هنأ الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز نظيره المصرى مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" الدكتور محمد مرسى بفوزه فى انتخابات الرئاسة المصرية، مؤكدًا أن إسرائيل ستحترم السلام بين البلدين، مضيفًا أن اتفاقية السلام بين البلدين تعد انتصارًا حقيقيًّا للدولتين ولجميع الأطفال فى العالم. وقالت الإذاعة العامة الإسرائيلية إن بيريز دعا مرسى خلال لقائه بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى يزور تل أبيب حاليًّا لاحترام اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1979. وأشارت الإذاعة العبرية إلى أن بيريز صرح بذلك خلال كلمة ألقاها فى مدينة "نتانيا" القريبة من تل أبيب بعد ظهر اليوم الاثنين، حيث دشن مع الرئيس بوتين نصبًا تذكاريًّا لإحياء بطولة "الجيش الأحمر" خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قدم التحية والشكر للشعب الروسى ولبطولة الجيش الأحمر الذى قهر الجيش النازى خلال الحرب، على حد قوله. ووجه بيريز لنظيره الروسى كلمة قائلاً: "إن الرئيس بوتين قد أعلن لدى توليه مهام منصبه أن روسيا لن تركع أمام أحد، وأنها قد جنبت العالم الحُرَّ إبان الحرب العالمية الثانية الركوع أمام النازية، وأنه فى تلك الحرب التى كانت أهوالها الأسوأ فى التاريخ فقد الشعب اليهودى ثلث أبنائه، كما دفع خلالها الشعب الروسى ثمنًا باهظًا، وتحمل العبء الأكبر فى هذه الحرب غير أنه لم يرضخ" على حد تعبيره. وأضاف بيريز أن الجيش الأحمر كان الأول الذى حرر المحتجزين فى معسكرات الإبادة النازية، مستذكرًا أن حوالى نصف مليون يهودى قاتلوا فى صفوف الجيش الأحمر كجنود وضباط، وأن حوالى 200 ألف منهم سقطوا فى ساحات القتال. وأشار الرئيس الإسرائيلى إلى أن عددًا كبيرًا من أبناء الشعب اليهودى لا يزالون يعيشون فى روسيا الاتحادية، وهناك حوالى مليون ونصف المليون من الناطقين باللغة الروسية مقيمون حاليًّا فى إسرائيل، مضيفًا أن مجىء الرئيس بوتين إلى نتانيا يشكل لقاءً تاريخيًّا نادرًا يحمل فى طياته الألم والافتخار والأمل، ويشكل تحذيرًا لهؤلاء الذين يرغبون فى أن يدوسوا كرامة الإنسان مرة أخرى، على حد تعبيره. وأكد بيريز أن تل أبيب لن تسمح بأن يحدث ما حدث فى تلك الحرب مرة أخرى، معربًا عن يقينه ألا تسمح روسيا بوجود تهديدات من هذا القبيل ليس من جانب إيران وليس فيما يتعلق بسفك الدماء فى سوريا. وتنظر إسرائيل بعين الريبة والقلق إلى فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، ورغم إعلانها احترام نتائج هذه الانتخابات، فإن محللين سياسيين يشككون في قدرة مرسي على إدارة مصر ويرجحون بقاء السلام بين البلدين "متجمدا" لاعتبارات اقتصادية ودولية. إسرائيل اكتفت برد مقتضب جدا وقالت في بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة مساء الأحد إنها تتوقع استمرار التعاون مع النظام المصري على أساس اتفاقية السلام بين الدولتين "التي تمثل مصلحة للشعبين وتساهم في استقرار المنطقة". المعلق العسكري لموقع صحيفة يديعوت أحرنوت رون بن يشاي وصف فوز مرسي بأنه "حدث تاريخي" لعدة أسباب منها تقلد ابن التيار الإسلامي