تنسيق الشهادات الفنية 2025.. رابط التقديم لاختبارات معادلة كليات الحقوق وجدول الامتحانات    7 كليات وتخصصات جديدة.. تفاصيل المصروفات والتقديم بجامعة بورسعيد الأهلية 2025-2026    محللون اقتصاديون: توقعات متباينة لمعدل التضخم في يوليو وسط تأثيرات أسعار السجائر والسياسة النقدية    التصديري للملابس: 25% زيادة في صادرات القطاع بالنصف الأول من 2025    للمرة الثانية.. محافظ الدقهلية يفاجئ شركة المياه للتأكد من الاستجابة لشكاوى المواطنين    من بينها توفير الأسمدة الكيماوية.. الفشن الزراعية ببنى سويف تناقش توفير نواقص الزراعة للفلاحين    أسعار اللحوم بمحافظة مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. الضأن ب 450 جنيه    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة    إيران تطالب ترامب بتعويضات عن خسائر حرب ال12 يوما قبل استئناف مفاوضات النووي    لأول مرة.. وزير خارجية ألمانيا يتحدث عن إمكانية اعتراف بلاده بدولة فلسطين    ألمانيا تطالب ببدء عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية فورًا    بعد يوم واحد من زيارة الشيباني.. وزير الدفاع السوري يصل موسكو    عمرو ناصر: المنافسة في هجوم الزمالك صعبة    صفقة تبادلية تلوح في الأفق بين الزمالك والمصري    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص على طريق "دشلوط – الفرافرة"    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    مصدر بالسياحة والآثار ينفى تعرض لنش سياحى للغرق بمدينة الغردقة    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    إصابة عامل بحروق خطيرة إثر انفجار أسطوانة غاز داخل مطعم بقرية في الفيوم    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يبحث الاستعدادات لانطلاق امتحانات الدور الثانى    صرخة في سوق الرملة.. مشاجرة دامية تنتهي بمقتل فكهاني بالقليوبية    بالصور| أسامة منير وبشرى يشاركان في تشييع جنازة لطفي لبيب    محلل فلسطينى: من يشكك فى الدور المصرى فضحته مشاهد دخول شاحنات المساعدات إلى غزة    غدا.. قصور الثقافة تطلق الموسم الخامس من مهرجان صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    رد مثير من إمام عاشور بشأن أزمته مع الأهلي.. شوبير يكشف    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    «الطفولة والأمومة» يعقد اجتماع اللجنة التيسيرية للمبادرة الوطنية لتمكين الفتيات «دوَي»    فيديو.. طارق الشناوي ينعى لطفي لبيب: اقرأوا له الفاتحة وادعوا له بالجنة    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    مانشستر يونايتد يفوز على بورنموث برباعية    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    سعر الخضار والفواكه اليوم الخميس 31 يوليو 2025فى المنوفية    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    بعد الزلزال.. الحيتان تجنح ل شواطئ اليابان قبل وصول التسونامي (فيديو)    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يتحول الفيس بوك لصفحة وفيات .. تكون النتيجة : فوبيا الآخرة !
