على طريقة عشماوى وكأنه صدر عليه حكم بالإعدام، قال أخر ما فى خاطره قبل الرحيل على صفحته بالفيس بوك: "خلاص ماشى.. هسيبها بأيدى وسامحونى يا اللى عشرتكم غالية عليا وياريت تفتكرونى بالخير" ، واتجه دون تفكير للانتحار شنقا، ليس لجريمة ارتكبها أو فعل أو تصرف يخجل منه ولكن بسبب فقدان السعادة والاطمئنان والعشق لزوجته وطفلته، ليتكمن اليأس منه ويدفعه للانتحار. فى السطور التالية مأساة سائق بكفر الزيات انتحر حزنا على فقدان زوجته وطفلته وهربا من الديانة. محمد عوف "أسامة شردوح"- سائق شاب- فى العقد الثالث من العمر، ورغم صغر سنه إلا أن اليأس والاكتئاب وجد طريقه لذاته فتمكن منه قلبا وعقلا، بعد أن تدهورت حالته وانفصلت عنه حبيبته وزوجته واصطحبت معها طفلته "روميساء"، وحاصرته الديانة بسبب تراكم ديونه. "أسامة" حاول كثيرا- إعادة المياه لمجاريها- ولكن دون فائدة، فعندما كان يمسك هاتفه للاتصال بزوجته للاطمئنان على طفلته -5سنوات- وسماع صوتها كان دائما ما يجد الهاتف مغلقا، فطليقته كانت ترفض التواصل معه نهائيا، حسبما روى لنا المقربون منه، فيصاب الإحباط والشلل فى التفكير حتى أنه فى أحد المرات هشم هاتفه بعد أن ألقاه أرضا بسبب تكرار محاولاته للاطمئنان على نجلته دون جدوى. يحكى المقربون من سائق قرية الدلجمون بكفر الزيات بالغربية، أن أسامة ارتبط بزوجته بعد قصة حب طويلة، وكان دائما ما يتذكر تلك الأيام فى بدايتها وكيف أن زوجته كانت تهون عليه مصائب الدنيا عند تعرضه لأى أزمة، خاصة أنه كان يعمل كهربائي بعد حصوله علي شهادة الدبلوم، وأنجب منها طفلة أسماها روميساء، حتي بدأت الأحوال تتبدد وتتغير فترك مهنته وقرر العمل علي سيارة أجرة لمواجهة أعباء الحياة، لكن الحال تدهور أكثر وبدأت الخلافات تدب بينه وبين زوجته التى تركت المنزل أكثر من مرة وطلبت الطلاق لكنه كان يرفض ويحاول إقناعها بالعدول عن قرارها فتأبي بشدة وتصر علي موقفها حتي رضخ لطلبها ونفذ لها رغبتها وتم إنهاء كل شيء، لتظل الأبنة هي الخيط الوحيد بينهما, كان الشاب أسامه يحاول استغلال ذلك حتي تعود المياه لمجاريها لكن دون جدوى، فشعر أن الحياة أصبحت مظلمة ولا أمل فى أن يعيش بكرامة بعد أن فقد زوجته وبدأت الديون تحاصره، فأصيب بحالة اكتئاب وبدأ تفكيره يتجه نحو التخلص من حياته نهائياً, وبدأ هذا الشعور يسيطر عليه تماماً حتى انه بدأ يلمح لذلك عبر صفحته علي الفيس بوك وبدت كلماته وتعليقاته تحمل معني واحد فقط هو الإحباط وفقدان الأمل وبدأ يضع سيناريو نهاية حياته المأساوية، فكتب علي صفحته البوست الأخير: "عفواً أيها الزمن لم يعد لى مكان بك.. خلاص ماشى وهسيبها بأيدى ..سامحونى يالى عشرتكم غالية عليا وياريت تفتكرونى بالخير.. وأموت بكرامتى أفضل بكتير من حبيب يكسرنى"، هكذا قرر أسامة الانسحاب فى هدوء فدخل غرفته وقام بإحضار حبل سميك وعلقه ناحية مروحة السقف وقام بلف الطرف الآخر حول رقبته منهياً حياته بشكل مأساوى. في الصباح استيقظ الجيران كالعادة ينتظرون خروج أسامة من الشقة لتوصيلهم لقضاء مصالحهم، كما اعتادوا منه، لكنه لم يحضر فقد أصبح مجرد ذكرى وبدأ الجيران يشعرون بالقلق، خاصة وأن سيارته تقف أمام المنزل مما يعنى أنه بالداخل فقاموا بطرق باب الشقة كثيراً دون جدوى، مما زاد من قلقهم حتى قاموا بكسر باب الشقة بحثاً عنه، ليكتشفوا الفاجعة فقد عثروا على جثته مشنوقاً داخل غرفة نومه فقاموا على الفور بإبلاغ اللواء طارق حسونة مدير أمن الغربية، بعثورهم على جثة أسامة شردوح 31 سنة، داخل غرفة نومه بعد إنبعاث رائحة كريهة من الشقة وغيابه عن الأنظار. على الفور انتقل الرائد هادى سالم رئيس مباحث كفر الزيات ورجال المباحث لمكان الواقعة، وبالمعاينة المبدئية لوحظ وجود حبل يتدلى من مروحة سقف وملفوفاً حول رقبة المتوفى في غرفة نومه وتم نقل الجثة لمشرحة المستشفى وطلبت النيابة سرعة عمل التحريات حول الواقعة وملابساتها، وتبين أن الشاب انتحر شنقاً بحبل داخل شقته لمروره بأزمة نفسية بعد انفصاله عن زوجته وتحرر محضر بالواقعة وصرحت النيابة بدفن الجثة .