"مكان".. اسم طريف وجذاب يطلق علي مركز ثقافي مصري تردد ذكره كثيرا من خلال الأنشطة التي يقدمها للشباب، وهو" المركز المصري للثقافة والفنون"التابع لوزارة الثقافة، ويعتبر مشروعا خدميا غير هادف للربح يسعي فقط لتطوير الثقافة والفنون وجمع التراث وتقديم المساندة والدعم للفنانين الشباب المستقلين فى مجال الفنون بأنواعها، حيث يقدم المركز أسبوعيا ورش عمل في التمثيل والإخراج والإعداد التليفزيوني , هذا إلى جانب مساعدة الفرق المستقلة على تقديم مواهبها، و"مكان" كان مقرا لجريدة " البلاغ " التي قام بإنشائها عبد القادر حمزة باشا عام 1914 ، بعد ذلك تمكن أحمد المغربي الملحق الثقافي السابق بسفارة مصر في فرنسا من استخدامه لتأسيس مشروع ثقافي يسعي للحفاظ علي الذاكرة والتراث المصري والحوار بين مختلف الثقافات من خلال الفرق المختلفة المحلية والدولية، وفي زيارة ل " الشباب " لمركز " مكان " حضرنا عرضاً لفرقة "مزاهر" التى تحظي بنصيب الأسد من إعجاب الجمهور هناك, وهي فرقة أطلق عليها اسم " الغجر المصريين " لما يقدمونه من نوعية أغاني وموسيقي أشبه بموسيقي "الزار" .. فأطلق عليهم هذا الاسم وصاروا معروفين به، وتقول الحاجة "صباح" الشهيرة بلقب" الشحرورة "وهي احدي عضوات الفريق: إن الفرقة تأسست منذ 15 عاما، وقد ورثوا موهبتهم عن آبائهم, وتقول صاحبة الأربعين عاما، وهي أصغر عضوة بالفريق: تركت التعليم وبدأت أتعلم فنون الزار، حيث كنت أري أمي وأقاربي يقومون بعمل "حضرة" من حين لآخر في منزلنا، وأحببت الموضوع والأغاني والتنطيط والحركة، وللأسف الزار مرتبط عند الكثير من الناس بفك أعمال وما شابه ذلك، ففي بعض الأحيان أجد بعض الأشخاص يطلبون مني أن أذهب إلي أبنائهم لأصرف عنهم العفاريت، ولكني أقول لهم إن هذه ليست سكتي، بينما تقول الحاجة"وزة" احدي العضوات إنهم تعرضوا كثيرا للهجوم من الإعلام بلا سبب ، ولذلك لا يقومون كثيراً بأحاديث صحفية ، خاصة مع الصورة السلبية التى ساهمت فى رسمها الأفلام السينمائية والدراما للزار، واتهام للقائمين عليه بالدجل والشعوذة ، فقد ارتبط مسمي "الزار" في أذهاننا بطرد الجن والعفاريت، وفك الأعمال، ولكن فرقة "مزاهر" قامت بتحويل مسار الزار من طريق السحر والخرافات إلي فن راق يجمع بين الغناء العربي والسوداني والإفريقي، و له جمهور في جميع أنحاء العالم ، وقد قامت الحاجة أم سامح بتكوين فرقة "مزاهر" منذ عام 2000، وهي تضم 6رجال و4 سيدات، ويمكن أن يزيد عدد أعضاء فريق الزار ليصل إلي 16 شخصاً ، وحصدت "مزاهر" العديد من الجوائز، فضلا عن مشاركتهم في عدة مهرجانات عالمية في مختلف دول العالم كفرنسا وسويسرا والمغرب، وتقدم الفرقة ثلاثة أنواع من الزار: مدح النبي، والتنبورة السودانية، الزار الصعيدي، وتقول أم سامح مسئولة الفريق-: بدأت العمل بمجال الزار منذ أنا كان عمري 11 سنة، فلقد تعلمت أصول المجال من عائلتي فأمي سودانية وأبي صعيدي، فهذه المهنة تورث ، وجمعت الفرقة منذ 14 عاما، واستطعنا أن نحقق نجاحا ملحوظا، ويحضر لنا جمهور من عرب وأجانب ومصريين بمختلف الأعمار،والزار ليس له علاقة بطرد العفاريت بالمرة، وليس لنا علاقة بالسحر والجن وكل هذه الأمور، فنحن فنانون نقدم ما يريح القلوب ويهدأ النفوس، وأخاف أن تندثر فرق الزار، فلا توجد أجيال تحمل المسيرة بعدنا، ولا توجد مدارس لتعليمه، و لم أجبر أولادي علي الدخول في ذلك المجال لأنه غير مضمون، لذلك فضلت أن يكملوا تعليمهم،ويحصلوا علي وظائف توفر لهم الأمن والاستقرار في مصدر الرزق.