انتخابات مجلس النواب، الإدارية العليا ترفض 27 طعنا وتحيل 4 طعون لمحكمة النقض    استعدادًا لجولة إعادة انتخابات النواب 2025، محافظ الغربية يعلن جاهزية 642 لجنة    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 15 ديسمبر 2025    محافظ الإسماعيلية يتابع إزالة دورين مخالفين بعقار بحي ثالث    مباحثات في الرياض بين ولي العهد السعودي وعبدالفتاح البرهان حول الأزمة السودانية    ملك الأردن يدعو لتطبيق كامل لاتفاق غزة ووقف التصعيد في الضفة    تدريبات بدنية في مران الزمالك استعدادا لمواجهة حرس الحدود    طالع العام الجديد    محمد دياب يرد على محمد صبحي: صناع فيلم الست أحرار وشرفاء وليسوا جزءا من مؤامرة    فى معرض العراق للكتاب |تضافر سؤال الأدب والسياسة    بيت العائلة المصرية في زيارة تثقيفية لمركز الإسماعيلية للوثائق    مشروبات طبيعية تساعد على تقليل احتباس السوائل في الجسم    شيخ الأزهر يهنئ الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمناسبة اليوم الوطني للبحرين    رمضان 2026| ركين سعد تتعاقد علي «أب ولكن» ل محمد فراج    السيطرة على حريق بمخبز دون خسائر بشرية في أسوان    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء مساء الاثنين 15 ديسمبر    تصريحات حكومية تؤكد شراكة صحية جديدة مع «إيني» و«سان دوناتو» لإدارة وتشغيل مستشفيات كبرى    الحزن يخيّم على الأوساط الفنية العالمية لمقتل روب راينر وزوجته    رغم الأمطار.. توافد كثيف للمصريين بالسعودية في جولة الإعادة بانتخابات النواب    مثقفون وسياسيون فى حفل إطلاق كتاب درية شفيق.. امرأة مختلفة    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. أمين الفتوى يجيب    نائب رئيس جامعة عين شمس: تقديم أوجه الدعم والرعاية للطلاب الوافدين    وزير الأوقاف: الانضباط المؤسسي ومجابهة التطرف في صدارة أولويات المرحلة    مصر تعزي المملكة المغربية الشقيقة في ضحايا الفيضانات التي اجتاحت آسفي    ضبط المتهمين في مشاجرة دامية بالبحيرة| فيديو    نتنياهو يجتمع بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في القدس    الجيش الإسرائيلي يعتزم هدم 25 مبنى سكنياً في الضفة الغربية    البحيرة تستعد لأمطار اليوم: المحافظ ترفع درجة التأهب بجميع المراكز والمدن    أمن سوهاج يُعيد حقيبة سيدة تركتها سهواً داخل سيارة أجرة    تأجيل محاكمة 56 متهما بالهيكل الإداري للإخوان لجلسة 11 فبراير    محمد صلاح يخلد رقمه القياسي مع ليفربول    مساعي المغرب تنجح.. العيناوي يغيب عن مباراة روما أمام كومو    مكتبة الإسكندرية تحتفي بإبداعات الأطفال في ختام الدورة الأولى لمسابقة «عالم خيال»    ولي العهد السعودي والبرهان يناقشان جهود تحقيق الاستقرار بالسودان    ضبط تجار عملة خارج السوق المصرفية.. الداخلية تُشدد قبضتها على المضاربين    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    سعر طن حديد عز.....اسعار الحديد اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    اتحاد التمويل الاستهلاكي: نمو مستدام وتراجع ملحوظ في التعثر رغم زيادة عدد العملاء 208%    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد القرش في كتابه الجديد يرصد عام الأحزان في مصر
نشر في بوابة الشباب يوم 29 - 04 - 2014

صدر عن الدار المصرية اللبنانية، للروائي " سعد القرش "،كتاب جديد بعنونا "سنة أولى إخوان " يحتوى على 20 فصلاً، فى 176 صفحة من القطع المتوسط، وفيه يرصد القرش وقائع عام من حكم الإخوان، منذ إعلان فوز المرشح محمد مرسي برئاسة الجمهورية حتى يوم 3 يوليو 2013، وهو العام الذي ارتكب فيه الرئيس المنتخب والتنظيم أخطاء وخطايا كانت كفيلة بخروج الشعب عليهم رافعاً شعار "يسقط .. يسقط حكم المرشد " مروراً بما جرى من اعتصامات واضطرابات أبرزها اعتصام المثقفين في مقر وزارة الثقافة اعتراضاً على الوزير علاء عبد العزيز.
