" المواعظ والاعتبار بذکر الخطط والآثار " .. أو المشهور عند عشاق قراءة التاريخ ب " الخطط المقريزية " لمؤلفه تقي الدين المقريزي ، توقفت فيه عند أصل كلمة " مصر " والرواية التي سردها تقول: إن سيدنا نوح- عليه السلام- عندما جاء الطوفان وركب السفينة وطاف الأرض كان كلما مر علي بلدة خرجت إليه الملائكة الذين يتولون حراستها فيلقون عليه السلام ، ولما مر علي مصر لم يخرج إليه أحد فتعجب سيدنا نوح من ذلك .. فنزل عليه الوحي من الله تعالي: ( لا تعجب يا نبي الله، فإن كل بلد جعلتُ لها ملائكة تحرسها إلا مصر، فإني توليت بنفسي حراستها )، ولما انتهي الطوفان واستقرت سفينة نوح علي الأرض، قال له حفيده: لقد آمنت بك يا جدي، ولم يؤمن بك أبي، فادعُ لي دعوة أسعد بها ، فقال نبي الله: اللهم إنه آمن بي فأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد، والتي نهرُها أفضل أنهار الدنيا، وهكذا – حسب القصة - عرفت مصر ب " أم الدنيا " بسبب هذه الدعوة وسميت باسم حفيد سيدنا نوح " مصرايم " ابن حام بن نوح، والذي يعتبر " أبو المصريين " ، فتزوج وتكاثر أبناؤه وازداد عددهم، وبنوا مدينة سموها " نافة " والتى عرفت فيما بعد ب " منف" ، وقطعوا الصخور وبنوا المعالم والبيوت الكبيرة وشيدوا حضارة.. وبعد سنوات تم تتويج مصرايم ملكاً علي البلاد، وعاش 700 عام، وتقول الرواية: إنه عندما حضرته الوفاة دفنه أبناؤه بطريقة تشبه تماماً ما فعله الفراعنة من بعدهم، حيث أوصاهم بأن يضعوا في قبره كل ما يملكه من ذهب وفضة ومرمر وأشياء ثمينة، والحكاية غالباً أعجبتكم .. لكن الأمانة تحتم علي مصارحتكم بأنني بحثت في بعض كتب التفاسير والتاريخ الإسلامي، فلم أجد أصلاً لكثير مما يقوله.. ويبدو أنه اعتمد كثيراً علي حكايات متوارثة من أساطير قديمة أو تفاسير لنصوص خاصة بأديان وحضارات سابقة، أو ربما أن مصر مكتوب عليها منذ أيام سيدنا نوح ألا يكتب تاريخها إلا المنتصرون فقط .. وهكذا شاء سلاطين المماليك وقتها، خاصة أن المجلد – علي الأقل في نسخته التى وصلتني - لم يذكر لنا المصدر المعتبر لهذه القصص .. فقط قبل كل حكاية يضع كلمة " قيل " ..و بالمناسبة ، كان يشير لأهل " مصرايم " الأوائل الذين قاموا بتعمير مصر بأنهم " الجبارون " الذي كانوا بارعين في السحر وترويض الحيوانات المفترسة، وختاماً.. روى الإمام أحمد أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال : سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم ، وفي رواية المقريزي أن مصرايم قال لجده نوح: " لقد آمنت بك يا جدي ولم يؤمن بك أبي "، رغم أن مصرايم والده هو حام.. بينما الذي لم يؤمن هو الابن الرابع لسيدنا نوح " كنعان " .. وهو الذى لجأ إلى الجبل ليعصمه من الماء فكان من المغرقين، ولم يكن له أبناء أصلاً، والسؤال لعلماء الدين: هل لو أنكرت القصة كلها لأن عقلي لا يقبلها أُصبحُ آثماً ؟ بالمناسبة .. هل كان " الكردي" صلاح الدين الأيوبي أو " الألباني" محمد علي يعرفون معني " مصر" .. أم يعرفون قيمة " مصر" ؟