يرتبط مفهوم الصحة النفسية عموما بجودة الحياة وتحسينها لأن الجودة بمفهومها تساعد الإنسان علي التغلب علي مصاعب وتحمل أعبائها الأسرية والاقتصادية وغيرها ولتخطي المشاكل والأعباء لابد أن تنمي الأم في الأولاد ثقافة الفسح والسفر والقيام برحلات ليوم واحد أو أكثر حسب الإمكانيات المتاحة لها ماديا وللأسف مازالت الأسرة المصرية تفتقد ثقافة الفسح وغير واردة في ميزانيتها رغم أهميتها علي الصحة النفسية للأسرة بأكملها لتخفيف الاكتئاب والملل ولأن كل شيء نكتسبه من الصغر تحدثنا دكتورة حنان الشاذلي استشاري علاج نفسي وبرامج تأهيل مدمنين ومدرب مهارات نفسية بمعاهد وزارة الداخلية تقول في الآونة الأخيرة ركز الناس علي تحسين جودة الحياة في إطار اقتصادي فقط من خلال محاولة زيادة الدخل وتحمل عدد ساعات فائقة من العمل لارتفاع المستوي الاقتصادي للأسرة في ظل ذلك فقدنا الكثير من المتع حيث أصبحت الإجازة والترفيه هو لراحة البدن المنهك والانعزال تعويضا عما يحدث خلال الأسبوع واكتفي الأشخاص بالتواصل الاجتماعي وعمل المكالمات الهاتفية ولأن هذا أو ذاك مدته قصيرة لا يستوعب التفريغ الانفعالي أدي إلي دخول البعض في أزمات نفسية واضطرابات في العلاقات الأسرية وضعف الترابط مما أدي إلي ما يعرف في علم النفس بالاحتراق النفسي وفي إطار هذا الزخم من متطلبات الحياة المادية يجب أن نعود إلي ممارسة أنشطة تجلب لنا السعادة بحيث لا تحملنا أعباء مادية تفوق قدرتنا وتجعلنا نفكر مرات قبل تنفيذها أو تكرارها مثلا فقد نستعوض عن ممارسة الرياضة في جيم أو نادٍ بركوب العجل وخروج الأسرة في نزهة بالتمشية علي ضفاف النيل أو الحدائق العامة وكلها مجانية أو برسم دخول لا يتعدي الخمسة جنيهات وكم منا يتذكر رحلات القناطر الخيرية وركوب الدرجات وزيارة حديقة الحيوان وممارسة ألعاب بسيطة للتسلية مع أفراد الأسرة والتجمع لتناول وجبة خفيفة من صنع الأم في البيت بتكاليف بسيطة ولكنها مبدعة وخاصة في الأعياد والمناسبات الرسمية ومن خلال التجارب الميدانية في عملي توصلت من خلال مجموعة بسيطة من سكان المناطق العشوائية في أحد مشروعاتي الاهتمام بالجوانب النفسية لسكان تلك المناطق وعندما طرحنا فكرة كيف نكافئ أنفسنا دون أعباء مالية أفرزت مجموعة الرجال والسيدات خبرات كبيرة وكثيرة والأجمل فوجئنا بتنفيذها منهم بعد انتهاء الجلسة علي مدار الأسبوع منها التنزه مع الأبناء في إطار المنطقة السكنية وشرب عصير القصب وكذلك تجمع أكثر من أسرة وتم تقسيم تصنيع الأكل والحلويات عليهم بالمنازل بحيث لا تمثل عبئا علي أحد منهم والبعض قاموا بالتجمع أمام أحد البيوت وكل شخص يحضر ما قام بصنعه وتجميع الأطفال للعب حولهم والتنزه بالحنطور والتجمع للغناء في أحد البيوت والسفر لقضاء يوم بالريف وزيارة الأقارب هذا ما كان يحدث في حياتنا زمان من الأهل والجدود والآن اختفت تلك السلوكيات وأصبحنا نقضي عطلتنا في إدمان الإلكترونيات والتواصل الافتراضي ولكن رغم مرور السنوات لازالت بعض الأسر تنفيذ والاقتداء بتلك الأفكار المقتبسة من الماضي لما لها من سحر ومذاق وغير مكلفة لأي أسرة ولكن مردودها يكون له تأثير نفسي جيد علي الأسرة جميعا.