بعد 80 عاماً من الرواية.. الفلاحون في "رملة الأنجب" عاشوا نفس قصة الفيلم لأسباب سياسية.. لم يعرض يوسف شاهين السبب الحقيقي وراء طرد محمد أبو سويلم من الحكومة مشهد النهاية بالفيلم ابتكره يوسف شاهين.. ووصيفة في الرواية كانت ضمن العمال في السكة الزراعية ذاتها التي ناضل أبوها ضدها عزت العلايلي: رفضت أن يقوم "دوبلير" بمشهد الساقية.. ويوسف شاهين صمم على التصوير في السادسة صباحاً نجوى إبراهيم: أهالي الفيوم اعترضوا عندما قرر يوسف شاهين هدم "مقام" مفاجأة: محمود مرسي كان مرشحاً لدور "أبو سويلم".. وكرم مطاوع هو الذي اختار كل أبطال الفيلم.. و"الأرض لو عطشانة" ليست من تأليف الأبنودي "الوجه الجديد" علي الشريف حصل علي 60 جنيهاً عن دوره.. وعبدالوارث عسر توفي حزناً علي "حبيبة عمره" زوجة أبوسويلم كانت عازفة كمان.. ومساعد المخرج تقاسمه داوود عبدالسيد وأشرف فهمي "الأرض" بدأت رواية مسلسلة في جريدة المصري ثم صدرت في كتاب عام 1954.. وبعدها ب16 عاما تحولت إلي فيلم "أبو سويلم" كان بطل ثورة 1919 وشاركه الكفاح الشيخ يوسف والشيخ حسونة والشيخ الشناوي.. ولكن الأيام فرقتهم بعد انتهاء الثورة "الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا.. عهد علينا وأمانة تفضل بالخير مليانة.. يا أرض الجدود يا سبب الوجود.. راح نوفي العهود يا رمز الخلود"، فيلم الأرض تم عرضه عام 1970 وحقق نجاحاً كبيراً لصدقه الشديد، فقدم القرية المصرية ولأول مرة بعيدا عن النظرة الرومانسية التي صورتها جنة زاهية، ليضع أيدينا على ما كان يصيب الريف وناسه من تناقضات الإقطاع والاحتلال والفساد، فقد شعر المتفرجون أنهم يشاهدون أنفسهم وسط نماذج تبحث فقط عن "الستر"، فكما قالها محمد أبو سويلم: "الناس عايزة الأرض.. والأرض عايزة الميه ..والميه عايزة واسطة.. والواسطة عايزة سرايا.. والسرايا عايزة طريق.. والطريق عايز نهيبة.. والنهيبة هو الفقير إللي هو إحنا"، والفيلم يحتل المركز الثاني ضمن قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية والعربية، وربما يعتقد البعض أنه يحكي عن نضال الفلاحين المصريين ضد الإقطاع فى ثلاثينيات القرن الماضى.. ولكنه في الحقيقة يحمل بداخله إسقاطات على واقعنا سواء في الماضي القريب أو الحاضر.. حكاية تكررت مع الأجداد والآباء ونعيش معها بتفاصيل مختلفة.. ولكن بنتائج واحدة. الرواية.. والفيلم الكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي تنوعت أعماله ما بين الرواية والشعر والصحافة والتراجم الإسلامية، ومن أهم رواياته "الأرض" و"الشوارع الخلفية" ومسرحيات "مأساة جميلة" و"الفتى مهران" و"الحسين ثائرا" و"الحسين شهيدًا"، ورائعته "الأرض" بدأ كتابتها في جريدة المصري في أوائل الخمسينات, قبل أن تصدر في كتاب عام 1954, وتتحول بعد ذلك إلي فيلم سينمائي عام 1970، و"الأرض" قدمت القرية المصرية بعيدا عن أغنية محمد عبد الوهاب "محلاها عيشة الفلاح ..