تصوير: طارق حسين الزوج كان يعمل مصوراً صحفياً ولكنه قرر أن يبحث عن مستقبله في الشارع عجلة ب2500 جنيه.. و8 ساعات عمل يوميا.. والنتيجة: نجاح ورضاء لم يكن فادي ندا، يتخيل أن يتغير مسار حياته لهذه الدرجة، وأن يتجه في يوم ما ليبيع السندوتشات على عربة صغيرة بجوار أحد المولات الشهيرة بمدينة نصر، هو وزوجته سوزان ملاك، فادي ابن ال33 عاما، شاب لديه أحلام كبيرة، لم ييأس ولم يقف مكتوف الأيدي، بل حاول حتى وجد ضالته، وحول مسار حياته من مصور بإحدى الجرائد القومية ليبيع السندوتشات على عجلة، لكنه لم يتخل عن مهنته المحببة لقلبه وهي التصوير الفوتوغرافي.. فادي لم يكن وحيدا في حلمه، بل دفعه حماس وتأييد زوجته سوزان ملاك، التي وقفت بجانبه في كل خطوة كان يقوم بها، وساندته، وكانت معه يدا بيد، وسوزان خريجة إدارة الأعمال، لم تتوان هي الأخرى في ترك عملها، لتشارك زوجها حلمه البسيط في عمل يحبه، ويجد فيه نفسه، ويحارب الظروف المعيشية الصعبة. منذ صغره وفادي يعشق مهنة التصوير الفوتوعرافي، واحترفه منذ أن كان عمره حوالي 15 عاما، صحيح أن مؤهله الدراسي ليس له علاقة بالتصوير، إلا أن موهبته أخذته بعيدا عن دراسته، تخرج فادي بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، وأكمل مشواره في مجال التصوير كمصور بإحدى الجرائد القومية، وظل يعمل بها حتى عام 2012، وقرر أن يعمل كمصور فوتوغرافي بشكل حر.. لم تكن هذه هي الخطوة الأخيرة لفادي في مجال عمله، بل أخذته الحياة في اتجاه ثالث بعيدا عن دراسته وعن موهبته التي يحبها، كان دائما يحلم مع زوجته سوزان بأن يكون لهما مشروعهما الخاص، الذي يحقق لهما المستوى الاجتماعي الآمن، المشروعات والأفكار كانت كثيرة، سواء كافيه أو مطعما أو غيرهما، لكن التكلفة المادية والظروف المحيطة حالت دون تنفيذ أيا منهما. لم يكن أمام فادي وزوجته سوزان سوى خيارين، إما أن يقوما بعمل أستوديو للتصوير الفوتوغرافي، وهذا كانت تكلفته كبيرة، أو يخوضا تجربة مختلفة بعض الشيء، وهي بيع السندوتشات على عجلة، وأخذت الفكرة تتملك فادى، بعد أن شاهد عربة بيع البطاطا التي نفذها شاب وخطيبته، منذ عدة اشهر. اقترح فادي على زوجته سوزان أن يقوما ببيع السندوتشات على عجلة صغيرة، فالمشروع لا يحتاج لرأس مال كبير، هو فقط يحتاج لمجهود، وقبول لدى الزبائن لما سيقدمانه من مأكولات، ومن خدمة مختلفة. في يوم 9 فبراير 2016، كان أول ظهور لشادي وسوزان بشارع مكرم عبيد بمدينة نصر، وهو عبارة عن "عجلة" تكلفتها حوالي 2500 جنيه، ويقومان ببيع السندوتشات عليها وذلك طوال أيام الأسبوع، من الساعة الثامنه مساء وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، ويتفاوت الإقبال في كل يوم عن الآخر، ولكن في أيام الخميس والجمعة والسبت يكون الإقبال بشكل أكبر.. أما فيما يتعلق بمسألة إعداد الأكل فيتم تجهيزه في المنزل، ويستغرق ذلك من 4 إلى 5 ساعات يوميا، حيث يقومان بإعداد "الهوت دوج، وكلوب ساندوتش" وبحسب كلام سوزان فإن الإقبال أكبر على "الهوت دوج"، خاصة أنه كل 10 أيام يقومان بعمل فكرة جديدة في السندوتش وعمل إضافات جديدة لإكسابه