الترجي يخسر من فلامنجو في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية    ماكرون يعلن عن عرض أمريكي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    موعد مباراة الأهلي القادمة أمام بالميراس في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    «غاضب ولا يبتسم».. أول ظهور ل تريزيجيه بعد عقوبة الأهلي القاسية (صور)    ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية ب بني سويف 2025 يقترب (خطوات الاستعلام رسميًا)    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    فاروق حسني يروي القصة الكاملة لميلاد المتحف المصري الكبير.. ويكشف رد فعل مبارك    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    مشروعات قوانين بالكونجرس الأميركي لمنع الانخراط في حرب مع إيران    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    «ريبيرو السبب».. شوبير يُفجر مفجأة بشأن أزمة «تسخين» أشرف بن شرقي    أمطار ورياح اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    تشكيل بروسيا دورتموند المتوقع أمام فلومنينسي في كأس العالم للأندية    تفاصيل العملية الجراحية لإمام عاشور وفترة غيابه    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    أسعار الخضار والبطاطس ب الأسواق اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 17 يونيو بالصاغة    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    «إسرائيل انخدعت وضربتها».. إيران: صنعنا أهدافا عسكرية مزيفة للتمويه    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المواطنين بالإكراه ببولاق أبو العلا اليوم    العثور على جثة مسنّة متحللة داخل شقتها في الزقازيق    حرب إسرائيل وإيران.. البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    تركى آل الشيخ يزور الزعيم عادل إمام ويعلق: بصحة جيدة وشربت عنده أحلى كوباية شاى    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    أخبار 24 ساعة.. الوزراء: الحكومة ملتزمة بعدم رفع أسعار الوقود حتى أكتوبر    النحاس: زيزو منحنا انطباع أنه لن يستمر في الملعب أكثر من 60 دقيقة    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    مسئول بالغرف التجارية: التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على أسعار الغذاء.. والمخزون الاستراتيجي مطمئن    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية الثانية للنظام الجديد والاقتصاد والاحصاء القديم.. اليوم    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    محافظ الإسماعيلية يتفقد مستشفى القنطرة شرق المركزي والمركز التكنولوجي (صور)    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يدشنان القافلة الطبية المتكاملة بمنشأة سلطان    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عيدها الثمانين.. ماذا يعرف الشباب عن الإذاعة المصرية؟
نشر في بوابة الشباب يوم 01 - 06 - 2014

تعتبر الإذاعة حول العالم ثورة في عالم الاتصال، ويعتبر الراديو نتيجة طبيعية للدراسات التي قام بها رواد أوائل في مجالات متعددة تبدأ باكتشاف طبيعة الكهرباء والقدرة علي توليدها والتحكم فيها واستخدامها في تشغيل الآلات علي يد مجموعة من العلماء كفولتا وامبير، ثم اختراع التلغراف الكهربائي علي يد شارل ويتسون وصامويل مورس عام 1835، وجراهام بل وابتكاره التليفون عام 1876، وغيرهم.
وتبدأ قصة الراديو فعليا في عام 1865عندما تنبأ العالم البريطاني ماكسويل بوجود الموجات الكهرومغناطيسية، ثم أثبت العالم الأماني هرتز بعد عشرين عاما صحة نظرية ماكسويل، وحفزت هذه النتائج مخترعا إيطاليا شابا هو ماركوني في عام 1894 ليجري تجاربه على الاستخدام العلمي للموجات الكهرومغناطيسية، مستفيدا من تجارب العلماء الذين سبقوه، حتى نحج في 1895 في إرسال أول إشارات لا سلكية عن طريق الراديو اللاسلكي، ثم رحل ماركوني عن إيطاليا التي لم تعر اختراعه اهتماما إلي بريطانيا بأجهزة البث الإذاعي التي اخترعها ليسجل براءة الاختراع هناك، ثم قام بتأسيس شركة للاتصالات السلكية واللاسلكية سماها باسمه، بهدف تقديم خدمة جديدة لتبادل البرقيات لاسلكيا في وقت لم تكن الإذاعة الصوتية فيه في بال أحد، وفي 1901 استمع ماركوني لأول إشارة يبعث بها عبر المحيط الأطلنطي لمسافة تزيد على ألفي ميل من محطة كورنوول بانجلترا إلى لسان جون في نيو فاوند لاند بأمريكا الشمالية، وأعلنت الصحف حول العالم هذا الحدث ورحبت بالفتح العلمي الجديد. ثم توالت التطورات التي لحقت بالبث الإذاعي على يد مجموعة كبيرة من العلماء، إلا أن الراديو لم يصبح حقيقة واقعة إلا عام 1920، عندما تمكن العالم الأمريكي فرانك كونراد من تشغيل أول محطة تليفون للهواة، ثم بدأت أول محطة منتظمة في الولايات المتحدة الأمريكية في 31أغسطس 1920 سميت 8MK في مدينة ديترويت، كما خضعت الإذاعة بعد ذلك إلي عدة تطورات تقنية علي مستوى أجهزة الإرسال والاستقبال في أكثر من بلد أوروبي وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وكذلك روسيا واليابان.
