لا أحد يزايد عليه , هو أكثر إعلامي تعرض للتضييق والهجوم والاتهامات خلال النظام السابق, ورغم انه من ابناء التليفزيون المصري لكنه كان من أوائل الأصوات التي حذرت من انهيار ماسبيرو بسبب فقدانه للمصداقية , والجرأة في رأيه لا تعني الصوت العالي والدخول في معارك علي الهواء , ولذلك تمتع بكاريزما خاصة جعلت جمهوره يلهث خلفه من قناة إلي قناة , وربما كان هذا هو أيضا من يشجعه علي معاودة التجربة رغم محاربته في كل مكان يذهب إليه , كلامنا عن الإعلامي الكبير حمدي قنديل صاحب الأراء السياسية الواضحة .. والقلم الحاد والكتابات المميزة , تعالوا نعرف كيف يقيم عاما من الثورة من خلال الحوار التالي .. لماذا تركت قناة التحرير؟ أنا لم اترك القناة ولكني جمدت برنامجي حتي يحدث تغيير في الإدارة , واعتراضي لم يكن علي شخص منصور عامر المالك الجديد للقناة لكني ضد ان يشتري القناة رجل أعمال يحدد كما يريد سياستها وخطوطها ومدي حريتها , فعندما قررت ان اظهر عبر قناة التحرير كان قراري وأنا الذي طلبت الظهور معهم لانها كانت قناة بجد , قناة الثورة التي خرجت من رحم ميدان التحرير , وميزة هذه القناة أنه لم يكن هناك وجود لرجال اعمال ولا وجود للمصالح ولا للإعلانات ولا أجندات ولا حسابات , أما عندما اكتشفت ان منصور عامر اشتري نسبة كبيرة من القناة وانهم بصدد انهاء هذا العقد قررت تجميد البرنامج لحين تغيير هذا الشكل من الادارة , فلم يكن لدي مانع عندما عرفت ان هناك مستثمرا سيدخل كشريك ولكن بنسبة وليس أن يصبح مالكا كاملا للقناة بنسبه 90 % , فهذا يعني ان كل الاسس التي بنيت عليها قراري بالانضمام لهذه القناه قد انتهت . ولكن ألا تلتمس العذر لقناة التحرير .. فهي تمر بأزمات اقتصادية كبيرة وبالتالي كان القائمون عليها مضطرين لهذا القرار ؟ ! أي اعذار اعطيها لهم وهم يقضون نهائيا علي قناة ناجحة , اعتراضي ليس علي فكرة اشراك أي مستثمر او رجل اعمال رغم ان هذه القناة عندما ظهرت للنور لم تكن مشروعا ربحيا بل كانت منبرا اعلاميا للثورة , اعتراضي علي بيع القناة بفكرتها ومبادئها وبما تحمله وما تعنيه من قيمة , كان لابد ان يصلوا لحلول توافقية بحيث يحلون ازمتهم الاقتصادية باشراك مستثمر لكن بنسبة بسيطة تحافظ علي القناة بشكلها الذي بنيت علي اساسه . الا تري ان الامر كان يستحق منك التجربة .. فلماذا لم تفكر في الاستمرار لفترة قصيرة؟ ! لقد تعرضت لمشكلة في احبالي الصوتية من الجائز ان تكون هذه فرصه سانحة لهم ولذلك أمهلتهم بعض الوقت حتي يدرسوا ما طلبته لكنني لن اتراجع عن قراري , وعلي فكرة انا لم اتحدث عن نفسي فقط بل اقترحت علي زملائي جميعا ان يأخذوا موقفا هم ايضا من اجل الحفاظ علي القناة واستمرارها , وانا اري ان حل الازمة في قناة التحرير ان يشكل مجلس تحرير من مذيعي ومعدي القناة يمنعون أي انتهاك او قمع لحريات مقدمي البرامج ويمنعون تأثير رجل الاعمال الذي يشتري القناة , ولو عممت هذه الفكرة في القنوات الخاصة اظن انه حل جيد للحفاظ علي الاعلام المصري . وكيف تري الاعلام المصري وسط سيطرة بعض رجال الاعمال عليه وظهور ما يسمي بقنوات الفلول ؟ اخشي علي الاعلام المصري واشعر بأن سيطرة رجال الاعمال عليه شوهته تماما وجعلت منه مسخا واعطت هذه القنوات فرصة للمتحولين لأن يلعبوا في عقول الناس ويشوهوا الثورة ومطالبها . بصراحة .. هل تري ان برنامجك كان يحظي بمشاهدة كبيرة؟ انا لست جهة لقياس حجم المشاهدة ولكن اعتقد انه كان يشاهد وبنسبة كبيرة لانه ببساطة مختلف عن العدد الكبير من برامج التوك شو المليئة بالصراخ والخناقات والنقاش المحتد , فالبرنامج له طابع خاص ويطرح رؤية هادئة وراصدة لما يحدث حولنا . ولكن البعض قال انك اجبرت علي ان يكون برنامجك مسجلا وليس علي الهواء؟ ليس صحيحا بالمرة , لم أجبر علي الاطلاق ان اقدم برنامجي مسجلا , أنا الذي طلبت الا اقدم برنامجا علي الهواء لان البرنامج المباشر يتطلب مني أن اذهب يوميا للقناة في توقيت معين وبشكل يومي وهذا فيه نوع من الصعوبة الكبيرة علي , هذا غير ان الشكل الذي اريد أن اقدم به برنامجي لا يستلزم علي الاطلاق أن يكون علي الهواء مباشرة . كيف تري الاعلام الحكومي خلال العام الماضي؟ التليفزيون المصري عاش 30 سنة في سياسة تزييف الواقع ومن الصعب ان يغيرها في يوم وليلة واعتقد ان التغيير لن يأتي بأيدي إدارة جديدة مهما كانت , التغيير لابد أن يكون من الداخل ومن ابناء التليفزيون انفسهم , بصراحة التليفزيون بحاجة الي ثورة داخلية . ولماذا رفضت منصب رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون عندما عرض عليك؟ هذا المنصب يحتاج لمجهود كبير جدا خاصه في هذه المرحله العصيبة , والتليفزيون عبء ثقيل بافكاره وانتماءاته وصعوبة تغيير عقليات القائمين عليه , انا لن استطيع ان احقق معجزات داخل هذا الجهاز واعتذرت لانه ليس بوسعي ان اقوم بهذه المهمة المستحيلة . وكيف تري الاتهامات التي توجه إلي الاعلاميين بانهم يضللون الرأي العام ويشعلون الفتن؟ لن يسعد الجميع باظهار الحقيقة خاصة من تفضحهم , فالاعلام المحترم الذي يرصد ويراقب الواقع الذي نعيشه يكشف عن وجوه قبيحة كثيرة لن تصمت بسهولة عن فضحها , من الجائز أن يكون هناك اعلام مضلل ومتجاوز ولكن مع الاسف اصبح من الصعب تحديده , فنحن اليوم بين نوعين من الاعلام .. اعلام يحابي الحاكم أيا كان , واعلام يحابي الثورة أيا كانت , والفريقان يقعان في اخطاء وتجاوزات يتجاهلها كلاهما وكانه يقدس من يظهر من أجله وهذا الخطأ الفادح هو ما وقعنا فيه , فلا نجد اعلاما حياديا موضوعيا حتي ولو كان منحازا !! اختلفت مع البرادعي قبل أن يعلن انسحابه من الترشيح للرئاسة .. لماذا؟ الدكتور البرادعي من أبرز رموز التغيير في مصر لكنه لم يكن يصلح رئيسا لها ولم أكن سأعطيه صوتي في الانتخابات لانني لا اشعر بأنه المناسب لمصر في هذه المرحلة , وانسحبت لانني عندما رأيته هنا في مصر وسط الناس وبعد التعامل معه شعرت بأنه ليس الأنسب لنا , وهذا لا ينفي الدور الكبير الذي قام به من سعي للتغيير ولا ينفي عنه صفة الوطنية , واعتقد انه ليس من العيب مطلقا أن اعترف بأنني أخطأت في الاختيار خاصة أنني لا أريد المساهمة في تضليل الناس , وحاولت ألا ابرز ذلك احتراما لمؤيديه . هل تشعر أن الثورة انتهت ؟ الثورة لم تمت لكنها بحاجة لإيقاظها !