقيقة أو خاطئة .. كل هذا كان يقول إن مهمتي مستحيلة. دعونا نحاول الرصد .
تم هدم " طابية سيدي بشر" الأثرية وإزالة مدافعها الحديدية التاريخية من علي التلة الكائنة بكورنيش سيدي بِشر وتسوية التلة بالأرض لبناء مجمع عمارات لضباط الجيش عليها أثناء تولي المستشار إسماعيل الجوسقي منصب محافظ المدينة .
تم هدم فيلا عثمان باشا محرم شيخ المعماريين والوزير في 14 وزارة للأشغال العمومية . تذبحنا السخرية لما نعرف أن فيلته التراثية المكونة من فيلتين تم هدمهما بقرار هدم رقم 47 لسنة 2010 م. كانت في ثمانينات القرن العشرين وبصورة استشرافية تماما موضوعا لأحداث المسلسل الشهير الذي كتبه أسامة أنور عكاشة وأخرجه المخرج محمد فاضل " الراية البيضاء "عن رأس المال العشوائي المتوحش الذي يأتي كالجراد علي الجمال والتاريخ ويقاوم د. أبو الغار ( جميل راتب في المسلسل ) المعلَمة وتاجرة السمك فضة المعداوي ( الراحلة سناء جميل ) صاحبة صيحة عصر يُجرّف عصرا ويغتاله " وله ياحمو .. الخنزيرة ( أي المرسيدس ) يا " لَه ". اليوم تنتصب عمارة شاهقة من حوالي 15 طابقا مكان الفيلتين التراثيتين وأستعيد ما حكاه لي سائقو التاكسي من سنوات عن أساليب إتلاف الفيلات المسجلة تراثيا : يتم ترك خراطيم المياه عمدا علي أن يحدث ذلك بداخل الفيلا لهدمها بتصريح بعد تسريب المياه للأساسات لتذويبها ( حكي محمد فاضل أن بوابًا حكي له هذا عن فيلا " الراية البيضاء " ) والبعض كما حكي لي سائق تاكسي من أعوام في جليمونوبولو قد يستخدم أحماضا كيماوية أو كما نقول في مصر " ماء النار " علي الأساسات أو ربط قطعة قماش في ذيل قطة وإشعال النار فيها وتركها داخل قصر تراثي لضمان حريقه داخليا !
تم هدم فيلا زيزينيا التراثية المميزة بطرز عصر النهضة والواقعة أمام قصر المجوهرات ( الذي كانت تملكه الأميرة فاطمة الزهراء ) وبجوار المقر الرسمي لإقامة المحافظ . حكي لي مواطن فقير بالمنطقة كيف لم يأتِ أحد من المحافظة إلا بعد اكتمال الهدم رغم استغاثات الجميع علي مدي أيام وذكر أن "العقار رقم 505 وهو تراثي من 4 طوابق عند محطة الوزارة أمام البريد "كان ملكا " لجمعية خيرية من القاهرة وتم بيعه بعد مراضاة السكان لهدمه ".
تم هدم دير سانت كلير المبني أواخر القرن التاسع عشر وكانت أرضياته لوحات من الفسيفساء. وعلي موقع لجنة التنسيق الحضاري التي قررت الإبقاء عليه في سجلات الحصر ورفض التظلم المقدم عنه من " حمدي عمران أحمد " نجد اللجنة توصي " محافظة الإسكندرية بإبلاغ النيابة العامة للتحقيق في ملابسات هدم العقار والتي حدثت بفعل فاعل وإعادة بناء الأجزاء المهدمة طبقا للتصميم الأصلي ".
تم هدم فيلا " النقيب " التي كانت تسكنها عائلة د. أدهم النقيب الذي كان الطبيب الخاص للملك فاروق والذي تزوج من الملكة ناريمان بعد طلاقها من الملك عقب قيام ثورة يوليو 1952 م دون أن يشفع لها ارتباطها بشخصيات تاريخية أو معمارها المميز أو عمرها كما ينص القانون 144 لسنة 2006 م.
تم هدم النادي اليوناني بشارع ممفيس بحي الإبراهيمية وقامت مكانه عمارة شاهقة في زمن قياسي وقد كتب ناشطون وشهود عيان أن بعض الفيلات التي كانوا يمرون بجانبها يعودون بعد ساعتين فيجدونها هُدِمت . وبالمقارنة هناك من المباني ما يستغرق أسبوعين للهدم من شدة متانته وحالته المتماسكة.
