المستشار أحمد بنداري يحث المصريين على المشاركة في التصويت بالدوائر الملغاة    تحرير 33 مخالفة لمحال تجارية في الجيزة لعدم الالتزام بقرار الغلق    رئيس الأركان الإسرائيلي: الخط الأصفر حدود جديدة لإسرائيل ونستعد لحرب مفاجئة    رئيس الحكومة اللبنانية: الوضع الحالي في المنطقة لا يزال بعيدا عن السلام والاستقرار    237 شاحنة مساعدات توجهت من معبر رفح البري إلى معبر كرم أبو سالم لتسليمها إلى الجانب الفلسطيني    نجم الأهلى يعتذر لجماهير تونس بعد وداع كأس العرب 2025    ليفربول يدعم سلوت بعد تصريحات محمد صلاح.. وهجوم إعلامي ضد الفرعون المصري    كأس العرب .. مدرب قطر: قدمنا أسوأ مباراة أمام تونس    وكيله: الأهلي قدم عرضا لضم بابلو الصباغ    كرة طائرة – اعتزال شروق فؤاد لاعبة الزمالك والأهلي السابقة    لرفضهم خطبة شقيقته لابنهم.. ضبط متهم بإشعال النيران في سيارة ومنزل جاره بمطروح    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة مقطعة وملقاة بالقمامة فى عين شمس    بحب نيللي كريم و التمثيل حلمي.. أبرز تصريحات مي عمر بمهرجان البحر الأحمر    ميرهان حسين تكشف خططها الفنية الجديدة وأعمالها وأمنياتها | شاهد    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    الصحة: إجراءات وقائية جديدة لمكافحة الأمراض التنفسية بين أطفال المدارس    الصحة: الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية في مصر في معدلاته الطبيعية    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    حريق يلتهم لنشًا وفلوكة جنوب الغردقة بدون إصابات    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم ريال مدريد أمام سيلتا فيجو    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    مصطفى قمر يطرح خامس أغانى ألبومه بعنوان "مش هاشوفك"    «صناع الخير» تسلم أهالي الغربية 4 آلاف نظارة طبية مجانية ضمن مبادرة «تمكين»    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    حماية النيل من البلاستيك    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    بولتيكو: اليمين المتطرف الأوروبي يستغل الهجوم الأمريكي على بروكسيل لتعزيز أجندته    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص    محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف 8 شوارع في حي منتزه ثان    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولذلك‏ أصبح‏ الحب‏ غريبا‏!‏
نشر في بوابة الشباب يوم 03 - 07 - 2011

في‏ الصفحات‏ الأولي‏ من‏ مسرحية‏ مجنون‏ ليلي‏ لأمير‏ الشعراء‏ أحمد‏ شوقي‏ تجد‏ هذا‏ الحوار‏ الجميل‏ الساذج‏ بين‏ هند‏ وليلي‏..‏
تقول هند وهي تضيق بالحياة في الصحراء :
سئمنا من البيد ياابن ذريح
ومن هذه العيشة الجافية
ومن موقد النار في موضع
ومن حالب الشاة في ناحية
وانتم بيثرب أو بالعراق
أو الشام في الغرف العالية
وقد تأكلون فنون الطهاة
ونأكل ماطهت الماشية !
وترد عليها ليلي :
فما البيد إلا ديار الكرام
ومنزلة الذمم الوافية
لها قبلة الشمس عند البزوغ
وللحضر القبلة الثانية
ونحن الرياحين ملء الفناء
وهن الرياحين في الآنية
ويقتلنا العشق والحاضرات
يقمن من العشق في عافية
ولم نصطدم بهموم الحياة
ولم ندر لولا الهوي ماهية !
ولكن ليلي التي تتغني بالصحراء والحياة فيها , هي اكثر تعاسة من هند التي ضاقت بهذه الحياة الشاقة الجافة !
وهذه الصحراء لم يعد لها وجود , الا علي الخريطة . فقد استبيحت الصحاري الآن .. بالطرق المرصوفة والسيارات والطيارات وأنابيب البترول .. واجهزة التليفون واسلاك الكهرباء .. وانتقلت المدينة إلي قلب الصحراء .. والي سكان الصحاري .
وفي كثير من البيوت يعلقون صورة للابل .. والسفن القديمة للصحراء ..
كما نعلق نحن في مصر في بيوتنا صورا لحاملات البلاص .. ولكن الذين يعلقون حاملة البلاص يقصدون أشياء أخري كثيرة .. فالبلاص لابد ان يسقط منه بعض الماء علي صدر من تحمله .. وهنا يقوم الماء بدور السوتيان , فيبرز النهدين .. والصدر ..
ولأن حاملة البلاص قد ملأته من الترعة , فهي قد نزلت الي الماء , وحتي لايبتل كل ثوبها , فإنها ترفع طرفا منه .. حتي تبدو ساقها للذين جلسوا بالقرب من الترعة ..
فهي اذن لوحة استعراضية للوجه والنهدين والردفين والساقين .. مع اننا نسميها حاملة البلاص !
وانتشر الورد الصناعي الأقوي عودا والأطول عمرا .. أما الورد الطبيعي الأقصر عمرا والاكثر عطرا .. فله مناسبات معروفة : الأفراح والمآتم ..
والورد مثل الحب الصادق العميق : حي قصير العمر ..
والجنس مثل الورد الصناعي في الآنية جاف لايموت ولايحيا , وانما هو يتكرر ..
والشعراء والفنانون جميعا يغنون وراء ليلي .. وراء الحب وعذاب الحب .. وراء الضعف الانساني .. فليس الحب هو إن تملك أحدا .. ولا ان تستمتع به ولكن ان تحلم بذلك ..
