لا تزال ذكريات التاريخ تسكن هنا فى حى الأزهر .. حيث الشوارع والأزقة القديمة التى تحفظ بين جدرانها أسراراً وحكايات من أيام البساطة والصفاء وهى تلك الأيام التى صاغها لنا نجيب محفوظ فى العديد من رواياته .. تصوير: محمد لطفى
ورغم أن شكل البيوت وأسماء الأزقة ومنحنيات الحوارى لم تتغير منذ عهود إلا أن شيئا ما قد تغير فى وجدان الناس وفى شعورهم بالمناسبات ذات الطابع الدينى وخصوصاً رمضان .. ورغم ذلك سيظل الأزهر عامرا بالإيمان رمضان كان زمان هكذا تكلم عم عربى عبد الله أشهر بائع فول فى منطقة الأزهر .. رجل مبتسم دائما لا يعرف اليأس ويا سلام عندما يأتى إليه زبون يضحك فى وجهه ويداعبه وربما يسأله عن أهله وأسرته حيث أن أهالى المنطقة يعرفون بعضهم البعض وجميعهم أصحاب أصل وواجب وأهل جدعنة .. يقول عم عربى عن ذكرياته: ياه رمضان كان زمان كانت الشوارع مظلمة وكنا نطوف بالفوانيس ونلعب فى الحوارى ونجرى وراء المسحراتى الذى كان يغنى ونغنى خلفه .. وكانت الحياة منظمة يعنى النهار كان نهار والليل كان الليل .. دلوقتى الناس سهرانة لغاية الصبح أنا فاكر زمان كنا ننام فى الشتاء من الساعة 8 وفى الصيف من الساعة 11 وكان ييجى المسحراتى المنقراتى ويدب على البيوت والناس كلها تصحى فى وقت واحد واللى لسه نايم الناس كلها تخبط على بيته .. لكن دلوقتى كل واحد فى حاله وهمه على عياله .. برضه زمان كان أهل الذكر يقيمون الموائد والسرادقات وكنا نسمع مواويل لها العجب من الفنانين الشعبيين وكان الكلام له معنى .. دلوقتى الإحساس بقى صعب بالحياة لأن الحاجات الجميلة انتهت من زمان وبقى التليفزيون هو كل حاجة! ويحكى عم عربى عن الفول وذكريات السحور قائلا: الحاجة الوحيدة التى لم تتغير فى رمضان هى طبق الفول على السحور وطبعا طعم الفول اختلف عن زمان لكن مع ذلك أنا شخصيا لا أشترى إلا الفول البلدى علشان أحافظ على سمعتى وتاريخى الطويل على عربية الفول أيضاً كان زمان فيه المستوقد وكان الفول يستوى على نار هادئة ولكن المستوقد اختفى وظهر البوتاجاز يعنى حصل تطور مع الزمن. عم عربى يقف على ناصية أحد الشوارع خلف الجامع الأزهر يرقب من بعيد ما تغير فى شكل الناس وملامحهم فيقول أن وشوش الناس تغيرت زمان كان المواطن ييجى يشترى بقرش فول منى وهو "حافى" ورغم ذلك كنت تشعر أنه سعيد فى حياته لكن الآن المواطن الحافى أبو قرش ده بقى معاه آلاف ومع ذلك مش سعيد والسبب فى كده هو زوال نعمة الرضا بالقليل وقلة الإيمان وقلة الدين.