على امتداد الشارع المقابل لمدابغ مجرى العيون بمصر القديمة، تحديدا على أطراف المدبح، تجلس المعلمة أمل السنانة بملامح وجهها المصرية الأصيلة، جالسة فى محلها المتواجد بجوار شادر اللحم والخراف، مرتدية عباءتها السوداء، تسن آلات التقطيع والسكاكين للجزارين والزبائن، تتأمل المارة، تنادي رزقها من زبائنها المحتملين "تعالى يا باشا". "أنا الوحيدة من بين آخواتى اللي حبيب الصنعة" هكذا بدأت حديثها المعلمة أمل ، وأضافت " أبلغ من العمر 51 عاماً، ورثت مهنة الحدادة وصناعة السكاكين عن والدى الذي كان أباً ل 18 طفلاً، وكنت أنا الوحيدة من بناته التي أحبت الصنعة وقررت أن أساعد والدها، وعملت بهذه المهنة لما يقرب من 20 عاما". وأضافت أمل أنها تزوجت في بداية العشرين من عمرها، ثم طلقها زوجها بعد 5 سنوات من الزواج، وترك لها طفلين، ووكانت أجرة صنعة والدها لا تزيد عن 20 جنيهاً يوميا، وهو أجر غير كاف لتستطيع أن تربى والديها فلجأت للعمل بالجزارة وبالفعل أستطاعت أن تربى طفليها، وحالياً محمد تخرج في معهد فني صناعي، وإسراء تدرس في كلية الآداب جامعة القاهرة، ولكن مع كبر السن عادت مرة أخرى لمهنتها الأصلية التى توارثتها عن أبيها ألا وهى سن السكاكين. وخلال الحديث لم تتوقف المعلمة أمل عن مناداة الزبائن بين الحين والآخر، عساها تستقطب زبونا يشتري "ساطور" أو "سكين"، أو زبونا آخر يأتيها ليسن سكينا ويدفع 3 جنيهات. وتعود ابن السنان لتستكمل حديثها فتذكر أنه مع اقتراب موسم عيد الأضحى الكبير ذكرت لن يختلف حالها عن الجزارين وجميع المهن التي تعتبر عيد الأضحى موسما لها، حيث شكت من ركود حركة البيع، قائلة :" الزبائن كانت في الأعوام السابقة يتهافتون على السوق حتى ساعات متأخرة من الليل، ولا تتوقف حركة الشراء حتى صباح أول يوم العيد، يشترون الخراف ومستلزمات الذبح من سكاكين وخشب التقطيع، ولكن هذا العام يختفي الزبائن قبل دقة العاشرة مساء". وتابعت: "معدش حد بيدبح، اللحمة غليت أوي.. على كل حال كل سنة وأنتم طيبون" .