الطعم والمذاق المميز. بمجرد وقوفك بجوار عجلة فادي وسوزان، تلاحظ أن كل المارة بالمنطقة يعرفونهما، ويلقون عليهما التحية، الفكرة نفسها حازت على إعجاب الجميع ووجد تشجيعا كبيرا لهما من الجميع، لكن الطريف في الموضوع هو ما يقوم به فادي وسوزان مع الزبائن، حيث يقومان بشرح مكونات السندوتشات للزبون، علاوة على اهتمامهما وحرصهما على معرفة رأي الزبون في الخدمة المقدمة له وتعليقه عليها، الاندهاش والبسمة لم تفارقا وجه معظم الزبائن، بعضهم يعتبر زبونا دائما، والبعض الآخر جاء لمحاولة الاستكشاف، بعد أن شاهد العجلة أو حكى له أحد الأصدقاء عنه.. الفكرة بدأت تنتشر تدريجيا، وأصبح هناك زبائن لفادي وسوزان يأتون من كل مناطق القاهرة من أجل وجباتهم المفضلة، الفكرة لاقت إعجابا من الكثيرين، لدرجة أن الصفحة التي أنشأها فادي وزوجته لمشروعهما على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت اسم " Club Madness" لاقت إقبالا كبيرا، وأصبحت تضم آلاف من رواد المشروع، وتضم الصفحة العديد من الصور لكل الزبائن، حيث يحرص فادي وزوجته على التقاط الصور معهم، ووضعها على الصفحة. لم يواجه فادي وسوزان اي عقبات، فالعجلة التي يبيع عليها السندوتشات صديقة للبيئة، فهو يقوم بتصنيع المأكولات بالمنزل، ويتم تسخينه على العجلة من خلال حمام بخار، باستخدام "سبرتاية" صغيرة، علاوة على حرصهما على تنظيف المكان المحيط بالعجلة أولا بأول، لم تكن هناك مشكلة مع الأهل والأصدقاء، فلم يوجه لهما اللوم، ولكن عبارات التشجيع والتحفيز من الجميع دفعتهما للاستمرار في المشروع ومحاولة إثبات نجاحهما، لكن كانت المشكلة الوحيدة في أول يوم عمل لهما، حين فوجئا بحملة من حي شرق مدينة نصر، وتم التحفظ على العجلة، وعندما ذهبا في اليوم التالي والتقيا بأحد ضباط الشرطة هناك وشرحا له المشروع شجعهما ورد لهما العجلة. المشروع كما تصفه سوزان، قد يكون مجهدا بعض الشيء ويحتاج إلى التركيز في العمل، والإخلاص، والاهتمام بالنظافة، إلا أنه ليس مكلفا، فتكلفة العجلة يعتبر بسيطا ويمكن لأي شاب أن يبدأ هذا المشروع ويمكن للفكرة أن تنتشر إذا اهتمت بها الدولة وجعلتها أحد المشروعات التي يمكنها أن تساهم في الحد من البطالة التي تزداد يوما بعد الآخر. فادي يرى أنه لم يكن يتخيل يوما أن تتحول حياته بهذا الشكل، ولكنه أكد قيمة العمل أيا كان طالما أنه شريف، فليس هناك عيب في العمل، المهم هو أن تخلص في عملك، وأن تتقن ما تقدمه، وهذا هو سر النجاح الذي حققه هو وزوجته في أيام قليلة. فادي وسوزان يحلمان بأن يتطور مشروعهما، وأن يكونا مثالا للشباب الذي يسعى خلف حلمه، دون يأس أو تحجج بالظروف، فالعمل متاح في كل شيء وليس مقتصرا على الوظيفة الحكومية، أو الجلوس على المكتب، كل شيء متاح طالما كانت هناك رغبة في تقديم شيء مهم ومفيد للمجتمع. فائدة أخرى من المشروع تتحدث عنها سوزان، مؤكدة أنه بجانب العمل، هناك مكسب آخر وهو أنه أصبح لها ولزوجها عدد كبير من الأصدقاء، فالزبون بالنسبة لهما ليس مجرد زبون، بل تربطه بهما علاقة صداقة، وهذا بسبب أسلوب التعامل والخدمة المميزة التي تقدم لهم.