نشأة الإذاعة في مصر:
كانت مصر أول دولة عربية تعرف الإذاعة الرسمية الناطقة بالعربية في عام 1934، حيث سبقتها إذاعات في الجزائر والمغرب ولكنها كانت ناطقة بالفرنسية والإسبانية، وقد مرت الإذاعة المصرية بخمس مراحل رئيسية هي مرحلة الإذاعات الأهلية، ثم مرحلة الإذاعة المصرية الحكومية في عهد شركة ماركوني، ثم مرحلة تمصير الإذاعة، ثم مرحلة الإذاعة خلال ثورة يوليو 1952، ثم مرحلة الشبكات الإذاعية.
وفي مرحلة الإذاعات الأهلية، عرفت مصر محطات الراديو في عشرينات القرن العشرين علي شكل محطات أهلية تجارية، ويختلف المؤرخون حول تاريخ بداية هذه المحطات، فمنهم من يقول أنها بدأت في عام 1923 بمحطة (راديو القاهرة)، ومنهم من يرجعها إلي المهندس المصري حبشي جرجس الذي أطلق محطة (راديو مصر الملكية) في عام 1924، ومنهم من يرجعها إلى فريد قطري الذي أنشأ محطة (فريد) في عام 1929، ويرجعها المؤرخ الكبير يونان لبيب رزق إلى عام 1925 ، ويرجعها آخرون إلي أعوام 1926 و 1930 و 1931، ولكن مما لا خلاف عليه هو أن الإذاعة عرفت في مصر قبل عام 1926 بدليل صدور مرسوم ملكي في 10 مايو 1926 يحدد الشروط الواجب توافرها لاستخراج التراخيص العامة باستخدام الأجهزة اللاسلكية طبقا للاتفاقيات الدولية، وقد كان بعض هذه المحطات الأهلية يغلق بعد فتحها بفترة قصيرة أو يتم دمجه مع محطة أخرى، وقد بلغ عدد هذه المحطات الأهلية عند إغلاقها 11 محطة.
وقد قامت هذه المحطات بوظائف الإخبار والتوجيه والإرشاد والتسلية والإمتاع والإعلان، وامتازت بعدة سمات منها أنها كانت ملكا لبعض الأفراد، وكان أصحابها من تجار أجهزة الراديو والأجهزة الكهربائية الذين يستهدفون إلي ترويج بضاعتهم، وكانت تتركز في القاهرة والإسكندرية، وكانت ضعيفة فنيا وماديا، وكان أغلبها مقام في غرفة أو شقة علي الأكثر، وكانت تقدم مواد إذاعية وفقا لرغبة مستمعيها، واعتمدت في تمويلها على الإعلانات التجارية واشتراكات المستمعين فيها، وقد عابها أن معظم برامجها كانت ترفيهية ومنخفضة المستوى، كانت أحيانا تهاجم بعضها البعض بأسلوب يبتعد عن قواعد الذوق السليم.
ثم بدأت المرحلة الثانية "الإذاعة المصرية الحكومية في عهد شركة ماركوني" في 21 يوليو 1932 عندما قررت الحكومة المصرية إنشاء محطة رسمية لها تحل محل هذه المحطات وتولت عملية الإنشاء شركة ماركوني البريطانية، أما المحطات الأهلية فقد اعترض أصحابها على القرار واجتمعوا بوزير المواصلات وطالبوا الحكومة بالتصريح بإنشاء محطتين أهليتين واحدة في القاهرة والأخرى في الإسكندرية إلي جانب المحطة الحكومية مع وضعهما تحت الرقابة الحكومية ودفع تأمين مالي لهما، ولكن الحكومة رفضت ذلك، فقاضاها أصحاب المحطات الأهلية، ولكنها مضت في خطتها، وأصدرت مرسوما لأصحاب المحطات الأهلية تنذرهم بالتوقف عن البث ابتداء من 29 مايو 1934، ثم افتتحت المحطة الرسمية في 31 مايو 1934 الذي صار بمثابة "عيد الإذاعة المصرية".