نشر في بوابة الشباب يوم 22 - 10 - 2015

توتر .. قلق .. مشاعر تائهة بين الرغبة فى الحياة والخوف المبكر من الرحيل، وساوس لا تتوقف تنذر بالمجهول، وشعور مستمر بضيق الحياة .. ابتسامة بلا طعم، وضحكة تائهة ترتسم على الشفاه دون أن تخرج من القلب.. شعور دائم بالانفصال عن العالم ورغبة داخلية فى التقوقع والخوف من الفرح .. زيادة فى معدل ضربات القلب واحمرار فى الوجه عند تذكر مشهد اقتراب النهاية .. عفوا عزيزى القارئ إنها "فوبيا الموت" .. ذلك المرض النفسى الذى أصبح ظاهرة خطيرة تعصف بالحالة الوجدانية للشباب .. المؤشرات العامة تؤكد أن الحقيقة صادمة للغاية حيث تكتظ صفحات التواصل الاجتماعى ببوستات وتعليقات تدور حول مشاعر الخوف من الموت، وتسببت بعض قصص الرحيل المبكر لبعض الشباب ومنهم "أحمد جبلى" فى زيادة معدلات هذا المرض .. سوداوية هذه الظاهرة لم تمنعنا من الاقتراب منها بشكل علمى هادئ من خلال خبراء علم النفس والاجتماع والتنمية البشرية والعقيدة الإسلامية .. الهدف هو تشريح الظاهرة ومعرفة أسبابها والأخذ بيد الشباب البائس المصاب بهذا النوع من القلق للبحث عن علاج من هذه العقدة .. والآن إليكم التفاصيل:
- مؤشرات خطيرة تؤكد سيطرة مخاوف الموت على الشباب فى سن مبكرة
- الأعراض: توتر وقلق وعصبية وزيادة فى معدل ضربات القلب عند تذكر إحساس الموت!
- شهداء الثورة وحادث وفاة أحمد جبلى تسببت فى زيادة معدلات الخوف من الرحيل المفاجىء
- خبراء التنمية البشرية ينصحون بتجنب نشرات الأخبار والفيس بوك ومشاهد الدم!
- الدكتورة عزة كريم: سكان القبور هم الأقل عرضة للإصابة!
- الدكتورة آمنة نصير: الخطاب الديني أحد الأسباب ومطلوب ترغيب العباد فى الدنيا!
تحقيق: محمد شعبان – ميادة حافظ
قلق الموت
فى البداية نشر الدكتور أحمد محمد عبد الخالق، أستاذ علم النفس، دراسة شاملة حول "فوبيا الموت" فى كتاب شامل صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة بعنوان "قلق الموت" وتضمن الكتاب تحليلا علميا وشاملا لأعراض هذا المرض النفسي، حيث أشارت مقدمة هذا الكتاب إلى معلومات فى غاية الأهمية، منها مثلا أن الموت لم يعد قضية غيبية وإنما يخضع للدراسة فى إطار علم كامل يسمى علم "الموت والاحتضار" وهناك تخصصات تهتم بدراسة الموت منها: الطب والتمريض، والصحة العامة، والعلوم الاجتماعية والسلوكية، وعلى الأخص علم النفس، وعلم الاجتماع، والقانون، فضلا عن الدين والفلسفة.. وفي العقود الأخيرة ظهر علم دراسة الموت والاحتضار Thanatology، وتطور هذا العلم حتى أصبح مقررا دراسيا في الجامعات، كما نشرت فيه مراجع كثيرة، وأصبح الموت مجالا جيدا للدراسة والبحث!
ومن بين الموضوعات التي يتم دراستها فى إطار هذا العلم ما يسمى بقلق الموت، هذا إلى جانب دراسة أسباب الوفاة، والتي مازالت أمراض القلب والسرطان من أهمها، على الرغم من زيادة معدلات الأعمار في العالم كله، ففي الولايات المتحدة مثلا بلغت الزيادة 28 عاما خلال الأعوام الخمسة والسبعين الأخيرة، وارتفع متوسط العمر فى العالم من 47 عاما في سنة 1900 إلى 75 عاما في نهاية السبعينيات..
ويضع الكتاب تعريفا شاملا لفوبيا الموت بأنها لا تشير- بشكل تقليدي- إلى خوف محدد ولكنها نوع من القلق العام الطليق والذي يتركز حول موضوعات وأوهام ومخاوف متصلة بالموت والاحتضار لدى الشخص.. وهو حالة انفعالية غير سارة يعجل بها تأمل الفرد في وفاته، وقلق الموت يتضمن استجابة انفعالية لمشاعر ذاتية من عدم السرور والانشغال تعتمد على تأمل أو توقع أي مظهر من المظاهر العديدة المرتبطة بالموت".