مطمن باله مرتاح"، وتدور أحداث الرواية في قرية "رملة الأنجب" بمحافظة المنوفية وبالتحديد في أوائل الثلاثينيات حينما كانت الأزمة المالية العالمية تضرب بشدة دول العالم, في نفس الوقت الذي تضرب فيه حكومة صدقي باشا الجماهير التي تطالب بالحرية والاستقلال، كما حلت البرلمان وصادرت الحريات, وكان من ضحايا الحكومة محمد أبو سويلم "شيخ الخفراء" حينما رفض تزوير الانتخابات بتسجيل أسماء الموتى في الكشوف, فكان جزاؤه الفصل من وظيفته, فلم يتبق له سوي الأرض.. ولكن كيف يتصرف وقد أراد محمود بك – وهو يمثل صورة الإقطاعي الظالم – تقليل نوبة ري الأرض في القرية من 10 أيام إلي خمسة فقط ليحرم أرض الفلاحين من المياه لتحظي بها أرضه الواسعة، ويتحدي أبو سويلم ومعه عبد الهادي ودياب وفلاحو القرية قرارات حكومة الشعب ويكسروا جسر الترعة، وتأتي الحكومة لتكبل جميع "العصاة" بالأغلال ويقادوا إلي سجن المركز حيث يتعرضون لأشد أنواع التعذيب، ولا تنتهي أزمة الري حتى يفاجأ الفلاحين بلعبة جديدة حبكها محمود بك, فقد جمع أختاما من الفلاحين بحجة حل مشكلة المياه وقدمها إلي الحكومة باعتبارها طلبا لمد طريق جديد يصل ما بين قصره الجديد وعاصمة الإقليم، كانت القرية تتوجس من الزراعية الجديدة التي ستأتي لتبتلع الأرض، وكان أبوسويلم بطل ثورة 1919 في قريته وشاركه الكفاح الشيخ يوسف والشيخ حسونة والشيخ الشناوي.. ولكن الأيام فرقتهم بعد انتهاء الثورة، الشيخ يوسف لم يكمل تعليمه في الأزهر وفتح دكانا في القرية, واستغل حاجة الناس وتحول إلي برجوازي لا يراعي ما تمر به قريته من ظروف تهدد حياتها بل يسعى بجد لكي يحتل منصب العمودية, والشيخ الشناوي قدمته الرواية كمثال لرجل الدين الذي يتعاون مع الحاكم الظالم ويسهل له ظلمه, أما الشيخ حسونة أقرب صديق لقلب أبو سويلم, فقد عمل مدرسا ولمعارضته نقلته الحكومة إلي مكان بعيد عن قريته, فيظل محمد أبوسويلم بمفرده مع عبد الهادي ووصيفة ومحمد أفندي، ومعظم أحداث الفيلم والرواية متطابقة.. ولكن مشهد النهاية في الفيلم والمليجي "مسحول" يكاد لحمه يختلط بتراب الأرض في إشارة واضحة لذلك الارتباط بين المصري وأرضه مع الموسيقى وأغنية "الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا".. هذا لم يكتبه عبد الرحمن الشرقاوي في النص الأصلي لروايته، ففي الفصول الأخيرة من الرواية يستطيع الإقطاعي الكبير فرض إرادته على القرية وتمر السكة الزراعية من بين أراضي الفلاحين وتبور أرض محمد أبوسويلم، بل وتعمل وصيفة ابنة أبو سويلم مضطرة تحت ألم الجوع في السكة الزراعية ذاتها التي ناضل الفلاحون ضدها، ولكن يبدو أن يوسف شاهين رفض أن يكون صادمًا للجمهور السينمائي وفضل نهاية سينمائية تدعو لمقاومة الاستبداد، كما كانت تلك النهاية تحمل معاني أكثر رمزية, لأن إنتاج الفيلم كان في وقت تحتل إسرائيل جزءا عزيزا من وطننا, فكانت رسالة الفيلم أن نضحي ولو بأرواحنا من أجل "الأرض". "ماستر سين" كثيرة هي المشاهد الرائعة في هذا الفيلم.. منها مشهد السجن ثم انكسار أبو سويلم بعد عودته لأرضه عقب سجنه وتعذيبه بينما يواسيه صديقه قائلاً: "لا هي شجاعة من اللي ضرب.. ولا ضعف منك"، ومشهد إخراج البقرة التي سقطت من الساقية ونزول رجال القرية لإخراجها وتكاتفهم بعد شجار على حصة المياه واكتشافهم أن معركتهم يجب أن توجه للاقطاع