لم يكن كافيا بالنسبة له مقعد المحللين علي شاشات الفضائيات ... وإنما قرر أن يكون قريبا من عالم الساحرة المستديرة , فوجدناه في آخر محطاته مشرفا علي الكرة بنادي وادي دجلة .. الكابتن علي أبوجريشة سنقلب معه أوراق ذكرياته في الحوار التالي .. تصوير : محمود شعبان * كيف تصف تجربتك مع وادي دجلة؟ تجربة ممتازة , خاصة أنني وجدت المناخ الكويس جدا والإدارة علي مستوي عال من التفاهم والاتفاق والانسجام وهذا بطبيعة الحال يسهل من مهمة القائمين علي النواحي الفنية بأي فريق , أيضا في الأندية الحديثة اللي طالعة دائما يكون عندها تطلعات وأفكار وأرضها بتكون خصبة ويصبح في الإمكان أن تحقق نتائج جيدة فيها . * هل معني كلامك أن النجاح في كرة القدم هو نجاح إدارة في المقام الأول؟ بخبرة السنين الطويلة التي قضيتها لاعبا ومدربا ومحللا أستطيع أن أقول إن الإدارة الناجحة هي سر تفوق الأندية والإدارة الفاشلة هي السبب في نكسة العديد من الأندية ... أولا لايجب أن تتدخل مجالس الإدارات في الجوانب الفنية خاصة فيما يتعلق ببيع وشراء اللاعبين , لأنه للأسف يحدث أن ينضم لاعب معين لفريق ما دون أن يطلبه الجهاز الفني ودي مصيبة , ومجالس الإدارات عليها فقط توفير الاعتمادات المالية المطلوبة للتطوير , وهذا مانسير عليه في وادي دجلة وحقق لنا الكثير من النجاح . * قضيت مايقرب من أربعين عاما في قلعة الدراويش ... هل يرضيك المستوي الذي وصل إليه الفريق الآن؟ المستوي الحالي يرضيني جدا , لان الإسماعيلي ظروفه صعبة يعني تخيل مثلا أنه لاينفق أكثر من ربع ماتنفقه أندية البترول مثل إنبي وبتروجيت , ثانيا شوف كم النجوم واللاعبين المميزين اللي باعهم الإسماعيلي خلال المواسم الثلاثة الماضية , ومع ذلك الإسماعيلي واقف علي رجله وقريب من المنافسة ودائما عنده الحل في قطاع الناشئين وأنا اعتبر هذا النادي دون غيره مؤسسة فنية أطلقت الكثير من المواهب ولن تتوقف عن القيام بهذا الدور . * مارأيك في مستوي المنافسة بالدوري العام المصري خلال المواسم القليلة الماضية؟ مفيش طعم للدوري خالص ! زمان في فترة الستينيات كانت المنافسة شرسة بدليل ان عددا غير قليل من الأندية أخذ بطولة الدوري زي الترسانة والمحلة والإسماعيلي , وللأسف الزمن تغير , وأصبح عدد من هذه الأندية العملاقة في قاع الدوري أو في المظاليم وللأسف أصبحنا نقول إن هذه الأندية معذورة لأنها أندية شعبية , وعلي كل حال نحن في حاجة إلي خمسة فرق كويسين علي الأقل علشان تكون هناك منافسة بجد .. وياسلام كمان لو الإسماعيلي فاق ورجع لحالته وقتها نستطيع أن نستمتع بالدوري . * مارأيك في مستوي محمد محسن أبوجريشة؟ محمد عنده مشاكل كثيرة في ظهره ودائما غائب عن حساسية الملعب بسبب الإصابات والغيابات المتكررة وهذه تؤثر بطبيعة الحال علي مستواه , لكنه مع ذلك هو لاعب موهوب وكويس وكفاية انه رأس حربة في الإسماعيلي منذ سبع سنوات لكن حظه كده . * وهل هناك مواهب جديدة من المنتظر ظهورها في عائلة أبوجريشة؟ محمد حسن هو آخر العنقود وحتي الآن مفيش أشبال جديدة طالعة * هل صحيح انك اصغر هداف في تاريخ مسابقات الدوري العام المصري؟ أنا هداف موسم 67/66 برصيد 15 هدفا وكان عندي وقتها 19 سنة وأربعة أشهر , وبالتالي أنا أصغر هداف في الدوري حتي الآن وهناك بعض المحللين أو النقاد الرياضيين يعتقدون أن عماد متعب هو صاحب هذا اللقب لكن هذا غير صحيح حيث كانت سنه عندما أحرز لقب هداف الدوري لأول مرة في حياته 21 سنة . * لماذا لم يصعد جيلكم لكأس العالم رغم ماكان يضمه من نجوم ومواهب كثيرة؟ زمان كانت العملية صعبة , أولا كان هناك فريق واحد فقط علي مستوي أفريقيا هو الذي يتاح له التأهل للمونديال يعني القارة كلها كانت تتصارع علي مقعد واحد في كأس العالم , أيضا بسبب الحروب كان يتم تعليق نشاط كرة القدم رسميا لسنوات ومع ذلك عملنا انجازات فتخيل مثلا أن الإسماعيلي حصل علي بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 1970 والدوري المصري موقوف وهذه هي البطولة الحقيقية , لكن لاعبي الجيل الحالي هم نجوم مجتمع وظروفهم أحسن بكثير علي كل المستويات وهم كانوا الأقرب للمونديال في أكثر من مرة ولكن مفيش توفيق . * لو كتبت مذكراتك ماذا ستحكي فيها؟ حكايات كثيرة طريفة .. في بداياتي مثلا كنت أحب نادي القناة لأن أخي صلاح أبوجريشة كان واحدا من أبرز لاعبيه أيضا كان كل الحي بتاعنا بيلعب فيه وبالفعل ذهبت لهذا النادي لكن أخي طلب مني أن أذهب للإسماعيلي فكنت متضايقا جدا مع ان هذه الخطوة كانت بداية الخير بالنسبة لي والطريف أنني عندما بدأت أنضم للفريق فإن المدرب وقتها قال لي إنت من بكرة هاتكون حارس المرمي علشان انت طويل زيادة عن اللزوم ! لكني رفضت وفي السنة التالية علي طول أصبحت في الفريق الأول بالإسماعيلي . وهذا بخلاف كم كبير من المواقف !! * وهل حققت كل أحلامك؟ تقريبا كلها .. أولا في مشواري الكروي أنا فزت بألقاب وبطولات كثيرة منها بطولة الدوري موسم 67/66 مع الإسماعيلي وكنت هدافا في العديد من البطولات وأنا كنت كابتن منتخب مصر في التسعينيات , وكمدرب حصلت مع الإسماعيلي علي بطولة الدوري موسم 91/90 وعلي بطولة كأس مصر موسم 97/96 وخلال مشواري كله حصلت علي أكثر من تكريم علي مراكز متقدمة في العديد من الاستفتاءات الرياضية منها استفتاء مجلة الفرانس فوتبول الذي شارك فيه العديد من المدربين وتم اختياري ضمن أفضل لاعبي القرن في أفريقيا حيث حصلت علي المركز الأول علي مستوي مصر والمركز الثالث عشر أفريقيا , وعلي المستوي العملي الآن الحمد لله وجدت لنفسي فرصة ومكانة كويسة بين أبناء جيلي من المحللين الرياضيين والنقاد علي الفضائيات إلي جانب عملي في وادي دجلة وكل ذلك من مؤشرات النجاح في مشوار الحياة . وأنا وأبناء جيلي عملنا كل اللي في نفسنا في ضوء ماأتيح لنا من امكانيات وربما لو أنا موجود في الملعب الآن كنت عملت فلوس بدون أن أعمل اسما أو تاريخا أو مكانة !