غضب وخروج عن النص وشتائم وتكسير عظام ومدرجات وأحداث شغب .. مشاهد متكررة لمشجعي الفرق الجماهيرية فى مصر ، وأصبح المشهد معتاداً لدرجة أنه يمر بدون محاسبة ، ولكن يبق السؤال : من هو المسئول عن تجاوزات هذه الجماهير .. وعلي من يقع الجزاء ؟!. هذه الظاهرة متعددة الأطراف .. والاتهام موجه فيها لجمهور المشجعين وتحديدا الألتراس ، ولذلك بدأنا مع كريم محمد وهو أحد مؤسسي الألتراس الأهلاوي والذي قال : غضبنا وعصبيتنا تنتج عن الطريقة التي نتعامل بها من خلال الأمن والتدخل في كل شيء بداية من الهتافات التي نرددها ، فهم يقولون لنا " قولوا كذا ولا تقولوا كذا " ونحن من حقنا التعبير عن حبنا أو غضبنا من فريقنا بالشكل الذي نراه , لكن بصراحة السبب الأول وراء ما نقوم به هم اللاعبون لأنهم العنصر الأول الذي يثير غضبنا .. وفي المباراة الأخيرة أمام الإسماعيلي نحن تعرضنا للضرب وتكسير للأتوبيسات والسيارات من جماهير الإسماعيلي وبالتالي كان من حقنا أن نعبر عن غضبنا بالطريقة موازية والتي نراها مناسبة لأنهم دفعونا لهذه الدرجة من الغضب والعنف والهتاف ضدهم ، وللأسف الجميع لا يشاهد سوي النتيجة الأخيرة ويقولون الألتراس السبب في كذا وكذا ولكنهم لم يبحثون أصلا عن الأسباب التي تدفعنا للعنف ، وعندما نقوم بخلع كرسي من المدرجات ونضرب به وذلك لأننا لا نجد سوي هذه الطريقة للدفاع عن أنفسنا ..فنحن لا نفتعل الشغب من تلقاء أنفسنا وكثرة العقوبات أو حرماننا من مشاهدة المباريات تجعلنا أكثر عنفا وندية في كل مرة ، فنحن لا نخشى أحداً ولا أعتقد أن تشجيع فريق كرة هو تهمة يعاقب عليها القانون .. أما أحمد عادل أحد الأعضاء المؤسسين والمتحدث الرسمي باسم ألتراس وايت نايت الزمالكاوي فيقول : دائما نحن في موضع اتهام ولكن الأحداث التي تصدر منا بسبب كثرة التفتيش والمعاملة السيئة التي نلقاها سواء من الأمن أو من جماهير الأندية الأخرى .. ولكن من الطبيعي عندما يعتدي علينا أن ندافع عن نفسنا بنفس الطريقة ومش هنقول الله يسامحهم ونمشي ، ورغم أن اتحاد الكرة غالبا ما يحرمنا من حضور مباراة أو توقيع غرامة علي النادي ولكن السبب الحقيقي ليس فينا .. ولكن فيما يحدث لنا قبل المباراة من استفزاز . وفى تصريح خاص لبوابة الشباب .. يقول الكابتن إبراهيم حسن المدرب العام لفريق الزمالك : نحن كجهاز فني دائما ما نطالب الجماهير بالالتزام والاتزان ..لكن الجمهور يريد المكسب دائما وأحيانا يغضب بما يؤثر علي أداء الفريق إذا سب لاعباً معيناً ..خاصة وأنه يوجد من بين اللاعبين من يفقد أعصابه بسرعة ولا يستطيع التعامل معها, ولكن أنا وحسام قبل كل مباراة نقعد مع اللاعبين ونطالبهم بعدم الالتفات للاستفزاز سواء من لاعبي الفرق الأخرى أو من جماهيرهم فى أثناء المباراة ، والجمهور دائما يريد الفوز ويشجع بعصبية ويريد نتائج جيدة بغض النظر عن أي شيء .. والجهاز الفني ليست له علاقة بما يحدث في المدرجات ..وعصبية الجهاز علي اللاعبين في توجيهم أثناء المباراة ما هي إلا لصالح الفريق ولإسعاد هذا الجمهور الذي يكون دائما متحفز ويريد الفوز بأي شكل من الأشكال. ## وقد قام الدكتور فتحي الشرقاوي أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس بدراسة عن التعصب الرياضي .. وعندما سألناه عن خلاصة ما توصل إليه رد قائلاً : الشعب المصري يعشق الانتماء والتشجيع لكرة القدم .. إلا أنه لم يكن بهذه الصورة علي الإطلاق من قبل وكان التشجيع رغم حماسته لم يتخذ هذه الصورة العدائية, ولكن يرجع أساس التعصب والانفعالات الزائدة في المدرجات عقب كل مباراة للأندية الكبرى لعدة أسباب ..