وتشير الدراسة إلى أن أعراض هذا المرض تتمثل فى التفكير الدائم فى الرحيل وتوقعه والشعور بتأكد قرب النهاية نظرا لتكرار مشهد الوفاة أمام المريض، لهذا يدخل المصابون بهذا المرض خاصة من فئة الشباب فى حالة انشغال دائم وتوتر عصبى وحزن داخلى وافتقاد الرغبة فى الاقدام على أى تجربة جديدة وافتقاد الشعور بجمال الحياة، إلى جانب تزايد معدلات الضغط العصبى والخوف والوساوس السوداء. ويتحول هذا الخوف مع الوقت لقوة تدميرية ومع تزايد معدلاته يجب أن يخضع المريض لعلاج سلوكى!
.
شعور مخيف
وتجد هذه الظاهرة صدى واسعا لدى الشباب، خاصة مع تكرار حالات كثيرة أحدثت صخبا وجللا على شبكات التواصل الاجتماعى كان آخرها وأبرزها الشاب الراحل أحمد جبلى الذى وافته المنية فجأة إثر حادث بسيط وكان كثيرا ما يتوقع الرحيل وزار قبره قبل وفاته، وحالات أخرى كثيرة هذا إلى جانب ما ينشره مرتادو موقع التواصل الاجتماعى عن أصدقائهم الراحلين فى عمر الشباب، وتثير كلمات النعى عادة المئات من التعليقات واللايكات..
لذلك حرصنا أن نستطلع آراء عدد من الشباب عن سيطرة مشاعر الموت .. "الموت هو الحقيقة الوحيدة فى الحياة " ..بهذه الكلمات بدأ أحمد عاصم 30 سنة "مهندس ميكانيكا "حديثه معنا حيث أكد أن الموت ليس بعيدا عن أحد فأعمارنا مكتوبة عند الله، ومهما طال العمر فلابد من دخول القبر، وبالتالى يتعامل أحمد مع الحياه على أنها مرحلة مؤقتة ستنتهى حتما، لكن المشكلة فى المشاعر المخيفة والتفكير المستمر فى الرحيل، والشعور بان النهاية قريبة، وهذا الشعور نابع من كثرة قصص الموت المبكر دون سبب!
وتشاركه فى الرأى منى عبد العزيز 23 سنة "ليسانس آداب فلسفة " والتى تؤكد أنها بعد أحداث ثورة 25 يناير وسقوط الكثير من الشهداء أصبح الموت أمرا متكررا أو مألوفا، وبالتالى أصبحت تتعامل مع الحياه بطريقة مختلفة، وكانت مشاهد الثورة مؤسفة وتسببت فى مقتل الكثير من الشباب ولهذا كانت صورهم محزنة وغرست فيهم الخوف من هذا المصير، أيضا حالة عدم الاستقرار وأعداد القتلى الرهيبة على الحدود وفى الدول القريبة التى تشهد أزمات وثورات وما تبثه قنوات التليفزيون من أخبار سوداوية حول حصيلة القتلى كل يوم .. كل هذا بلاشك يصيب الشباب بحالة من الخوف والاحساس بأن الموت يحيط بالإنسان من كل جانب حيث لم يعد هناك شيء مبهج فى هذه الدنيا المليئة بالصراعات الدامية.
وتوضح رنا رفعت 28 سنة "صيدلانية" أنها كانت تتعامل مع الحياه بتفاؤل وسعادة إلى أن توفى والدها منذ 3 سنوات، ومنذ ذلك الحين أصبحت تنظر إلى الحياه بشكل آخر، فلم يعد للحياة طعم بل أصبحت تنتظر الموت لتلحق بوالدها، وهذا الشعور للأسف تحول لقلق مستمر ودائم وتتمحور أعراضه فى الاحساس بقرب النهاية ويحدث ما يشبه الربط بين حياتها وحياة الآخرين التى انتهت.