تم هدم العقار رقم 2 شارع كنيسة دبّانة Debanne في شارع شريف، وكان العقار قد أُدرِج عام 2007 م في قائمة التراث العمراني للمدينة تحت رقم 63 وكتب الشاعر السكندري علاء خالد مقالا موجعًا عن المأساة، بينما قصر دبانة في الشارع الألماني سابقا كان قد تم هدمه أواخر القرن التاسع عشر .
تم هدم فيلا مكرم عبيد باشا بالمدينة من زمن . كانت من تصميم المعماري المصري علي لبيب جبر بك.
تم هدم فيلا جوستاف آجيون التراثية ( قمت بتصوير حطامها هي وغيرها ) والكائنة في 75 شارع أحمد إسماعيل باب شرق . كانت الفيلا من تصميم المعماري الفرنسي المشهور بحداثة طرزه أوجست بيريه قبل أكثر من 90 عاما وينسب لمحامي مالك الفيلا أن الدولة قدمت طلبا لوزارة المالية لنزع ملكيتها مقابل تعويض 38 مليون جنيه وردت الوزارة بعدم وجود اعتمادات مالية كافية. كتبت جريدتا الديلي تليجراف والجارديان البريطانيتان عن تلك المهزلة كما أشار پيتر شڤارتز شتاين في ال " ناشيونال جيوجرافيك " عن الأمر وقامت قناة البي بي سي البريطانية بتصوير عملية الهدم خاصة وأن المالك تجاهل قرار المحافظ بوقف الهدم لحين دراسة حالة الفيلا القوية وقام بهدمها و " كله بالقانون " . و كانت ال " كريستيان ساينس مونيتور " قد كتبت بدورها عن " معركة حماية كنوز الإسكندرية المعمارية " .
ذريعة المالك الجديد لآجيون في الفيلم الوثائقي الذي شاهدته عن الهدم قبل أن أعاينها علي الطبيعة هي " ده حقي .. حقي وبعدين الحياة بقي فيها التزامات (مادية يقصد).
صور الفيلا في معرض " الإسكندرية عبر العصور" بمكتبة المدينة أكثر إيلاما من واقعها ففي الصور تظهر أحواض ماء أو سباحة وأقواس معمارية بديعة للمدخل وكل هذا لم يعد موجودا منذ ما قبل الهدم . وبحسب نهلة النمر في جريدة الوفد في 25 فبراير 2014 م تحت عنوان " هدم الفيلات الأثرية بالإسكندرية طمس للهوية " يتضح مطالبة القنصلية الفرنسية بالمدينة بعدم هدم الفيلا ( قبل هدمها ) كما نعلم أن قناصل كل من إنجلترا وفرنسا واليونان أصدروا بيانًا مشتركًا حول هدم تراث المدينة جاء فيه "إن الإسكندرية مدينة ذات خلفية تاريخية فريدة يقبع تاريخها العظيم في كل ركن و في كل خطوة من شوارعها القديمة. هويتها الفريدة ظلت للأبد مصورة علي مبانيها التاريخية ومبانٍ ذات طرز مختلفة وأساليب معمارية تعكس وتُذِّكر بالروح الحقيقية متعددة الثقافات التي سادت هذه المدينة وجمعت أشخاصا من جنسيات ولغات وديانات مختلفة، وهذه المباني التي لا يوازيها جمال ولا صفة أعطت الإسكندرية شهرة عالمية ولطالما جذبت إليها عددا كبيرًا من الزوار ". وفي ذات البيان مناشدة عارمة الإدانة لكل مواطن في الشعب سمح ويسمح بهذا إذ يؤكد البيان علي " أن هذه الكنوز المعمارية تستحق أن تبقي وأن يتم حمايتها ليس فقط كإشارة لاحترام الماضي ولكن في المقام الأول كتراث للمستقبل وللأجيال القادمة. وتراث الإسكندرية الثقافي الفني لديه الإمكانية أن يصبح محركا مهمًا للنمو الاقتصادي والتجديد الحضاري واللذين تحتاجهما المدينة بشدة ويجب أن يكون التراث في المجتمع المحلي مصدرا للفخر لا للخلاف ". وذكر تقرير النمر أن قناصل الدول المذكورة كانوا قد اتصلوا بمحافظ الإسكندرية الأسبق لتوكيد دعمهم لمطالب سكان المدينة في حماية تراثهم .
