أكد أيمن سعد خبير السباحة المصرى الدولى وعضو اللجنة الفنية بالإتحاد الدولى للسباحة (فنيا)، أن السباحة العربية تحتاج لمنظومة يمكن من خلالها نقل المواهب والمهارات من طور المشاركة والتمثيل المشرف إلى مرحلة المنافسة، وأوضح أنه يجب ألا يقسو أحد على السباحين العرب بعد النتائج التى تحققت فى دورة الألعاب الأولمبية الحالية (ريو دى جانيرو 2016) لأن السباحين والسباحات قدموا كل ما باستطاعتهم، وحققوا نتائج فى مجملها جيدة فى إطار منظومة عمل السباحة الحالية، وقال سعد أن المنظومة العالمية للسباحة هى الوحيدة التى يمكنها الكشف عن المواهب وتطويرها بدلا من الإعتماد على الحظ والمصادفة فى إكتشاف بعض المواهب أو تحقيق النتائج. وكانت الميداليات الثلاثة التى أحرزها السباح التونسى أسامة الملولى فى الدورتين الأولمبيتين السابقتين (بكين 2008 ولندن 2012) والميدالية الذهبية التى أحرزها السباح المصرى أحمد أكرم فى أولمبياد الشباب 2014 والمركز الرابع الذى إحتله فى بطولة العالم الماضية فى كازان مصدر تفاؤل بأن تترك السباحة العربية بصمة خلال أولمبياد ريو، ولكن مع إختتام فعاليات السباحة الثلاثاء الماضى بسباق ماراثون المياه المفتوحة لمسافة 10 كيلومترات، لم تظهر هذه البصمة بشكل ملموس حيث غاب السباحون العرب عن المراكز الأولى وعن صراع الميداليات. وأكد أيمن سعد أنه لا يجب ذبح السباحين أو إنتقادهم بقسوة فى الفترة المقبلة لأن الدورة الأولمبية محفل عالمى ودولى كبير والمنافسة فيه على أعلى المستويات، مشيرا إلى أن السباحين العرب قدموا مشاركة جيدة فى هذه الدورة الأولمبية رغم عدم تحقيق ميداليات أو مراكز متقدمة، وإقتصار التأهل للأدوار النهائية على السباحة المصرية فريدة عثمان التى بلغت الدور قبل النهائى فى سباق 100 متر فراشة، نظرا لمشاركتها للمرة الثانية فى الدورة الأولمبية وإكتسابها الخبرة، وأوضح سعد أن السباحة العربية والمصرية خاصة تمتلك حاليا عددا من المواهب التى تحتاج فقط إلى العمل فى إطار منظومة لتحقيق النجاح فى السنوات المقبلة. وإستشهد أيمن سعد على ذلك بموهبة السباح أحمد أكرم وزميله مروان القماش الذى حقق مركزا أفضل من أكرم فى تصفيات سباق 400 متر، علما بأن أكرم لم يسجل رقمه الشخصى فى سباق 1500 متر، وإحتل المركز ال 11 وهو مركز جيد ولو سجل رقمه (14 دقيقة و53 ثانية ) كان سيتأهل لنهائى السباق لأنه كان سيصبح في المرتبة السابعة خلال التصفيات وقد يكون عدم تسجيل رقمه بسبب الضغوط الواقعة عليه، إضافة إلى أنها المشاركة الأولى فى الدورات الأولمبية له ولعدد من السباحين المصريين والعرب. وأشار سعد إلى أن القماش من المواهب الرائعة التى تحتاج للرعاية والإهتمام لأنه قادر على تحقيق نتائج رائعة فى المستقبل، وأضاف أن هناك أيضا السباح الموهوب على خلف الله الذى لا يحظى بالإهتمام أو التركيز رغم مستواه الرائع حيث قدم سباقا رائعا فى 50 متر حرة وحقق رقما مصريا جديدا فى هذا السباق بأولمبياد ريو ويستطيع