كل سنة من أكتر من كذا الف سنة..واحنا المصريين طيبين ..وشقيانين ..وراضيين وكبيرنا فى كل أزمة شوية غضب وكثيرا من البكائيات ..وبعد شوية يتقلب الحال للتنكيت على نفس الأزمة..وعلي انفسنا..ويحتار اللى يرصد حالتنا.. ده شعب غاوى نكد..ولا غاوى نكت ..؟؟؟ حالة المصريين فى تغلبهم او تكيفهم مع أزماتهم حاله متفردة..يمكن تكون بسبب طبيعة وجود النيل فى مصر واللى خلق فى جينات المصريين الاستقرار واحساس الآمان..!! ماهو المصرى مش مستنى الدنيا تمطر علشان يشرب ولا يزرع..ولا هو بيرتحل ورا آبار الماء ليروى ظمأه...وطبيعة الزراعة إنها محتاجة على الأقل لشهور من السكون .. يلبد الفلاح جنب الزرع ويراعيه يوم بيوم ..كأنه بيراعى طفل مولود لحد ما يشتد العود... يمكن دى من العوامل اللى خلقت فى طبيعة المصريين الإستقرار والتغلب على أى أزمة طارئة تهدد هذا الإستقرار إما بالمواجهة والانتهاء منها..وإما بتجاوزها حتى ولو بعدم ايجاد حل لها.. وقد توائم الشعب مع بعض أزماته لدرجة تتخيل معها أحيانا إن الأزمات إعتادت على عدم الحلول..!! ...بل بلغ من من تفرد تلك الصفة إن المصريين نقلوها الى غير المصريين .. أو زى ما قال المثل الشعبى : تيجى تصيده ..يصيدك.. فامعظم من انقضوا على مصر بغرض إحتلالها..أصابتهم عدوى الإستقرار..وذابو فيها وتأثروا بحياة المصريين.. واطلقوا على انفسهم أسماء مصريه .. فمثلا فى الحملة الفرنسية على مصر كان هناك الجنرال "جاك مينو " و الذي تقلد منصب القائد كليبر بعد اغتياله وقد كان قبلها صاري عسكر مدينة رشيد المصرية .. وتحول أسمه الى "عبد اللّه مينو" بعدما أعتنق الإسلام وتزوج من زبيدة بنت محمد البواب الذى كان من كبار اعيان رشيد ..هناك أيضا "سليمان باشا الفرنساوى" المولود بمدينة ليون بفرنسا والذى أتى الى مصر هو الآخر غازيا وانتهى به المقام كقائد عام للجيش المصري في عهد الخديوى عباس ..ومازال أحد أهم شوارع القاهرة يحمل إسمه ..ويتادوله العامه حتى بعد تغييره إلى شارع طلعت حرب.. لكن تلك الأيام يكمن الخوف الحقيقى فيما بعد حدوث الأزمات فقد اختلف الشعب المصرى عن قبل فلم يعد يزرع..ولم يعد يستقر.. وما عاد النيل يروى احتياجه. وكذلك خبراته بالحياة اختلفت باختلاف طبيعة الحياة وسرعة التواصل وتعدد الاتجاهات.. وما أسفر عنه الإنفجار الأخير أتى على عكس حسابات وضعت بمنطق مرتكبى هذا الغدر..حيث خططوا لزعزعة استقراره بتقليب مواطنيه ضد بعضهم .. وحدثت معجزة جعلت الشعب يتقارب بدلا من ان يتشتت ... ولكن مازال الخوف الحقيقى يأتى من الانفجار النفسى الذى يعقب الانفجار البارودى فربما كان المصريين من قبل متفقين على أن هناك حدود بينهم تُحترم ولا يصح تجاوزها ... وأتى الغريب وفجّر تلك الحدود فى ليلة كان يحتفل بها كل طوائفه على السواء... فهل يا ترى صنع الإنفجار فجوة أم أزاح حاجزا..؟؟ هذا ما سيستدعى منا أن ندرب أنفسنا على أن نكون كل سنة واحنا واعيين.. ومتفاهمين ومتفقين على إن مصر واستقرارها ليسوا رهنا بالزراعه او بالنيل.. وانما استقرار مصر مرهون بوعى أبنائها بمن هو يريد تفتيتها فى أصعب نقطه للنيل منها ..