في الفصل الأول بعنوان " فتى يبحث عن يقين "، يعود سعد القرش إلى عام 1979م، حينما قرأ وهو فتى صغير مجلة "الدعوة" وعرف حينها كيف يتكون وعي العضو الإخواني، بعزله نفسيّاً واجتماعيّاً، ويحكي سعد في هذا الفصل كيف أصبح مشروع متطرف صغير، وذلك حينما جعل من نفسه حارساً على الدعوة الإسلامية بل وعلى الإسلام نفسه، تحت تأثير قراءته لمجلة "الدعوة" التي واظب عليها حينها "" ينشأ الإخواني على أن الدين يحتاج إليه شخصياً، وعليه أن يظل يقظاً حتى لا يتسلل أعداء الإسلام من المكان الذي أوكلت إليه مهمة حراسته، ولكي يصل إلى هذا الاستنفار فلابد من اختلاق عدو، وليكن جاره شريكه في الوطن" وكان من الطبيعى أن تصل هذه الأفكار بسعد القرش إلى أن يستغرق في هذه المشاعر، فيرى كل ماحوله حراماً، حتى التمثال الصغير في مدرسته الإعدادية يراه صنماً ولابد من تحطيمه.
و بعد هذا التمهيد ، يدخل سعد بحس الروائي الذي يدرك أهمية التفاصيل، إلى اليوم المشهود 30 يونيو 2012، حيث يبدأ الكتاب بعنوان كبير "الطريق إلى 30 يونيو 2012 " اللحظة التي أصبح فيها ممثل الجماعة على سدة الحكم، فيعود سعد القرش إلى لحظات البدايات لجماعة الإخوان المسلمين، وخطابها وكيف كانت تسعى منذ البداية إلى كرسي الحكم، وتعمل له ولا يعنيها من أمر الإسلام شيء، فحينما تأسست الجماعة سنة 1928م كان كمال أتاتورك قد ألغى الخلافة، وكان الملك أحمد فؤاد يحلم بلقب خليفة المسلمين، فقطع عليه على عبد الرازق ذلك الحلم بكتابه " الإسلام وأصول الحكم " فكانت الجماعة حصان طرواده في جسد الحركة الوطنية التي كانت تنادي وقتها بالدستور، لكن الملك أدرك منذ اللحظة الأولى أن هناك جماعة تعادي فكرة الوطنية فشجعها وكسب الرهان: "أدرك الملك أن الشعب الذي قام بثورة 1919، والقوى الوطنية التى تمثله، لن تتنازل عن استحقاقات " الدولة "، وفي مقدمتها الدستور الذي يعبث به ملك كسب الرهان في تشجيعه جماعة الإخوان الإصلاحية، ضمن الملك لنفسه ولابنه فاروق جماعة تعادي الإرادة الشعبية، وتناهض الحركة الوظنية باسم الإسلام، ففي نهاية عام 1937 اختلف الملك مع مصطفى النحاس، الذي طالب بالحد من الصلاحيات غير الدستورية للملك، وخرجت الجماهير تهتف "الشعب مع النحاس"، فهتف إخوان حسن البنا "الله مع الملك".
