من الغباء أن يكون هناك كاتب لا يريد النجاح لأحد هدفي من"أرض الإله" التأكيد علي أن "ربنا لم يغضب علينا" فرعون من الهكسوس.. وتخيّلت بعض الأحداث في الرواية منها مقتل سيدنا موسى ولقاؤه مع أحمس الأدب من الممكن أن يغيّر التاريخ ويعطي إحساسا أن ما درسناه في المدرسة ليس صحيحا نحن لا نترك بصمات في حياتنا.. ولذلك اتجهت لكتابة الروايات لا أمتهن الكتابة باعتبارها "أكل عيش".. ولا أدعّي المجد أقدم الأدب بطريقتي.. وليس كل شيء يباع نقول إنه تجاري أريد أن أجعل هذا الجيل من أكثر الأجيال التي قرأت في مصر كلما أكتب رواية تصبح هناك شهرة أكبر والعبء يزيد.. ولا أستطيع التنبؤ بما سيحدث لي 10 سنوات هي العمر الأدبي للروائي أحمد مراد، واستطاع خلالها أن يصبح الكاتب الشبابي الأول في مصر بعد طرحه لخمس روايات فقط.. ليشكّل حالة أدبية أثارت غيرة البعض.. مما يجعله دائما عرضة للانتقادات والاتهامات.. ولكنه يسير في طريقه بخطوات ثابتة وناجحة.. ولا يلتفت للانتقادات السلبية.. ويضع كل تركيزه فيما يريد أن يكتبه.. لتبقى الرواية هي الهواية التي يقدمها بمزاج ولا يعتبرها أكل عيش.. فالكتابة بالنسبة له في مكانة وحدها بعيدا عن الأجواء المادية.. وتمثل له رحلة عندما يبدأها يشعر بأنها مرحلة جديدة في حياته الشخصية.. نحاول أن نقترب أكثر مما يدور في دماغ الكاتب أحمد مراد من خلال الحوار التالي.. * في البداية ما الذي قصدته من روايتك"أرض الإله"؟ كنت أقصد مصر، وهى دولة مؤمنة بإله واحد، ورغم ذلك أصبح لدى البعض ضعف الإيمان وصل لليأس بأنه لا يمكن أن يرى الوطن بشكل إيجابي، وذلك بسبب تراكم المشكلات والتي سببت شرخا كبيرا فيها، فأردت أن أجعل روايتي نافذة علمية تاريخية، وذلك بعد عزوف الشباب عن القراءة بشكل كاف، وفي نفس الوقت لم أكتب الرواية رغبة في الدفاع عن مصر، فمصر لديها تاريخ كبير جدا، وله الفضل على الكثير، فليس صحيحاً أنني أردت من الرواية تطهير تاريخ مصر، وإثبات أننا لم نكن نعبد الأصنام، كما قيل في بعض وسائل الإعلام، ولهذا أقول إننا دولة مؤمنة، بإله واحد، ولدينا القدرة للتفريق بين الإله والملاك والرسول، ومن يقرأ التاريخ يعرف جيدا أن الضمير وحقوق الإنسان، وما إلى ذلك انطلق من هنا، من هذه الأرض، ومن هنا حاولت أن أخلق رواية تكون بمثابة نافذة للدخول إلى تاريخنا، فالهدف أكبر من كتابة رواية، فأريد أن أقول إننا لسنا فراعنة، ويجب أن يفهم العالم ذلك ويفهم أن ربنا لم يغضب علينا. * ولكن البعض هاجمك بسبب ما تضمنته الرواية من أحداث.. خاصة الجزء المتعلق بسيدنا موسى ونهاية فرعون وكون سيدنا إدريس هو أوزوريس وغيرها.. فما ردك على كل ذلك؟ أولا الرواية تسير حرفا بحرف مع ما جاء في القرآن الكريم، وتحديدا فيما يخص سيدنا موسى ونهاية فرعون، كما أني لا أهداف من وراء أي رواية أكتبها في البحث عن فكرة مثيرة متعلقة بالتاريخ أو الدين من أجل الترويج وإحداث الضجة حول أعمالي، كما أن سيدنا موسى تعرض للانقلاب ومحاولة الاغتيال، وذكره انقطع فجأة في القرآن والتوراة، ومن هنا كان عليّ أن أتخيل بعض الأحداث ومنها أنه قتل، أما بالنسبة للقاء سيدنا