تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عيدها الثمانين.. ماذا يعرف الشباب عن الإذاعة المصرية؟
نشر في بوابة الشباب يوم 01 - 06 - 2014

تعتبر الإذاعة حول العالم ثورة في عالم الاتصال، ويعتبر الراديو نتيجة طبيعية للدراسات التي قام بها رواد أوائل في مجالات متعددة تبدأ باكتشاف طبيعة الكهرباء والقدرة علي توليدها والتحكم فيها واستخدامها في تشغيل الآلات علي يد مجموعة من العلماء كفولتا وامبير، ثم اختراع التلغراف الكهربائي علي يد شارل ويتسون وصامويل مورس عام 1835، وجراهام بل وابتكاره التليفون عام 1876، وغيرهم.
وتبدأ قصة الراديو فعليا في عام 1865عندما تنبأ العالم البريطاني ماكسويل بوجود الموجات الكهرومغناطيسية، ثم أثبت العالم الأماني هرتز بعد عشرين عاما صحة نظرية ماكسويل، وحفزت هذه النتائج مخترعا إيطاليا شابا هو ماركوني في عام 1894 ليجري تجاربه على الاستخدام العلمي للموجات الكهرومغناطيسية، مستفيدا من تجارب العلماء الذين سبقوه، حتى نحج في 1895 في إرسال أول إشارات لا سلكية عن طريق الراديو اللاسلكي، ثم رحل ماركوني عن إيطاليا التي لم تعر اختراعه اهتماما إلي بريطانيا بأجهزة البث الإذاعي التي اخترعها ليسجل براءة الاختراع هناك، ثم قام بتأسيس شركة للاتصالات السلكية واللاسلكية سماها باسمه، بهدف تقديم خدمة جديدة لتبادل البرقيات لاسلكيا في وقت لم تكن الإذاعة الصوتية فيه في بال أحد، وفي 1901 استمع ماركوني لأول إشارة يبعث بها عبر المحيط الأطلنطي لمسافة تزيد على ألفي ميل من محطة كورنوول بانجلترا إلى لسان جون في نيو فاوند لاند بأمريكا الشمالية، وأعلنت الصحف حول العالم هذا الحدث ورحبت بالفتح العلمي الجديد. ثم توالت التطورات التي لحقت بالبث الإذاعي على يد مجموعة كبيرة من العلماء، إلا أن الراديو لم يصبح حقيقة واقعة إلا عام 1920، عندما تمكن العالم الأمريكي فرانك كونراد من تشغيل أول محطة تليفون للهواة، ثم بدأت أول محطة منتظمة في الولايات المتحدة الأمريكية في 31أغسطس 1920 سميت 8MK في مدينة ديترويت، كما خضعت الإذاعة بعد ذلك إلي عدة تطورات تقنية علي مستوى أجهزة الإرسال والاستقبال في أكثر من بلد أوروبي وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وكذلك روسيا واليابان.
نشأة الإذاعة في مصر:
كانت مصر أول دولة عربية تعرف الإذاعة الرسمية الناطقة بالعربية في عام 1934، حيث سبقتها إذاعات في الجزائر والمغرب ولكنها كانت ناطقة بالفرنسية والإسبانية، وقد مرت الإذاعة المصرية بخمس مراحل رئيسية هي مرحلة الإذاعات الأهلية، ثم مرحلة الإذاعة المصرية الحكومية في عهد شركة ماركوني، ثم مرحلة تمصير الإذاعة، ثم مرحلة الإذاعة خلال ثورة يوليو 1952، ثم مرحلة الشبكات الإذاعية.