تم هدم The Billiards Palace (قصر البلياردو ) عام 1995 م بعد غلقه في بدايات الثمانينات من القرن العشرين ويوجد حاليا مول تجاري مكانه بحسب مايكل هاج في كتابه " "Alexandria : City Of Memory " الصادر عن الجامعة الأمريكية عام 2004م.
فيلا أمبرونAmbron التراثية الكائنة في 19 شارع المأمون بمحرم بك والتي كانت ملكا للمهندس المدني الإيطالي اليهودي ألدو أمبرون وزوجته التشكيلية إميليا وأولادهما. لم يكن مقاولا كما كتب عدد من الصحفيين ولكن ذهب الاعتقاد لذلك لكونه ترأس جمعية تكون ترجمة اسمها عن الفرنسية " الجمعية المصرية للمشاريع الحضرية والريفية " والتي كانت تبني الشقق وقتها وكان ذواقة للفنون فكوّن مع الأمير يوسف كمال جمعية " أصدقاء الفنون ". عاش فيها ملك إيطاليا فيتوريو إمانويل أو فيكتور عمانويل الثالث أثناء فترة نفيه بالإسكندرية بحسب مايكل هاج في كتابه المذكور ( وهو ما يفسر إصرار بعض بائعي الخضار في محرم بك علي المعلومة رغم عدم معرفتهم باسم الفيلا لما نطقتها أمامهم ) وكان إصرار مواطنين بسطاء آخرين علي أنه سكن في حي سموحه سببه انتقال الملك فعلا للإقامة بسموحه بعد ذلك في الثلاثينات من القرن العشرين خاصة في المنطقة بين محرم بك وأبو النواطير كما سأعرف من مراجع عدة - لكنه في مرضه الأخير عاد إلي فيلا أمبرون حيث توفي بها في 28 ديسمبر عام 1947 م . وقد سكنها لفترة الروائي لورانس داريل صاحب رواية " رباعية الإسكندرية " أو " Alexandria Quartet " كما أقام فيها لفترة من التشكيليين المصريين سعد الخادم وجاذبية سري . كانت الفيلا في حالة فائقة التداعي الآن .
في مقالة سمير رفعت المنشورة بالإنجليزية في "The Egyptian Mail " في منتصف التسعينات من القرن العشرين تحكي " فيرا رابينوفيتش " -التي كانت شاعرة أوروبية لم تنشر أعمالها وقت كان اسم شارع المأمون شارع " بابور التلج " وكانت إحدي ساكناتها - أنها لما كانت تلعب في الحديقة في طفولتها تتذكر تماثيل جريكو رومانية وأعمدة جرانيت وأشجار البانيان الهندية وكان بها ملاعب تنس وبئر ماء وتفوح روائح فصائل زهورها المتنوعة علي مدار العام . كنتُ شاهدت الفيلا في حالتها المتردية منذ سنوات أثناء تغطيتي لمؤتمر بالمدينة قبل ثورة 25 يناير . اليوم تآكلت أعمدة شرفتها الأمامية وتهدم جزء من سقف تلك الشرفة وظهرت الحجارة الداخلية والحديد المسلح عوضا عن تهشم واختفاء أكثر رخام الممشي الذي تفضي إليه سلالم القصر الأمامية بينما يستحيل أن ترفع نظرك عن الأرض وإلا تعثرت في كسور الحجارة أو غَرَسَت قدماك في براز القطط البلدي المسيطرة علي المكان . هنا لا أحد يسألك ماذا أنت فاعل وعربات الكارو داخل حرم ما كان يوما حديقة تقف بلا حياء بينما يعبر شباب وبنات المدينة دون التفاتة أسف أو حب استطلاع. كنت قرأت مقالات لعدد من الباحثين حضروا مؤتمرات عن داريل وشكوا من عنف ملاك الفيلا ( ثلاث جهات مالكة وقتها ) من اقتراب أحد بالكاميرا ولم يغامر بالاقتراب إلا مترجم نجيب محفوظ وهذا وقت حكم مبارك أي لا يمكن التذرع بالخوف من التفجيرات.