أما ميرال فوزى 31 سنة "بكالوريوس هندسة مدنى" فتقول إنها لم تنشغل بالموت على الإطلاق طوال عمرها إلا بعد تعاقب الثورات وأحداث العنف على مصر ووفاة الكثير من الشباب، فمنذ أن اعتدنا سماع أخبار عن سقوط الشهداء بشكل شبه يومى أصبح الموت قريبا جدا. أيضا الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى جعلتنا نعيش فى مأساة مع كل من يفقد عزيز له، حيث تحول الفيس بوك لصفحة وفيات يومية ويتفنن الشباب فى عرض المأسي التى يتعرضون لها ومن ثم تتسبب هذه الحالة فى شيوع شعور عام بأن الموت يحاصرنا جميعا.
وتشير إيمان نبيل 29 سنة "طبيبة أمراض جلدية "إلى أنها بعد وفاة صديقتها منذ عدة أشهر أصبحت تنظر إلى الموت على أنه ليس شرا، بل تشعر بأنه راحة من هموم ومشاكل الدنيا، خاصة أن الغالبية العظمى من الشباب الذى يموت يكون من النماذج التى يحتذى به، ويمكن التعامل معها على أنها قدوة لغيرها. فلم تعد تخشى الموت بل أصبحت متصالحة مع ذاتها.
علاج نفسي ودوائي
ظاهرة فوبيا الموت تجد صدى واسعا لدى أطباء وعلماء النفس من المهتمين بدراسة القلق .. حيث يقول د.محمود غلاب أستاذ علم النفس بكلية الآداب، جامعة القاهرة : صغار السن والمراهقون هم الأكثر خوفا من الموت لأن المراهق يعانى فى هذه المرحلة من تزايد الاضطرابات الفكرية بمعنى أن مشاعره تتسم بالتقلب وسهولة التأثر، لذلك من الممكن أن يتأثر بأى تجربة موت مرت عليه أو أى حادثة قد وقعت أمامه، مما يجعل تأثره بها أضعاف تأثر الرجل الناضج بمراحل، وبالتالى يصيبه بحالة من الذعر الشديد من الموت وفكرته، بل يخاف من مجرد التفكير فى الأمر بأكمله، ويرجع هذا إلى أن تجارب المراهق عادة ما تكون محدودة ولا تتسم بالنضج كما يجب أن يكون، كما أن آراء من حوله تؤثر فيه كثيرا لذلك يتأثر كثيرا بالقصص والروايات والأفلام التى يراها وما تحويه من أحداث دموية وقصص الحياة والموت، أما الشخص الناضج فيمر بكثير من التجارب التى تجعله أكثر تقبلا للواقع والقدر .
ويشير غلاب إلى أن الشاب فى هذه المرحلة قد يعانى من حالة نفسية ما بسبب تعرضه لحادث شاهده بعينه مثلا أو مر به أو عاشه، وهنا تصبح الحالة مرضية ويجب علاجها لدى طبيب مختص ليحاول حل الأزمة وعلاجه بأسلوب الإسترخاء مما يخلص المريض من هذه الأزمة ومن شدة الذعر من فكرة الوفاة والموت .
وحول الآلية التى يتم من خلالها التعامل مع من يعانون "فوبيا الموت" من الناحية النفسية، يؤكد د.محمد عبد الفتاح، إستشارى الطب النفسى، أن التعامل مع هذه الحالات يتحدد وفقا للأسباب التى أدت إلى شعور الشخص بهذه الفوبيا، فكل من يعانى فوبيا معينة بالتأكيد نجد أنه مر بتجارب وضعته فى هذه الحالة. ويضيف: أن مرضى الفوبيا يحتاجون إلى العلاج الدوائى جنبا إلى جنب مع العلاج النفسى حتى يتم شفاؤهم تماما .