وفي مرحلة الإذاعات الأهلية، عرفت مصر محطات الراديو في عشرينات القرن العشرين علي شكل محطات أهلية تجارية، ويختلف المؤرخون حول تاريخ بداية هذه المحطات، فمنهم من يقول أنها بدأت في عام 1923 بمحطة (راديو القاهرة)، ومنهم من يرجعها إلي المهندس المصري حبشي جرجس الذي أطلق محطة (راديو مصر الملكية) في عام 1924، ومنهم من يرجعها إلى فريد قطري الذي أنشأ محطة (فريد) في عام 1929، ويرجعها المؤرخ الكبير يونان لبيب رزق إلى عام 1925 ، ويرجعها آخرون إلي أعوام 1926 و 1930 و 1931، ولكن مما لا خلاف عليه هو أن الإذاعة عرفت في مصر قبل عام 1926 بدليل صدور مرسوم ملكي في 10 مايو 1926 يحدد الشروط الواجب توافرها لاستخراج التراخيص العامة باستخدام الأجهزة اللاسلكية طبقا للاتفاقيات الدولية، وقد كان بعض هذه المحطات الأهلية يغلق بعد فتحها بفترة قصيرة أو يتم دمجه مع محطة أخرى، وقد بلغ عدد هذه المحطات الأهلية عند إغلاقها 11 محطة.
وقد قامت هذه المحطات بوظائف الإخبار والتوجيه والإرشاد والتسلية والإمتاع والإعلان، وامتازت بعدة سمات منها أنها كانت ملكا لبعض الأفراد، وكان أصحابها من تجار أجهزة الراديو والأجهزة الكهربائية الذين يستهدفون إلي ترويج بضاعتهم، وكانت تتركز في القاهرة والإسكندرية، وكانت ضعيفة فنيا وماديا، وكان أغلبها مقام في غرفة أو شقة علي الأكثر، وكانت تقدم مواد إذاعية وفقا لرغبة مستمعيها، واعتمدت في تمويلها على الإعلانات التجارية واشتراكات المستمعين فيها، وقد عابها أن معظم برامجها كانت ترفيهية ومنخفضة المستوى، كانت أحيانا تهاجم بعضها البعض بأسلوب يبتعد عن قواعد الذوق السليم.
ثم بدأت المرحلة الثانية "الإذاعة المصرية الحكومية في عهد شركة ماركوني" في 21 يوليو 1932 عندما قررت الحكومة المصرية إنشاء محطة رسمية لها تحل محل هذه المحطات وتولت عملية الإنشاء شركة ماركوني البريطانية، أما المحطات الأهلية فقد اعترض أصحابها على القرار واجتمعوا بوزير المواصلات وطالبوا الحكومة بالتصريح بإنشاء محطتين أهليتين واحدة في القاهرة والأخرى في الإسكندرية إلي جانب المحطة الحكومية مع وضعهما تحت الرقابة الحكومية ودفع تأمين مالي لهما، ولكن الحكومة رفضت ذلك، فقاضاها أصحاب المحطات الأهلية، ولكنها مضت في خطتها، وأصدرت مرسوما لأصحاب المحطات الأهلية تنذرهم بالتوقف عن البث ابتداء من 29 مايو 1934، ثم افتتحت المحطة الرسمية في 31 مايو 1934 الذي صار بمثابة "عيد الإذاعة المصرية".
وكانت الحكومة المصرية قد وافقت في سبتمبر 1932 علي منح شركة ماركوني البريطانية حق إنشاء محطة إذاعية يكون 55% من أسهمها ملك للمصريين، وقد اختارت وزارة المواصلات المصرية شركة ماركوني تحديدا لما لها من فضل كبير في تقدم العلوم اللاسلكية، والخبرة الواسعة التي اكتسبتها من إنشاء محطات الإذاعة حول العالم، وبدأت الشركة في بناء أول محطة إرسال لاسلكية في نوفمبر 1932، والتقطت مراكز الاستقبال في لندن وباريس وروما وفلسطين الإرسال المصري بوضوح، وكان للإذاعة المصرية سنة 1934 محطتان للإرسال، وكانت الإرسال يتم باللغات العربية والفرنسية والانجليزية ، وكان عدد الاستوديوهات اثنين ، ارتفع إلى ستة قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952.