وهكذا يرصد سعد القرش عداء الإخوان المسلمين منذ لحظة تأسيس الجماعة لإرادة الشعب المصري، فعزلوا أنفسهم، لذلك لم يكن من المستغرب أن تقف الجماعة في جانب وحدها، متمسكة بخطة التمكين، والشعب في جانب آخر، يدافع عن إرادته وثورته، ودولته، وهي المفردات التي يعترف بها الإخوان لا مبنى ولا معنى. ويواصل سعد القرش رصده لمسار جماعة الإخوان، وهو مسار نهايته الحتمية الفشل، وفي هذا الرصد المدقق يقف سعد القرش أمام النظام الخاص في فصل بعنوان " النظام الخاص.. نهاية الدعوة، بداية الدم"، فالنظام الخاص أو التنظيم السري أنشأه حسن البنا عام 1940، وأطلق عليه في فترة لاحقة "الجهاز السري" وهو الجهاز الذي تورط في عمليات اغتيال واسعة، كانت ذروة الاغتيالات السياسية في مصر، مثل : اغتيال المستشار أحمد الخاذندار 22 مارس 1948م، تفجيرات حارة اليهود 20 يونيو و 22 سبتمبر 1948، تفجيرات في المحلات التجارية لليهود في يوليو وأغسطس ونوفمبر عام 1948م، اغتيال حكمدار القاهرة سليم زكي عام 1948م، اغتيال محمود فهمي النقراشي بعد عشرين يوماً من قراره إغلاق المقر العام للجماعة رداً على تورط الجماعة في أعمال إرهابية.
وجاءت الثورة في 25 يناير ورأى فيها الإخوان فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى، فتركوا الشباب في الميدان وذهبوا للتفاوض مع عُمر سليمان، ثم لما أدركوا أن النظام ساقط لا محالة، رتبوا أنفسهم حتى يرثوه، فتركوا الثوار يواجهون المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي وتفرغوا هم لجني الغنائم والاستعداد للانتخابات حيث تشكلت لجنة لتعديل الدستور برئاسة طارق البشري وعضوية صبحي صالح، الأمر الذي مكنهم من إنشاء أحزاب دينية توهم الناس بالدفاع عن الإسلام وهم يبحثون عن الكرسي وقد تحقق لهم ما أرادوا، وحكموا مصر.
ثم يأتي الجزء الثاني من الكتاب بعنوان " الطريق إلي 30 يونيو 2013 "، ويبدأه سعد القرش بأن مرسي كان وفياً للاوعيه الإخواني، ناسياً أنه رئيس مصر، فبدأ خطابه في ميدان التحرير قبل دخوله قصر الاتحادية ب " أهلي وعشيرتي "، ثم رفض لمصافحة شيخ الازهر في حركة صبيانية أثناء احتفال القوات المسلحة، ثم احتفاله بنصر اكتوبر في استاد القاهرة برفقة قتلة صانع النصر الرئيس أنور السادات، ثم قتل الجنود في رفح أثناء الإفطار وصولاً إلى الإعلان الدستوري الكارثي فى 21 نوفمبر 2012، وما جرى حول قصر الاتحادية، والصمت الأمريكي على أفعال مرسي غير الديمقراطية، من دولة تدّعي الديمقراطية وناضلت لكي يأتي مرسي رئيساً، يقول سعد القرش :
"يمكن فهم الصمت الأمريكي على تغوّل مرسي، في ضوء ضمانه أمن إسرائيل بوقف إطلاق الصواريخ من غزة مقابل إنهاء الاغتيالات، ففي يوم الأربعاء 21 نوفمبر 2012 نص اتفاق الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على أن توقف إسرائيل " كل الأعمال العدائية " في قطاع غزة براً وجواً، وتقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل الاعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات عبر الحدود " اعترفت حماس بأن المقاومة أعمال عدائية، أما اليوم التالى الخميس 22 نوفمبر حين كان أنصار مرسي يهتفون لقرارات لم يعلن عنها، فأعلنته حماس عطلة رسمية تحت عنوان يوم النصر".