موسى مع أحمس فأنا توصلت إلى أنهما بالفعل كانا من زمن واحد وأنه من الوارد حدوث لقاء بينهما، وأوجه لقارئ الرواية التاريخية نصيحة، أن يضع في ذهنه أنها رواية عليه أن يستمتع بها، وإذا رغب في مزيد من المعرفة في نقطة معينة بالرواية، أو في موضوع الرواية بشكل عام فعليه بالبحث والقراءة المتخصصة. * طرحت العديد من الأفكار المختلفة في روايتك التاريخية منها أن فرعون من الهكسوس.. فهل من الممكن أن يتدخل الأدب في تغيير التاريخ؟ بالطبع من الممكن أن يغيّر التاريخ، فالأدب يمكن أن يعطي لمحة توصّل لفكرة فيتتبعها القارئ، وممكن يكون مفتاحا يجعلنا نعمل على معرفة تاريخنا الذي لم نقرأه، ويعطي إحساسا بأن ما درسناه في المدرسة ليس هو التاريخ الصحيح. * الانتقال إلى كتابة الرواية التاريخية في 1919 ثم أرض الإله.. كيف كنت تفكر في التجربة؟ أرى أن التاريخ هو مادة ثرية جدا يفتقدها الشباب، وذلك بسبب مدارس مصرية ومناهج أدت إلي عزوف الشباب عن التاريخ، وأخذت الموضوع تحديا وقلت سأسقي الشباب تاريخا مصنوعا بطريقة لطيفة شيقة فيها إثارة لكي يحسوا أن تاريخنا شيق ولا يعرفونه، والموضوع ممتع بالنسبة لي، ونقله لعالم الرواية وعالم القراءة الحديثة كان هدفى، وأتمنى أن تكمل الروايات التاريخية لأن من يفهم التاريخ سيفهم ما هو قادم. * وهل كانت تجربة 1919 محمسة بالدرجة التي تجعلك تطرح رواية تاريخية أخرى؟ ليست التجربة هي التي تحمّس، ولكن هناك حتمية وشغفا وهاجسا جاءني من ناحية شيء معين، فأتحرك فيه، فليس مجرد أنه عمل حمسني فأكتب رواية أخرى، ولكن الموضوع يناديني فأتوجه إليه وأحركه، فهذا هو المعيار الأساسي. * هل الكتابة في التاريخ مجازفة أم متعة؟ مجازفة ومتعة، فمتعة أن تخترق منطقة لا يراها أحد وعليها جدل كبير، وفيها مجازفة في أن أكتب ذلك بشكل جيد. * وكيف تواجه مقارنتك مع كبار الكتاب الذين كتبوا الروايات التاريخية مثل نجيب محفوظ، وتوجيه تهمة إضافة الكثير من الأحداث الخيالية؟ أنا أتعلم من كل الذين كتبوا الرواية التاريخية، وأقدم رؤيتي الخاصة للأحداث التاريخية، وكل الذين كتبوا الرواية التاريخية بمن فيهم كبار الكتاب لم يؤرخوا، بل كتبوا بتاريخ مواز، وسأرد بأن عملي هو الانطلاق بخيالي، وهذا هو عمل الرواية أن تكون خيالية، وأي رواية تاريخية تكون قائمة على خطوط تاريخية عريضة، والكاتب يكمل الأحداث من خياله، أو يصنع تاريخا موازيا، فالأمر مجرد استقاء لأحداث التاريخ، ومن الخطأ الخلط بين البحث التاريخي أو الدراسة وبين الرواية التاريخية. * ولكن هل تشعر أن الكتابة التاريخية سيتقبلها الجمهور بنفس تقبله لروايتي الفيل الأزرق وتراب الماس؟ تتنوع أذواق القراء بالطبع، ولا يمكن أن أقدم للقارئ طول الوقت نفس الشيء، وكل قارئ يرتب أعمال الكاتب وفق ميوله. * بعيدا عن الرواية.. عمرك الأدبي يصل إلى 10 سنوات.. فكيف تصف هذه المرحلة؟ بدأت الكتابة بالفعل في 2006، وانتهيت من فيرتيجو في آخر 2007، ثم تراب الماس 2010 ثم الفيل الأزرق ثم 1919، وأخيرا أرض الإله، وبدأت الكتابة عندما كان هناك وقت فيصل في حياتي بدأت أحاول أنظر للأمام، وسألت نفسي ماذا سأكون بعد عشر سنوات، ووجدت أننا لا نترك بصمات في حياتنا، ففكرت في أن أقول شيئا، وأعمل رواية، وفي البداية لم تكن رواية، ولا فكرت فيها، ولكن كان بداخلي أشياء أكتبها بدون أن يكون هناك رقابة، فالموضوع كان بيني وبين نفسي، إلي أن اكتملت الرواية، كما أني أحب القراءة جدا وهي شيء أساسي في حياتي، فأقرأ كثيرا و"اتمرمط" كثيرا في الحياة ورأيت تراكمات عديدة، فكل ذلك تكوّن بداخلي، فبدأت أخرج ما بداخلي على الورق. * وما هو تقييمك لتجربتك مع الكتابة؟ بشكل عام أنا مستمتع جدا بتجربة الكتابة، لأنها بالنسبة لي رحلة عندما أبدأها أشعر بأنها مرحلة جديدة في حياتي الشخصية، وبها شغف وحب شديد، وأعملها بمزاج، وحريص أن تظل الرواية في مكانها، ولا أمتهن الكتابة ولن أمتهنها، لأن الكتابة تستحق أن يعمل الكتاب في عمل آخر يجلب له أموالا، وتظل الرواية هي الهواية التي أقدمها بمزاج وفي الوقت الذي أحبه ولا أكون مضطرا للكتابة وأنا مجبر. * هل معني ذلك أن الكتابة لا تؤكل عيشاً؟ إطلاقا، فأنا عملي مصور ومصمم أغلفة كتب، وبالنسبة لي يجب أن تظل الكتابة في مكانة وحدها بعيدا عن الأجواء المادية والأحاسيس التجارية وفلوس المدارس وكل ذلك، وذلك من أجل أن أستطيع أن أكتب بحب، فلو كتبت شيئا من أجل مصاريف الشهر سأبدأ في كتابة أي شيء والسلام. * هل أفادك التصوير في كتابة الروايات؟ بالتأكيد، فالمصور يري "الوحش" قبل الحلو، ويري تفاصيل صغيرة جدا، وهذا ما أفادني في الوصف، فعلى سبيل المثال عند كتابة رواية "تراب الماس" نزلت حارة اليهود لكي أري تفاصيل كثيرة، كما أني ذهبت إلي مشرحة زينهم. * هناك من يرى أنك اختصرت خطوات عديدة في مشوارك وظهرت بسرعة.. بجانب أن تجربتك أحبطت أناسا كثيرين بسبب ذلك.. فما رأيك في ذلك؟ كل إنسان ربنا كتب له شيئا معينا سوف يحصل عليه، وأنا لا أدعي المجد لأني عملت حاجة معينة، والفكرة في توفيق ربنا ثم صبر ثم قراءة التوليفة التي تصنع المتعة، والمهم أن نعرف ما نريد أن نقرأه، فأنا اكتب كقارئ وأرى ما أريد أن أقرأه، كما أني مثلا كانوا يعايرونني لأني قمت بعمل بوستر لروايتي، ولكني كنت أرى أني بمجرد أن ينتهي الكتاب يتحول لسلعة يجب أن أهتم بها مثل أي فيلم، ولكن في النهاية ربنا هو الذي يوفق. * ولكن نجاحك أثار غيرة بعض الكتاب القدامى لدرجة أن هناك من كتب مقالا بعنوان"لماذا يكره المثقفون أحمد مراد؟" فكيف ترى هذه الحالة؟ لا أهتم بغيرة الآخرين، وهذا شيء يخص الشخص نفسه الذي يشعر بوجود مشكلة من نجاحي، فأي قارئ يزيد عندي لا يزيد عندي وحدي، ولكن سيبحث بعد ذلك عن كتاب موجود لكاتب آخر، فمن الغباء أن يكون هناك كاتب لا يريد لأحد النجاح، لأن جمهوري بعدما ينتهي من قراءة روايتي يذهب لكاتب آخر يقرأ له حتى انتهي من روايتي الجديدة، فكلنا نخدم بعض. * وما هو إحساسك والشباب يبحث عن رواياتك بسبب اسمك؟ هذا شيء يسعدني ومسئولية كبيرة بالطبع، لأن الناس لو اشترت الكتاب على الاسم فهو تحميل كبير على اسمي، وهي ظاهرة جميلة حقيقة، وأتمنى أن يكون هناط ناس كثيرة جدا، لأن وسط الأدباء يتعب حتى يقدم رواية متماسكة، وإقبال الشباب على ذلك أفضل من أن يقبلوا على من يعطيهم قيمة سلبية، فأنا أدفعهم للقراءة والنظر على أعمال أخرى والقراءة في التاريخ والبحث عن المعلومات، وأنا عموما كل هدفي في الحياة أن أمشي في الشارع وسط الناس ولا أريد أن أجد نفسي غير قادر على الحركة. * البعض يؤكد أنك كاتب تجاري.. فما ردك على ذلك؟ هذه وجهة نظرهم والبيّنة على من ادعى، فأنا أقدم الأدب بطريقتي، وأكتب رواية الناس تقرأها، هناك من يقرأها وهناك من لا يهتم وهناك من لا يحبها، مثل أي شيء في الدنيا، فلا يمكن أن نقول إن هذا تجاري، وليس كل شيء يباع نقول إنه تجاري لأن صاحبه"عايز يبيع"، ولكن لا أستطيع أن أقول إن النجاح يساوي أن هذا العمل مقدم من أجل البيع، فهناك أشياء قدمت ليست من أجل البيع. * وما هي أبرز المشكلات التي تواجه الكتّاب الشباب؟ نفسه المتكاسلة التي تؤجل فعل الكتابة إلى الغد، ويأتي الغد دون أن يخرج بأي نتيجة مثمرة، فلابد أن يكون الكاتب ملتزما تجاه كتابته، وألا يستخف أو يمل مما يكتبه، إضافة إلى أنه يجب وضع خريطة للعمل الأدبي وسيره، ومذاكرة اللغة والعمل جيدًا، ومن أهم المواصفات اللازم توافرها في الشاب المقبل على الكتابة أن يسمع ويتأمل في تصرفات الناس وحياتهم وطريقتهم، ويكون صبورا على السمع. * هل الجوائز ضمن طموحاتك وخصوصا أنك رشحت من قبل للبوكر؟ جميل جدا أن أحصل على جائزة، ولكن النجاح الحقيقي أن يكون هناك جمهور يقرأ رواياتي ويستفيد، فأنا لا أبحث عن جوائز، فجائزتي الكبرى حصلت عليها بالفعل مع الناس، وطالما أن ذلك حدث فأشعر بأني في الطريق الصحيح الذي أسعى دائما للاستمرار فيه واستكماله. * وما هي الخطوة القادمة لأحمد مراد؟ انتهيت من كتابة فيلم للسينما ويجرى تصويره حالياً، وهذه هي التجربة الأولى التي أكتب مباشرة للسينما، وسأعلن عن الفيلم قريبا، كما يتم إعداد فيلم" تراب الماس" وسيطرح في 2017 بإذن الله. * ولكن هل من الممكن أن تأخذك السينما من عالم الروايات؟ لا أبدا، فقد قدمت فيلم "الفيل الأزرق" وبعده قدمت روايتين، فالسينما هي مجالي الأساسي وأحبه جدا، وفي نفس الوقت لن أتخلى عن الرواية أبدا. * وهل من الممكن تحويل رواية"أرض الإله" إلى فيلم؟ أتمنى ذلك بالطبع، للرد على إسرائيل وإثبات زيف تاريخهم بفيلم يتحاور معهم ويرد على الأكاذيب التي يروجونها في أفلامهم، فإسرائيل تحترف تسويق أكاذيبها وتاريخها المزور، بأفلام ضخمة الإنتاج، وعندما نحاول الرد عليهم نرد بمقالات أو كتب أو روايات لا تصل إلى شريحة كبيرة من المجتمع، وهو أمر سخيف جدًا، ولكن تحويل الرواية إلى فيلم أمر صعب للغاية بسبب التابوهات الدينية الموجودة في الرواية والتي سترفضها الرقابة. * أخيرا كيف ترى نفسك بعد 10 سنوات أخرى؟ سؤال صعب جدا، فكلما أكتب رواية يكون هناك جمهور أكثر بجانب وجود أفلام، فتصبح هناك شهرة أكبر، والعبء يزيد، فأعيش صعوبة في عملي، يتتبعها تنبؤ صعب جدا فيما يخص ما الذي سيأتي بعد ذلك، فلا أعلم ما الذي من الممكن أن يحدث لي، ولكني أتمنى بعد 10 سنوات أن أحقق نسبة قراء أكبر، وأحقق نسبة دخول عالم القراءة لشباب أكثر، وأجعل هذا الجيل من أكثر الأجيال التي قرأت في مصر.