مايكل هاج صاحب عدد من الكتب عن الإسكندرية تم طبعها في لندن وبالجامعة الأمريكية بالقاهرة كتب تعليقا مطولا علي مقال رفعت المذكور يحكي فيه عن " بناء عمارات في حديقتها " ( حديقة فيلا أمبرون ) مما يؤكد أن ما شاهدتهُ هو ما تبقي ويقول هاج في تعليقه " سحر وتاريخ الإسكندرية يتم تدميرهما بوحشية ".
ترددت تصريحات من فترة بعضها منسوب للمالك الجديد للفيلا أنه إذا كان "محبو داريل كُثرًا بالمدينة يمكنهم أن يجمعوا المال اللازم لشرائها " وهو ما يعني الاستكتاب العام، أما هو فطلب 5 ملايين دولار ثمنا لها . وقد صورتها البي بي سي ذاكرة أن عمرها يبلغ مئة عام ومع هذا تم حذفها من مجلد تراث المدينة بقوة عصابات رأس المال العفن.
فيلا جاي شيكوريل في حي رشدي والتي كانت خاصة بعائلة الخواجة شيكوريل صاحب سلسلة المحلات القديمة الشهيرة قبل ثورة 1952 م، خضعت لقوانين التأميم لفترة طويلة بما جعلها مقرا تابعا لرئاسة الجمهورية ويُحكي أن حسني مبارك كان متواجدا بها وقت كان نائبا للرئيس السادات وقت اندلاع مظاهرات الخبز عام 1977 م حتي أن بعض المتظاهرين حاولوا اقتحامها . كانت القوات المسلحة قد أضافت طابقا إضافيا للفيلا في الثمانينات بلغ من الحرص والالتزام المعماري فيه مع طرازها أنه يصعب عليك ملاحظة أي فارق معماري بين الأصل والإضافة .
تم بناء الفيلا عام 1930 م بينما يذكر أسامة كمال في مقالة بالأهرام ويكلي بعنوان In Defence Of Old Buildings "" أو " دفاعا عن المباني القديمة " أنها مبنية في العشرينات من القرن العشرين . كانت من تصميم ليون أزيما وجاك هاردي و جورج باركيتميز وهي مبني فادح الجمال . يبدو أن ثمة ضغوطا ظلت تمارس علي رئيس الوزراء الأسبق د. كمال الجنزوري وقت بدأت رغبة البعض في شرائها بغرض الهدم حتي أصدر قرارا من سنوات بمحو قيدها من كشوف الحصر الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 278 لسنة 2008 م، والمبني مسجل برقم 878 بقائمة الحفاظ علي التراث لكن إخراجه من المجلد التراثي هو الذي صار رخصة " قانونية " بالهدم .
تجد لافتة " الشركة العربية للملاحة البحرية " علي السور الخارجي ومساحة خالية من الأرض ويوجد المبني . الشركة تمنع الاقتراب أو التصوير كأنما هي منشأة عسكرية. مرة جري حارس مسكين علاه الاضطراب لدي إخراج كاميرتي فشرع يغلق الباب ويتصل بمن عينوه صارخاً أمامي" ممنوع " فسخرت :" ممنوع التصوير لكن مش ممنوع الهدم ؟!!" ثم يواصل أحد المستثمرين مطاردته لي بالأسئلة خارج الشارع . قلت :" من حقي أصور أي شيء أشوفه في بلدي . ما وجهتش لك سؤال واحد " وأخبرته باسم جريدتي ممتنعة عن إجابة أسئلة أخري .
تم هدم الفيلا المسجلة تراثيا والشهيرة ب 89 شارع عبد السلام عارف .