وبدأ توالي " الحصاد المر " كما عنون سعد أحد فصول كتابه جراء حكم الإخوان ففي يناير 2013 سجل تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن أول 200 يوم في حكم مرسي شهدت انتهاكات غير مسبوقة، وأرقاما قياسية في ملاحقة الإعلاميين والصحفيين بتهمة «إهانة الرئيس». زاد عدد الانتهاكات عما شهدته مصر طوال أكثر من 115 عاما هي عمر مادة تجرم إهانة الحاكم، عام 1897، وأول ضحاياها الصحفي أحمد حلمي، جد صلاح جاهين، عام 1909، بسبب مقاله «مصر للمصريين»، وسجن عشرة أشهر بعد إدانته بتهمة إهانة الذات الخديوية، وتعطلت صحيفة «القطر المصري». شهدت 200 يوم في حكم مرسي 24 قضية مقابل 14 قضية من هذا النوع طوال 115 عاما. في يناير أيضا، تحدت مدن القناة مرسي ونظامه، ورفضت حظر التجول. نزيف الدم العشوائي في بورسعيد، كانت له أصداء متعمدة في القاهرة. الجمعة 1 فبراير 2013: قتل محمد حسين «كريستي» الطالب في كلية التجارة بجامعة القاهرة، برصاصتين في القلب والصدر. رصاصة واحدة تكفي لحصد روح فتى آمن بأن في مصر ثورة، وسحل حمادة صابر بعد تعريته، ونفى محمد إبراهيم وزير الداخلية، في مؤتمر صحفي، مسؤولية الشرطة عن تعرية الرجل أو ضربه، وادعى أن الجنود «اعتقدوا أنه أحد مثيري الشغب، وقاموا باحتجازه داخل المدرعة، عن طريق الخطأ». خطف محمد الجندي (29 عاما) من ميدان التحرير. عذب وأصيب بنزيف في المخ، وراح في غيبوبة، وتوفي فجر الاثنين 4 فبراير، وشيعت جنازته بعد ساعات في ميدان التحرير، هو وزميله في التيار الشعبي المصري عمرو سعد. سجل تقرير الطب الشرعي أن الجندي توفي في حادث سيارة! صباح السبت 2 فبراير تفقد رئيس الوزراء هشام قنديل ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية، ثم أعلن في التلفزيون أن من رآهم فئة ضالة، وأنهم «لا يمتون بصلة إلى ثوار مصر الأحرار"
من مشاهد العبث، التي يرصدها سعد القرش في كتابه فضلا عن تعيين القتلة نوابا في البرلمان، اختلاط الدين بالسياسة، إلى حد لا يمكن تفسيره بالمنطق، ففي بداية يناير 2013 صرح الشيخ القرضاوي بأنه ناقش مع محمد بديع مرشد الإخوان كيفية استكمال بناء مؤسسات الدولة. يفترض أنه بعد تأسيس حزب الحرية والعدالة أن تعود الجماعة للعمل الدعوي، وأن يكون «الحرية والعدالة» حزبا سياسيا بحق. لكن المرشد الذي لم يضبط يوما ملتبسا بالدعوة أو أي نشاط ديني، هو أو نائبه خيرت الشاطر، كثيرا ما خاض في السياسة، لأن منصبه أكبر من «رئيس الجمهورية»، ولم يكن عبثا أن تكون هتافات المتظاهرين منذ الإعلان غير الدستوري في 21 نوفمبر 2012: «يسقط يسقط حكم المرشد»، وهي إهانة لمرسي الذي لا يعترف به الشعب رئيسا، ولايطالبون بإسقاط حكمه، وإنما يتوجه الهتاف إلى صاحب الشأن والسلطة، المرشد نفسه، أضف إليه هتاف: «لا إخوان ولا مسلمين.. دول عصابة مجرمين»، في تذكير بمقولة «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» التي أطلقها البنا، عقب اغتيال النقراشي يوم 28 ديسمبر 1948. يقول القرش :