أولا هناك تعصب ضد الخصم يعني أنا أهلاوي أتعصب ضد الخصم الزمالك أو الإسماعيلي ويكون أما التعصب بسبب الفخر والإحساس بالذات في حاله الفوز والانتصار أو بالمهانة والإحباط في حالة الهزيمة بما يولد طاقة من الغضب لدي المتعصبين بما يؤدي إلي استخدام أساليب لتبرير الهزيمة ، ومن هنا تأتي القدرة العدائية ضد مشجعي الفرق الأخرى, تبرير الهزيمة ببعض المصطلحات بأن الأرض تلعب مع صاحبها أو لسوء التحكيم وهذه الجمل الشائعة ونادرا ما نجد متعصبا يرجع الهزيمة لعدم الكفاءة حتى يظل محتفظا بوجاهة الذات ، وحالة التعصب عادة ما تبدأ بحالة إحباط لدي فرد واحد وتنتش كالعدوي هذه العدائية ويعبرون عنها في صورة عنيفة وذلك نتيجة للاهتمام الزائد بالكرة والضغط الإعلامي والأمور الحياتية فكلها عوامل مؤثرة تنعكس في صورة عنف وضرب وخناقات بين المشجعين والتي عادة ما تبدأ بالهتافات وتنتهي بالتحطيب والتكسير مثلما شاهدنا من قبل من تحطيم للإستاد ولبعض الأندية أو الاعتداء علي الجماهير , وهذه المشاهد المتكررة عادة ما تأتي من جانب أشخاص فارغين داخليا وليس لديهم أي طموحات مهنية أو ذاتية ويقومون بتحويل الإحباطات الشخصية الخاصة بهم ويقومون بتفريغها في مجرد مباراة كرة قدم وتسمي بظاهرة التفريغ الانفعالي في موضوعات بديلة لا تتعلق بالموضوع الأصلي وأحيانا ما يكون التعصب والانقلاب علي جماعة الانتماء ذاتها مثلما حدث من مشجعي الأهلي بمطالبتهم لإقالة البدري وعندما فشل في تحقيق رغباتهم بالفوز قامت الجماهير بالهتاف ضد مدرب الفريق بعنف بدلا من التركيز مع الفريق وتشجيعه. ## أما الدكتور صلاح رسلان أستاذ علم الاجتماع والفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة فيضيف قائلا: المشجع المصري يحتاج إلي إعادة تأهيل لسلوكه لغياب القيم لديه , وتزايد حدة العنف بدأ يأخذ منحني خطيرأً في هذا المجتمع بما ينذر عن ما هو أسوأ في ظل تكرار هذه الظاهرة التي أصبحت متوقعة عقب كل مباراة والتي لم توجد زمان بهذا القدر من الحدة والعنف رغم التفاف الناس أكتر في السبعينات والثمانينات حول كرة القدم لأنها كانت وسيلة الترفية الوحيدة بخلاف اليوم حيث وسائل الترفية متعددة ..إلا أنها لم تكن بهذه القسوة والرعونة ويجب أن تتخذ المسألة علي محمل الجد ولا تكتفي الحكومة بمجرد العقاب المؤقت والمسكنات المتمثلة في الحبس والغرامات والخروج بكفالة للمشجعين الخارجين عن النص ، ولكن من دورها أيضا أن تقدم حملات توعيه للجمهور وليس فقط لإرشادهم عن بوابات الدخول فقط وأماكن بيع التذاكر وهذه الحملات من دورها أن تخلق روحاً من التسامح والاستمتاع بجو الكرة والمنافسة ، وعلينا أن نتعلم من الدول الأوربية كيفية الاستمتاع والتشجيع المحترم .. ويعلق المستشار عادل الشوربجي رئيس لجنة الانضباط بإتحاد الكرة قائلا :هذا الموضوع شائك جدا ولكن لجنة الانضباط لا تمر عليها شكوى من أي جهة سواء من النادي أو روابط المشجعين أو من أي جهة إلا ويتم التحقيق فيها , والعقوبات في هذه الحالة متعددة وفقا لنوع الجرم والاعتداء الذي وقع .. وتبدأ العقوبات بالغرامة علي النادي الذي ينتمي إليه المشجعون المشاغبون مرورا إلي حرمان الفريق باللعب علي أرضه .. وتعتبر أقصى عقوبة هى هبوط النادي إلي فرق الدرجة الثانية ولكنها لم تحدث من قبل لأن ما يحدث مجرد أمور عادية في كل مكان .. ولجنة الانضباط للأسف ليس لها مراقبون فى أثناء المباراة لرصد كل ما يحدث من أمور خارجة سواء من الجمهور أو من اللاعبين ، ولكن هناك مراقبين أحداهما من لجنة المسابقات والآخر من لجنة الحكام ..