فى إحدى العمارات القديمة بشارع بنك مصر بوسط البلد بالقاهرة يقع مقر جماعة " أبولو " ، وهى ليست جماعة فضائية هبطت من السماء كما يوحى الاسم وإنما هى رابطة أدبية عمرها يمتد لأكثر من 80 عاما . تصوير : محمد لطفى هذه الجماعة ضمت عضويتها فى الماضى أعظم الشعراء فى مصر وعلى رأسهم أحمد شوقى وأحمد زكى أبو شادى وإبراهيم ناجى .. عندما تذهب إلى هناك ستسمع أشعارا لها العجب وسترى شعراء على كل لون لا يجمعهم سوى هدف واحد هو أن يستمعوا ويصفقوا ويحيوا أنفسهم داخل غرفة ضيقة يتجسد بداخلها عالمهم الخاص الذى يتحقق فيه حلمهم بأن يجدوا من ينصت لما يقولونه .. يبدأ اجتماع أبولو فى تمام الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء من كل أسبوع وهناك دفتر حضور يكتب فيه كل عضو اسمه عند مجيئه ثم يتم فتح باب إلقاء القصائد .. وهنا تتحول الغرفة الضيقة إلى ملتقى شعرى ويتخلل إلقاء القصائد تعليقات وحكايات ومناقشات وفى النهاية يقدم أحد نقاد الرابطة تعليقا على قصائد اليوم . والرابطة تتلقى دعما سنويا من وزارة الثقافة بمبلغ 1300 جنيه لتغطية نفقات المياه الساقعة والإنارة والايجار أما قيمة اشتراك العضو فهى 10 جنيهات سنويا فقط . ورئيسها هو الشاعر محمد عبد العال الملقب ب " جبرتى العصر " وهو فى الأصل حاصل على بكالوريوس تجارة وله خمسة دواوين منشورة هى الحب والسلام (1979) ، وبقايا من ضياع (1983) ، وهموم شاعر (1983) ، ووحدك والبحر (1997) ، وفى هواها كان عمرى (2003) هذا إلى جانب كام هائل من القصائد غير المنشورة .. والشاعر عبد العال يعتبر نفسه متطوعا فى خدمة المواهب الشعرية ولذلك أسس بجانب الرابطة جمعية لراعية المواهب الأدبية . ورغم تاريخ الرابطة العريق إلا أنها لا تتمتع بشهرة كبيرة والغالبية العظمى من شعراءها غير معروفين والرابطة بالنسبة لهم متنفسا يجدون فيه من يصفق بحرارة لكلماتهم داخل غرفة من أربعة جدران مغلقة فهل هذا هو أقصى طموحهم .. يجيب الشاعر محمد عبد العال قائلا : كفاية جدا طبعا .. لا تسأل النحلة لماذا تفرز عسلا فهى لا بد أن تفرز سواء حد حس بها أو لا ، ونحن ليس لدينا ما نخاف عليه ، و ده عيب إعلام مش عيبنا وبعدين الرابطة معروفة فى العالم كله وتضم فى عضويتها شعراء من كل الدول العربية ولذلك فهى مشهورة بأنها جامعة الدول العربية الثقافية وعلى المستوى العالمى أنا مثلا تلقيت دعوة من رئيس كسوفو حتى ألقى محاضرة باسم الرابطة فى أحد الملتقيات الأدبية بها وفى عام 2008 تم تكريم الرابطة من مؤسسة البابطين . والرابطة فى بداية تاسيسها كانت فى السيدة زينب فى شقة خصصها الدكتور زكى أبو شادى لاجتماعاتها وأنشطتها الأدبية وكانت تضم مطبعة لطبع مجلة أبولو وكانت ترعى الشعراء الشباب وتشجعهم وبعد وفاة أبو شادى كانوا يجتمعون فى فيلا أحمد شوقى أو فى أى مكان آخر يلتقون فيه ومنذ بداية الستينيات أصبح مقر الرابطة الدائم هنا فى هذا المكان داخل رابطة أبناء الدقهلية .. وكان من أشهر أعضاءها الدكتور عبد العزيز شرف وثروت أباظة وتوفيق الحكيم وأنيس منصور وعبد الرحمن الأبنودى ، أما عن شعراء أبولو حالياً فهم على كل لون فيه الموظف وفيه الدكتور وفيها المحاسب وفيها شباب وفيها ناس على المعاش وفى السطور التالية نقدم من أشعارهم : - من شعر عم هريدى على حسن فى ديوانه "ترانيم الوجع" الصادر هذا العام يقول فى قصيدته "هات المقطف" : هات المقطف هات الفاس هات المصحف والكراس نزرع غيطنا عشان أحفادنا ونعلى بالحب أساس علشان يا ابنى تواصل سيرى ازرع ابنى اطعم طيرى ارسم لوحة تظهر واحة وآمال تطرح حب الناس اكتب اسمى بخط جميل اشرب دايما حب النيل - ومن ديوان " قالوا عن المرأة " يقول الشاعر محمد مصطفى العادلى فى قصيدة بعنوان " زمن الخطر" : الدنيا دى عجلة دوارة .. ما تعرفها عدلة ولا مندارة الدنيا دى عايزة شطارة .. الدنيا دى عايزة زمارة احنا جايين ولا رايحين .. احنا جايين من بطن الخطر احنا عايشين ولا ميتين .. احنا عايشين فى زمن الغجر هربت الشموس من النهار .. هربت النجوم من النهار سكنت البوم فى العمار .. هربت الطيور من الأشجار - ومن ديوان " ترانيم روح " الذى لم ينشر بعد يقول ناصر رمضان سكرتير الرابطة وعضو اتحاد الكتاب فى قصيدته على باب الهوى : على مرسى الهوى حط السفين .. ففاض من الجوى دمعى السخين وهب إلىّ عطرك يلتقينى .. يحيينى فثارت بى شجون وأذهب لوعتى وصل وشيك .. حلمت به تكذبه الظنون فهل يفنى الأسى ويجن ليلى .. ويغمرنى صفاء لا يخون أم أن هواك بحر ليس فيه ..مرافىء للرسو ولا معين بمحراب الهوى كانت صلاتى .. عسى يغشى ضلالاتى يقين - ومن ديوان "الحب الحقيقى" الصادر عن طابا للنشر للشاعرة هناء عبد الطيف العضوة بجامعة الشعراء بالمعادى ودار الأدباء ورابطة الزجالين .. تقول فى قصيدتها "مصرية " : مصرية بالروح والقلب .. مصرية بالطول والعرض وباحب ترابك يا بلادى .. وباحبك ماهو حبك فرض وباحب الهمة المصرية .. وباحب الضحكة الوردية ما هى هيّّه العملة الأصلية.. ومعاها الأمة العربية هتقود العالم والأرض .. ماهو احنا اللى زرعنا الخير وإدينا علومنا للغير .. وبفضل جدودنا وأعمالنا عرفوا مننا خط السير ومن إحدى قصائد الشاعر الدكتور أحمد رشدى محمد (29سنة ) طبيب ، يقول لو أنك نجم يتلألأ .. وهواك رياح لا تهدأ ونعيم الدنيا عنوان ..لكتاب حياتنا يقرأ وشعاع الشمس .. يبدده نور بجبينك لم يطفأ ونسيم الروض تردده .. أنفاسك فجرا إن لم تبدأ فيذوب الكون لرقتها .. ويظل الورد لها يظمأ