أن يكون من نجوم المستقبل بشرط الإهتمام به، مشيرا إلى أن أكرم مشروع بطل عالمى، خاصة وأنه لا يزال صغير السن وربما تكون الضغوط من الإعلام والتوقعات والترشيحات القوية التى سبقته إلى ريو هى السبب وراء عدم تحقيق النتائج المنتظرة منه، موضحا أن باقى السباحين فى البعثة المصرية حققوا أرقاما أفضل من أرقامهم المعتادة بإستثناء أكرم، كما أشار إلى أن مروان العامرى وريم قاسم جاءا فى مراكز متأخرة بسباقى ماراثون المياه المفتوحة للرجال والسيدات على الترتيب، لعدم إمتلاكهما الخبرة التى تؤهلهما للمشاركة، حيث تقتصر خبرتهما على 3 مشاركات دولية وهو ما يجب أن يراعيه المسئولون لأن سباحة المياه المفتوحة بالذات تحتاج لخبرات متراكمة والدليل أن كلا منهما لم يتراجع عن مجموعة المقدمة إلا فى آخر كيلو متر من السباق. وأعرب سعد عن إعتقاده بأن توفير الإعداد الجيد لهؤلاء السباحين يمكن أن يحقق طفرة فى مستواهم خلال بطولات العالم القادمة وكذلك أولمبياد طوكيو 2020 ويجب أن يكون التركيز من الآن على إعداد 3 أو 4 سباحين بهذا المستوى لأولمبياد طوكيو. وعن الملولى وإحتلاله المركز ال 12 فى سباق ماراثون المياة المفتوحة (10 كيلومترات)، أكد سعد أنه يرى أن الملولى كان فى طريقه لإحراز الذهبية فى هذا السباق ولكن الحظ العاثر حال دون ذلك في الأمتار الأخيرة من السباق. وعن فريدة عثمان، قال أيمن سعد إن فريدة إستفادت من تجربتها الأولمبية السابقة وكانت أكثر خبرة وبلغت الدور قبل النهائى محققة رقما أفريقيا جديدا. وقال سعد: يجب ألا نقسو على هؤلاء السباحين لأن معظمهم لا يزال صغير السن ويجب إعدادهم لاستكمال المسيرة التى بدأتها رانيا علوانى قبل سنوات وتوجها الملولى من خلال 3 ميداليات أولمبية، مضيفا أن الدورات الأولمبية خبرات تتراكم وهكذا بطولات العالم للسباحة ولابد من إبعاد السباحين صغار السن عن الضغط الإعلامى والجماهيرى لأننى أعتقد أن التوقعات الهائلة والضغط الجماهيرى كانا وراء عدم تحقيق السباحين العرب وخاصة المصريين لأى مراكز متقدمة فى الأولمبياد الحالى رغم أن الفرصة كانت سانحة خاصة أمام أكرم. وعن خطة العلاج التى تحتاجها السباحة العربية حتى تترك بصمة واضحة ومستمرة على الساحتين العالمية والأولمبية، قال سعد إن النتائج التى تركت أثرا جيدا لدى المتابعين للسباحة العربية جاءت من خلال السباحين الذين سافروا إلى الولاياتالمتحدة أو بلدان أخرى مثل رانيا علوانى والملولى وفريدة عثمان وأكرم وغيرهم كما أن هناك سباحين متميزين يسيرون حاليا فى نفس الإتجاه مثل محمد سامى وعمر عيسى وهانيا مورو، مضيفا أن هذه الحالات تؤكد أن لدينا فى المنطقة العربية ثقافة السفر إلى الخارج من أجل العمل ضمن منظومة جيدة، علما بأن كل هذه الحالات لم يكن الترتيب لها من خلال المؤسسات المشرفة على الرياضات المائية وإنما كانت بجهود شخصية من السباحين وعائلاتهم بإستثناء أكرم، ولهذا يجب أولا تنظيم هذه العملية بشكل جيد ومدروس والبدء فى نفس الوقت