"حين يستخدم الدين ورقة سياسية، يخسر الدين وما يمثله من قيم، ويصير رجاله أذلة وأسرى نفسيين لدى ولي النعم. وجه هذا السؤال للقرضاوي: "عادة ما يذكر موضوع قاعدة السيلية التي هي مركز القيادة الأمريكية في قطر التي أنت موجود فيها، ما هو تعليقك على وجود هذه القاعدة؟». كان السائل ذكيا فلم يسأل القرضاوي عما إذا كانت القاعدة موجودة أم لا؟ وإنما عن تعليقه «على وجود هذه القاعدة». أجاب الشيخ بيقين العالم: «أنا أنكر وجود القاعدة في قطر" وفي شهادته عن عام الإخوان يواصل سعد القرش رؤيته، واشتراكه في اعتصام المثقفين، ذلك الاعتصام الذي أظهر هشاشة النظام، وكان المثقفون عاملاً رئيسياً، مع قطاعات الشعب الأخرى، في انهياره : يوم 23 فبراير 2013 وقع أكثر من 100 مثقف مصري بيانا مفتوحا، «بيان المئة»، وقد كتبه علاء عبد الهادي، بعنوان «الدعوة إلى سحب الثقة من د.مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة». يوم 2 مارس 2013، بعد توحش الشرطة في القتل، كتب القرش نفسه بيانا عنوانه: «نسحب الثقة من الرئيس ونطالب بمحاكمته». يقول فيه «نعلن نحن الموقعين على هذا البيان سحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسي، بعد ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، بدأت في ذكرى محمد محمود في نوفمبر 2012، وتصاعدت في بورسعيد في نهاية يناير الماضي (واعترف في التلفزيون بأنه أمر الشرطة باستخدام القوة)، وتستمر الجريمة في المنصورة بدهس المواطنين بالمدرعات، والقتل والمطاردات بمشاركة الشرطة والبلطجية. وبهذا الإجراء تصحح الثورة بعض أخطائها، وتعود بعد تعثر إلى النقطة الأولى من مسارها، إلى 11 فبراير 2011، وما يترتب على ذلك من تشكيل مجلس رئاسي مدني يشرف على وضع الدستور ولا يحق لأعضائه (وبينهم عسكري) الترشح للرئاسة بعد وضع الدستور. يوم 28 أبريل 2013 صدر بيان «ضد الأخونة»، يحذر من «محاولات الأخونة القائمة على قدم وساق في مختلف مواقع الدولة، وهي تتعارض مع أهداف ثورة 25 يناير التي قامت من أجل العدل والحرية والكرامة" ويصف سعد القرش ماجرى قائلاً :
" في سعيهم لأخونة البلاد تجنب الإخوان قضية الثقافة، كانوا أذكياء فلم يقتربوا من لعبة لا يعرفون قواعدها، ولا تتيح لهم مواهبهم المحدودة أن يصمدوا في المنافسة. لم يخرج التنظيم مثقفا يشار إلى إبداعه، في الآداب أو الفنون، فكرة الإبداع نفسها «بدعة، وكل بدعة ضلالة». في الجامعة سألت أنور الجندي عن «الأدب الإسلامي»، واستفاض في الإجابة، واستشهد بنجيب الكيلاني، بعد أن سفه ما يكتبه محفوظ وعبد القدوس والسحار نفسه. وبعد سيد قطب لا يوجد اجتهاد فكري إخواني ولو في تكفير المسلمين، واتهامهم بالجاهلية، يوجد في هذا الشأن «اتباع» يلوك أفكار قطب ويجترها، أما «الإبداع» ففي فنون القتل التي ذهبت إليها جماعات إرهابية خرجت من عباءة الإخوان. ولكن الإخوان أقبلوا على خطوة «ثقافية» أوسع من خيالهم. بالتزامن مع اختيارهم علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة، أعلنوا مفهومهم للثقافة. نشرت أسبوعية «أخبار الأدب» يوم 12 مايو 2013 صورة متحدية، على الغلاف، لنائب المرشد العام للإخوان خيرت الشاطر، وهو ليس مهتما بالثقافة ولا يمثل رسميا أي حزب سياسي، ولكنه تاجر، من رجال المال لا الأعمال. إلا أن الصحيفة كتبت مع الصورة هذا العنوان: «تناغما مع الدور الثقافي لرجال الأعمال خيرت الشاطر.. هل يحقق استعادة روح مصر الثقافية ببرنامج الجماعة؟». وفي العدد نفسه تفاصيل البرنامج «الثقافي» للجماعة. في تصور الإخوان لما يسمونه النهضة الثقافية أن «الثقافة هي المرآة التي تعكس هوية المجتمع وقيمه وإرثه الحضاري، وعند إمعان النظر في خصائص الثقافة المصرية نجد أنها تتشكل في الهوية الإسلامية والثقافة الإسلامية المعبرة عن إرث هائل من الفنون والآداب».