تم هدم سينما ريالتو الكائنة في 36 شارع صفية زغلول بمحطة الرمل. ريالتو إحدي أقدم دور العرض بالمدينة. تروي بعض المصادر أن هذا حدث بعد إخراجها من سجلات التراث عام 2007 م بينما تذكر مصادر أخري علي مدونة " جدران مدينة متعبة " لأستاذ العمارة د. محمد عادل دسوقي أنها كانت مدرجة علي قوائم التراث التي تم إعدادها عام 1999 م والتي لم تعد سارية اليوم !. لم أفهم معني " تحديث " وضع وإدراج منشآت تراثية علي قوائم التراث ولا أظن هناك من يقدر علي إقناعي أن هذا ليس اختراعا عجائبيا يستفيد منه الفساد بما يؤدي لإخراج أكبر عدد من المباني من تلك القوائم . النقطة المثيرة لي : من الذي قام بإعلام المستثمر الجديد وشركة الاستثمار العقاري التي أنجزت له هدفه بتلك التفاصيل البيروقراطية شبه القانونية والتي فاتت علي مهندس عمارة متخصصين وفي جماعات ضغط مثل " مبادرة أنقذوا الإسكندرية " و " الحق في الإسكندرية " ؟ بل من الذي ساعدهم حتي تم استصدار قرار " ترميم " وُصِف بأنه كان ترخيصا بهدم جزئي لغرض الترميم في سرية تامة لدرجة أن عددًا من عناصر" مبادرة أنقذوا الإسكندرية " فوجئوا ببلدوزرات الهدم بعد انجازها لمهمتها ؟.
يمكن فهم هذا التلاعب المثير للغثيان في الصياغة ( ترميم " و" هدم جزئي للترميم ") علي شاكلة تأويلات إسرائيل لبعض قرارات الأمم المتحدة حول فلسطين " الأراضي المحتلة " أم " أراضٍ محتلة " ! . لكن أستغرب من إحسان الظن بالمسئولين وتصديق أن الهدم سيكون جزئيا بغرض ترميمي بينما كل الشواهد بالمدينة تحرض علي مواقف أقل مثالية؟.
تم الهدم الكامل لاستبدال السينما التي كانت تتميز بمعمار Art Deco بمول وسينما هائلين وَعَدَت الشركة الاستثمارية الجديدة أنهما سيكونان فتحا وميلادا جديدا.
كل هذا بعدما تم هدم أكثر من 31 دار عرض سينمائي فيما تحولت دور عرض أخري كما كتب الروائي إبراهيم عبد المجيد إلي مخازن أو قاعات أفراح . يحدث هذا في مدينة شهدت افتتاح أول سينما بها في سنة 1897 م بحيث يستحيل تصديق أن في الإسكندرية " قام فردريك جوبي فيسكيه بالتقاط أول صورة في مصر بأسلوب الداجيروتيب بل في إفريقيا كلها " في نفس العام الذي تم فيه اختراع التصوير الفوتوغرافي 1839 م بل كان إنشاء أول خط سكة حديد في الشرق الأوسط والذي بدأ بناؤه عام 1851 م هو خط سكة حديد الإسكندرية من جانب روبرت ستيفنسن ابن جورج ستيفنسن مخترع أول قطار بالبخار في العالم، لأن في الحقيقة كان كل نظام السكك الحديدية المصرية بالإسكندرية قد تم تمويله والاستثمار فيه من أربع عائلات يهودية هي : " دي مِنَشّا " ( عائلة من يهود السفارديم جاءت للقاهرة في القرن الثامن عشر الميلادي ) ،" رولو "، " كاتوي "، " سواريس".
مهزلة ما حدث لريالتو ألهمت غادة عصام ومحمد نبيل التسلل داخل منطقة السينما المهدمة حيث قاما بإنجاز فيلم وثائقي عن حطام سينما كانت تمثل جزءا من ذاكرة المدينة التراثية بعنوان " ريالتو ريبورن " كمعارضة أليمة لنفس الوصف الذي استخدمته شركة الاستثمار العقاري علي لافتتها فوق ريالتو الحقيقية . " مبادرة أنقذوا الإسكندرية " تنتظر ما تتوقعه لسينما " ريو "القديمة ولغيرها فسينما " أوديون " مغلقة وهكذا.
تم حرق المبني الإداري لمحافظة الإسكندرية يوم 28 يناير 2011 و يقال إنه ديوان عام المحافظة وقد قام التشكيلي السكندري الكبير عصمت داوستاشي بحصر قائمة بالأعمال الفنية والجداريات والتحف التي تم حرقها أثناء التخريب ونهب الأثاث التراثي للمبني ( بالمكان عدد من الصور لمبارك) وقد اختفي المبني تماما بعد أن ظل الحريق أياما. حين حكي لي سكندريون مختلفون هذا وقالوا " دي من منجزات ثورة يناير " ساخرين أردت القول " ليست الثورة المذنبة بل من قمنا بالثورة ضدهم " لكن سكتتُ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.