نلوم شبابنا والعيب فينا مع الاعتذار لأصل الفقرة الشعرية التي تلوم الزمان عشرات إن لم يكن مئات المقالات والندوات والمؤتمرات طبعا غير جلسات الاستماع وغيرها وكلها مشغولة ومهمومة بحالة الشباب المصري الغائب عن المشاركة السياسية وغير المهموم بقضايا الوطن .. وتتنافس كل هذه الندوات والمقالات والمؤتمرات فى تشريح أوضاع الشباب المتهم بالسلبية والسطحية والأنامالية وانحدار وعيه العام وثقافته في السياسة والثقافة والوعى العام وغيرها من المجالات !! والحقيقة أن أول من يجب أن يقف في قفص الاتهام وأن يوجه إليه اللوم علي أى سلبيات في حق الشباب هم السادة الكبار المحترمون الذين يملكون في أيديهم مفاتيح الحل والعقد بل وكل المفاتيح .. لأن أحدا منهم لم يسأل نفسه أو يسأل جاره ماذا ننتظر من شباب يقتله الفراغ ويشيخ وتمضي به سنوات العمر عاطلا عاجزا عن الوصول إلي نصف فرصة عمل؟ ! ماذا ننتظر من شباب يراهن بحياته نفسها ومعها تحويشة عمر أسرة بأكملها يضعهما معا حياته وتحويشة العمر بكل الرضا في أيدي عصابة تقدم له حلما ورديا بالسفر إلي خارج مصر حيث فرصة عمل .. ألم يتوقف واحد من الكبار الذين يلومون الشباب في ندوات التليفزيون والمجالس المختلفة أمام الخبر الذي أصبح احد الأبواب الثابتة في الصحف المصرية عن إلقاء القبض أو ترحيل عدد من شباب مصر من دول مجاورة بعد أن ظلوا عدة أيام بدون طعام أو شراب في باطن أحد المراكب يحلمون بالوصول إلي الشاطئ الآخر للبحر المتوسط .. حيث فرصة العمل والمستقبل؟ ! ولم يتوقف أحدهم أمام أخبار الشباب الذى يفضل الانتحار على البطالة والجلوس على المقاهى.. ألم يتوقف احد هؤلاء السادة الكبار ربنا يحفظهم ليسأل نفسه عن عشرات الشباب الذين ألقي بهم في وسط البحر بوهم وصولهم إلي شواطئ اليونان فإذا بهم في الأنفوشي بالإسكندرية؟ !. ألم يشعر احد من السادة الكبار حفظهم الله بوخزة مجرد وخزة في ضمير سيادته وعشرات من الشباب يفقدون حياتهم نعم حياتهم جريا وراء مجهول ربما يحمل لهم فرص عمل !! هل يمكن أن يتصور احد السادة الكبار حفظهم الله ما معني أن يكون المجهول وغير المشروع أكثر أملا من الواقع؟ ! والسؤال الذي يجب أن يجيب عنه الكبار حفظهم الله قبل توجيه اللوم والاتهام للشباب هو : ماذا قدموا لإنقاذ هذا الشباب؟ ! ماذا قدموا له من حقوق طبيعية يجب أن تقدم لمن نغني لهم كل يوم بأنهم نصف الحاضر وكمان كل المستقبل !! السيدة وزيرة القوي العاملة نفضت يديها من القضية وتحت قبة مجلس الشعب أكدت أن وزارتها ربنا يحفظها لها ليس من مسئولياتها توفير فرص العمل وإنما مسئوليتها تنظيم توزيع وتوصيل الوظائف... حد فاهم حاجة؟ !! واكتفت بأن تغنى للشباب من باب المجاملة " صبح الصباح فتاح يا عليم والجيب ما فيهش ولا مليم من فى اليومين دول شاف تلطيم زى الصنايعية ". والحكومة كل كام شهر تعلن عن نصف مليون وظيفة حتة واحدة ونصف مليون وظيفة كل ستة شهور معناها إننا وظفنا كل المصريين مرة ثانية شبابا وشيوخا بمن فيهم اللي كانوا موظفين أصلا والذين خرجوا علي المعاش ووزارة الإسكان مشكورة تعلن عن وحدات سكنية ممتازة للشباب فقط وهي حاجة ببلاش كده .. يعني كام ألف جنيه في الأول وبعدها كام مائة جنيه كل شهر وده كله من اجل سواد عيون الشباب !! وللأسف يبدو أن شبابنا عاجز عن استيعاب النعمة التي تقدمها له الحكومة من وظائف بالنص مليون وشقق بالملايين وخبراء أجانب لزوم تثقيف وتعليم وتنوير بسلامته لأن هذا الشباب مازال مصرا علي التلطع علي المقاهي والنوم حتي العصر والسهر في الشوارع حتي الفجر والبحث عن بطن مركب قديم يختبئ بداخله علي أمل الوصول إلي شواطئ أوروبا .. ويتعامل شبابنا مع كل ما تقدمه له الحكومة من رعاية ودلع وطبطة برذالة وإصرار على حالة اللامبالاة والإهمال وعدم المشاركة في الحياة السياسية !! ولا نسأل أنفسنا: يشارك ليه وبأمارة إيه؟ ! شباب بكل هذا الإحباط واليأس من الحاضر ومن المستقبل كيف نطلب منه المشاركة؟ ! شباب منذ طفولته والجميع يحرص علي إبعاده عن أى مشاركة سياسية . فالطفل المصري بمجرد أن ينمو ويخرج للشارع تكون دعوة الأم الأولي له أن يحفظه ويحميه من ولاد الحرام ومن السياسة وشرورها .. وفي الجامعة تصبح ممارسة العمل السياسي تهمة ثمنها بهدلة لا يتحملها إلا أولو العزم .. نحن أمام شباب لا يشارك لأننا لا نريد منه أن يشارك حتي في انتخابات اتحاد الطلاب الذي يمثله .. باختصار عندما يفقد الشباب الأمل في المستقبل ماذا ننتظر منه , وهل يجوز أن نلوم هذا الشباب؟ ! إن التفكير في اتهام الشباب بالقائمة الجاهزة دائما في كل هذه الأحوال والتي تضم السلبية وعدم الثقافة ونقص الوعي هو اتهام يستحقه الكبار قبل الشباب ! وعلي الكبار أن يسألوا أنفسهم بأي حق يتهمون الشباب؟ وماذا قدموا له حتي يحاسبوه؟ ! ومع ذلك سوف نستمر نردد أن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل بأمارة إيه؟ معرفش !!