وفي البرنامج سبعة «ضوابط لإدارة الحياة الثقافية»، ومنها.. «التأكيد على عدم الفصل بين الجانب القيمي والأخلاقي وبين الفعل الإبداعي بأنواعه المختلفة... حرية إبداع مضبوطة بأخلاقيات المجتمع وقيمه وآدابه. الاعتماد في العمل الثقافي والإعلامي العام على غرس وتعميق ثقافة المناعة الشخصية والرقابة الذاتية للمواطن... تشجيع صناعة السينما على المستويين المعنوي والمادي من خلال دعم وتوجيه عملية الإنتاج، وإقرار مجموعة من الإجراءات لدعم عملية الإنتاج... دعم صناعة الفيلم الديني والوطني والوثائقي والتاريخي الذي يتناول هموم وتاريخ مصر وقضاياها... الارتقاء بمستوى المسلسل التلفزيوني والفيلم السينمائي والتلفزيوني المصري؛ ليمارس دوره في نشر القيم الرفيعة، والامتناع عن الأعمال الهابطة والمثيرة للغرائز والدافعة لارتكاب الجرائم، وتحسين الذوق العام.
ويواصل سعد القرش رصد فعاليات المثقفيبن ضد حكم الجماعة ففي يوم 23 مايو 2013، أعلن في نقابة الصحفيين عن تأسيس «جبهة الدفاع عن الثقافة المصرية»بحضور مثقفين وفنانين. قال بهاء طاهر: «لأول مرة منذ عشرات السنين، يتفق المثقفون والفنانون على هدف واحد هو الدفاع عن الثقافة الوطنية المهددة». وهكذا وصلنا إلى لحظة النهاية في 30 يونيو 2013، حيث خرج الشعب وأسقط حكم الإخوان"
كتاب سعد القرش " سنة أولى إخوان " كما يقول عنه الناشر : يحتاجه الجيل الحالي الذي خرج بالملايين في ثورتين خلعت إحداهما رئيساً، وعزلت الثانية الآخر، بعد 369 يوماً فقط من حكمه، وهذا الكتاب سيذكره التاريخ فيما بعد، لأنه يوثق أحداثاً جرت منذ " جمعة الغضب " في أواخر أيام حسني مبارك، وانتهت بثورة شعبية أطاحت بالرئيس الإخواني محمد مرسي، ومابين 28 يناير و 3 يوليو يعرض ويكشف المؤلف ماحدث .. إنه يكشف البدايات الحقيقية لنشأة الجماعة، والخفايا التى أوصلتها لتحكم مصر من قصر الاتحادية، ومكتب الإرشاد في الوقت نفسه، ومن مكتب الإرشاد كانت نهاية الاخوان، وفقد الجماعة الحكم الذي جاهدت وتآمرت من أجله لمدة 82 عاماً.
سعد القرش روائي مصري له مجموعتان قصصيتان، وخمس روايات، نالت روايته " أول النهار " المركز الأول لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي عام 2011، وله كتابان يمثلان شهادة على ما جرى هما : " الثورة الآن .. يوميات من ميدان التحرير" و " أيام الفيسبوك .. مسائل واقعية في عالم افتراضي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.