فى ظل صمت وتجاهل تام من الحكومة المصرية .. وقعت الحكومة الإسرائيلية أول إتفاقية دولية مع حكومة جنوب السودان حول استغلال مياه النيل ومشروعات تحلية ونقل المياه حيث ستمكن هذه الإتفاقية إسرائيل من التواجد رسميا فى إحدى دول حوض النيل وهى دولة جنوب السودان مما يشكل خطرا - حسبما يرى الخبراء- على مستقبل حصة مصر من المياه ..يأتى هذا فى الوقت الذى تراجع فيه النفوذ المصرى تماما من القارة السمراء التى أصبحت مرتعا لإسرائيل وأمريكا الآن .. وكانت صحيفة جيروزاليم بوست قد نشرت خبرا الثلاثاء الماضى عن توقيع وزارة الطاقة والمياه الإسرائيلية مع وزارة الرى والمياه بجنوب السودان إتفاقية تقضى بنقل الخبرات الإسرائيلية فى مجال تحلية ونقل المياه وإقامة بنية تحتية للصرف والرى وإقامة مشروعات أخرى لاستخراج الطاقة .. فى سياق التعليق على هذا الخبر يقول العميد حسين حمودة مصطفى مؤلف موسوعة إسرائيل فى إفريقيا وباحث دكتوراه فى العلوم السياسية بجامعة القاهرة: هذا المشروع فى حقيقته هو مشروع صهيو أمريكى يستهدف أن تصبح قارة إفريقيا هى الفناء الخلفى لأمريكا وإسرائيل وهو مؤشر خطير جدا للضغط على مصر من خلال مياه النيل وسيصبح من حق إسرائيل وفق هذه الاتفاقية العمل مع حكومة جنوب السودان وتنفيذ مشروعات ومخططات لنقل وتحلية المياه وإقامة بنية تحتية لمشروعات الرى والصرف وإقامة سدود أو ما شابه على النيل وهذا أمر فى غاية الخطورة وأراه بمثابة إعلان حرب على مصر من هذه الناحية يأتى هذا فى الوقت الذى تضائل فيه نفوذ مصر فى القارة الإفريقية بشكل كبير .. ومن المحتمل أن يحدث فى المستقبل أن تتدخل إسرائيل وتصبح قوة ضاغطة على مصر فى ملف المياه بفضل سيطرتها على النيل فى إحدى الدول المطلة على النهر وهى دولة جنوب السودان الحديثة وقد يمتد هذا الضغط لدفع مصر لمد المياه إلى إسرائيل من خلال ترعة السلام فكل هذه أمور واردة. ويضيف العميد حسين حمودة أن إسرائيل تعانى بشدة من نقص المياه وهى من الدول الواقعة تحت خط الفقر المائى ولذلك هم متميزون جدا فى مشروعات الرى بالتنقيط وتحلية المياه واستغلوا هذه الخبرات وتواجدوا بها فى إفريقيا ولم يديروا ظهورهم للقارة السمراء كما فعل نظام حسنى مبارك الذى تسبب فى كل ما نعانيه الآن فبعد فشل حادثة إغتياله فى أديس أبابا ألقى بهذه القارة خلف ظهره ولم يهتم بها ولم يكن يحضر القمم الإفريقية بها وكانت النتيجة أننا فقدنا النفوذ الإستراتيجى بها وحلت محلنا إسرائيل وأمريكا بل أن رئيس وزارء إثيوبيا صرح بعد قيام الثورة أن مصر الزعيمة انتهت من إفريقيا وأن عصر عبد الناصر وزعامته انتهت إلى غير رجعة. فكل ذلك يعطينا مؤشرات على ضعف التواجد المصرى فى إفريقيا وفى منابع النيل مما يهدد ثروتنا المائية. ويؤكد العميد حسين حمودة أن ما تقوم به إسرائيل من مشروعات فى النيل عند جنوب السودان وفق هذه الإتفاقية سيمنع مصر من الاستفادة من حصيلة المياه عند قناة جونجلى فهناك نحو 10 مليار متر مكعب من المياه كانت ستستفيد منها مصر فى حالة تنفيذ هذا المشروع لكن إسرائيل سبقت وتحركت وعلى الإدارة المصرية أن تتحرك وتنقذ ما يمكن إنقاذه وأن نستعيد مكانتنا فى هذه القارة.