بعد استعدادات ضخمة وفي سرية تامة ومفاجأة مذهلة اندلعت حرب أكتوبر المجيدة وسكتت المدافع أو هدأت يوم عيد الفطر المبارك لعام 1393 الموافق 27 أكتوبر أي بعد حوالي 21 يوم قتال لم تضعف فيها عزيمة المصريين أمام العدو الإسرائيلي ومن وراءه عندئذ سواء كانت أمريكا أو جنوب أفريقيا بطائراتها أدت المفاجأة إلي عدم تصوير المواقع أو الأحداث بالكاميرات العادية أو الفيديو الذي لم يكن قد ظهر ومثل كل الأشياء الجميلة التي ذهبت، ذهبت كثير من الذكريات وإن تكن ماثلة في مخيلتي. وفور التيقن من وقف النار قام الصديق الأمريكي بفضل جهود الرئيس السادات بتطهير مجري قناة السويس مما سقط فيها من مخلفات الحرب سواء قنابل أو دانات أو ألغام وافتتحها السادات للملاحة الجديدة يوم 5 يونية 1975 في مهرجان بحري ليمحو من الذاكرة 5 يونية 1967 كما محاها نصر أكتوبر العظيم ورقي بعض دفعات الضباط وأنا منهم. كانت القناة يوم 6 أكتوبر بعرض 180 200 متر أما الآن فهي 360 400 متر واختلف العمق وحفرت مصر قناة جديدة شرق القديمة وأصبحت الملاحة الآن تستمر في إتجاهين دون انتظار مما أضاف لمصر دخلاً جديداً. ولما كان عملي في معظمه في الجيش الثاني فقد حفظت أسماء وأشخاص قادته وزملائي المهندسين. ومن هؤلاء المرحوم اللواء شفيق متري سدراك الذي استشهد في مركبة القيادة في منطقة الطابية التي أصبحت الآن ضمن زمام الإسماعيلية الجديدة كمبان أو أرض زراعية. وكنت هناك علي الضفة الغربية للقناة طوال فترة الحرب وما بعدها ومررت بالقري الكثيرة في منطقة طوسون وسرابيوم والدفرسوار التي تحتاج إلي عناية الدولة بهذه القري البطلة التي لم يغادر أهلها طوال الحرب. الآن تضاعفت وسائل العبور علي القناة أو تحتها حيث افتتح الرئيس السيسي الأنفاق شمال الإسماعيلية وأقامت القوات المسلحة والهيئة الهندسية الكباري العائمة علي القناة القديمة والجديدة للعبور في المنطقة من الدفرسوار لجنوب البلاح. وقد قرأت أن من المشروعات إقامة كوبري علوي علي القناة أحدث من كوبري السلام قد يكون ملجأ يسمح بعبور السفن في القناة كما سيتم ازدواج كوبري السلام. وأنا من الذين عملوا في المعابر أثناء الحرب سواء كباري أو معديات أتابع بكل اطمئنان امكان عبور القناة في أي لحظة وبأمان تام حتي تظل سيناء قطعة عزيزة لا تنفصم من أرض مصر. كانت التضحيات هائلة من شهداء وجرحي ومعدات سنذكرهم جميعاً في كل وقت وحين كلما جاء رمضان أو عيد الفطر وإن كنت آمل أن يجتمع المحاربون القدماء يوماً ما ليستعيدوا ذكرياتهم مع بعض ومع وسائل الإعلام خاصة مع عدم ظهور عمل فني أو أدبي يحفظ لهم ما صنعوه من جهد ونصر. ولن ننسي عيد الفطر عند فتح مكة وتحطيم كل الأصنام بها في العشر الأواخر من رمضان.