وكل قصص العشاق في التاريخ , هي قصص ناقصة لم تكتمل .. ولولا هذا النقص في قصص الحب ماكان الحب .. أو ما كان الحنين إلي النهاية .. وبين الحب والحنين الي المحبوبة يتفجر كل الشعر .. ولولا هذه المسافة بين المحبين ماكان الحب العذري .. هذه المسافة الآن قد قضت عليها الحياة الاجتماعية : المقاهي ودور السينما والتليفونات والكليات والأندية الرياضية .. لم تعد هناك مسافة ولم يعد هناك خوف .. فالمدن كبري وهي قادرة علي إخفاء العشاق .. وحبوب منع الحمل قادرة علي ان تتكفل بالباقي !
ولذلك أصبح الحب غريبا !
وأصبحت أعجب أخبار الدنيا ان يحب إنسان أحدا .. وكل المجانين في الشعر العربي عاشوا وماتوا علي أبواب المحبوب .. وكل مجانين الحب في الأدب العربي لم ينالوا من المحبوب شيئا .
الشاعر الايطالي دانتي تخيل ان حبيبته بياترنيشه تمشي معه في الغابة وراح يروي ما الذي رآه في الجنة والنار .. مع ان بياترنيشه هذه فتاة غبية بليدة .. كان زواجها عاديا : اختارت رجلا غنيا وفضلته علي شاعر عبقري مفلس .
وحبيبة الشاعر بتراركه ..
وحبيبة الفيلسوف نيتشه كانت فتاة يهودية .. وكانت محبوبة لعباقرة عصرها : العالم فرويد والشاعر رلكة والفيلسوف نيتشه .. وقد ربطتهم في عربة يجرونها , وهي تلهب ظهورهم بالسياط .. حمير أو خيول أو كلاب .. وأسعدهم ذلك !!
وكذلك كل هذه الأسماء المعروفة في الأدب العربي : قيس والمجنون وكثير وعمر بن أبي ربيعة والرافعي والعقاد وغيرهم ..
ولذلك سوف تبقي قصة غرام إدوار الثامن بامرأة أمريكية متزوجة هي قصة العصر الحديث كله . فمن أجلها ترك العرش !!
وسوف تبقي قصة الأميرة ديانا التي تزوجت ولي عهد بريطانيا من معالم الخير في هذه الدنيا .. انها فتاة عادية سوف تكون ملكة .. وأشفق الشعب البريطاني عليها من قوالب الملك وقيود الأسرة العريقة .. ولكنها أصرت علي أن تبقي بسيطة تنزل إلي الأسواق تشتري احتياجاتها .. وان تحمل طفلها .. فإذا بكي وضعت اصبعها في فمه ليسكت كما تفعل كل الأمهات والخادمات أيضا !
وازداد حب الناس لها وتمنوا لها السعادة .. لأنها بطلة قصة حب ..
وإذا كان في الدنيا كلها من عنف : السياسة والاقتصاد والحرب .. وإذا كان الشباب يرقص بعنف ويغني بعنف .. ويموت بقسوة , ويكره بدم , فما ذلك إلا لأنه قد انساق وراء قسوة الكبار .. ولكنه في نفس الوقت في حاجة إلي الحب .
وإذا كان الناس يفضلون عصير التفاح والبرتقال علي أكل التفاح والبرتقال .. فلأن التكنولوجيا الحديثة قد فرضت علينا لأسباب اقتصادية ..
ولكن لاتزال أفلام رعاة البقر محبوبة من كل الناس .. لأن فيها شجاعة ورجولة ولأن فيها قوة فردية .. ولأنها فطرية فالناس يمشون علي أرجلهم ويزرعون بأيديهم .. ويأكلون بأصابعم .. ويصيدون الحيوانات ويطبخونها .. وينامون في الصحراء ..
ولسبب آخر : إنهم يحبون .. فالمرأة تظهر في هذه المسلسلات : نعمة ورحمة ونقطة تحول ..
وفي التوراة تقرأ نشيد الانشاد فتجد بطلة النشيد فتاة اسمها شولاميت راعية غنم .. خطفوها ووضعوها بين ألوف من حريم الملك سليمان , ولكنها ظلت تبكي حبيبها راعي الغنم .. وكان بكاؤها أول تمرد معروف علي الحب بالاكراه والزواج بالقوة وشراء القلب بالذهب !
وفي الشعر العربي أن فتاة اسمها ميسون زوجوها بالقوة فقالت :
لبيت تخفق الأرواح فيه
أحب إلي من قصر منيف
وأكل كسيرة في كسريتي
أحب إلي من أكل الرغيف
وبعل من بني عمي رفيق
أحب إلي من ملك عنيف
وكلب ينبح الطراق دوني
أحب إلي من أسد مخيف !
انها تفضل الحب في كوخ مع الكلب , علي الحياة في قصر مع الأسر والكراهية ..
شاعر قديم أيضا يقول :
تتيه علي العشاق في حلل خضر
مفككة الأزرار محلولة الشعر
فقلت لها : ما الاسم؟ قالت : أنا التي
كويت قلوب العاشقين علي الجمر
شكوت إليها ما أقاسي من الهوي
فقالت : إلي صخر شكوت ولم تدر
فقلت لها : إن كان قلبك صخرة
فقد أنبع الله الزلال من الصخر !
ان كل العاشقات الحبيبات العذريات : شولاميت وميسون .. انهن مريضات حبا .. يقتلهن العشق .. وبنات المدن يقمن من العشق في عافية ..
ولاينقذ الناس من الناس إلا ألوان من الحب .. حب الناس .. حب الخير .. حب الجمال .. حب العدل .. حب الله ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.