والحكومة" والله ما غرق البقرة غير شيخ البلد والعمدة"، وقال الفنان عزت العلايلي عن هذا المشهد: "تم تصويره في شهر طوبة في عز الشتاء وفي السادسة صباحاً، حيث صمم يوسف شاهين على تصوير الفيلم في ذلك الوقت ولم أوافق على أن يقوم دوبلير بدوري، وحينما هممت بخلع ملابسي طلب مني يوسف شاهين ارتداءها ونزول الساقية، وكان عمقها يصل إلى رقبتي، بينما كان المخرج يلقي مطهرات في أثناء تصوير الفيلم"، أيضاً هناك مشهد الفرح أو ترحيل المطلوبين للمركز أو السهرة في بيت أبو سويلم خلال حظر التجوال أو حوار الطعمية بين دياب ومحمد أفندي، أو المشهد الذي جاءت فيه العبارة الشهيرة "كلب البيه يا عمدة " ومشهد كتابة العريضة أو إلقاء حديد السكة الزراعية في الترعة، أو حتى مشهد النهاية وأبوسويلم متشبث بأرضه ويرفض أن يتركها لآخر نقطة دماء، ولكننا سنتوقف مع مشهدين فيهما دلالة الرواية وفلسفة الفيلم.. مشهد المواجهة بين أبوسويلم والشيخ حسونة وعبارته الشهيرة: "لما كانت بينا وبين الموت شعرة وحياتنا متعلقة بخطوة وحدة ماخفناش.. وبعدين دلوقتي بقينا فين؟ كل واحد راح لحاله كل واحد شق طريقه كل واحد افتكر نفسه ونسي الباقيين، انت يا شيخ حسونة سبت البلد وروحت البندر عشان تاكل العيش الأبيض المتمرمغ في تراب الميري، والشيخ يوسف فتح له دكان عشان يشد لقمة العيش من بصلة الفلاحين الغلابة.. وأنا؟ أنا إيه؟ أنا للآخر فضلت كافي خيري شري.. فضلت عايش ساكت وصابر..وعايش على أيام زمان"، والمشهد الثاني هو ختام مواجهة أبوسويلم مع الشاويش عبد الله رمز السلطة في كل زمان.. - تفتكر يعني الكرباج ده هيخلي الواحد ينخّ؟ - لأ..لكن فيه ظروف بيسكت فيها البني آدم أو يموت.. - يبقى نموت.. - لا يا راجل كل شيء يهون.. ما إحنا راحت بيوتنا وأراضينا و مية خزّان أسوان جارت علينا.. ما كانش قدامنا إلا الموت أو الاستسلام, فستسلمنا.. - مية الخزّان ما كانتش أرضكم, مية الخزّان عشّرت البر كله، كانت خير وبركة ورزق على الناس كلها.. لكن تسرق أرض الفلاحين الغلابة علشان مين؟.. علشان السكة الزراعية تمشي قدام سراية محمود بيه؟!.. ده كلام يا راجل و النبي! - دي أوامر.. - أوامر! و الأوامر دي الواحد ينفّذها عمياني كده يا شاويش؟ - بتقول إيه!.. دي أوامر الحكومة للظبط والربط والنظام.. - نظام.. نظام الإنجليز ولا نظام مولانا ولا نظام محمود بيه؟.. قوم يا راجل, قوم قوم, قوم اتوكل على الله, إنت زي الكرباج حتة واحدة, يضربوا بيك وبعدين يرقّوك. أبطال الملحمة الفنان محمود المليجي مثلما أجاد أدواره في العمل الفني كان لوفاته حادثة غريبة بدأت بمشهد تمثيلي وانتهت بوفاة حقيقية، وذكر قصة وفاته المخرج هاني لاشين في حوار تليفزيوني وقال: "الفنان الراحل كان يستعد للماكياج لتصوير مشاهده في فيلم أيوب، وطلب كوباً من القهوة، وفجأة وبدون مقدمات بدأ يتكلم مع الفنان عمر الشريف قائلًا: "الحياة دي غريبة جدًا، الواحد ينام ويصحى وينام" ثم نام وكلنا بدأنا نضحك على دقة المليجي في التمثيل، واتضح لنا في النهاية أنه مات"، والملاحظ في تيتر الفيلم أن "نجوي ابراهيم" كانت وجهاً جديداً.. ورغم ذلك جاء اسمها في