في خلق منظومة مماثلة فى المنطقة العربية خاصة وأن أكثر من دولة عربية لديها الإمكانيات اللازمة لهذا ولا ينقصها سوى الإستعداد لإتخاذ القرار، وأشار سعد إلى أن من أبرز مشاكل السباحة العربية أن قاعدة الممارسة قد تكون كبيرة ولكن قاعدة البطولة أقل كثيرا من المطلوب مما يعنى ضرورة توسيع قاعد البطولة والمنافسة حتى يكون لدى القائمين على المنتخبات فرصة أكبر للاختيار والمفاضلة. ووجه سعد مناشدته إلى الإتحاد العربى للسباحة بضرورة تفعيل بطولات الناشئين ووضع منظومة جديدة، وقال أن الأمثلة على وضع مثل هذه المنظومة كثيرة ومنها جنوب أفريقيا التى تتمتع حاليا بمنظومة تفريخ سباحين بارزين يفرضون سيطرتهم شبه المطلقة على الساحة الأفريقية وينافسون بشكل قوى عالميا وأولمبيا دون الإعتماد على السفر للولايات المتحدة وبلدان أخرى بحثا عن منظومة تدريب عالية المستوى، فيجب ألا نكتفى بدور المشاهدين وهناك دول لم يكن لها أى تواجد سابق فى عالم المنافسة قدمت الآن نماذج رائعة لسباحين قادرين على المنافسة ومنها سنغافورة على سبيل المثال لا الحصر. ولخص سعد هذا قائلا: أولمبياد ريو دى جانيرو الحالية يمثل جرس إنذار للسباحة العربية ولكن أرقام بعض السباحين فيه تعتبر حافزا للمستقبل بشرط بدء العمل فورا إستعدادا للإرتباطات المقبلة. وعن الدورة الأولمبية الحالية ومستوى السباحة فيها بشكل عام، قال سعد إن الدورات الأولمبية الأخيرة ومنها الدورة الحالية شهدت تطورا هائلا فى مستوى السباحة والسباحين ويكفى تحطيم العديد من الأرقام القياسية العالمية والأولمبية في الدورة الحالية. ولدى سؤاله عن السباح الأمريكى مايكل فيلبس ووضعه فى تاريخ السباحة العالمية والأولمبية، أجاب سعد بأن فيلبس سباح من طراز فريد يصعب تكراره لأنه لا يتمتع فقط باللياقة البدنية العالية والإمكانيات الجسمانية الرائعة وإنما يتمتع فوق هذا كله بالروح المعنوية العالية والقتالية والإصرار على مواصلة الإنجازات، وقال سعد أن فيلبس يساوى قارة وليس دولة فى ظل العدد الهائل من الميداليات الأولمبية والعالمية التى حصدها على مدار مسيرته الرياضية حتى الآن ومن المؤكد أنه سيظل لعشرات السنين على الأقل كعلامة بارزة مضيئة في القمة دون أن يصل إليه أى سباح خاصة مع هذا الرصيد الهائل من الميداليات الأولمبية (23 ذهبية وثلاث فضيات وبرونزيتين. وعن كيفية إستخدام علاقاته بأعضاء الإتحاد الدولى لإسناد إحدى حلقات كأس العالم للسباحة إلى مصر، أشار سعد إلى أن كل شىء يظل ممكنا بشرط توافر الإرادة من المسئولين والتقدم بطلب التنظيم خاصة وأن مصر لديها ما يؤهلها لهذا بشرط إستغلال الإمكانيات بالشكل الأمثل، وأوضح سعد الذي يعمل أيضا في منصب المدير التنفيذى للإتحاد الإماراتى للسباحة: دأبنا على تنظيم العديد من حلقات سلسلة كأس العالم للسباحة والسباحة الطويلة والغطس فى دبي وأبو ظبى على مدار السنوات الماضية حتى أصبحت دبى وأبو ظبى من أكثر الأماكن التى يرغب السباحون فى الذهاب إليها.