ويذكر عبد الفتاح أن الكثير من الشباب يفكرون كثيرا فى الموت بل ويتمناه بعضهم نتيجة لضغوط الحياة والمصاعب التى يتعرضون لها، بالإضافة إلى أن من يعانون البطالة والفقر والمرض والإدمان هم الأكثر رغبة فى الموت وهؤلاء أيضا يحتاجون إلى علاج، لأن الوضع الطبيعى للإنسان المتزن هو أن يتقبل فكرة الموت دون أن يزيد الأمر عن حده .
سكان القبور
تغيرات عديدة طرأت على مجتمعنا مؤخرا تسببت فى شيوع حالة من القلق الدائم لدى الشباب، وتطورت درجات القلق لتتحول إلى فوبيا شاملة من الحياة نفسها .. حول هذه التغيرات الاجتماعية وأثرها فى زيادة قلق الموت د.عزة كريم أستاذة علم الاجتماع، بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية تقول: من المنطقى ألا يفكر الشباب كثيرا فى الموت، لأنه من المعتاد أن سن الشباب هى سن القوة والعطاء والطموحات وتحقيق الأحلام، لكن الأوضاع التى نعيشها هى التى جعلت الكثير من الشباب فى الفترة الأخيرة أكثر تقبلا للموت، خاصة بعد أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث عنف وسقوط شهداء من الشباب بشكل يومى، وبالتالى أصبح الشباب يفكر فى الموت خاصة إذا توفى أحد أقاربه أو أحد من أصدقائه ممن هم فى نفس عمره وبالتالى أصبح الموت قريبا من أى شاب، ولم تعد فكرة الموت أو المعرضين للموت قاصرة على "كبار السن " .
وتشير كريم إلى أن تقبل الموت يجعل الإنسان أكثر شجاعة فعندما ينتشر الموت لا نخاف منه ولا برهبته، والدليل على ذلك أن سكان القبور هم أكثر من يتقبلون فكرة الموت ولا يشعرون بأى خوف منه لأنهم يتعاملون يوميا مع الموتى ويفتحون المقابر وبالتالى أصبح الأمر مألوفا بالنسبة لهم . لكن الأسوأ فى الأمر هو عندما يفقد الموت رهبته تماما فيمكن للإنسان أن يسلك سلوكا خاطئا يوصله للموت وهو لا يخافه على الإطلاق، مثل الإنضمام إلى الجماعات الإرهابية والمجاذفة والجرأة فى مواجهة الموت وعدم الإكتراث به والإستعداد للموت دفاعا عن القضايا التى يتبناها أو يؤمن بها.
الموت بالإيحاء!
فى مجال التنمية البشرية هناك دائما دعوة للأمل والرغبة فى الحياة لذلك يجد البعض أن كورسات التفاؤل قد تفيد فى علاج مرضى القلق ، حيث يؤكد أحمد مصطفى، خبير تنمية بشرية، أن الاحساس بالموت المبكر يعصف بالشباب بشكل مخيف، هذا الشعور ازداد بعد الثورة وساهمت مواقع التواصل الاجتماعى فى تعميق هذا الإحساس السلبى لدى قطاعات واسعة من صغار السن والشباب، حيث يحدث ما يسمى ب "الموت الإيحاء" فعادة يتخيل الشاب أنه سيتعرض لنفس ما حدث لزميله أو صديقه أو شخص مقرب منه، ويقوم بشكل لا إرادى بالربط بين حادث الوفاة الذي يسمع عنه وبين ذاته ويتسلل لديه شعور بأنه هو الآخر عمره قصير وأنه سيموت قريبا.. هذا الموت بالإيحاء الذى يسمى أيضا "فوبيا الموت" يتم التعامل معه عن طريق تغيير أسلوب الحياة وإشاعة جو من الرغبة فى الحياة والاستمتاع بكل دقيقة بها.. أيضا التأكيد دائما قوة الإرادة خاصة فى كافة الأمراض النفسية التى يتعرض لها الإنسان فالإرادة هو الدواء المناسب لهذه الحالات. أيضا يتطلب الأمر دائما الإيمان بقضاء الله وقدره وهناك حكمة بأن الله سبحانه وتعالى أخفى عنا العمر حتى نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا، وفى كورسات التنمية البشرية نركز على هذه الجوانب بشكل مكثف بحيث نخلق سمات شخصية لدى كل إنسان لتكون أشبه بالمناعة التى تحميه من الأفكار السلبية.
