إنت بتشتغل ليه .؟! أكيد عشان تحقق ذاتك وطموحك الأدبى والمادى .. وتساهم – حسب رغبتك طبعاً – فى نهضة المجتمع ، دى إجابة نموذجية كلنا نحفظها .. عادى ، لكن الإجابة التى بداخل معظم الناس وبمتنهى الصراحة هى " علشان الفلوس طبعاً " .. طيب واللي معاه فلوس ، يشتغل ليه ؟! كثيراً كنت اسأل نفسي .. الذى عمل ونجح حتى كون ثروة ضخمة ، لماذا لا يعيش حياته ليستمتع فى هدوء بعيداً عن ضغوط الحياة ، لماذا لا يخصص وقته لإسعاد الآخرين بدلاً من جمع المزيد من الأموال التى لن يكفيه عمراً على عمره لمجرد حصرها ، وأعجبنى جداً نجيب ساويرس والراجحي وبيل جيتس وغيرهم من أصحاب المليارات الذين قرروا التفرغ لقلوبهم وما تهواه من ميول سياسية واجتماعية بعدما عاشوا لسنوات طويلة بين الأرقام والحسابات .. طيب إيه مناسبة كل ده ؟! .. الحكاية أن وكالات الأنباء نقلت اليوم خبراً بطله اسمه جاجبال سينج .. شاب هندى فقير هاجر إلى هونج كونج منذ فترة ولم يجد وظيفة سوي " ديلفيري فى مطعم للوجبات السريعة ، راتبه الأسبوعي حوالي 300 دولار أمريكي، وقبل ما تحسدوه .. هذا المبلغ قياساً بالعملة فى هونج كونج ليس ضخماً وكان يكفيه بالكاد لدرجة إنه فشل فى اتمام زواجه من خطيبته سانتيا .. وهى اندونيسية الأصل تعرف عليها في بلاد الغربة منذ 4 سنوات ، ومنذ شهر قرر أن يراهن بكل ما عنده .. إما يفوز بكل شيء أو يخسر كل ما عنده .. جمع مبلغ 1240 دولاراً وشارك مع 3 آخرين فى أكبر مسابقة لليانصيب فى هونج كونج .. والمفاجأة أنه كسب ! . جاجبال - 32 سنة – فاز مع شريكيه بجائزة قيمتها 17 مليون دولار ، أى أن نصيبه 5.7 مليون دولار وهو ما يساوي 34 مليون جنيه مصري ، وعندما صعد ليتسلم الجائزة فى حفل كبير نقلته 25 محطة تلفزيونية على الهواء ، سأله مقدم الحفل : ماذا ستفعل بهذه الثروة ؟! رد ببساطة .. اليوم سأنام بدون تفكير .. وسأبدأ فى التخطيط غداً بعدما أعود من عملى !! الكل أندهش .. وسألوه : وهل ستعمل ؟! فرد بهدوء وبساطة – وممكن تصفها حضرتك لو تحب سذاجة – طبعاً .. فماذا سأفعل لو لم أعمل .. المال جيد لكن العمل أهم ! . اللافت فى حكاية جاجبال إنه سيعمل فى نفس مهنته الأصلية .. ديلفيري فى مطعم ، وسيستخدم جزء من ثروته للزواج من خطيبته الإندونيسية ، وسيضع مبلغا في حساب لها لكى تستغله في أعمال خيرية كانا حتى يومين فقط ضمن المستحقين لها ! . تعالوا نرجع تانى لسؤالنا الأول عن الدور الإجتماعى .. تفتكر مصر فيها شباب زي جاجبال ؟! يعنى تخيل معي .. حضرتك طلبت أى أكل وفتحت الباب ووجدت أمامك واحد زى صاحبنا ..بماذا ستشعر لو أردت أن تمنحه بقشيشاً فاعتذر بأدب : شكراً أنا مليونير .. خليهم ينفعوا عيالك ! . عموماً حدوتة جاجبال هذه تشغل الصحافة الهندية حالياً لأسباب عديدة .. منها مثلاً أن الولد رفض إنه يشتري المطعم الذى يعمل فيه حتى لا يضطر لخصم مكافآت كل زملاءه لأنهم كسالى حسب وصفه .. ثم إنه لم يتذكر نهائياً عائلته فى الهند ، بل وحتى المؤسسات الخيرية التى سيتبرع لها بجزء من ثروته مقرها فى هونج كونج ، كما إنه يعاني من مشكلة فى شفتيه .. ورفض فكرة إجراء عملية جراحية تجميلية .. ربما عملاً بمبدأ الست تحية كاريوكا قديماً " بفلوسك وبمالك هتنول اللي فى بالك " .. أيضاً الصحف الهندية طرحت فكرة غريبة وهى " بعد كل هذه الثروة .. لماذا لا يترك الشمطاء الاندونيسية ويتزوج من حسناء هندية " ؟! . واحد صاحبي حكيت له الحكاية كلها .. صمت ثم قال لي بكل حقد الدنيا : عمره ما هيشوف يوم حلو .. دي فلوس حرام !. وليد فاروق محمد