وكانت الحكومة المصرية قد وافقت في سبتمبر 1932 علي منح شركة ماركوني البريطانية حق إنشاء محطة إذاعية يكون 55% من أسهمها ملك للمصريين، وقد اختارت وزارة المواصلات المصرية شركة ماركوني تحديدا لما لها من فضل كبير في تقدم العلوم اللاسلكية، والخبرة الواسعة التي اكتسبتها من إنشاء محطات الإذاعة حول العالم، وبدأت الشركة في بناء أول محطة إرسال لاسلكية في نوفمبر 1932، والتقطت مراكز الاستقبال في لندن وباريس وروما وفلسطين الإرسال المصري بوضوح، وكان للإذاعة المصرية سنة 1934 محطتان للإرسال، وكانت الإرسال يتم باللغات العربية والفرنسية والانجليزية ، وكان عدد الاستوديوهات اثنين ، ارتفع إلى ستة قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952.
وبدأ البث في أول يوم بصوت أحمد سالم أول مذيع بالإذاعة المصرية، ثم بالقرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، ثم كلمتي وزير المواصلات ورئيس اللجنة العليا للبرامج، ثم قطعة موسيقية، فمونولوج فكاهي، ثم أغنيات لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وصالح عبد الحي وفتحية أحمد، وقد قدمت الإذاعة المصرية خدماتها عبر محطتين رئيسيتين هما البرنامج الرئيسي والبرنامج الأوروبي المحلي.
وقد خضعت الإذاعة المصرية للإشراف المشترك بين شركة ماركوني البريطانية ووزارة المواصلات المصرية حتى أغسطس 1939 حيث صدر مرسوم ملكي بإنشاء وزارة الشئون الاجتماعية وألحقت بها إدارة الإذاعة المصرية.
وقامت الإذاعة بوظائف الإخبار، على الرغم من عدم تضمن العقد المبرم بين شركة ماركوني والحكومة المصرية أيه إشارة إلي إذاعة الأخبار، والاقتصار فقط علي مواد التعليم والترفيه، إلا أن الإذاعة بثت أول نشرة أخبار لها في 3 يونيو 1934، كما عزز اندلاع الحرب العالمية الثانية من أداء الإذاعة للوظيفة الإخبارية، حيث زاد عدد نشرات الأخبار إلي خمس نشرات يوميا ، نقلت البلاغات العسكرية وخطابات تشرشل رئيس الوزراء البريطاني، وتحليلات إخبارية لكبار مثقفي ذلك العصر كطه حسين وعباس العقاد وغيرهم.
كما لعبت الإذاعة دورا توجيهيا وإرشاديا أسهم في تشكيل الرأي العام المصري، بتبنيها للقضايا العربية كالدعوة لتكوين جامعة الدول العربية، وبإذاعتها لحوارات طه حسين وعباس العقاد وفكري أباظة وسهير القلماوي وغيرهم من كبار مفكري هذا العصر في وقت تصارعت فيه الرؤي الفكرية حول انتهاج المسار الديني الإسلامي بكل ما فيه، أو الرجوع للحضارة المصرية القديمة واستلهامها، أو الأخذ بأساليب الحضارة الغربية الحديثة.
وأدت الإذاعة إلي جانب ما سبق الوظيفة الترفيهية، حيث أسهمت في تطوير الأغنية من حيث الشكل والمضمون، وابتعدت بها عن الإسفاف والابتذال، وقدمت عددا من المطربين كعبد العزيز محمود وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وكذلك قدمت المونولوج الفكاهي والأوبريت الغنائي والغناء الأوبرالي، والحفلات الغنائية من خارج دار الإذاعة المصرية، والمسلسلات الإذاعية، وبرامج المرأة والأطفال والعمال والفلاحين، وعرفت البرنامج الخاص والبرنامج التسجيلي والأناشيد الدينية والمدائح النبوية والقرآن الكريم.
أما عن تمويل الإذاعة فقد فرض مرسوم ملكي على أجهزة الاستقبال دفع رسم سنوي، وضمنت الحكومة لشركة ماركوني مبلغ 60 ألف جنيه في السنة كحد أدنى من الأرباح، وفي عام 1944 انتهى عقد الحكومة المصرية مع شركة ماركوني، فعقدتا عقدا جديدا ينتهي في 1949.
