أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أهمية دور المجتمع المدني والشباب تجاه المجتمعات العربية وتعزيز مسيرة العمل التنموي والحضاري للأمة العربية. جاء ذلك في كلمته، اليوم الأربعاء، في الجلسة الافتتاحية لأعمال "منتديي المجتمع المدني والشباب العربي" بالقاهرة برئاسة لبنان وذلك في إطار التحضيرات للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الرابعة التي ستعقد في بيروت الشهر المقبل. وقال أبو الغيط إن مسيرة التنمية في عدد ملموس من الدول العربية حققت تقدماً ملموساً علي مدي العقود الأخيرة في مواجهة الكثير من التحديات الإنمائية في مجالات حيوية كالتعليم والصحة ومكافحة الفقر، إلا أنه لاتزال هناك العديد من التحديات المحورية التي تمس معيشة المواطن علي المستوي الأمني والاقتصادي والاجتماعي، وتمس في بعض الأحيان أمن وسلم واستقرار الدول، وهي جميعها تحديات ترتبط بمنظومة الارتقاء بالإنسان العربي نفسه. وأضاف أن هناك العديد من التطورات والمؤثرات التي أثرت سلباً خلال السنوات الأخيرة علي المكتسبات التنموية العربية مع ما خلفته من موجات نزوح ولجوء وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة خاصة في أوساط الشباب، وكذلك الزيادة في أعداد الأشخاص من ذوي الإعاقة، وتردي الأوضاع الاجتماعية والصحية والاقتصادية في الدول التي تواجه صراعات ونزاعات مسلحة، فضلاً عن استمرار الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وجميعها عناصر تؤثر بلا شك علي مسيرة التنمية في الوطن العربي. وأشار إلي ظروف وتحديات مختلفة حالت دون عقد القمم التنموية العربية منذ عُقدت القمة الأخيرة بالرياض في 2013، وهي ثغرة كان لابد من التعامل معها، مؤكدا أن المنطقة أحوج ما تكون إلي العمل المتضافر علي الصعيد التنموي، غير أن التحدي أمامنا اليوم هو إحداث نقلة نوعية في فلسفة هذه القمم، ومنهجية عملها. وقال إننا نحتاج إلي الانتقال من تركيز الاستثمار في إستراتيجيات النمو الاقتصادي والبني التحتية، علي ما في هذا النوع من الاستثمار من أهمية، إلي الاستثمار في البشر والرهان علي الإنسان وعلي العنصر البشري الذي هو أداة التنمية وغايتها ورأس مالها الحقيقي وهدفها النهائي في الوقت نفسه. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن إطلاق مبادرة الاستثمار في الإنسان يأتي في إطار قناعة ولدتها الظروف والتحديات التي مرت بها المنطقة ورسختها التجارب العملية في مختلف أنحاء العالم، تتأسس علي أن هذا النوع من الاستثمار هو أنجح السبل لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود. وشدد علي أن أكثر هذه السبل فاعلية واستدامة، هو الاستثمار في البشر، تعليماً وصحةً وتدريباً وتثقيفا، مؤكدا أن الأثر التراكمي لهذا النوع من الاستثمار هو ما يحدث الطفرة الكبري في حياة المجتمعات، معربا عن تطلعه لأن تخرج عن منتدي الشباب العربي رسائل شاملة تخاطب التحديات التنموية الحالية؛ ليتم طرحها أمام القادة العرب خلال قمة بيروت. وأضاف أن انعقاد منتدي المجتمع المدني يأتي في ظل التنامي الملحوظ في دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في عملية التطوير والتحديث والتنمية في مختلف المجتمعات وفي مستويات عدة. وأشار إلي أن الأمانة العامة للجامعة العربية سعت منذ عدة سنوات لتعزيز العمل في هذا الاتجاه عبر إطلاق 'العقد العربي لمنظمات المجتمع المدني' الذي تم اعتماده من قبل مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب في عام 2015، وأعقبه إقرار وثيقة 'العقد العربي لمنظمات المجتمع المدني العربية ومناهج العمل – دعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2016 – 2026'، تلك الوثيقة التي تهدف إلي تعزيز القدرات المؤسسية للمجتمع المدني ودعم مشاركته الفاعلة مع الحكومات في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030. وأكد أبوالغيط ثقته في أن منتدي المجتمع المدني ستخرج عنه توصيات مهمة تنقل إلي القادة العرب فيما يتعلق بكيفية تحقيق المساهمة المجتمعية في الجهود الرامية لتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، خاصةً في مجالات الأولوية علي غرار التعليم والصحة ومحاربة الفقر. وأشار إلي أن هذا المنتدي يأتي كأولي الفعاليات المرتبطة بالقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر عقدها في العاصمة اللبنانيةبيروت في يناير المقبل، وهي الفعاليات التي ستشهد عقد ثلاثة منتديات 'ندشنها اليوم بانعقاد منتديي المجتمع المدني والشباب العربي في القاهرة'، فيما سيعقد المنتدي الثالث الخاص بالقطاع الخاص في بيروت في الأيام القليلة السابقة علي انعقاد القمة. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن انعقاد هذه المنتديات الثلاثة يأتي في إطار السعي لتفعيل ما جاء في القرارات الصادرة، سواء عن القمم العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الثلاث السابقة في كل من الكويت وشرم الشيخ والرياض، أو عن القمم العربية الدورية فيما يخص دعم الجهود التي تقوم بها الحكومات العربية في مجالات العمل التنموي من جانب قطاعات حيوية في المجتمع، علي غرار الشباب والمجتمع المدني ومؤسسات العمل الاقتصادي والاجتماعي الخاصة، والسعي للاستفادة من آراء ومقترحات ممثلي هذه القطاعات في صياغة السياسات التنموية التي تتبناها الدول العربية. وأضاف أن تنظيم جامعة الدول العربية لمنتديي المجتمع المدني والشباب العربي إنما يتأسس علي إيمان عميق بما يضطلع به هذان المكونان من مسئولية تجاه المجتمعات العربية، وما يمكن أن يقدماه لتعزيز مسيرة العمل التنموي والحضاري للأمة العربية ككل بما تحمله من رؤي وأفكار تدعم مشاركة هذين القطاعين المجتمعين المهمين في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.