الشيخ تامر سليم إمام المركز الإسلامي بولاية كنساس الأمريكية، عمره 32 عاما، ورغم صغر سنه إلا أنه أصبح إمام أحد أهم مساجد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد ساهمت أفكاره المتلاءمة مع خصوصية المجتمع الأمريكي في شهرته في أوساط المسلمين الأمريكيين وتبادل كتبه وخطبه عبر الانترنت ، في السطور القادمة حوارنا مع الشيخ تامر سليم سيتركز حول رؤيته لوضع المهاجرين المصريين إلى أمريكا ، ومستقبل الإسلام هناك .. كيف جاء سفرك وعملك في الدعوة في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ أنا خريج جامعة الأزهر كلية الدراسات الاسلامية باللغة الإنجليزية وكنت من أوائل دفعتي في عام 2005 ورشحني أحد أساتذتي في الجامعة لإقامة صلاة التروايح وإعطاء دروس في شهر رمضان في أحد المراكز الاسلامية في مدينة جورجيا وبالفعل أقمت الصلاة في هذا المركز ثم جاءني عرض لاستكمال العمل في هذا المركز فوافقت وبدأت الدراسات العليا في ولاية نيويورك حيث عملت في أكبر مركز إسلامي في أمريكا ومنذ هذا الوقت وأنا أتنقل بين المراكز الإسلامية في أمريكا إلى أن أصبحت إمام المركز الإسلامي بولاية كنساس وهي من أكثر الولايات التي تتركز بها الجالية المسلمة في أمريكا. وما هي طبيعة المراكز الإسلامية في الولاياتالأمريكية الأخرى؟ المراكز الإسلامية تقوم بدور رئيسي في حياة المسلمين في أمريكا علي عكس المساجد في مصر أو بمعني أدق من المفترض أن تكون المساجد في مصر والعالم العربي مثل المراكز الإسلامية هناك، فمثلا المراكز هي أماكن لتعلم القرآن والحديث واللغة العربية وتعارف المسلمين من كل الجنسيات علي بعضهم البعض في شكل اجتماعي أسري، وهي أيضا مكان للاحتفال بالأفراح وأعياد الميلاد والسبوع وغيرها من المناسبات العائلية التي يحرص عليها المسلمين، وبالتالي يقوم إمام المسجد بدور التوعية والإرشاد لكل المسلمين، ويلجأ إليه معظمهم في حل مشكلاتهم أو توعيتهم بأصول دينهم نظرا لاختلاف الفتاوي وفقا لطبيعة البلد التي نعيش فيها. من المعروف أن مشكلات الجيل الثاني من أبناء العرب والمسلمين المهاجرين كبيرة، فهل يمكن للمسجد أن يقوم بحلها؟ بالفعل مشكلات الجيل الثاني من أبناء المهاجرين هي مشكلات عميقة فهم بلاهوية وقد يكونوا مولودين في أمريكا لأبوين عرب مسلمين أو ولدوا في بلادهم وهاجروا في صغرهم ويكبروا علي اللغة العربية في بيوتهم ولكن في الخارج المجتمع يتحدث الإنجليزية ولديهم العادات والتقاليد وأسلوب الحياة المختلف تماما وليس لديه الخلفية الثقافية الكافية ليواجه هذا الاتجاه المختلف في الأفكار وبالتالي فان الأبناء يخرجوا ليسوا عرب ولا أمريكان "ولاهم مسيحيين ولا مسلمين ولا ايه بالظبط "وهنا يكون الدور علي الوالدين في اللجوء إلي المراكز الإسلامية منذ الصغر لتعلم اللغة العربية والتعرف علي الثقافات العربية وخلق أصدقاء من نفس الثقافة حتي يحفظوا هويتهم وليس معني ذلك الإنغلاق أو الإنعزال عن المجتمع الأمريكي والذي أعتبره من أفضل المجتمعات في العالم، والأمريكان من أفضل الشعوب التي يمكن أن تتعامل معها علي المستوى