ثم تلا ذلك المرحلة الثالثة التي شهدت تمصير الإذاعة، فقد أدت معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا إلي اشتراك مصر في الحرب العالمية الثانية، وتعمدت الإذاعة تحت سيطرة الشركة البريطانية إشعار المصريين أن الحرب حربهم، عبر سيطرة رئيسة الأخبار الأجنبية علي تحرير الأخبار، وتدخل السفير البريطاني في برامج الإذاعة، كان هذا في وقت توترت فيه علاقة مصر ببريطانيا بسب عدم جلائها عن قناة السويس، واضطرار مصر إلي شكواها في مجلس الأمن، وهنا قررت وزارتا المواصلات والشئون الاجتماعية المصريتين طلب الرأي من مجلس الدولة، الذي أشار بإمكانية فسخ العقد المبرم مع الشركة البريطانية مقابل تعويضها عن أرباحها في الفترة المتبقية من العقد، ودفع مرتب مديرها آنذاك، وهو ما تم في 4 مارس 1947، حيث أنشئت لها إدارة مستقلة يُشرف عليها مجلس أعلى يمثل عدة وزارات ومصالح حكومية، وبذلك زالت السيطرة البريطانية على هذا المرفق الخطير، وبعدها تعزز استقلال الإذاعة ومصريتها بعدة قرارات ومراسيم إدارية متوالية، وأنشئت إدارة الإذاعة اللاسلكية المصرية وأُلحقت بوزارة الشئون الاجتماعية.
وبعدها انشغلت الإذاعة المصرية منذ ذلك الحين بقضايا الاستعمار والجلاء، ونقلت جلسات مجلس الأمن حول القضية المصرية مترجمة إلى العربية، واهتمت بإذاعة نشرات الأخبار، واشتركت في أهم وكالات الأنباء العالمية، وفجرت مشاعر العروبة لدى الشعب المصري، ونقلت أخبار تقدم الجيش المصري في حرب فلسطين، وكلمة شيخ الأزهر التي حث فيها الجنود على القتال، ومظاهرات الجماهير وأعمال الفدائيين ضد الإنجليز في منطقة القناة بعد إلغاء معاهدة 1936، وكذلك حريق القاهرة 1952، حتى قيام ثورة يوليو 1952 ، هذا كله إلي جانب البرامج الثقافية والتعليمية والترفيهية.
أما في المرحلة الرابعة، مرحلة الإذاعة خلال ثورة يوليو 1952، فقد أحسن مجلس قيادة الثورة استخدام الإذاعة لتحقيق أهداف الثورة، وأدرك دورها الفاعل في إطار منظومة الإعلام في خدمة الخطط القومية للدولة، ودورها في توجيه الرأي العام المصري والعربي والأفريقي، والدعاية لتوجهاتها الفكرية والسياسية، فمن ميكروفون الإذاعة المصرية عرف الشعب المصري أن حركة من الجيش قد قامت لتطيح بالنظام الملكي، ولتضع حدا للفساد الذي استشرى في البلاد، وسمع العالم كله البكباشي محمد أنور السادات يتلو بيان الثورة الأول، وتوالت علي الإذاعة بيانات مجلس قيادة الثورة وأخبارها، مرورا بشرح قوانين الإصلاح الزراعي 1952، ثم قيام الجمهورية 1953، وتوقيع اتفاقية الجلاء 1954، وتعبئة الشعور الوطني خلال العدوان الثلاثي 1956، ومعارك التحرير العربية والأفريقية، كما تعرضت محطة البث في أبي زعبل للقصف خلال العدوان الثلاثي عام 1956.
وفي نوفمبر 1952 أنشئت وزارة الإرشاد القومي فضمت الإذاعة إليها، ثم انتقل الإشراف عليها إلى رئاسة الجمهورية عام 1958، بعد توحيد الإذاعة المصرية والمديرية العامة للإذاعة السورية في مؤسسة واحدة أطلق عليها إذاعة الجمهورية العربية المتحدة، وفى اكتوبر1963 ضُمت هيئة الإذاعة إلى وزارة الثقافة والإرشاد.
وفى سنة 1953 صدر قانون فرض رسما موحدا قدرها 130 قرشا عن كل جهاز لاستقبال الإذاعة، حتى إلغاؤه عام 1968.