وبدأ البث في أول يوم بصوت أحمد سالم أول مذيع بالإذاعة المصرية، ثم بالقرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، ثم كلمتي وزير المواصلات ورئيس اللجنة العليا للبرامج، ثم قطعة موسيقية، فمونولوج فكاهي، ثم أغنيات لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وصالح عبد الحي وفتحية أحمد، وقد قدمت الإذاعة المصرية خدماتها عبر محطتين رئيسيتين هما البرنامج الرئيسي والبرنامج الأوروبي المحلي.
وقد خضعت الإذاعة المصرية للإشراف المشترك بين شركة ماركوني البريطانية ووزارة المواصلات المصرية حتى أغسطس 1939 حيث صدر مرسوم ملكي بإنشاء وزارة الشئون الاجتماعية وألحقت بها إدارة الإذاعة المصرية.
وقامت الإذاعة بوظائف الإخبار، على الرغم من عدم تضمن العقد المبرم بين شركة ماركوني والحكومة المصرية أيه إشارة إلي إذاعة الأخبار، والاقتصار فقط علي مواد التعليم والترفيه، إلا أن الإذاعة بثت أول نشرة أخبار لها في 3 يونيو 1934، كما عزز اندلاع الحرب العالمية الثانية من أداء الإذاعة للوظيفة الإخبارية، حيث زاد عدد نشرات الأخبار إلي خمس نشرات يوميا ، نقلت البلاغات العسكرية وخطابات تشرشل رئيس الوزراء البريطاني، وتحليلات إخبارية لكبار مثقفي ذلك العصر كطه حسين وعباس العقاد وغيرهم.
كما لعبت الإذاعة دورا توجيهيا وإرشاديا أسهم في تشكيل الرأي العام المصري، بتبنيها للقضايا العربية كالدعوة لتكوين جامعة الدول العربية، وبإذاعتها لحوارات طه حسين وعباس العقاد وفكري أباظة وسهير القلماوي وغيرهم من كبار مفكري هذا العصر في وقت تصارعت فيه الرؤي الفكرية حول انتهاج المسار الديني الإسلامي بكل ما فيه، أو الرجوع للحضارة المصرية القديمة واستلهامها، أو الأخذ بأساليب الحضارة الغربية الحديثة.
وأدت الإذاعة إلي جانب ما سبق الوظيفة الترفيهية، حيث أسهمت في تطوير الأغنية من حيث الشكل والمضمون، وابتعدت بها عن الإسفاف والابتذال، وقدمت عددا من المطربين كعبد العزيز محمود وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وكذلك قدمت المونولوج الفكاهي والأوبريت الغنائي والغناء الأوبرالي، والحفلات الغنائية من خارج دار الإذاعة المصرية، والمسلسلات الإذاعية، وبرامج المرأة والأطفال والعمال والفلاحين، وعرفت البرنامج الخاص والبرنامج التسجيلي والأناشيد الدينية والمدائح النبوية والقرآن الكريم.
أما عن تمويل الإذاعة فقد فرض مرسوم ملكي على أجهزة الاستقبال دفع رسم سنوي، وضمنت الحكومة لشركة ماركوني مبلغ 60 ألف جنيه في السنة كحد أدنى من الأرباح، وفي عام 1944 انتهى عقد الحكومة المصرية مع شركة ماركوني، فعقدتا عقدا جديدا ينتهي في 1949.
ثم تلا ذلك المرحلة الثالثة التي شهدت تمصير الإذاعة، فقد أدت معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا إلي اشتراك مصر في الحرب العالمية الثانية، وتعمدت الإذاعة تحت سيطرة الشركة البريطانية إشعار المصريين أن الحرب حربهم، عبر سيطرة رئيسة الأخبار الأجنبية علي تحرير الأخبار، وتدخل السفير البريطاني في برامج الإذاعة، كان هذا في وقت توترت فيه علاقة مصر ببريطانيا بسب عدم جلائها عن قناة السويس، واضطرار مصر إلي شكواها في مجلس الأمن، وهنا قررت وزارتا المواصلات والشئون الاجتماعية المصريتين طلب الرأي من مجلس الدولة، الذي أشار بإمكانية فسخ العقد المبرم مع الشركة البريطانية مقابل تعويضها عن أرباحها في الفترة المتبقية من العقد، ودفع مرتب مديرها آنذاك، وهو ما تم في 4 مارس 1947، حيث أنشئت لها إدارة مستقلة يُشرف عليها مجلس أعلى يمثل عدة وزارات ومصالح حكومية، وبذلك زالت السيطرة البريطانية على هذا المرفق الخطير، وبعدها تعزز استقلال الإذاعة ومصريتها بعدة قرارات ومراسيم إدارية متوالية، وأنشئت إدارة الإذاعة اللاسلكية المصرية وأُلحقت بوزارة الشئون الاجتماعية.
