لكل شيء وجهان .. ومثلما نركز طوال الوقت علي تقصير أداء الشرطة في الشارع خاصة بعد كثرة حوادث السرقة بالإكراه والبلطجة ، لكن هناك علي الجانب الآخر من يقوم بدوره بدليل شهداء الشرطة الذين ضحوا بأرواحهم خلال الأشهر الماضية فى سبيل واجبهم .. وخلال السطور القادمة سنتوقف مع نموذج من أمناء الشرطة وهو أحمد صلاح حسن -38 سنة – وهو يعمل بشرطة النجدة بالقليوبية ، وقد عرض حياته للخطر وأنقذ جاره الميكانيكي من القتل بعد أن حاصرة 3 من البلطجية وأجبروه تحت تهديد السلاح الآلي علي تفكيك سيارة مسروقة لبيعها , وعندما علم بأمرهم حاصرهم وقام بتوثيقهم بالحبال وقام بتسليمهم للشرطة ، تفاصيل الحكاية نعرفها فى السطور القادمة .. أحك لنا تفاصيل ما حدث ؟! هذا واجبى ولابد أن أقوم به ، فما حدث هو إنني في يوم إجازتي وجدت جاري الميكانيكي يتصل ويستنجد بي بعد أن دخل عليه 3 أشخاص وطلبوا منه تفكيك توك توك لوضعه داخل سيارة قاموا بسرقتها ، وعندما أتصل بي علي هاتفي لم أتردد في مساعدته لأنه أولا جاري ، وثانيا أن واجبي هو حماية الناس ، ولأنني وقتها لم أكن في العمل لم أقم باستدعاء النجدة بل طلبت منه أن يقوم بتعطيلهم بقدر ما يستطيع وذهبت مسرعا إليه وأحضرت معي الطبنجة الخاصة بي. وكيف تمكنت من إنقاذ جارك والقبض عليهم؟! عندما اقتربت من المحل وجدت الناس تتجمع أمامه بعد سماعهم أصوات عالية من داخل المحل ولكنهم خافوا بعد أن شاهدوا السلاح الذي يمسك به أحد الثلاثة حيث كان معه خرطوش ، وعندما دخلت إلي المحل وجدت جاري الميكانيكي محاصراً بينهم وقد أشهروا في وجهه المطاوي والخرطوش وأجبروه علي أن يقوم بتفكيك التوك توك والسيارة نصف النقل التي قاموا بسرقتها ، وقد حاولت في البداية التعرف بهدوء عما يطلبوه .. ولكنهم طلبوا مني عدم التدخل ، وعندما لاحظ أحدهم المسدس معي أطلق طلقة خرطوش في الهواء وفر هاربا بدون أن يمسكه أحد خوفا من السلاح الذي معه وتمكنت من محاصرة من كان يمسك بالمطواة وزميله وتغلبت عليهما بعد أن سددت إليهما بعض الضربات التي نتدرب عليها , وقمت بتقييدهما خاصة وانهما كانا تحت تأثير المخدرات ، وبعد نصف ساعة من الجدال المتواصل بيننا قمت بتسليمهما إلي قسم الشرطة خاصة وأن الأهالي كانوا يحاولون التعرض لهما بالضرب. ألم تخش علي نفسك أو تقول مثل الآخرين " وأنا مالي " ؟! لم أفكر في تعرضي لأي إصابة ولكنني فكرت في أن فعلا حال البلد لازم يتعدل ولازم تكون فيه وقفة بعد أن انتشرت وزادت عمليات البلطجة بشكل كبير, وكل ما كنت أفكر به هو أنقذ حياة جاري خاصة أو منطقة عملي تقع في نفس المنطقة, كما أن البلطجية كانوا تحت تأثير المخدرات وبالتالي كل ما يفكرون فيه هو الحصول علي ما يريدونه فقط بدون وعي . وماذا بعد تسليمهما إلي قسم الشرطة؟ عندما عرف المأمور العقيد بلال لبيب أصر علي تحرير المحضر باسمي رغم أنني كنت في فترة الراحة ولكن وفقا لقانون منظومة الشرطة وهو أن من يحضر قضية لابد أن تحرر باسمه, ولكن هذا لم يكن يحدث من قبل .. فكان من الممكن أن يحضر أمين الشرطة قضية ولكن من الممكن أن يقوم أحد الضباط بتحريرها باسمه, وممكن أن يكون هذا الضابط غير موجود أصلا الحملة التي نزلنا بها ,ولكن تحرير القضية باسمه شجعني وجعل لدي الدافع بأن أكون أكثر جديه في شغلي وأكثر حماساً. طالما أن ماقمت به من صميم عملك هذا عملك, فلماذا قرر مدير الأمن أن يصرف لك مكافأة 500 جنيه, هل أصبح ما قمت به عمل نادر بين أفراد الشرطة الآن؟ أنا لم أقم إلا بدوري وهذا عملي, وأشكر مدير الأمن ولكنني حتى الآن لم أقم بصرف المبلغ ، ولكن ربما قرر أن يصرف هذا المبلغ لي ليس لأنه عمل نادر أو بطولي بل هذا دور أي شخص يعمل في الشرطة ، ولكن ربما لأنني لم أكن في فترة خدمتي ولم أتبع الطرق التقليدية بأنني أقوم بإبلاغ القسم أو الاتصال بالنجدة ، ولكنني فعلت ذلك وأنقذت حياة مواطن بنفسي ليس لكونه جاري, ولكن لأن هذا هو المفروض أن أقوم به, وتبين من خلال المحضر الذي قمت بتحريره أن التوك توك تمت سرقته من المطرية والسيارة نصف النقل تم سرقتها من الزقازيق. هل تغيرت الشرطة بعد 25 يناير؟ لا أستطيع أن أقول أن التغير كامل ولكنه تغيير نسبي, وأنا في شغلي طوال الوقت قبل 25 يناير كنت أحاول أن أبتعد عن الظلم قدر المستطاع لذلك كنت لا أفضل أن ألتحق بالمباحث وفضلت أن أستمر بالعمل في النجدة لأكثر من 11 عاما, خاصة وأنني أري أنني ممكن أن أحضر قضية ولكنها تنسب للضابط , فالظلم مثلما كان علي المواطن كان يحدث للأفراد والأمناء أيضا وهذا ما كان يجعل الناس تكره الشرطة وخاصة المباحث والمرور ، ولكن بعد الثورة أمور كثيرة تغيرت . البعض يري أن جزء كبيراً من فساد منظومة الداخلية يرجع إلي أداء أمناء الشرطة, فما تعليقك علي هذا الكلام؟ أنا واحد من الناس, وأفراد الشرطة في النهاية مواطنون ممكن أن يتعرضوا لأي شيء يتعرض له أي مواطن آخر, ولكن لا أنكر أن منظومة الشرطة بها سلبيات كثيرة جدا وأبرزها الظلم, وأفراد الشرطة أو الأمناء عندما كانوا يفرضون سلطتهم علي الناس هذا أن له أسباب وأولها ضعف المرتبات مما كان يجعل معظم الأفراد يتعاملون بهذه الطريقة مع المواطنين. كم يبلغ راتبك؟ قبل الثورة كان 640 جنيها وبعد الثورة 885 جنيهاً ولم يصل أي أمين شرطة أو جندي فوق ال1000 جنية وأرتفع بدل الغذاء من جنية ونصف إلي خمسة جنيهات فقط!. هل تري أن هيبة الشرطة تراجعت؟ علاقة الناس بالشرطة مازال بها شرخ وربما هذا أثر علي هيبة الشرطة مع المواطنين, وهذا يعود إلي الخطأ في التعامل في الوقت السابق حيث كان الضباط يتعاملون بقسوة مع المواطنين كأنهم مجرمين, ولكن المفروض أن المجرم له قله الأدب والمواطن له احترامه, وطبعا الناس "استقوت" علي الشرطة بعد الثورة ولكن معظم من يقومون بهذا العنف من كانوا يعانون من الظلم والقهر. إذن كيف تري نظرة الناس الآن للشرطة سواء كانوا ضباطاً أم أفراد خاصة بعد انتشار الحوادث والسرقات؟ طبعا الناس كانت تكره الشرطة بشكل كبير ولكن مع تزايد السرقات والبلطجة في كل المناطق سواء كانت عشوائية أو راقية ومع تراجع التواجد الأمني أصبحت الناس تشعر بقيمة الشرطة وتقدر عملها, والناس تريد الآن أن تعود الشرطة ليس كما قبل بل أقوي مما كانت عليه, وهل كانت هناك تعليمات لتعمد الغياب الأمني؟ كانت هناك تعليمات بعدم التعامل مع المواطنين حتى لا تزيد الخسائر علي الشرطة, حتى "الطبنجة"العهدة غير مصرح باستخدامها, ولكنها معي لمجرد " الهيبة " فقط , ولا يمكن أن استخدمه إلا في حالات مقاومة المتهم في حالة ترحيله , أو عندما أجد هجوماً علي أفراد الشرطة ويكون أول طلقة في الهواء والثانية في ساقه أو كتفه , ولكننا في الغالب فلا نستخدمه لأنه حتى في أثناء استخدامه أكون خائفاً لأن القانون دائما ضدنا في حالة استخدامه.