سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تواصل علي ورق
تقديراً للكاتب الكبير لبيب السباعي وبداية من اليوم ، ننشر 40 مقالاً من مقالاته التى سبق وتواصل فيها مع قراء مجلة الشباب خلال السنوات الماضية من خلال عنوانه الثابت " تواصل على ورق " ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسكنه فسيح جناته .
{{ تحرك قطار الانتخابات البرلمانية دون أن نشعر أنه تحرك.. أو أننا نراه قطارا يتحرك دون قضبان يسير عليها أو أننا لسنا علي يقين بأن هذا النظام سيكمل رحلته حتي محطة الوصول النهائية.. نحن أمام تحالفات تعلن ثم تنفك وشخصيات تتصدر المشهد دون أي مبرر ونهر من المال يتدفق في الشارع السياسي دون أن نعرف مصدر هذا المال.. قنوات فضائية تنطلق وصحف خاصة تصدر وكلها تتحمل خسائر مادي وعلينا أن نواجه الواقع المصري بصراحة وأن ندرك أن هناك فرقا كبيرا بين نزاهة صندوق الانتخابات ونزاهة الانتخابات نفسها فالمؤكد أن صندوق الانتخابات نفسه سوف يكون نزيها بصورة لم تعرفها مصر من قبل وهذه النزاهة معناها أن نتائج الصندوق الانتخابي ستكون ترجمة صحيحة وصادقة لأوراق الانتخابات الموجودة بداخل هذا الصندوق دون تزوير ودون تغيير .. ولكن الكارثة الحقيقية أن ما نراه حولنا من مظاهر كثيرة يجعلنا في شك كبير من نزاهة وسلامة الانتخابات البرلمانية القادمة رغم خطورتها لأن الطريق إلي صندوق الانتخابات في ظروف مصر حاليا لن يكون سليما أو نزيها أبدا .. وسوف يبدأ طريق الناخب المصري من مسكنه إلي لجنته الانتخابية حتي يقف أمام الصندوق وقبل أن يضع ورقة الانتخابات وعلي طول هذا الطريق سوف يتعرض هذا المواطن لكل الإغراءات والتهديدات وسوف يكون صوته غالبا معروضا ومطروحا في سوق الانتخابات لأعلي سعر أو للأكثر قدرة علي التأثير سواء بدعاوي الدين والتدين أو بأوهام المستقبل الوردي الذي سيتحقق خلال أيام من نجاح المرشح الهمام .. ولاحظ أننا نتحدث عن ناخب في دولة تقترب فيها نسبة الأمية من 70% من عدد السكان إن لم يكن أكثر من ذلك .. ومن هنا فإن أي توقعات ببرلمان يعبر عن الثورة ليس أكثر من تفاؤل للأسف ليس له ما يبرره .. وفي نفس السياق وبتأثير اعتبارات كثيرة منها نفوذ وسطوة المال وحشد العصبيات والأسر المسيطرة علي دوائر بعينها فإن علينا أن نتوقع أن نري تحت قبة البرلمان القادم نحو 50% إن لم يكن أكثر من ذلك من الوجوه القديمة بمن فيهم هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم الفلول وأمامنا شواهد كثيرة علي ذلك في مقدمتها تلك الجرأة غير العادية التي يتعامل بها هؤلاء الفلول مع المجتمع ومع قوي الثورة والتي وصلت إلي حد قيامهم بتهديد الدولة بقدرتهم علي إفساد الانتخابات بأكملها لو تم استبعادهم وهو الأمر الذي جعل قانون العزل السياسي أو الغدر أو أيا ما كان اسمه يتعثر ويتعذر صدوره وربما بل وغالبا لن يصدر هذا القانون وخلال ذلك انتشرت أسماء هذه الفلول بل وتصدرت أسماء المرشحين لعضوية البرلمان ويبدو فوزها بمقاعده مؤكدا ومبروك لكل القوي المضادة للثورة مقدما .. ** هاجت الجامعات المصرية وماجت عدة شهور توقفت فيها الدراسة بسبب الاعتصامات والإضرابات وتسببت تلك الاعتصامات في إبعاد وزيرين للتعليم العالي عن المنصب لأن أساتذة الجامعات حفظهم الله من كل سوء مصرون حتي الموت علي تغيير القيادات الجامعية التي جاءت بها لجنة السياسات للحزب الوطني المنحل وتقارير أمن الدولة وذلك حسب الشعارات التي رفعها الأساتذة ورفعوا معها شعار التغيير وبعد شهور من المفاوضات تحقق للأساتذة ما أرادوا وأحرزوا نصرا مؤزرا فاستقالت القيادات الجامعية واتخذت الخطوات التي طالبوا بها وهي أن يكون شغل هذه المناصب القيادية بالانتخابات من الأساتذة المطالبين بالتغيير وأجريت الانتخابات بالفعل في عدد لا بأس به من الجامعات وسط توقعات شبه مؤكدة بأن التغيير قادم .. قادم , وكانت المفاجأة أن الأساتذة أصحاب شعار ضرورة التغيير قد انتخبوا بكامل إرادتهم ووعيهم نفس القيادات السابقة التي كانوا يتهمونها بأنها جاءت عبر تقارير أمن الدولة والحزب المنحل !! طيب بذمتك عندك تفسير لذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك بين أساتذة جامعات لهم مكانتهم العلمية فكيف سيكون الأمر إن شاء الله في انتخابات برلمانية أو رياسية؟ ! {{ الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة ولا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين ومجموعة الشعائر والمناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدي في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور فلا تكون من الدين في شيء وليس عندنا زي اسمه زي اسلامي والجلباب والسروال والشمروخ واللحية أعراف وعادات يشترك فيها المسلم والبوذي والمجوسي والدرزي ومطربو الديسكو والهيبي لحاهم أطول .. وأن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان لا يكفي لتكون مسلما وديانتك علي البطاقة هي الأخري مجرد كلمة والسبحة والتمتمة والحمحمة وسمت الدراويش وتهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها والرايات واللافتات والمجامر والمباخر والجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والثورات التي لا تمت إلي الدين بصلة .. الدين أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا .. الكلمات السابقة من كتاب ' الإسلام ما هو؟ ' للدكتور مصطفي محمود رحمه الله قبل أكثر من 30 عاما .. ومع ذلك تبدو مناسبة تماما لما نحن فيه وكأنها قد كتبت عن أحوالنا اليوم ! لبيب السباعي مجلة الشباب – نوفمبر 2011