علي مدي 12 عاما قابلت خلالهما نحو 100 شخصية سياسية وثقافية وفنية ورياضية لم أصادف رجلا بهذه الصراحة التي تكفي لشغل مكاتب 10 محامين خلال ساعتين فقط من حديثه من كثرة قضايا السب والقذف التي يمكن أن ترفع ضده .. وأشك لو خسر واحدة منها فلسانه يشبه قنابل المولوتوف .. لا تقتل لكنها تحرق.. وراؤه مشوار طويل يمتد لنصف قرن في عالم الفن .. لكنه عاش مواطنا تفاعل مع أحداث هذا البلد التي انعكست علي حال المجتمع بما فيها الفن .. بداية من أطلال أم كلثوم ونهاية بخرونج أبو الليف وهو لم ينتظر حتي أكتبها في المقدمة .. قالها من البداية ' كل كلامي علي مسئوليتي .. أنا مابخفش من حد وطول عمري رأيي حر' .. وسواء اتفقنا أم اختلفنا معه تعالوا نسمع آراءه الحرة .. الحرة جدا ! . تصوير : محمد لطفي بعد نحو 15 شهراً من ثورة 25 يناير .. هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟ ! طبعا لا .. أكذب يعني عشان أبقي حلو؟ أنا متشائم جدا لأن الدول لا تدار بالعواطف والصوت العالي لكنها تدار بالقانون والدستور .. تعال نرجع للاستفتاء ولو نظرنا للذين قالوا ' نعم ' سنجد أنه تقريبا لم يعترف بهم أحد أما من قالوا ' لا ' فقد انقسموا إلي 300 ائتلاف وكل واحد برأي , وغرورهم سبق عقلهم أنا طلعت في التليفزيون قلت لهم بلاش تعملوا زي الدكتور الذي أجري عملية ناجحة وانبهر بتصفيق الناس له .. وعندما أعادها مات المريض ومن يومها وضعوني في القائمة السوداء لاني لن أكذب لأنافقهم حتي ولو قالوا عني خائنا فيه ناس مش بس كارهين للبلد .. دول كارهين لأنفسهم وممكن تسمع طريقة كلامهم وتقرأ ملامحهم لتكتشف ما بداخلهم مصر حجمها كبير قوي في العالم .. لكنه قليل قوي عند أهلها . عفوا يا أستاذ .. لكن التعميم خاطئ ثم إن اختلاف الرأي لا يعني غياب الموضوعية خاصة وأنك نفسك تعاني حكاية القائمة السوداء لمجرد أنك قلت رأيك؟ ! أنا لا أعمم ولا أقصد أحدا بالاسم .. لكن تعال نتكلم بالعقل طبعا تعامل الشرطة العنيف مرفوض لكن عندما يذهب العشرات ليعتدوا علي الجنود عند وزارة الداخلية في الشهر الماضي ده معناه إيه؟ ! أعود لسؤالك الأول .. بلد بلا داخلية تدعو للتشاؤم طبعا من بعد أسبوع من الثورة التي قام بها شباب زي الفل الطلبات والاعتصامات زادت وحملات التخوين بدأت والانفلات انتشر وخرجت ثعابين من تحت الأرض مدهونة بوجوه ملائكة .. صدقني البلطجية أرحم منهم لأنهم علي الأقل واضحون . تقصد من بالثعابين التي خرجت من تحت الأرض .. كل الذين قاموا أو شاركوا في الثورة أو ظهروا بعدها كانوا ضمن نسيج المجتمع؟ ! أقصد الذين عندما يرون كاميرات التليفزيون والصحف يتحولون إلي قديسين .. وما أن يعودوا إلي بيوتهم يرجعون إلي أصلهم الشيطاني ، أقصد الشباب الذين انتشروا كالنمل فوق آلاف الموتوسيكلات في شوارع القاهرة ليسرقوا ويرهبوا الناس أقصد الذين خرجوا ليكفرونا وينصبوا أنفسهم حكاما للشريعة أقصد المنفلتين أخلاقيا وتكفي جولة بسيطة في الشوارع لتري سلوكيات بعض الناس كيف تحولت لأسوأ ما تتخيله . هل رأيك هذا متأثر بهجوم كثير من شباب الثورة عليك بسبب آرائك؟ ! حدوتة القوائم هذه أكبر جناية .. أنا من 50 سنة أقدم أغنيات وطنية عمري ما ذكرت اسم رئيس واحد وعندما قدمت ' متقولش إيه إديتنا مصر ' .. كان فيها إيه دي ! عبد الحليم حافظ بعد نكسة 1967 الجمهور هاجمه وتقريبا وضعه علي ما تشبه حاليا حكاية القوائم هذه فأقسم أنه لن يغني لأحد سوي وطنه فقط حد فاكر القائمة السوداء هذه .. وحد مش فاكر مين هو عبد الحليم حافظ ! ثم لماذا لا نتكلم عن الفساد من بدايته .. هو مبارك اللي اخترعه لا لازم نتحاسب ونكشف عن حقائق التاريخ من الأول .. يعني من ساعة تزوير هزيمة 1956 لتصبح انتصارا ثم هزيمة 1967 التي اصبحت مجرد ' نكسة ' .. مش ده كمان فساد ! لما يطلع لنا بعض المسئولين ويقولوا إنهم كانوا من نسب النبي بالزور والكذب .. مش ده كمان فساد ! لما الاقتصاد كان منهارا منذ سنوات طويلة وكل الموجودين حاليا كانوا عارفين وساكتين .. مش ده كمان فساد ! الحكاية بدأت ببذرة من أيام عبد الناصر وكبرت وطرحت بمرور السنين كل اللي كانوا ماسكين البلد ' هبروا ' وسرقوا ودمروا .. وهناك مشروع فساد قادم . ماذا تعني ؟ ! الآراء الخاطئة وتكفير كل واحد ظهر وكبر في عصر حسني مبارك .. طيب ما أنت يا اللي بتكفرنا ولدت ورضعت وعشت وكبرت في عصر مبارك بهذا المنطق يبقي 90 % مما نأكله حرام .. حتي اللي بيصلي كان بيأكل حرام !! واحد زي مصطفي الفقي عبقري سياسة وكان رأيه زي الطين فيما يحدث وهو صديقي وكثيرا ما سمعت وعرفت .. لكن تم إقصاؤه لمجرد أنه عمل مع مبارك .. بالذمة مش دي خيابة ! كله كان مغلوبا علي أمره وبلاش ادعاء بطولات .. طيب شاور لي علي أتخن تخين قبل ما الشباب يخرجوا ويقوموا بثورتهم كان يقدر يرفع صوته ! . لا .. كان هناك كثيرون رفعوا صوتهم ! وعملوا إيه؟ ! أنا لا أعمم ولكني أتكلم عن أشخاص بعينهم .. وهناك كثيرون تتم محاربتهم الآن بلا سبب وأنا أقولها لك من دلوقتي .. ولا واحد من اللي مرشحين أنفسهم في الرئاسة سينجح مادام هناك شخص اسمه عمرو موسي رغم محاولات تشويه مواقفه يحيي الجمل أبو القانون والسياسة بيشتموه دلوقتي .. ده ينفع ! هو كل اللي نخاصمه نعدمه يعني ! طيب يعني لما نخلص علي كل دول .. يعني اللي هييجي بعدهم هو اللي هينقذنا .. أبقي قابلني ده اللي مالوش أب بيبقي يتيم .. واحنا للأسف ثلاثة أرباع المصريين حاليا أيتام لأنهم لا يعترفون بآبائهم ! . طيب .. نترك الكلام في العموميات الذي يبدو أن تشاؤمك سيطغي علي كل آرائك نقترب من الفن وهل تعتقد أن الثورة وصلت .. أو علي الأقل في طريقها إليه؟ يا عيني .. الفن هو مرآة المجتمع وانعكاس لأحواله إذا أردت أن تعرف شعبا استمع لأغانيه .. جت الثورة وقلت سمعونا يا أولاد فوجئت بفوضي خلاقة في أغنية ' بلادي ' .. واحد طالع يعوج لسانه ويغني بالأمريكاني وهناك مطرب ثاني لابس جيتار مفكوك وبيغني اسطوانة مسروقة بالنص .. طيب الفلاح يفهم ده إزاي ! اسمعني أنا دي شغلتي لكن المطبلاتية بتوع ' يا عيني علي أغاني الثورة ' سيبك منهم لكن فيه أغنيات محترمة جدا منها مشروع لطلبة من جامعة حلوان قدموا من خلالها موسيقي من ' طين الأرض ' .. خلاص مصر كلها بقت ماسكة جيتارات .. من إمتي؟ ! ربما هذا التطور ملائم لفكرة الثورة نفسها ؟ ! طيب فين قيمتك الفنية الخاصة بك .. أين المحلية؟ ! ثم إن فاقد الشيء لا يعطيه .. الأغنية خربانة أصلا من قبل الثورة .. ومش فجأة سيظهر لنا عبقريات أنا عندما عملت ' الحلم العربي ' حققت نجاحا رائعا مع الاحتفاظ بقيمة موسيقانا ويؤسفني أن الأخ صفوت الشريف منع إذاعتها في البداية وضحك علي مبارك وقال له ' دي بتتكلم عن القومية وجمال عبد الناصر ' فطلب الرئيس السابق إنه يتفرج عليها .. فعملنا له عرضا خاصا وبعدها نظر لصفوت وقال له ' ما الأوبريت حلو أهو ' . يعني مفيش أي صوت عجبك من الذين ظهروا مع الثورة ؟ ! كان فيه 10 مطربين أغرقوا القنوات الفضائية بأغاني عن الثورة وعندما سمعناهم في لجنة الاستماع رفضناهم كلهم لا صوت ولا لحن ولا كلام وحتي الأداء صفر .. جيل لم يقرأ الأدب ولا التاريخ والفن .. فقط يقرأ دماغه ولذلك لا توجد عندنا مفردات ارجع لمئات الأغاني القديمة الوطنية وستعرف الفارق الكبير جدا عموما مما ظهر حتي الآن 10 % فقط يمكن أن يسمع وليس جيدا , أما الباقي فتعليقي الوحيد عليه .. عيب ! الثورة العظيمة نجحت في القضاء علي الفساد السياسي لكنها للأسف لم تنجح في القضاء علي الفساد الغنائي فأصبح كل من هب ودب يغني لمصر وللثورة ولم يعد هناك معيار للفن أو الذوق العام فليس شرطا أن يخرج المطربون من وسط الثوار لكن المهم أن يمتلكوا الموهبة وجمال الصوت وللأسف خرجت علينا مئات الأصوات التي لا تمتلك إلا شرعية التواجد في ميدان التحرير .