" العفاريت تحرق بيوتنا".. هذه كانت صرخة العديد من الأهالي بقرية" منشأة الجمال" التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم.. حيث اندلعت الحرائق بعدد من المنازل بشكل مفاجئ، وبصعوبة استطاع الأهالي إطفاءها، ليقدموا بلاغا للنائب العام متهمين فيه العفاريت بإحراق بيوتهم، ولم يكن أهالي تلك القرية هم أول من اعتقدوا بذلك ولكن في مثل هذا التوقيت من كل عام يقوم أهالي إحدى القرى بتقديم بلاغا ضد الجن بسبب حرائق منازلهم.. واشتكى الأهالي بقرية" منشأة الجمال" من أنهم فوجئوا بالنيران تلتهم غرف النوم وخزائن الملابس، ولجأوا إلى التكبير ورش المياه المقروء عليها بالقرآن تركها لهم المشايخ الذين استعانوا بهم، مؤكدين أنهم يعيشون في هذه المأساة منذ عامين، ولكن هذه الأيام زادت بشكل كبير، كما أن النيران بعد إطفائها تتكرر مرة أخرى، فقاموا ببث القرآن من خلال مكبرات صوت، لإيمانهم بأن هذه الحرائق هي لعنة الجن، وأكد الأهالي أنهم استعانوا بالمشايخ وقاموا بقراءة القرآن على كمية كبيرة من المياه ووضعها داخل خزان يتم الاستعانة به عند إطفاء النيران، وقاموا بتحرير محضر ضد الجن انتقام العفاريت.. هذا هو مبرر بعض الأهالي لتزايد حالات الحريق في قراهم، فمنذ عام اشتعلت النيران في كثير من المنازل بقرية الترامسة الواقعة على ضفة النيل الغربية لمدينة قنا، لدرجة جعلت أهالي القرية ينصحون كل من يدخلها بقراءة "المعوذتين" وبعض الأذكار للتحصين من الجان الذي استقر في المنطقة من وجهة نظرهم.. وقام بعض الأهالي بتحرير محضر يؤكدون فيه اتهام بعض الأشخاص بالتنقيب عن الآثار مما ترتب عليه تحضير الجن وعدم القدرة على صرفه مما أدى إلي حدوث حرائق مستمرة بالقرية، كما استعان الأهالي ببعض الشيوخ والقساوسة وأخبروا أهالي القرية بوجود جن مجوسي هو السبب في اشتعال النيران بالمنازل ولم تكن هذه أول مرة يكون المتهم في اشتعال النيران هو الجن، حيث تحدث تلك الحالات كثيرا في قرى الصعيد، حيث حدث هذا من قبل في قرية الحاج سلام بمركز فرشوط في 2010 والعام الماضي، حيث أحرق 80 منزلا، واعتقد الأهالي أن النيران يشعلها الجني، ما دفعهم للتهليل والتكبير بالقرية اعتقاد بأن السبب في ذلك هو جن سفلى بسبب وجود آثار فرعونية جنوب القرية وأخرى إسلامية شمال القرية، ولكن تقرير اللجنة العلمية لجامعة جنوب الوادي أكد أن تشوين كميات كبيرة من المخلفات النباتية وراء الحرائق، والعام الماضي أيضا حدثت حرائق في قرية فرشوط مما أدى إلي تدمير نحو 40 منزلا، ونفوق حوالي 50 رأس ماشية، بجانب حرائق أخرى في قرية عزبة البوصة بمركز أبو تشت بقنا في 2008 وغموض الحالات جعل الأهالي في قرى الصعيد يؤكدون أن تلك النيران بفعل الجان إثر تعرضه لأذى من السكان أو وقوعه في عشق إنسية من سكان المنطقة أو لقيام البعض بالتنقيب عن الآثار الفرعونية وهو الأمر الذي يثير غضب الرصد الجني الحارث له وقيامه بالانتقام وإشعال النيران في المساكن. وتنتشر فى البر الغربى لمدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر الكثير من الروايات، مثل ما يروى بين السكان عن"الثور الضخم" الذي يحرس كنزا خلف تمثالي ممنون الشهيرين غرب الأقصر، والذي يظهر في الليالي القمرية، ويقولون إن الكثيرين حاولوا قتله أملا في الفوز بالكنز طوال العقود الماضية دون جدوى، ويردد السكان الحكاية الشهيرة لمقبرة الملك أمنحتب الأول التى تؤكد بعض البرديات الفرعونية وجودها على بعد أمتار من الشرفة الثالثة بمعبد الملكة حتشبسوت، وللعام الخامس على التوالى، وكلما توصلت البعثة البولندية التي تبحث عن المقبرة إلى مدخل المقبرة ورؤية شواهد للسلم المؤدى إليها يختفي كل ذلك، ويصبح مجرد كتل صخرية، ويحلل السكان ذلك بأن هناك حارسا خفيا عليها يسمى "الرصد الفرعوني" يحمى المقبرة وكنوزها ويخفيها عن الأنظار، إضافة إلى قصة "حديقة الذهب" التى تظهر شمال غرب الأقصر على شكل حقل بطيخ من الذهب، وما أن يذهب إليها من يراها حتى تختفي، ويصبح الحقل مجرد أرض جدباء وسط الصحراء. وسألنا الشيخ عبد الحميد الأطرش- رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر- عن ذلك فقال: هذه أقاويل ترددت كثيرا، والناس دائما يعلقون أخطاءهم على الجن وما شابه ذلك، ولا مانع أبدا أن يقوم الجن بإيذاء الإنسان، ولكن إذا دخل الإنسان بيته وألقى السلام قال الشيطان لا مبيت لنا في هذا البيت، وإذا قال بسم الله الرحمن الرحيم فيقول الشيطان لا طعام لنا في هذا البيت، فذكر الله في أي مكان يبعد أذى الجن، وكان بجانبنا بيت وكانت النيران تشتعل فيه بشكل مستمر واستمر الحال لسنوات وقال أهل البيت أن الجن السبب، وأصيبوا بالإحباط والنكد، ولكن بعد فترة اكتشفوا أن هناك مكيدة داخل البيت نفسه من بعض سكانه، فلا يجب الالتفات إلي هذه الهواجس ويجب على الإنسان أن يتحصن بذكر الله ويقول الشيخ محمود عاشور- وكيل الأزهر السابق-: هذه المسائل تتعلق بالناس أنفسهم، فهم بالتأكيد السبب في الحرائق، فمن الممكن أن يكونوا وضعوا شيئا اشتعل، فهي مسائل تتعلق بالبشر وليس بالجن، وإلا فلماذا يحرق الجن بيوت ويترك أخرى، ولماذا منطقة الصعيد فقط، فهناك خلط كبير جدا عند الناس، ويجب أن يتابعوا جيدا حتى يعرفوا ما يتسبب في الحرائق