الحكم للمرة الأولى، وانتهاء عصر الجنرالات منذ سقوط الملك فاروق، وأخيرا لبلوغ رئيس سدة الحكم بشكل ديمقراطي. لكن يشاي اعتبر أنه مع استمرار تساقط "حجارة الدومينو بحضن الإسلاميين" فإن احتمالات التسوية مع الفلسطينيين تناهز الصفر كما سيواجه سلام إسرائيل مع الأردن خطرا حقيقيا. ويشير في حديث للجزيرة نت إلى أن ذلك لا يبشر بالخير من وجهة نظر إسرائيل، التي ترى أن ما تشهده مصر هو استمرار للمسلسل الذي حدث في كل من إيران وتركيا وتونس وغزة. وبحسب يشاي فإن فوز مرسي يقلق إسرائيل باعتباره مؤشرا لمخاطر استعجال سقوط الأنظمة الحاكمة التي تدعمها الجيوش في كل من سوريا ولبنان والأردن والسلطة الفلسطينية، ويرى في سقوط السلام مع الأردن "خطرا كبيرا". ورغم ذلك، لا تبدو الصورة بهذه القتامة، حيث يؤكد يشاي أن المسيرة الديمقراطية في مصر تبعد شبح الحرب الشاملة، مدللا بأن تجارب التاريخ تقول إن الأنظمة الديمقراطية لا تسارع للخوض في حروب خوفا من محاسبة الشعب لها. وما يعزز من طمأنة إسرائيل استمرار احتفاظ المؤسسة العسكرية في مصر وأتباع النظام السابق بنفوذ، بدليل الفارق البسيط بين مرسي وأحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. أما عوديد جرانوت محرر الشؤون العربية في القناة الإسرائيلية الثانية ينضم هو الآخر للطعن والتشكيك ويتهم الإخوان المسلمين بسرقة الثورة المصرية من الشباب العلمانيين والديمقراطيين والقوميين الذين أطلقوا الحرب على نظام مبارك. ويشير جرانوت في مقال نشرته صحيفة معاريف اليوم الاثنين إلى أن محمد مرسي وعد بمد يد التعاون إلى كافة التيارات، لكنه أغفل مبدأ وشعار "الإسلام هو الحل" الذي قال إن الإخوان المسلمين يدركون أنه جميل ومقبول حينما تكون الحركة في المعارضة لا في السلطة. وينضم المختص بالشؤون العربية المعلق البارز داني روبنشطاين إلى هذا التشكيك ويشير ردا على سؤال للجزيرة نت إلى أن محمد مرسي سيضطر لمواجهة ثلاثة تحديات فورية أولها خفض منسوب التوتر مع الجيش المصري والبحث عن صيغة تعايش بين المؤسسة العسكرية والرئاسة. أما المشكلة الثالثة فهي صورة مصر بعد حكم مبارك والجنرالات، وهي الصورة التي تأمل كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة أن تأخذ النموذج التركي، أي دولة علمانية ديمقراطية بقيادة حزب إسلامي. ويتابع "لكن المشكلة أن الإخوان المسلمين سبق أن أوضحوا لرئيس حكومة تركيا خلال زيارته الأولى للقاهرة بعد الثورة أن النمط التركي لا يلائم مصر". يراهن محرر الشؤون العربية في صحيفة هآرتس، يجئال رفيد، على أن محمد مرسي سيضطر لإيجاد طريقة تحول دون إفلاس اقتصادي وضمان استمرار تلقي المعونات المالية من الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي. ويفسر رفيد ذلك بابتلاع ضفدع يدعى "اتفاقية السلام مع إسرائيل"، ويشير إلى أن الرئيس الجديد سبق أن أعلن نيته عدم إلغائها مشيرا إلى أن امتحانات غير بسيطة تنتظره في ظل ما يجري في غزة وسيناء. ويتابع "فوق كل ذلك وسوية مع الإخوان المسلمين سيضطر لاتخاذ قرار هل سيتجه لمواجهة مع المجلس العسكري أو إيجاد تسوية تتيح لهما تثبيت الاستقرار في مصر ومنح مواطنيها مستقبلا أفضل".