وينصح خبراء التنمية البشرية عادة بالابتعاد عن الفيس بوك وتجنب متابعة قنوات الأخبار والبعد عن الصدمات، والتفكير فى الموت بشكل إيمانى وتقبل فكرته على أنها أمر مسلم به وأخيرا الاستعداد له بالقرب من الله سبحانه وتعالى.
خطاب الآخرة
تحظى فكرة الموت باهتمام خاص لدى خطباء المساجد حيث لاتكاد تخلو خطبة من التذكير بالرحيل عن الدنيا .. ما دفع الكثير من علماء الدين المستنيرين للترغيب فى الدين والحياة خاصة فى ظل شيوع حالة من القلق والنفور من الخطاب الدينى .. فى هذا الإطار تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الخوف من الموت أصبح بالفعل ظاهرة ملحوظة بين الشباب وصغار السن، لكن هذا الشعور فى الأصل هو شعور طبيعى، لأن أى إنسان يميل بحكم الفطرة للخوف من الرحيل إلى عالم آخر لا يعرف ما وضعه فيه، وكيف سيعيش به وهل سيحيا حياة منعمة أم حياة أخرى كلها مشقة وحساب، إذن هذا الشعور الإنسانى يصيب الشاب دائما بحالة من الرعب الداخلي ويزيد من هذه الحالة كثرة تعرضه لأحداث وفاة لأشخاص يعرفهم أو فى مثل عمره، لكن المشكلة التى أود الإشارة إليها هنا تتمثل فى الخطاب الدينى الذي يساهم مع الأسف فى إذكاء هذه الروح السلبية، خاصة فى المساجد وفى البرامج الدينية حيث يكون دائما هناك طرح لهذه القضية ولكن ليس بشكل إيمانى، ففى الفترة الماضية مثلا أثاروا قضية عذاب القبر وتفننوا فى الحديث حوله ولكنهم لم يتحدثوا عن نعيم القبر ودائما ما نقول فى الفقه "عذاب القبر ونعيمه" لكننا نتذكر عذابه وننسى نعيمه، مثل هذه الدعوات للأسف تخلق حالة من الجفوة من الآخرة ومن الموت لأن الخطاب الدينى يساهم بشكل كبير فى تعزيز هذه الروح.
وتضيف نصير: أن الخطاب الدينى فى الديانات الأخرى يحمل البهجة والاحتفالات وبه اناشيد جميلة تشيع إحساسا بالراحة والفرحة لكن الخطاب الدينى لدينا به خشونة وغلظة ويلعب على وتر الترهيب من الموت ومن القبر ولا يحمل طابع الترغيب فى الدين، علما بأن لقاء الله أمر جميل بشرط العمل الصالح خاصة أن الدنيا لم تعد مغرية وما عند الله هو الأفضل، ولهذا يجب أن يشعر الشباب بهذا الإحساس وأن نحببهم فى لقاء الله سبحانه وتعالى من خلال الإعلام ومن خلال المساجد بحيث يكون الدافع هو العمل والبعد عن الفحش فى القول والفعل.
وتذكر أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية أن حل هذه الظاهرة من الناحية الدينية يكمن إذن فى تحسين لغة الخطاب الديني المرعبة والتى تصيب الشباب بحالة من الخوف تصل للمرض النفسى فى أحيان كثيرة وأن نساهم فى درجة الإقبال على الدين وإزالة حواجز الرهبة من الآخرة ومن عذاب القبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.