لقد طال التمييز العنصري بين نصفي التفاحة- آدم وحواء- شتى مناحي العلاقات التفاعلية والتبادلية بينهم، وضرب الحب في مقتل، وسأخبرك- لاحقا- كيف- وكثيرا ما- تعرضنا نحن معشر الإناث لصنوف مختلفة من التمييز الجلي في بعض المهن مثلا أو الوظائف، ولا سيما في مجتمعنا الشرقي العقيم ، فلا نجد مثلا منصب رئيس حكومة تشغله امرأة، ولن أتطلع الى الأفق أكثر من هذا فأقول "حاكمة "، لأنني ممن يفضلون الحلم المقنن ويروقني المثل الشعبى " على قد لحافك مد رجليك "، فلا تبسطها كل البسط فتقعد محسورا مفعما بالإحباطات اللامتناهية، وإحقاقا للحق فإن الرجل تميز في مجالات عدة عن المرأة، ليصبح الطباخ أكثر شهرة ومهارة منها، بالإضافة إلى مهنة الكوافير، نجد أن مصففي الشعر من الذكور أكثر احترافا من النساء، وأيضا مصممي الأزياء والمجوهرات ...الخ . لكن ما يستوقفني هو "تذكير" المهن، فنقول: "الشيف " فلان أو فلانة ، "دكتور" فلان أو فلانة... وهلم جرة ، أما وأن تصبغ كلمات القلب بالصبغة الذكورية فهذا هو الأمر المستفز جدا ، فنسمع الشاب ينادي على الفتاة التي أحبها ب " حبيبي"، والأنكى من هذا أن غالبية الإناث تروق لهن هذه الكلمة، ولم يكن هذا تخمينا أو استنتاجا، وإنما نتيجة لاستطلاع رأي عينة عشوائية بسيطة من الفتيات، كانت ردودهن : بحب أسمع كلمة حبيبى أكثر من حبيبتى . وهذا بالطبع ما يفسر طلاسم الأغنية العربية أو الشعر في استخدام كلمة "حبيب" كناية عن المحبوب سواء كان ذكراً أو أنثى ، فنجد العندليب يؤكد " والله لسة حبيبي والله " بينما يدندن فريد الأطرش " ما انحرمش العمر منك يا حبيبي " ، وجاء عمرو دياب ليطلق كلماته " حبيبي يا مالك قلبي بالهوى " ثم يتساءل كاظم الساهر " ها حبيبي مو على بعضك أحسك " !! ولو توصلنا الى أن الثقافة الذكورية التي تجتاح العوالم الشرقية هي السبب في حالة ال " تذكير" تلك ، إلا أننا سنجد أنفسنا أمام علامة استفهام ضخمة، لماذا ترضى بها النساء، بل وتروقها أكثر من غيرها وتحلق عاليا في سماوات الحب وهي تتغنى بها؟ ورغما عن كوننا نعلم أن الحب مازال مسألة جدلية لا تخضع لمنطق الواقع أو لحساباته، ولابد وأن نصل الى تفسيرات مرضية – بعض الشيء- عن تلك الشيزوفرينيا الأنثوية التى تلفظ التمييز وتجاهر بذلك ولكنها تقبله ممن تحب ..فما السر وراء هذا الخنوع والخضوع أمام لعنات العشق؟ ورغم كل ما سبق، فإن ما يثير حنقى هو " ترخيص" الحب أكثر من تصنيفه، ليصبح معجمه اللغوي ومفرداته الباعثة على الحياة مجرد كلمات استهلاكية يستخدمها البعض لاختراق قلوب مساكين الهوى، على اعتبار أنه المفتاح السحري لأبواب الجسد المغلقة، وهنا تتلاشى المقولة القديمة: "من القلب للقلب رسول "، نتاجا للزحام والضجيج وأزمات المرور والزخم التكنولوجي المعاصر، قد تحول جميعها دون الوصول بين القلبين، وربما يسبق رسول آخر أكثر مهارة في اللغة الكمبيوترية، وأعمق خبرة في الاصطياد بالشبكات العنكبوتية !