14 ألفا في عهد جمال عبد الناصر.. و19 ألفا في عهد السادات.. ومن 750 ألفا لمليون في عهد مبارك.. هذه الأرقام وردت في إحصائيات عن أعداد المعتقلين في عهد الرؤساء الثلاثة.. وبالطبع يختلف الاعتقال والتعذيب في كل عهد من رئيس لآخر.. وهو ما نكشف عنه من خلال الحوار مع ثلاثة ممن تم اعتقالهم في العهود الثلاثة.. وقد تناولنا فى الحلقة الأولى الشاعر سمير عبد الباقي من واقع تجربته مع الاعتقال في عهد عبدالناصر ، وفى الحلقة الثانية تكلمنا مع الطبيب النفسى والأديب محمد المخزنجي والذى تعرض لتهمة قلب نظام حكم الرئيس محمد أنور السادات .. ثم يأتي الدور على عهد مبارك .. وكلنا نعرف ما كان يحدث أثناء فترة حكمه من اعتقالات وتعذيب وتجربة مريرة مر بها مجدي حسين - أمين عام حزب العمل - والذي يعتبر من أشهر من تم اعتقالهم في عهد الرئيس السابق .. ويروي لنا تجربة الاعتقال في سجون مبارك في الحوار التالي ... التعذيب قد يكون هو السمة الأساسية في سجون المعتقلات في عهد مبارك .. فحدثنا عن الاعتقال في عهده بشكل عام؟ لا أبالغ إذا قلت إن أسوأ عهد في التعذيب منذ عهد مينا وحتي الآن هو عهد مبارك ولو تحدثنا عن التعذيب في عصر الرؤساء الثلاثة نجد أن مبارك رقم واحد ثم جمال عبد الناصر ثم السادات ويكفي القول إن هناك 6 ملايين حالة اعتقال في عهد مبارك كما تعتبر سجون الإنجليز جنة بالنسبة لسجون مبارك فهي عبارة عن مقابر أسمنتية ولا يوجد بها نوافذ وكانوا يقومون بعمل فتحات ضيقة جدا . وماذا عن تجربتك الشخصية مع الاعتقال؟ أنا هربت من القبض علي في عهد جمال عبد الناصر سنة 1968 وكنت طالبا في ثانوي لأني حطمت صورة عبد الناصر ولكني لم أعتقل ولم يحقق معي وفي عهد السادات كان مطلوبا القبض علي في انتفاضة 1972 وكنت من ضمن الحركة الطلابية وهربت واختفيت وتوقفوا عن مطاردتي أما في عهد مبارك فقد تم اعتقالي ست مرات وأول مرة تم إلقاء القبض علي في البيت بتهمة التظاهر في معرض الكتاب اعتراضا علي وجود جناح لإسرائيل سنة 1985 ومرورا بعدة مرات وصلت إلي ست وكان آخرها سنة 2008 . رأينا بأعيننا أكثر من مرة أن السحل هو الوسيلة للقبض علي أي معتقل .. فهل حدث هذا معك من قبل؟ طبعا كنت أتعرض لعنف شديد فكنت في مظاهرة أمام السفارة الأمريكية أثناء حرب غزة وأصررت علي الاستمرار فوضعتني مجموعة من المخبرين في سيارة وتعاملوا معي بأسلوب غير لائق وأيضا في مرة أخري كنت ذاهبا للأزهر للتظاهر وكنت وحدي ووجدت أربعة يقبضون علي وشدوني بعنف ووضعوا دماغي تحت الأرض وكانوا يخبطون دماغي في الأرض وغموا عيني وهذا أعطاني انطباعا بأني سأذهب لمكان به تعذيب وذهبت لمعسكر أمن مركزي بطرة ثم نقلوني وأدخلوني زنزانة حقيرة ورفعت الغمامة ولم يكن بالغرفة مياه وبعد قليل فتحوا وغموا عيني مرة أخري ووضعوني في سيارة ونقلوني لمكان آخر وكنت متوقعا التعذيب لأول مرة في حياتي ووجدت نفسي في غرفة كأنها مكان للتعذيب ولكن لم يحدث شيء ومنعوني من الحديث مع أحد ثم أفرج عني في المساء . وماذا عن سوء المعاملة لك والتي نعرفها عن عهد مبارك؟ بداية تعرضت لأسوأ المعاملات خارج السجون لمرات عديدة جدا فيوم استشهاد الشيخ أحمد ياسين وفي مظاهرة في القاهرة اعتدي علي من رجال الأمن ومرة أخري حيث كنت معتصما في جامع عمرو بن العاص بسبب اعتقال الفتيات واعتدي علي بالضرب من الأمن والبلطجية تحت إشراف الأمن ومرة فتحوا دماغي وأخذت سبع غرز والمعاملة في السجن آخر مرة كانت أسوأها وفي آخر مرة تم حبسي بطريقة كوميدية فأنا كنت عائدا من غزة ودخلت من المعبر وقلت لهم إن من حق المصريين أن يذهبوا إلي غزة وعدت من معبر رفح واعتبروني متسللا ولكن لا يوجد نص قانوني يمنع التسلل ولكنه مجرد قرار فتم حبسي بدون نص قانوني كما تم طرد المحامين والمحاكمة لم تأخذ 30 دقيقة وجاءوا بمحام من المحكمة وأخذت حكما بالحبس سنتين . ألم تتعرض للتعذيب طوال الست مرات التي اعتقلت فيها؟ فيه معاملة سيئة ولكن بعيدا عن التعذيب جسديا ولكن سبق وأن وضعوني في غرفة التأديب وهي غرفة عبارة عن متر في متر ونصف المتر وهي مرحاض وبلا ماء ولا كهرباء وهي حجرة تحت الأرض وكان ذلك سنة 1991 وكنت مع الجماعات الإسلامية في نفس المكان وبعد عدة أيام جاء مكرم محمد أحمد وطلب نقلي منه واستجابوا له فغرف التأديب كانت تحت الأرض كما أن الأكل نفسه كان عذابا فهو أكل غير آدمي نهائيا وخصوصا في سجن القطا في صحراء القليوبية فكان عبارة عن لحوم جلد الحذاء أطري منها وكانوا يمنعون عني الزيارات نهائيا كما أن الحراسة كانت مشددة . هذا عنك .. ولكن لو تحدثنا عن حالات رأيتها بنفسك .. فماذا تقول؟ رأيت أناسا كانوا مسجونين لمدة تزيد علي 18 سنة كما أن شبابا كثيرين ومنهم شباب الحزب تعرضوا جميعهم للكهرباء ولم يعد لدينا جناح شبابي وكل فترة نعمل دورة طلابية فتأخذهم مباحث أمن الدولة ليتكهربوا ونحن حزب شرعي وكان هناك أشد أنواع التعذيب وكنت أري آثار التعذيب عليهم فأحد أفراد الأمن حكي لي مرة أنه بمجرد نزول الصالة أي شخص يعترف من هول الصدمة ويعترف علي أي شيء حتي لا يتعرض للتعذيب والصالة هذه غرفة بها أجهزة متنوعة للتعذيب وأشكال عديدة من الأجهزة كما أني رأيت من كانوا يتم كهربتهم يوميا لعدة أسابيع فعندما كان الأمن يجد أن هناك تعارضا في الأقوال يعيدون الكهرباء مرة أخري ولكنهم كانوا يضبطون الفولت حتي لا يتعرض الشخص للموت وفيه حالات وفاة كثيرة بجانب مفقودين وممكن أيضا إنهم يحبسون شخصا في الزنزانة لمدة سبع سنوات متصلة فكان هناك مسجون أرادوا أن يخرجوه من زنزانته فالباب لم يفتح من الصدأ الذي كان عليه وكان مبررهم في ذلك أنه طالما هناك دورة مياه وأكل ميري فليس مهما أن يخرج من الزنزانة وهناك أيضا من فقد عقله من كثرة الكهرباء وفيه أحد الشباب فقد النطق بسبب ما كان يتعرض له واستعاد النطق بعد فترة .
أقرأ أيضاً : سمير عبد الباقي .. شاهد علي السجن ( 1 ) محمد المخزنجي .. شاهد علي السجن ( 2 )