سيدة مصرية أصيلة .. شاعرة متميزة عامية و فصحى .. رغم عمق كلماتها التي تصيب في معظم الأوقات الهدف، وتنطلق لتستقر في الصميم، نجد تعبيراتها قريبة من كل مصري بسيط .. في عالم الشعر أبدعت، وناضلت، وعارضت بكلمات من نور .. انتقدت الكثير من الموضوعات الاجتماعية .. إلا أن انتقاداتها السياسية كانت أكثر حدة وأكثر وضوحا .. كلامنا عن الشاعرة الساخرة إيمان بكري التى تفتح قلبها لصفحة "على سبيل الأدب" وتكشف عن إبداعاتها الشعرية في السطور التالية .. البدايات كانت مزيجا من تدريس اللغة العربية والموسيقى والغناء ، حدثينا أكثر عن بداياتك؟ قبل التدريس كنت مهتمة كثيرا بالعديد من الهوايات التي بدأت من مرحلة الطفولة بممارسة عزف الموسيقى والغناء والتمثيل، ثم بدأت مشوار حياتي الفعلى كمدرسة لغة عربية، ووصلت إلى مدرس أول في هذه اللغة التي أعشقها بمدرسة شبرا، و كان أسلوبي في تدريس اللغة العربية مميزا وملفتا للنظر جدا، لدرجة أن الطلبة كانوا يعشقون هذه المادة، وبجانب التدريس كنت مسئولة النشاط الأدبي والفني في المدرسة، وأذكر أن امتحانات اللغة العربية التي كنت أجريها كانت معروفة بأنها تتم بدون مراقب على الطلبة؛ لأنني وصلت معهم لدرجة حب اللغة و ليس حفظها وترديدها دون فهم و استمتاع. متى قررتِ ترك التدريس والتفرغ للشعر، وهل كان قرارا سهلا ؟ أثناء ممارستى للتدريس لم أترك كتابة الشعر يوما، والقرار جاء بالصدفة، حيث تواجد وزير التربية والتعليم في المدرسة التي كنت أدرس بها وسمع شعري وأعجب به جدا، وسألني: هل تريدين أي شىء أساعدك به؟ فطلبت منه دون تردد نقلي لوزارة الثقافة؛ نظرا لشغفى بالشعر وعدم توافر وقت كاف لعمل أو حضور ندوات؛ بسبب عملى كمدرسة ، كان قرارا حاسما بالنسبة لي ولم يكن به أي صعوبة . والدك كان له أثر كبير في حبك للشعر .. حدثينا عن هذا الأثر ؟ جاء حبي للشعر أولا بتأثرى بأبي؛ لأنه كان محاميا مرموقا، وكان بليغا جدا في اللغة العربية، وكان يحثنا علي البحث في القواميس عن معنى الكلمات، وكان يعطينا مصطلحات في موضوعات الإنشاء لنحفظها عن ظهر قلب؛ كي نستخدمها حينما نريد التعبير عن أنفسنا، ولتكوين حصيلة لغوية لدينا، وبعد وفاته " انكسرت " وتعرضت لأزمة نفسية كبيرة وهذا الأمر جعل زوجي يدعمنى ويحاول انتشالي من أحزاني فجمع أشعاري وأخذ المال الذي كنا ندخره للزمن وذهب إلى روزا ليوسف دون علمي، وطبع الديوان وفاجأني؛ كي يخرجني من هذه الأزمة وطلب منى أن أنطلق في هذا المجال. الخط "الساخر العامي" الذي تميزتِ به في الشعر .. هل أثر على المدارس الشعرية الأخرى؟ تميزت فعلا في هذا النوع من الشعر؛ لأنه كان قريبا من البسطاء وعبر عنهم وعن مشاعرهم، فأنا أكتب لكل الناس، وكان حلم حياتي دائما أن يصل شعري إلى العامة .. واللهجة العامية دائما ما تكون قريبة إلى الناس ، فالناس عندما يحبون شاعرا يتقبلون منه كل شيء، وقد بدأت بكتابة الفصحى والعامية معا، وكتبت الشعر الغنائي أولا، ثم اتجهت إلى شعر العامية بعدما التحمت بالناس، ولكنني لم أترك يوما شعر الفصحى، خاصة أنني عاشقة لشعر المهجر الذي يتميز بالرومانسية ويخاطب العقل و الوجدان. هذه التربية أثرت كثيرا في جرأتك فى تناول الموضوعات .. هل سببت لكِ أي مشاكل؟ لا أنكر أنني في البداية كنت متكلفة وأنا أكتب، ونصحنى زوجي وبعض النقاد بأن أنطلق وألا أتكلف ولا أخاف، وطبعا سببت الجرأة العديد من المشاكل لي و لزوجي، منها خروجه على المعاش مبكرا رغم أنه كان ضابط شرطة متفانيا في عمله، وكان يعلم أن أشعارى التي تنتقد النظام كانت تتسبب في العديد من المشاكل التي يتعرض لها رحمه الله، إلا أنه كان يقول لي: إن هناك المئات من ضباط الشرطة، لكن لا يوجد إلا شاعرة واحدة، وكان معتزا و فخورا جدا بي. هل تتذكرين أول قصيدة أثارت جدلا وانتشرت سريعا؟ هناك العديد من القصائد التي وجدت صدى كبيرا ومنها " بحبك يا حمار" التي كانت تقول: بيقولوا في مطرب مكار بيغنى بحبك يا حمار الواد دا وصولى وكداب ومنافق وكمان معّار واشمعنا لوحده اللى يحبك كلنا بنحبك يا حمار دا لأنك فعلا متفاهم ومبرطع فينا ومش فاهم وأيضا من القصائد التي وجدت رد فعل كبير "ديك أبوهم اسمه إيه" و كنت أقول فيها: يا صديقى ليه بتسأل ديك أبوهم اسمه إيه هما غاروا بديك أبوهم ديك أبونا إحنا إيه ؟ اللى علمنا الغباوة فى التفاهم والحوار واللى وقفنا فى مفارق نفسنا ناخد قرار ديك أبوهم كان صريح فى التبجح والفساد ديك أبونا كان مريح فى المهاودة والسكات