إسرائيل سرقت منا "الفلافل" واليابان سجلت "الملوخية" باسمها والجبنة الدمياطي في خطر! شاركت في مهرجان الفلافل بدعوة من "الأممالمتحدة" والسفير البريطاني هنأنا ب "والله وعملوها الرجالة"! سر فوز الفلافل المصرية في المسابقة يكمن في البنجر والكركديه والباذنجان المشوي مصر تفوز بكأس العالم للطعمية.. عنوان تداولته المواقع الإخبارية في مصر ويبدو من الوهلة الأولى أن فيه تلميحا لحالة من التهكم.. وحينما رجعنا لأصل الموضوع اكتشفنا أن المشترك المصري قد تلقى دعوة للمشاركة في مسابقة تحت عنوان "مهرجان الفلافل في لندن" وهي المسابقة التى شارك فيها شيفات من جنسيات مختلفة منها سوريا وفلسطين وإسرائيل.. وكان ذلك بعد إعلان اليونسكو ومنظمة الأممالمتحدة لعام 2016 كعام البقوليات.. وبالمتابعة اكتشفنا أن ردود الأفعال لوسائل الإعلام العالمية كانت قد اهتمت اهتماما كبيرا بفوز مصر في المسابقة، ونشرت صحيفة الجارديان "جميع بلدان الشرق الأوسط تتجادل عن الذى اخترع الفلافل.. وجاء مهرجان لندن للفلافل ليعطى فرصة للمقارنة والمنافسة.. وتفوق المصريين".. ويبدو أن "حروب الطعام" التي اشتعلت منذ سنوات أصبح لها أصداء كبيرة حول العالم خصوصا بعدما سعت العديد من الدول لتوثيق الأكلات الشعبية بل قرصنة الأكلات الشعبية لدول أخرى كي تضاف إلى رصيدها.. تفاصيل كثيرة حول هذا الشأن يحكيها لنا بطل العالم للطعمية الشيف مصطفى الرفاعي من خلال الحوار التالي.. في البداية.. حدثنا عن تفاصيل المسابقة؟ هذه المسابقة هي الأولى من نوعها ولم تقم من قبل وجاءتني الدعوة من الأممالمتحدة بعدما وقع اختيار اليونسكو لعام 2016 ليكون عام البقوليات وكانت المسابقة تحت إشراف منظمة الحبوب في لندن، وشارك فيها أصحاب أكثر المطاعم منافسة في تقديم الفلافل وكان أحدهم سوريا وفلسطينيا وإسرائيليا و لبنانيا وأنا من مصر.. كيف تم ترشيحك للمشاركة فيها؟ تعرفت على المسابقة من خلال كوني مسئولا عن صندوق جمعية الطهاة المصريين، وهي جمعية غير ربحية هدفها دعم الطباخين المصريين بدون مقابل ومقرها في العجوزة، وأحد رعاة الجمعية وهو أحد أكبر مستوردي الحبوب في مصر كان في لندن وسأله أحد أعضاء منظمة الحبوب هناك إذا كان هناك أحد في مصر يستطيع تقديم طبق منافس في المسابقة، فاتصل بي ليسألني إن كنت مهتما فقلت له بالطبع وشاركت في المسابقة.. وماذا عن تفاصيل التحضير لخوض مسابقة من هذا النوع؟ كان هذا الكلام في يناير الماضي والمسابقة كانت في شهر مايو، وشحنت الفول من مصر وسافرت إلى لندن على حسابي الخاص ووصلت قبل المسابقة بثلاثة أيام قضيت منهما يومين في اجتماعات مع المنظمين وقضيت يوما في تحضير أكل ل 500 فرد بمفردي، حيث قمت بعمل العجينة و مع بعض الباذنجان وحضرت البنجر والكركديه وطماطم الشيري المخللة وخلافه.. هل كان الطابع الغالب تنافسيا أم مجرد حدث عادي؟ لم يكن حدثا عاديا، وكانت الصدمة بالنسبة لي أن المنافسين لديهم مطاعم كبرى في لندن ومعهم جيوش للتخديم على أطباقهم ليقدمونها بأكثر صورة مبهرة، ونحن نقدم أطباقنا بأنفسنا على أقدامنا.. ومن ضمن المعوقات التي قابلتنا أن عدد الجمهور المتذوق وصل إلى 700 شخص، و الحمد لله فزنا بفارق صوت ونصف الصوت فقط وحصلنا على المركز الأول والكأس.. كيف شهدت ردود الأفعال العالمية على خبر فوزك بالمركز الأول؟ بعد الفوز في المسابقة اكتشفت مدى الاهتمام العالمي بها لدرجة لم أكن أتصورها، فالسفير الإنجليزي أتى لنا في فرع مطعمنا بالزمالك ليهنئنا بالفوز، وكتب على تويتر "والله وعملوها الرجالة.. أتقدم بالتهنئة لأبطال العالم فى بطولة الفلافل فى لندن"، ثم أن هناك صحفا عالمية تداولت الخبر بشكل محترم جدا. هل درست فنون الطهى بالأساس أم كان ذلك مجرد موهبة؟ أنا أصلا من طنطا بعد أن انتهيت من دراسة الخدمة الاجتماعية في مصر سافرت إلى أمريكا لعمل دراسات عليا في علم النفس، وكنت بالطبع في حاجة إلى أن أعمل لألبي مصاريف دراستي، فكنت أعمل في غسل الأطباق في أحد المطاعم التي تقدم الأكل الإيطالي هناك، وبعد 6 أشهر تعبت من غسل الأطباق، فقلت للشيف في المطعم إنني أريد المغادرة، فقال لي إنه سيتكلم مع صاحب المطعم على أن أنتقل إلى المطبخ، وبالفعل أعلن عن موافقته مبدئيا على أن يكون أمامي مهلة زمنية لمدة أسبوع ليتم اختباري في الطهي، وإذا نجحت سأنتقل إلى المطعم وإذا فشلت سيتم طردي حتى من غسيل الأطباق، وخلال هذا الأسبوع لم أذق طعم النوم لأتعلم أصناف المكرونة التي يقدمها المطعم والتي تختلف كليا عن أقصى خبراتنا في طهي المكرونة في مصر.. وهل نجحت في الاختبار؟ نجحت بحمد الله، وبعد 7 أشهر من عملي في المطعم كشيف طلب مني دراسة الطبخ في الجامعة لأنهم كانوا يحتاجون مساعدا للشيف الرئيسي في المطعم بشكل أساسي، وخلال سنوات تدرجت في الفرص التي أتيحت لي حتى أصبحت الشيف الأساسي في مطعم فندق "هايت" بالولايات المتحدةالأمريكية، وأصبحت شيف معتمدا وحصلت على دكتوراه في الطهي وأصبحت أستاذا في الجامعة حيث درست الطبخ في جامعتي هينري فورد وسكول كرافت.. وكيف كانت ظروف عودتك إلى مصر؟ بعد 12 سنة من العمل هناك قررت العودة إلى مصر لتولي العمل كشيف رئيسي لفندق كبير، ولكن حينما عدت اكتشفت سحب أعمال الشركة من مصر.. ومرت 9 أشهر من العمل في مناصب أقل من التي وصلت لها بكثير في الفنادق المصرية، وبعدها تعرفت بالصدفة على كريس خليفة وهو أمريكي مصري وتشاركنا في تأسيس مطعمنا، وبنيت الشراكة على أن أكون مسئولا عن جودة الطعام، وأن يكون كريس مسئولا عن الحسابات.. لماذا قررت تخصيص المطعم لتقديم وجبات الفول والطعمية؟ بدأت المشروع كحلم لتأسيس مطعم يقدم الأكل المصري، وصرفنا فيه كل ما نملك من مال لدرجة أننا قبل الافتتاح بأيام كنا نعقد الاجتماع في سيارتي تحت كوبري 15 مايو في الزمالك، وكانت زوجتي تقول لي إنني مجنون لكي أفتتح مطعماً يقدم سندوتش الطعمية ب5 جنيهات، ولكن الحمد لله الفكرة نجحت وافتتحنا 4 فروع أخرى، ونؤسس حاليا لفرع جديد في لندن، وهدفنا من التجربة القادمة أن ينافس الأكل المصري المطاعم العالمية الكبرى مثل ماكدونالدز وكنتاكي.. كيف ترى فكرة توثيق الوجبات الشعبية وتوثيق إسرائيل للفلافل كطبق شعبي إسرائيلي؟ الموضوع لم يتوقف عند الفلافل فقط، بل إن تاريخنا كل يسرق ويوثق بأسماء دول أخرى كأكلات شعبية لشعوبهم، ونحن حتى هذه اللحظة لا يوجد أكلة واحدة موثقة على أنها أكلة مصرية.. فمنذ سنوات وخرج مصطلح ال food war والدنمارك تعتبر من أكثر الدول التي تقرصن أكلات شعبية لدول أخرى وتوثقها باسمها، وهو ما يهدد الجبنة الدمياطي والجبنة البراميلي المصرية ويجعلها عرضة لأن تسرق في أي وقت، مثلما تم تسجيل الملوخية كطبق ياباني وقامت بتطويرها. ما الذي يمكننا فعله بهذا الصدد من وجهة نظرك؟ لكي نتخطى هذه المرحلة لابد أن نعلم أولا ما هي الأكلات المصرية فعليا، وما هي الأكلات التي دخلت على مصر من الخارج وأصبحت متداولة، ويوجد أطعمة ظهرت في مصر منذ حقب زمنية بعيدة مثل حب العزيز والدوم والفول والبصل والثوم.. وبعد هذه المرحلة يتم توثيق الأطعمة مثلما تفعل كل الدول، وأنا أعمل مع منظمة إيطالية اسمها slow food وهدفها بدلا من محاربة الأكلات السريعة بوصفها أنها أكلات سيئة ومضرة أن يحاربوها بإظهار الأكلات العرقية بجودتها وفوائدها، وهذه المنظمة لها فرع في مصر منذ عام 2005 دون نشاط على الأرض. وماذا فعلت منذ الانضمام لتلك المنظمة؟ بدأنا نبحث عن الأكلات التي بدأت تنقرض في مصر، مثل الأرز الواحي والفراخ البيجاوي والدندراوي الموجودة في الفيوم وعسل سانت كاترين وأعشاب البحر الأحمر وسيناء وأنواع العيش من البتاو والمنين والبكاكيم والمرحرح والرحالي والدماسي والفطير المشلتت ونقيم مهرجانات للبلح في سقارة ونجلب الحلاوة الشعر من طنطا وتطويع هذه الأكلات في وجبات مبهرة. وهل تقابل صعوبات في ممارسة هذا النشاط؟ بالتأكيد، فالمشكلة أن أغلب الناس الكبار الذين كنا نتعلم منهم كيفية عمل هذه الأشياء وتحضيرها ماتوا ولم يعد هناك الكثيرون ممن يعلمون عنها شيئا، فقليلون الآن ممن يعلمون كيفية "توديك الزلعة" وعمل جبنة قديمة مثل التي كان يتم عملها في الفلاحين، وكل هذا يتم عمله بمجهود فردي.