لا تقلق من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون فعله معك هو تنفيذ إرادة الله.. هكذا كان يقول إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى.. الأيقونة التى تحتفظ بداخلها بتفسير عذب للقرآن الكريم، الصوت الملائكى الهادىء الذى تطرب له الآذان، الرمز النادر لعلماء الدين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة عام لتجديد الإسلام.. الثائر الحق الذى مرت علينا ذكرى وفاته ال 18 منذ 6 أيام، حيث توفاه الله فى 17 يونيو عام 1998.. ولاشك أنه سيظل حاضرا بيننا لما قدمه من فهم صحيح ومعتدل للدين .. فى ذكراه وبعيدا عن ذكراه يحظى مقام إمام الدعاة بالزيارة التى لا تنقطع، فمقامه وضريحه أشبه بجنة صغيرة تحيطها الخضرة والأشجار داخل حديقة، والضريح من الداخل مكيف الهواء ومفروش بالسجاد والمفروشات الجلدية حيث تم إعداده ليكون دار ضيافة لمحبى الإمام وزواره، كما تم تخصيص ركن للجلوس والراحة والإسترخاء لقراءة القرآن والدعاء والفاتحة على روح الإمام، وقد وضع أبناء الشيخ دستورا لزيارة المقام من خلال مجموعة من الإرشادات على لافتة كبيرة تقول "إلى أحباب الشيخ رضوان الله عليه وأبناءه ومريديه تذكير والذكرى تنفع المؤمنين نبرأ إلى الله تعالى من كل عمل يخالف شرعه ويؤذى الشيخ فادخل يا أخى فى خشوع والتزم بأدب الزيارة حتى يتقبل الله منك الزيارة والدعاء ولا تنسى أن هذا النزيل على فضله لا يملك لنفسه شيئا إلا أن يتغمده الله برحمته وفضله ". وبخلاف ذلك توجد لوحة عليها كلمات مكتوبة بلغة شعرية تنقل شيئا من أفضال الإمام " يارب صلى على الحبيب الأمجدا .. والآل والأصحاب نورهم أحمدا ، وكذا الامام الشعراوى محمدا .. بمكارم القرآن كان مفردا"، والضريح تم إنشاؤه بهذا الشكل نظرا لكثرة الزوار والضيوف الذين يأتون للإمام من فرنسا وإيطاليا وبلاد الشام وفلسطين وغيرها من البلاد ومن هنا كان يجب أن يكون المقام عبارة عن دار ضيافة بهذا الشكل حتى يليق بزواره ويوفر الراحة لهم. وقد وضعت محافظة الدقهلية ضريح الإمام على الخريطة السياحة بالمحافظة، وهذا معناه أنها ترغب فى تشجيع السياحة الدينية للمكان ومن أشهر زوار المقام المخلصين للإمام الدكتور أحمد عمر هاشم. ويقع المقام داخل مجمع الإمام الشعراوى الخيرى وهو مؤسسة كبيرة كان الإمام قد أنشأها عام 1989من أجل تحفيظ القرآن الكريم والقيام بكل أعمال الخير، والمجمع مكون من أربعة أدوار، الأرضى به قاعة محاضرات وقاعة لعرض خواطر الإمام وحلقاته التليفزيونية عقب صلاة المغرب أيام السبت والإثنين والأربعاء وذلك لأهل دقادوس، والدور الأول به مكتبة إسلامية تضم الشعراويات وهى مؤلفات الإمام إلى جانب عدد كبير من أمهات الكتب الإسلامية ويضم الدور الثانى مقرا لمستوصف طبى ويضم الدور الثالث حضانة إسلامية للأطفال، أما الدور الرابع فهو مخصص لتحفيظ القرآن الكريم بالمجان. والشيخ الشعراوى أقام مشروعات كثيرة لأهل البلد فقد بنى معهدا دينيا وأهداه للأزهر الشريف، وبنى مدرسة إبتدائية وأهداها لوزارة التربية والتعليم وساهم فى بناء مسجدين تابعين لوزارة الأوقاف. ويتم تحفيظ القرآن بمجمع الشيخ الشعراوى بالطريقة الربانية النورانية التى تهدف لأن يقوم الطفل بحفظ أجزاء من القرآن تلاوة وتجويدا. كان شيخنا الجليل يري أن المال عبد مخلص .. لكنه سيد رديء ، ودائماً ما كان يردد أن الحساب في كل شيء مؤجل إلي يوم القيامة ماعدا ظلم الناس ، وأنه لا تجد أى معركة بين حق وحق لأن الحق واحد .. ولا تطول أى معركة بين حق وباطل لأن الباطل دائماً زهوقاً ، ونصح الدعاة قائلاً " الدين كلمة تقال وسلوك يفعل ، وإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة ، وكانت كلمته لشباب المسلمين هي " لا تقلق من تدابير البشر ..فأقصي ما يستطيعون فعله معك هو تنفيذ ارادة الله " .. ودائماً ما كان يبشرهم قائلاً "سيأتي يوم وتجد من يضحي من أجل ابتسامة يرسمها علي وجهك ، فلا تغلق ابواب قلبك .. فليس كل من يدقها ينوي جرحها " ، وقال لكل البشر : إن لم تستطع قول الحق .. فلا تصفق للباطل ! ، كما نصحهم "لا تعبدوه ليعطي .. بل اعبدوه ليرضي " ، وكان يذكرهم دائماً " لا يقلق من كان له أب، فكيف يقلق من كان له رب ؟! " .. وكان يردد دائماً " " الحياة أهم من أن تنسى .. ولكنها أتفه من أن تكون غاية " ! وختاماً لا ننسى مقولته الشهيرة " أن الإنسان منا حين تغيب الشمس , يحاول فى الظلام أن يجد له ضوئا , هذا الضوء يختلف باختلاف قدرات الناس وإمكانياتهم , ولكن حين تطلع الشمس يطفىء كل انسان مصباحه , فأطفئوا مصابيحكم فقد سطعت شمس الله " .