الصدارة.. والأغرب أن اسم عزت العلايلي جاء قبل البطل الحقيقي محمود المليجي، ثم تلاهم يحيي شاهين وحمدي أحمد وعبد الرحمن الخميسي وصلاح السعدني، ومن ذكرياتها عن هذا الفيلم تقول المذيعة والفنانة نجوى إبراهيم إن المخرج يوسف شاهين هو من أدخلها لعالم التمثيل بعدما اختارها لأداء دور "وصيفة"، وتصوير الفيلم استغرق 9 شهور وبنى شاهين مقاماً لتصوير بعض المشاهد بجانبه، وتطلب أحد المشاهد هدم سقف المقام، فقامت الحرب من أهالي القرية على فريق العمل رغم أنه كان مصنوعاً ولم يكن مدفوناً به أحد، ولكنهم تعاملوا معه كما لو كان حقيقياً، وللمرة الأولي - وربما الأخيرة - في تاريخ السينما المصرية لم يشأ يوسف شاهين أن يضع وصف "الوجه الجديد" قبل اسم علي الشريف.. ولكن من شدة اقتناعه بموهبته وصفه ب"لأول مرة علي الشاشة" رغم أن الفيلم كان أصلاً عمله الفني الأول ولم يظهر قبلها سواء إذاعياً أو تليفزيونياً، وقد درس في بادئ الأمر في كلية الهندسة، ثم انتقل إلى كلية التجارة وتخرج فيها عام 1965.. وقضى 6 سنوات في المعتقل بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ولم يكن ممثلا.. وفي أثناء وجوده بالمعتقل لم تكن هناك وسائل ترفيه فبدأ المعتقلون بعمل مسرحيات يسلون أنفسهم بها، وكان معهم بالمعتقل فنان الكاريكاتير والسيناريست حسن فؤاد والذي شاهده ورشحه فيما بعد لدور في فيلم الأرض والذي كان أجره فيه 60 جنيهًا، أما عبقرية "عبدالوارث عسر" في هذا الفيلم في كيفية إتقان دور عكس شخصيته الحقيقية تماماً، ورغم انه ظهر في صورة العجوز الذي تسيطر عليه زوجته الشابة.. لكنه في الحقيقة كان متزوجاً من ابنة خالته وله منها ابنتان هما لوتس و هاتور وأسماهما بأسماء فرعونية، وتوفيت زوجته فى 3 مايو 1979 وكان يحبها جداً ومرتبطاً بها إلى أقصى درجة، وبعد وفاتها أصيب بحالة اكتئاب وظل لفترات طويلة بالمستشفى لا ينطق بأي كلمة حتى توفي، وهناك مفارقات عجيبة مرتبطة بهذا الفيلم.. فالمخرج يوسف شاهين عرض علي الفنان الكبير محمود مرسي بطولة الفيلم في شخصية محمد أبو سويلم في نفس وقت ترشيحه من قبل المخرج حسين كمال لفيلم شيء من الخوف في دوره الشهير "عتريس"، فطلب محمود مرسي تأجيل تصوير فيلم "الأرض" قليلاً ولكن شاهين كان متعجلاً للمشاركة في أحد المهرجانات، فقام بالدور بدلاً منه الفنان الراحل الكبير محمود المليجي، أما الفنان صلاح السعدني فقد كشف منذ فترة عن حكاية أخري متعلقة بالفيلم قائلاً: "كرم مطاوع شريك رئيسي في خروج فيلم الأرض للنور بهذا المستوى، اختار طاقم الممثلين ومواقع التصوير وكل التفاصيل الخاصة بالفيلم مع يوسف شاهين، وقبل البدء بتصوير الفيلم ولتنظيم العمل اقترح شاهين عليه أن يصبح "المخرج المنفذ"، ولكنه رفض بشدة واعتبرها إهانة، وقال له: أنا مخرج الفيلم زيي زيك، وانسحب من الفيلم"، وعلي عكس ما يعتقد كثيرون أن أغنية "الأرض لو عطشانة" من كلمات عبد الرحمن الأبنودي.. فالحقيقة أن مؤلفتها هي الشاعرة نبيلة قنديل وكانت زوجة الملحن علي إسماعيل، ونادراً ما تجد فيلماً سينمائياً حتى أصحاب الأدوار الثانية فيه والكومبارس كانوا في قمة توهجهم، توفيق