الإنساني، لأنهم يتمتعون بأخلاق إسلامية مثل البشاشة والصدق واحترام المواعيد والأخلاق والصدق والبعد عن الغيبة والنميمة، وأنا أتذكر أنني عندما مر عام على وجودي في أمريكا كنت أتذكر كل يوم كلمة الإمام محمد عبده عندما عاد من باريس بأنه وجد في أوروبا إسلام بلا مسلمين وهذا موجود بالفعل في أمريكا وهنا يجب أن أفرق بين الحكومة الأمريكية والتي من الممكن جدا أن تكون سياستها ظالمة تجاه المسلمين في الشرق الأوسط، أما الشعب الأمريكي فهو شعب ترحاب ومحترم لأقصي درجة بدليل أننا نعيش هنا منذ سنوات في أمان تام وعندما أنزل إلى مصر لا أستطيع أن أستوعب حجم الروتين والعشوائية في المجتمع المصري أكثر من أسبوعين. تنقلت بين العديد من المراكز الإسلامية بالولاياتالمتحدة، فما هو السبب وراء هذا؟ للأسف أسلوب إدارة المراكز الإسلامية خطأ، فهو يعتمد علي رجال الأعمال وأكثر المتبرعين لأن هذه المراكز قائمة علي التبرعات وبالتالي يكون اختيار الأئمة قائم علي اختيار مجلس الإدارة ولذلك فإنه لا يوجد إمام مسجد يظل في نفس المركز أكثر من ثلاث سنوات نتيجة تدخل الإدراة في عمل الأئمة وهذا ما حدث معي بشكل شخصي لأنني أزهري وخريج دراسات إسلامية ولدي أسلوب معين في الخطابة وإدارة الحوار في المساجد وهذا قد لايتفق مع توجهات بعض الإدارات للمراكز، ولكن الآن وفي المركز الذي أعمل فيه الآن انتهت هذه المشكلة وهل معني ذلك أنه يوجد محاذير في خطب الأئمة في صلاة الجمعة أو التراويح أو غيرها من خطب المناسبات؟ أبدا فهنا مسموح لي أن أتحدث في أي شيء وأن أنتقد أي شيء في البلد سواء كانت تصرفات الحكومة تجاه المواطنين أو غيرها ولكن هناك موضوع واحد قد يعرض أي إمام لمشكلة وهو الحديث عن اليهود أو دولة اسرائيل وهذا قد يعرض الإمام لتهمة معاداة السامية، أما ما دون ذلك فهو متاح ولا أتلقي أي تعليقات من أي جهة حكومية أو أمنية علي خطبي. هل تأثرت الجالية الاسلامية المصرية بالتغيرات السياسية التي حدثت في مصر ووصول الإخوان للحكم؟ بالفعل، حدث تأثر بالمناخ السياسي في المراكز الإسلامية خاصة وأن هناك اتجاه لأخونة المراكز خاصة وأن الأخوان المسلمين موجودين بقوة في أمريكا تحت أسم منظمة Muslim American society ( mas ) وهم لديهم أنشطة اقتصادية ودعوية كبيرة في مختلف الولاياتالأمريكية ولديهم نفس طريقة الإخوان وأسلوبهم التربوي والدعوي ويدعمونه بكل الطرق الممكنة وهم يعملون علي تربية جيل ثاني يدين بالولاء والطاعة لهم وقاموا بعد وصول الدكتور محمد مرسي الي رئاسة الجمهورية بمحاولة استمالة معظم الدعاة وأئمة المساجد من أصحاب الشعبية العالية في أوساط المسلمين في أمريكا ونجحت محاولتهم في بعض الأحيان وفشلت في البعض الآخر وقد حدث هذا معي ولكني من المفضلين لعدم تصنيف الإمام أو الداعية لتيار سياسي معين وأفضل أن أمارس دوري كإمام مسجد وناقل للعلم وهذا من وجهة نظري أفيد للمسلمين من السياسة التي يعمل بها من هو أعلم بها مني. وما هي طبيعة العلاقة بينهم وبين الإدارة الأمريكية؟ المسلمون منقسمون في علاقتهم بأمريكا درجات وطوائف فهناك من يرتمون في حضن الأمريكان وينفذون أوامرهم علي مستوي الانتشار والأنشطة وهم أصحاب بعض المراكز الاسلامية وهناك من يعيشون في أمريكا ويتمتعون بخير البلد ويعملون فيها ويكسبون الكثير منها منذ سنوات وعندما يجلسون مع بعضهم البعض يسبون الشعب والحكومة الأمريكية ويقولون عليهم كفرة وهم يعيشون حياة منغلقة علي أنفسهم وفي عزلة تامة ولا يختلطون بالأمريكان في النواحي الاجتماعية إطلاقا وهناك فئة ثالثة وهم الأخوان المسلمين وهم علي الحياد فعلاقتهم بهم في حدود المعقول والسلمية والنفع من الجانبين. هل هناك إدراك من الحكومة الأمريكية لهذه الفوارق بين الأيدلوجيات؟ بالطبع فالحكومة الأمريكية تعرف كل من يعيش علي أرضها وطريقة تفكيره لذلك أحيانا يكون هناك بعض التضييق علي الإخوان في أمريكا من حيث المشروعات الاقتصادية، خاصة وأنهم يعرفون أنهم أصبحوا قوة حاكمة في مصر ولديهم شعبية وينجحون في الانتخابات وهي تريدهم في إطار مصالحها، وبالتالي تضيق عليهم بعض المشروعات الاقتصادية، وهذا قد لا يحدث مع السلفيين لأنها تعرف حجمهم الحقيقي في الشارع المصري وأنهم غير مؤثرين علي صناعة القرار في مصر مثل الإخوان. ولكن هل هناك محاولات لنشر الدين الإسلامي؟ هناك بعض الأمريكيين يعلنون إسلامهم ويأتون إلينا لنساعدهم في ذلك، وهذا شيء طبيعي ولا تتدخل فيه أي جهة رسمية لأن الأديان هناك علي اختلافها حرية شخصية ولا تمثل أي فارق في التعامل مع المواطنين بالنسبة للحكومة فأي شخص يعامل كمواطن أمريكي ووفقا لاحترامه للقانون فقط لا غير وكل ما يقال عن اضطهاد المسلمين في أمريكا غير صحيح وإذا كانت هناك بعض الحوادث الفردية بعد أحداث 11 سبتمبر فقد مر علي ذلك فترة طويلة وتفهم الشعب الأمريكي الفرق بين الإرهاب والإسلام وتفهم المسلمين هنا حساسية الموقف وتعاملوا معه بذكاء شديد. هناك اتجاه في مصر إلى انتخاب شيخ الأزهر في الفترة القادمة، فهل تعتقد أنه سيكون لكم كدعاة في الخارج دور في هذا الاختيار؟ انتخاب شيخ الأزهر هي خطوة عظيمة لأن قيادة الأزهر يجب أن تكون من داخل أبناءه بما يحيي تراثه ويحافظ علي تاريخه العظيم وأن يكون أحد كوادره وأبناءه الذي يختاره من يعملون معه أما بالنسبة لدور الدعاة في الخارج فأعتقد أننا لن نكون مؤثرين بدرجة كبيرة خاصة وأن الأزهر لا يشارك في اختيارهم إلا في أضيق الحدود وهو يشارك أكثر في مسألة الإرسال للطلبة المتفوقين ليس أكثر أما ترقيتهم أو استمرارهم في العمل هناك في اطار اختيار المؤسسة التي يعمل بها. وإذا جاءت لك فرصة للعودة والعمل في الدعوة في مصر فأيهما تفضل؟ مصر مليئة بالدعاة والشيوخ الأجلاء ولكن أنا من وجهة نظري أفيد الإسلام والمسلمين من خلال تواجدي هنا في أمريكا أكثر من مصر ومن خلال الحفاظ علي الهوية الإسلامية بين المسلمين الموجودين هنا وتذكيرهم الدائم بقواعد دينهم وأنا أنوي أن أكمل حياتي هنا في أمريكا خاصة وأنني أكمل رسالة الدكتوراة الخاصة بي و تزوجت من طبيبة باكستانية مسلمة لها نشاط في مجال الدعوة والدين الإسلامي، إضافة إلي عملها في مجال الطب ولذلك أنا أدين لأمريكا بفضل كبير سواء في حياتي المهنية أو الاجتماعية.