بعيدا عن القصور والفلل والشاليهات والعمارات الفاخرة، بمحافظة الفيوم وتحديدا في قرية "شكشوك" علي ضفاف بحيرة قارون، في مبان بسيطة ذات طابقين علي الأكثر تطل أبوابها ناحية البحيرة .هنا يسكن الصيادون، أناس لديهم من العزة والكرامة والصبر الكثير ، تمنحهم قدرة علي العمل المتواصل ليل نهار ، والنوم في الخلاء فوق أسطح المراكب بغطاء ممزق تخترقه تيارات هواء البحر القارص. رصدت "بوابة الشباب" حياة صياد شاب ببحيرة قارون، يدعي"حسن خليفة" يبلغ من العمر (28 عاماً) يعمل في مجال الصيد منذ الصغر وورثها عن عائلته ،ويعمل طوال الاسبوع ويرتاح يومي الخميس والجمعة فقط. حيث قال "حسن": أن صباح الصياد يبدأ قبل آذان الفجر ،يتجه إلي مركبه وبصحبطه شباك الصيد ويرمي الشباك قائلا "بسم الله"، وبالنسبة لإفطارهم فيختلف من يوم إلى آخر ، لأنه يرتبط بما يصطادون ، اليوم الذي يعودون فيه بصيد يمكنهم أن يتناولوا الإفطار، أما اليوم الذي لم يرزقهم الله فيذهبون لبيوتهم علي لحم بطنهم بدون إفطار. وتابع "حسن" ان هناك فئتين للصيادين الاولي فئة اصحاب المراكب الكبيرة، هذه الفئة من الصيادين تعيش علي أجر يومي أو أسبوعي من أصحاب هذه المراكب ، ولكنهم لا يستطيعون العودة بدون سمك، فإذا رزقهم الله في يومهم بكمية جيدة من الأسماك يستطيعون بيعها ، يعودوا في نفس اليوم، ولكن إذا لم يقدر الله ويمنحهم رزقهم بما يكفي من اسماك ، يضطرون إلي المبيت على ظهور مراكبهم لليوم التالي، إلى أن يرزقهم الله بحصيلة جيدة من الأسماك ، لذا تجدهم يحملون كل ما يحتاجون إليه من ماء وثلج لحفظ السمك ، ومأكل وخبز محمص كي لا يصيبه العفن أو التلف ، إذا ما طالته مياه البحر والسولار الكافي لسير المراكب. وهذه الفئة تكون متواجدة بكثرة بدمياط والغردقة واسوان والإسكندرية اما عن الفئة الثانية فهناك صيادون تشترك معا ، في صناعة ما يسمى ( بالفلوكة ) ، وهي مركب صغير تصلح للصيد أكثر في البحيرات الصغيرة و هذه الفئة تعمل لحساب نفسها لا لتجار آخرين ومعظمهم يعيش على البحيرات في أكشاك من الصفيح، وهذه الفئة منتشرة بكثرة ببحيرة قارون. وأضاف أن اجازة الصيادين تكون يومي الخميس والجمعة، وينتهزوا هذا الوقت في الأعمال البسيطة كتنظيف الشباك او تصليح التالف منها، و صيانة المراكب والفلوكات. وأشار "حسن خليفة" إلي إن الصيادين هجروا البحيرة، واتجهوا إلى العمل ببحيرتي ناصر والبرلس، وعن أسباب هجرة الصيادين من بحيرة قارون قال حسن إن الصرف الزراعي والصحي اللذي يصب في بحيرة قارون أدي إلى ارتفاع معدلات الملوحة في مياه البحيرة حتي صارت ثاني أعلي مسطح مائي شديد الملوحة بعد البحر الميت، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات المعادن الصلبة الذائبة في المياه، ما أدي إلى أن يصبح هذا المسطح البالغ 22 ألف فدان من المياه غير صالح للحياة وانقراض معظم أنواع الأسماك، وأصبح إنتاجها يتراوح بين 5 و10 آلاف طن من الأسماك التي اقتصرت أنواعها على البوري والموسي وهذه الكمية تنتجها مزرعة سمكية من المزارع الواقعة على ضفاف البحيرة. وأوضح "حسن" أن ارتفاع معدلات المعادن العالقة أدي هذا العام إلى نفوق جماعي لأسماك البوري وحتي التي مازالت تحيا أصبحت هزيلة وضعيفة وتحمل في جوفها كميات من جزيئات المعادن الضارة التي تصيب الإنسان بالعديد من الأمراض. و يشكو "حسن" من عدم وجود رابطة او نقابة خاصة بالصيادين ترعاهم و تحاول حل مشاكلهم أو تتحمل جزء من نفقات علاجهم التي تكلفهم الكثير، و من تكاثر المزارع السمكية التي تؤثر بشكل كبير على مبيعاتهم.