الدقن قدم نموذجاً في التمثيل بنظرات عينيه.. حمدي أحمد "محمد أفندي" وأشرف السلحدار "محمود بك" و"عبدالمحسن سليم" الغفير "وحسين إسماعيل"الشيخ شناوي" وإبراهيم الشامي "المأمور" كلهم كانوا متميزين، ورغم أهمية دورها في الرواية ولكن يوسف شاهين صمم علي منح دور زوجة محمد أبوسويلم إلي فنانة متوسطة الشهرة "نبوية سعيد".. والطريف أنها بدأت حياتها الفنية كعازفة على الكمان بالنوتة العربية وظلت تعمل في السينما 60 عاماً ولا أحد يعرف اسمها، كل عناصر الإبداع كانت متناغمة.. عبدالحليم نصر مدير التصوير والمونتيرة رشيدة عبد السلام وسيناريو وحوار حسن فؤاد، حتى مساعد المخرج تقاسمه اثنان أصبحا من كبار المخرجين بعد ذلك وهما داوود عبدالسيد وأشرف فهمي، موسيقى العملاق علي إسماعيل هي "ماستر سين" الموسيقي التصويرية للسينما المصرية طوال تاريخها، بالمناسبة لم يتم تصوير الفيلم في أماكنه الحقيقية بقرية "رملة الأنجب" ولكن معظم مشاهد الفيلم تم تصويرها في قرية رحيل بسنورس بمحافظة الفيوم. رملة الأنجب 2016 أكثر من 80 عاماً مرت علي الرواية وأحداثها التى وقعت في قرية حقيقية هي "رملة الأنجب" بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، وهي قرية ينسب لها الإمام شمس الدين الرملي فقيه الديار المصرية في عصره، كما ولد بها الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، والغريب أن أهالي قرية رملة الأنجب تعرضوا منذ فترة لحادث مشابه لما وقع بالفيلم مع اختلاف التفاصيل.. حيث تم نزع ملكية بعض الأراضي الزراعية نتيجة أعمال الطريق الدائري الاقليمي (بنها - السادات)، ومنذ عامين كانت هناك حالة من الغضب لدي المئات من أهالى مراكز أشمون والباجور ومنوف بسبب بدء الحكومة فى إنشاء الطريق الدولى الإقليمى، ومخاوف من نزع ملكية أراضيهم، وهدم منازلهم، ما يهددهم بتحمل خسائر مالية فادحة، فضلا عن تشريد مئات الأسر من البسطاء، الذين لا يملكون مساكن أخرى تؤويهم، ونظم المتضررون من الطريق وقفة احتجاجية أمام مبنى الديوان العام لمحافظة المنوفية للمطالبة بتغيير مساره وعدم نزع أراضيهم، وكانت أعداد كبيرة ضمن الوقفة من أهالى قرية "رملة الأنجب" وما حولها، ولكن الفارق بين ما حدث قديماً وهذا المشهد أن الحكومة قامت بصرف تعويضات لنزع الملكية، ولكن بصفة عامة مازال الفلاحون مثلما في قري كثيرة يعانون من مشكلة الري، بالإضافة لشكاوي معتادة أصبحت "أمرا واقعا" مثل عدم تمكنهم من توريد محاصيلهم خاصة قصب السكر والقمح والقطن، كما تراجعت مساحة الأرض الزراعية.. وطبيعي أن كل ذلك دفع بعضهم للتضحية بأراضيهم وبيعها والبناء عليها بعد تحولها إلى مهنة غير مربحة على عكس ما كان سابقاً، كما أن السماد على رأس المشكلات التي يعانيها الفلاح وتخفيض ميزانية مراكز البحوث الزراعية، ولمن لا يدرك حجم المشكلة ننوه إلي أنها خاصة بأكثر من 40 مليون مصري هم من أصحاب الملكيات الزراعية وأصحاب الحيازات الزراعية والمستأجرين الزراعيين والعاملين في الزراعة والذين تعتمد حياتهم على الزراعة، ولكنه مازال الحلقة الأضعف في هرم مصر الاجتماعي.. لا يشكو ولا يصرخ.. بل يتألم في صمت.