وقد شهدت الإذاعة تطورا في عهد حكم ثورة يوليو، حيث بدأت في البث عبر الموجه القصيرة، وبقوة إرسال 140 كيلو وات، كما تعددت خدماتها الإذاعية لتشمل البرنامج العام، والبرنامج الأوروبي، وركن السودان، وصوت العرب، والإذاعات الموجهة إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا، والإسكندرية المحلية، البرنامج الثاني، ومع الشعب، وفلسطين، والشرق الأوسط، والقرآن الكريم، والبرنامج الموسيقي، والشباب، وأم كلثوم.
وأخيرا جاءت المرحلة الخامسة وهي مرحلة "الشبكات الإذاعية"، ففي عام 1971 صدر القرار الجمهوري بإنشاء هيئة تسمي (اتحاد الإذاعة والتلفزيون)، تتبع وزير الإعلام، وفي يوليو 1978 افتتحت المحطة الأرضية النمطية للاتصال بالأقمار الصناعية وتوفرت لهذه المحطة 132 دائرة بين القاهرة ومراكز العالم المهمة في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والكويت، والتي يمكن الاتصال منها بكافة دول العالم.
وفي أول أبريل 1981 استحدث نظام الشبكات الإذاعية في مصر، بحيث يتم تثبيت مؤشر الراديو على موجه واحدة لا تتغير ووضع الإذاعات المتماثلة والمتكاملة في رسالتها على موجة واحدة بحيث لا يتوه المستمع مع المؤشر المتنقل بين موجات عديدة أثناء البحث عن إذاعة معينة، وبالتالي تمثل الشبكة كيانا مستقلا وتستهدف في أدائها نوعية من الجماهير المتجانسة اجتماعيا وثقافيا، وقد تحددت الشبكات بسبع شبكات هي الشبكة الرئيسية (البرنامج العام)، وشبكة المحليات (الشعب، القاهرة الكبرى، الإسكندرية المحلية، شمال الصعيد، شمال سيناء، جنوب سيناء، القناة)، والشبكة الثقافية (البرنامج الأوروبي، البرنامج الثاني، البرنامج الموسيقى)، وشبكة القرآن الكريم، والشبكة التجارية (إذاعة الشرق الأوسط)، وشبكة صوت العرب (صوت العرب، فلسطين، وادي النيل)، شبكة الشباب والرياضة، وشبكة الإذاعات الموجهة، وشبكة الإذاعات المتخصصة، وبذلك فهي إما تقدم خدمة متشابهة من حيث نوعية المضمون أو تغطي منطقة جغرافية معينة.
وفي 18 مايو 1985 وفي إطار عنايتها بالمغتربين المصريين، افتتحت الإذاعة المصرية برنامجا عربيا جديدا موجه إلي إلي المغتربين المصريين والعرب في استراليا لمدة ساعة يوميا.
ولاتزال عمليات التطوير والتحديث في الإذاعة المصرية مستمرة.
مراجع
1) حسن علي محمد. مقدمة في الفنون الإذاعية والسمعبصرية (القاهرة: الدار العربية للنشر والتوزيع، 2009).
2) حسني نصر. مقدمة في الاتصال الجماهيري:المداخل والوسائل. ط1 (الكويت: مكتبة الفلاح، 2001).
3) خليل صابات وجمال عبد العظيم. وسائل الاتصال:نشأتها وتطورها، ط9 (القاهرة: الأنجلو المصرية، 2001).
4) عاطف عدلي العبد ونهي عاطف العبد. وسائل الإعلام: نشأتها تطورها وآفاقها المستقبلية، ط1 (القاهرة: دار الفكر العربي، 2006).
5) ماجي الحلواني.الإذاعات العربية. ط1 (القاهرة: دار الفكر العربي، 1982).
6) ماجي الحلواني وعاطف العبد. الأنظمة الإذاعية في الدول العربية (القاهرة: دار الفكر العربي، 1987).
7) ماجي الحلواني وآخرون. مقدمة في وسائل الاتصال. ط1 (جدة: مكتبة الصباح، 1989).
8) ماجي الحلواني. مدخل إلى الفن الإذاعي والتليفزيوني والفضائي (القاهرة: عالم الكتب، 2005).
9) مصطفي حميد كاظم الطائي. التقنيات الإذاعية والتلفازية وأهميتها التطبيقية في التعليم والتعلم. ط1 (الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2007).
10) هبة شاهين. وسائل الاتصال في مصر:النشأة والتطور وآفاق المستقبل، ط1 (القاهرة: دار العالم العربي، 2011).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.