أودعت الأسرة كبيرها في أيد ظنت أنها أمينة .. لم يجادلوا معه في الأجر الشهري الباهظ الذي طالب به .. لم يراجعوا في شروطه ومواعيده وأيام العطلات التي اختارها بنفسه .. وفروا له كافة سبل الراحة بما في ذلك تجهيز غرفة خاصة به في المنزل لينعم بالخصوصية وقت راحته أو وقت نوم المريض أو ذهابه للطبيب. وبدلا من أن يحافظ جليس المسنين علي عمله ويقنع بما توافر فيه من المزايا ثارت مطامعه للمزيد .. وبدأت عينه تمتد إلي ماتمتع به المريض الذي يرعاه وعائلته .. كان ظاهريا يؤدي عمله علي الوجه الأكمل لكنه داخليا كان يضمر الحقد ويخطط للنيل من خيرات هذه الأسرة الميسورة. راقب مواعيد وصول الزوجة من عملها وإنتهز غياب الأبناء أغلب الوقت في دراستهم أو مع أصدقائهم وبدأ في هذه الأوقات تفتيش غرف المنزل ليتعرف علي أماكن الاحتفاظ بالنقود والمصاغ مستغلا في ذلك عدم قدرة المريض علي التحرك لكونه قعيدا علي كرسي متحرك وغير قادم علي الكلام .. مرت فترة وجيزة وكان الجليس قد دأب علي الاطمئنان علي غنيمته من حين لآخر وطوال هذه الفترة لم يشعر به أحد ولم يفطن أي من أفراد العائلة لما يدبره إلا هو .. لم يعجز المرض مشاعره مثلما أعجز قدراته ووظائف جسده.. لم يرتح له منذ اللحظة الأولي لم يأمن لنظراته وتحركاتة داخل المنزل لم يفقده الوهن حاسته كرب أسرة يستشعر الخطر القريب من أسرته .. ورغم قيوده فإنه قرر أن يراقب المشكوك فيه حتي يتأكد من صدق حدسه وفي إحدي الصباحات بعد خروج الجميع إلي أعمالهم ومصالحهم بدأ المتهم جولته في أرجاء المنزل بعد أن أطعم المريض وظن أنه غفي علي مقعده .. لحظات بعد أن دخل إلي غرفة النوم الرئيسية حتي فوجئ بصوت العجلات من خلفه ارتبك بشدة عندما وجد نفسه وجها لوجه أمام العجوز المريض علم أنه لا مفر من تنفيذ خطته في الوقت الحالي بعد أن انكشف أمرة وطبط وهو يفتش في دولاب الغرفة. حاول الرجل أن يمنعه أو يمسك به فما كان من المتهم إلا أن ضربه علي رأسه فأسقطه علي الأرض.. تحسس نبضه فوجده بطيئا ، توقع أنه سيموت في خلال دقائق فأخذ يجمع ما يستطيع جمعه من المصوغات والنقود وفر هاربا.. عادت الزوجة إلي المنزل أولا .. دخلت إلي غرفة الأب للاطمئنان عليه فلم تجد الجليس .. أصابها التوتر وهي تبحث عنه في حجرات المنزل حتي كانت الصاعقة التي نزلت عليها عندما وجدته ملقي علي وجهه في غرفتها .. هرعت إليه وحاولت حمله لم تستطع أتصلت بالإسعاف التي حملته إلي المستشفي حيث أنقذته العناية الإلهية وكان لا يزال يتنفس.. بمجرد إستعادة وعيه أرشد أسرته عن الفاعل وتم إبلاغ الشرطة التي داهمت منزل المتهم الذي أنكر معرفته بأي شئ وادعي أنه في إجازة من عمله بعلم الأسرة إلا إنه بتفتيش مسكنه عثر علي المسروقات الذهبية وبعض من النقود كما عثر علي سلاح غير مرخص وذخيرة .. أحيل المتهم إلي محكمة جنايات القاهرة التي قضت بمعاقبته بالسجن 5 سنوات لتهمة السرقة بالإكراه وضرب المريض وبعقوبة الحبس 3 سنوات لحمله سلاحا بدون ترخيص. صدر الحكم برئاسة المستشار مصطفي الكومي وبعضوية المستشارين عبدالغفار جاد الله وعلام بهمان.