" نار بلدي ولا بهدلة الغربة والموت".. هذا ما خرج به أحمد سمير شاب مصري حلم بجنة أوروبا.. ولكنه اختار الطريق الخطأ.. اختار الهجرة غير الشرعية وسافر على مراكب الموت.. ولكنه من القلائل الذين وصلوا إلي أوروبا.. بعد رحلة قاسية على مراكب الموت.. وفي النهاية عاد كما ذهب ولسان حاله " يا مولاي كما خلقتني".. رفض أحمد الظهور أو التصوير ولكنه قرر البوح بما عاناه ليكون عبرة لمن يريد الهجرة غير الشرعية.. ويحكي حكايته في السطور التالية.. تخرجت من كلية التجارة 2004، وتوجهت لشرم الشيخ لأعمل في الفنادق هناك، وكان راتبي 500 جنيه فقط، ولكني لم استمر، وفي لحظة يأس قررت الهجرة مثل غيري من الشباب، رغم أن أسرتي كانت ترفض سفري، ولكني لم أتراجع عن قراري، وقابلت السمسار في 2006، وحصل على 35 ألف جنيه كمقدم، إلي أن أسافر وأكمل مبلغ أخر، وتوجهنا إلي ليبيا بدون أي مشاكل، ولكن المشكلة والمغامرة كانت في الطريق بين ليبيا وإيطاليا، فوصلنا في ليبيا إلي المكان المحدد للتحرك، وكان يجب أن نزحف على البطن حتى نصل للمركب ولا يرانا أحد، وكان من المفترض أن نكون 300 شخص، ولكن الشرطة هجمت ومن استطاع أن يفلت كمل الرحلة، وأصبحنا 93 شابا، والشرطة طاردتنا، ثم انتقلنا من الشرطة البرية إلي خروج قوة بحرية، ولكننا أفلتنا، وكانت أصعب ساعات تمر علينا، وأخذنا 3 أيام في المياه، والحمد لله لحسن الجو لم تكن هناك أي خطورة، ولكن الحدود في إيطاليا تراقب من خلال الطائرات، فأرسلوا قطعتين بحرية وحاصروا المركب، وكانت لحظة رعب بالنسبة لنا، واصطحبونا داخل الميناء، وتم إجراء الكشف الطبي علينا، وحصل كل فرد فينا على رقم، وكان من المفترض إن كل واحد يقول على جنسيته، ولكن المصريين لا يستطيعوا أن يقولوا على جنسيتهم الحقيقية، لأن الاتفاقيات بين مصر وإيطاليا تنص على تسليم أي مصري يتم القبض عليه، وكل واحد بدأ يجهز الكذبة، ولازم نقول إما فلسطيني أو عراقي، ودخلنا في تحقيق لمدة أسبوعين، وفي النهاية تم الإفراج عنا بعد أن حصلنا على وثيقة من السلطات الإيطالية للبقاء خمسة أيام فقط في إيطاليا، وبعدها يجب أن نترك البلد، ولكن عرفنا أن هذا إجراء روتيني. ويستكمل رحلته قائلا: ذهبنا إلي ميلانو لأننا نعرف أن المصريين هناك بكثرة، وبدأت الحياة هناك، وبقيت في إيطاليا عام ونصف، وكنت أحاول أعيش هناك بأي طريقة، فلم أجد بالطبع عمل بسهولة، كما كان هناك مشكلة في السكن إلي أن وجدت مكان للسكن ب150 يورو، وهي شقة مشتركة والحمام فيها بالدور، وبما أني لا أملك أوراق قانونية فكان العمل صعب جدا، وكان عليّ أن أعمل في أقل الأعمال مثل غسيل الأطباق، وتوزيع إعلانات أو في النظافة، ولكني لم أحقق أي شئ، وفي الأيام الأخيرة لي في إيطاليا أصبحت القوانين أصعب، فكل الأوراق أصبحت بالكمبيوتر، ولازم البصمة، فمن قبل كل شئ كان قابل للتقليد ولكن بعد ذلك أصبحت الأمور صعبة، وفكرت في العودة كثيرا ولكني لم يكن لدي الجرأة على اتخاذ هذا القرار ولكني عدت أخيرا بعد أن وجدت أن وجودي في أوروبا مثل السجن، وأعمل هنا في مكتبة، ولكنها أفضل لي مليون مرة من "البهدلة" التي رأيتها بالخارج، وأنصح أي شاب يتخرج ولا يجد عملا وأقول له نار بلدك ولا جنة الغربة، لأنك لن تجد جنة من الأساس، كلها أوهام، فأصبر في بلدك، ويكفي أنك بين أهلك.