وبعدها انشغلت الإذاعة المصرية منذ ذلك الحين بقضايا الاستعمار والجلاء، ونقلت جلسات مجلس الأمن حول القضية المصرية مترجمة إلى العربية، واهتمت بإذاعة نشرات الأخبار، واشتركت في أهم وكالات الأنباء العالمية، وفجرت مشاعر العروبة لدى الشعب المصري، ونقلت أخبار تقدم الجيش المصري في حرب فلسطين، وكلمة شيخ الأزهر التي حث فيها الجنود على القتال، ومظاهرات الجماهير وأعمال الفدائيين ضد الإنجليز في منطقة القناة بعد إلغاء معاهدة 1936، وكذلك حريق القاهرة 1952، حتى قيام ثورة يوليو 1952 ، هذا كله إلي جانب البرامج الثقافية والتعليمية والترفيهية.
أما في المرحلة الرابعة، مرحلة الإذاعة خلال ثورة يوليو 1952، فقد أحسن مجلس قيادة الثورة استخدام الإذاعة لتحقيق أهداف الثورة، وأدرك دورها الفاعل في إطار منظومة الإعلام في خدمة الخطط القومية للدولة، ودورها في توجيه الرأي العام المصري والعربي والأفريقي، والدعاية لتوجهاتها الفكرية والسياسية، فمن ميكروفون الإذاعة المصرية عرف الشعب المصري أن حركة من الجيش قد قامت لتطيح بالنظام الملكي، ولتضع حدا للفساد الذي استشرى في البلاد، وسمع العالم كله البكباشي محمد أنور السادات يتلو بيان الثورة الأول، وتوالت علي الإذاعة بيانات مجلس قيادة الثورة وأخبارها، مرورا بشرح قوانين الإصلاح الزراعي 1952، ثم قيام الجمهورية 1953، وتوقيع اتفاقية الجلاء 1954، وتعبئة الشعور الوطني خلال العدوان الثلاثي 1956، ومعارك التحرير العربية والأفريقية، كما تعرضت محطة البث في أبي زعبل للقصف خلال العدوان الثلاثي عام 1956.
وفي نوفمبر 1952 أنشئت وزارة الإرشاد القومي فضمت الإذاعة إليها، ثم انتقل الإشراف عليها إلى رئاسة الجمهورية عام 1958، بعد توحيد الإذاعة المصرية والمديرية العامة للإذاعة السورية في مؤسسة واحدة أطلق عليها إذاعة الجمهورية العربية المتحدة، وفى اكتوبر1963 ضُمت هيئة الإذاعة إلى وزارة الثقافة والإرشاد.
وفى سنة 1953 صدر قانون فرض رسما موحدا قدرها 130 قرشا عن كل جهاز لاستقبال الإذاعة، حتى إلغاؤه عام 1968.
وقد شهدت الإذاعة تطورا في عهد حكم ثورة يوليو، حيث بدأت في البث عبر الموجه القصيرة، وبقوة إرسال 140 كيلو وات، كما تعددت خدماتها الإذاعية لتشمل البرنامج العام، والبرنامج الأوروبي، وركن السودان، وصوت العرب، والإذاعات الموجهة إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا، والإسكندرية المحلية، البرنامج الثاني، ومع الشعب، وفلسطين، والشرق الأوسط، والقرآن الكريم، والبرنامج الموسيقي، والشباب، وأم كلثوم.
وأخيرا جاءت المرحلة الخامسة وهي مرحلة "الشبكات الإذاعية"، ففي عام 1971 صدر القرار الجمهوري بإنشاء هيئة تسمي (اتحاد الإذاعة والتلفزيون)، تتبع وزير الإعلام، وفي يوليو 1978 افتتحت المحطة الأرضية النمطية للاتصال بالأقمار الصناعية وتوفرت لهذه المحطة 132 دائرة بين القاهرة ومراكز العالم المهمة في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والكويت، والتي يمكن الاتصال منها بكافة دول العالم.
وفي أول أبريل 1981 استحدث نظام الشبكات الإذاعية في مصر، بحيث يتم تثبيت مؤشر الراديو على موجه واحدة لا تتغير ووضع الإذاعات المتماثلة والمتكاملة في رسالتها على موجة واحدة بحيث لا يتوه المستمع مع المؤشر المتنقل بين موجات عديدة أثناء البحث عن إذاعة معينة، وبالتالي تمثل الشبكة كيانا مستقلا وتستهدف في أدائها نوعية من الجماهير المتجانسة اجتماعيا وثقافيا، وقد تحددت الشبكات بسبع شبكات هي الشبكة الرئيسية (البرنامج العام)، وشبكة المحليات (الشعب، القاهرة الكبرى، الإسكندرية المحلية، شمال الصعيد، شمال سيناء، جنوب سيناء، القناة)، والشبكة الثقافية (البرنامج الأوروبي، البرنامج الثاني، البرنامج الموسيقى)، وشبكة القرآن الكريم، والشبكة التجارية (إذاعة الشرق الأوسط)، وشبكة صوت العرب (صوت العرب، فلسطين، وادي النيل)، شبكة الشباب والرياضة، وشبكة الإذاعات الموجهة، وشبكة الإذاعات المتخصصة، وبذلك فهي إما تقدم خدمة متشابهة من حيث نوعية المضمون أو تغطي منطقة جغرافية معينة.
وفي 18 مايو 1985 وفي إطار عنايتها بالمغتربين المصريين، افتتحت الإذاعة المصرية برنامجا عربيا جديدا موجه إلي إلي المغتربين المصريين والعرب في استراليا لمدة ساعة يوميا.
ولاتزال عمليات التطوير والتحديث في الإذاعة المصرية مستمرة.
مراجع
1) حسن علي محمد. مقدمة في الفنون الإذاعية والسمعبصرية (القاهرة: الدار العربية للنشر والتوزيع، 2009).
2) حسني نصر. مقدمة في الاتصال الجماهيري:المداخل والوسائل. ط1 (الكويت: مكتبة الفلاح، 2001).
3) خليل صابات وجمال عبد العظيم. وسائل الاتصال:نشأتها وتطورها، ط9 (القاهرة: الأنجلو المصرية، 2001).
4) عاطف عدلي العبد ونهي عاطف العبد. وسائل الإعلام: نشأتها تطورها وآفاقها المستقبلية، ط1 (القاهرة: دار الفكر العربي، 2006).
5) ماجي الحلواني.الإذاعات العربية. ط1 (القاهرة: دار الفكر العربي، 1982).
6) ماجي الحلواني وعاطف العبد. الأنظمة الإذاعية في الدول العربية (القاهرة: دار الفكر العربي، 1987).
7) ماجي الحلواني وآخرون. مقدمة في وسائل الاتصال. ط1 (جدة: مكتبة الصباح، 1989).
8) ماجي الحلواني. مدخل إلى الفن الإذاعي والتليفزيوني والفضائي (القاهرة: عالم الكتب، 2005).
9) مصطفي حميد كاظم الطائي. التقنيات الإذاعية والتلفازية وأهميتها التطبيقية في التعليم والتعلم. ط1 (الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2007).
10) هبة شاهين. وسائل الاتصال في مصر:النشأة والتطور وآفاق المستقبل، ط1 (القاهرة: دار العالم العربي، 2011).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.