■ هل يثمر اللقاء الثنائي بين الرئيسين إلى تفادى الوقوع فى حرب تجارية عالمية؟ تتجه أنظار العالم إلي العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس التي تستضيف الجمعة القادم قمةَ مجموعة الدول العشرين التي تمثل أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، ويعقد قادة وزعماء مجموعة العشرين قمتهم ال 13 في أوج حرب تجارية بين أكبر اقتصاديين في العالم، أمريكاوالصين. ووسط أجواء من التوترات التجارية الحادة بين الولاياتالمتحدة وباقي الدول، حيث تثير سياسات ترامب الحمائية وفرضه رسوما جمركية عالية علي الصلب والألومنيوم غضب حلفاء للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك،مما ينذر باندلاع حرب تجارية سيكون لها تأثير كبيرعلي النمو العالمي. ويتوقع أن يناقش قادة وزعماء المجموعة عديدا من القضايا والموضوعات الاقتصادية، حيث تعد إحدي أبرز قمم المجموعة وأكثرها تحديا لقادتها، حيث تأتي في وقت تشهد فيه الساحة الدولية واحدا من أبرز التحديات الاقتصادية . فالحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين، ستكون النقطة الأبرز علي جدول أعمال القمة، كما تأتي الأزمة الاقتصادية في الأرجنتينوتركيا، ومعدلات النمو الدولي ومدي استقرارها، وقضايا الطاقة العالمية وأسعار النفط، والوضع الراهن للسياسات المالية الدولية ومدي قدرتها علي تحقيق الأهداف المنوطة بها، كموضوعات أخري لا تقل أهمية عن حرية التجارة، لكنها تحظي بما يقارب الإجماع بين القادة والزعماء المشاركين. اجتماع قمة العشرين هذه المرة والتي تعقد لأول مرة في أمريكا الجنوبية سيكون بمثابة اختبار للتماسك الأوروبي، خاصة لأنها تأتي بعد خمسة أيام من بدء نفاذ التعريفات التي فرضتها الولاياتالمتحدة علي واردات الصلب والألومنيوم في جميع أنحاء العالم، باستثناء كندا والمكسيك وذلك في خضم التنبوء بحرب تجارية عالمية. ومن المنتظر أن تتطرق القمة إلي عديد من القضايا المهمة والحيوية للاقتصاد العالمي، لكن الأهم هو أن القمة في حد ذاتها تفتح الباب علي مصراعيه لمناقشات مكثفة ومستفيضة بين عديد من المختصين حول مجموعة من الأسئلة الرئيسية. هل تنجح مجموعة العشرين في تحقيق الأهداف المنوطة بها؟ وإلي أي مدي أفلحت في مواجهة التحديات الدولية المختلفة؟ وهل يمتلك الأعضاء رؤية مستقبلية واقعية تنسجم مع التغيرات الجارية في الاقتصاد الدولي؟ كثير من المختصين يعتقدون أن الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها، تمثل مدخلا لفهم مستقبل المجموعة وقدرتها علي إحداث تأثير حقيقي في مسيرة الاقتصاد العالمي، وتوفير مجال مشترك من الثقة التي يمكن أن تكون بمنزلة نموذج لعلاقات أوثق في مختلف مناطق العالم، وإلا تحولت المجموعة مع مرور الوقت إلي منتدي سنوي لاجتماع قادة الدول الأعضاء، دون أن يسفر الأمر عن تحقيق نتائج ملموسة علي أرض الواقع. ورغم ان قمة مجموعة العشرين تعقد بعيدا عن اي أزمة مالية تهدد بركود عالمي، لكن في الوقت ذاته تواجه مشكلات اقتصادية ومجموعة من الأزمات السياسية علي مختلف المستويات، وسط تنامي إحساس داخل بعض البلدان الكبري المشاركة فيها، بعدم الارتياح للعولمة الاقتصادية، وغياب التعاون الدولي بين بعض البلدان الرئيسية في المجموعة. الخطر الأكبر في القمة يتمثل في إمكانية وقوع صدام علني وصريح بين الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني، فالحرب التجارية بين العملاقين الأمريكي والصيني لن تكون حاضرة وبقوة علي جدول الأعمال فقط، بل لربما كانت هي جدودل الأعمال، وفي الأغلب سيؤدي الخلاف التجاري الراهن بينهما إلي فشل القمة في التوصل إلي بيان ختامي، بحيث يصبح الحديث عن تجارة حرة عادلة شعارا لا وجود له علي أرض الواقع، وهذا سيعمق الأزمة الداخلية للمجموعة وقد يصيبها في بعض الأحيان بالشلل. في حين قد يسعي أعضاء المجموعة إلي تفادي الوقوع رهينة للصراع الصيني الأمريكي. مع هذا فإن البعض لا يزال عند قناعته بأن انعقاد القمة في حد ذاته، بحضور قادة وزعماء المجموعة يعد خطوة إيجابية تصب في مصلحة قدرة مجموعة العشرين علي مواصلة العمل الجماعي، علي الرغم من الخلافات القائمة بين الأعضاء حول عدد من أبرز القضايا الاقتصادية. فانعقاد القمة في تلك الظروف حيث المواجهة مشتعلة بين بكين وواشنطن، والتوتر القائم بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، والمخاوف المتصاعدة من احتمال تفاقم الأزمة الاقتصادية لدي تركياوالأرجنتين، والحديث المتزايد عن حرب العملات في ضوء التقلبات في أسعار الصرف الدولية، إضافة إلي قضايا الهجرة التي باتت الشغل الشاغل لبلدان الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، والعقوبات الدولية علي إيران، في ظل تعهد بلدان مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية بتقليص استهلاكها من النفط الإيراني، والرغبة الدولية في الحفاظ علي استقرار أسواق النفط الدولية لتأثيرها المباشر في الاستقرار الاقتصادي، وجميعها قضايا تجعل من القمة المقبلة لمجموعة العشرين، قمة محورية، في إطار الجهود التي يبذلها قادتها لتطوير رؤيتهم لمستقبل الاقتصاد العالمي ضمن المتغيرات الدولية الجارية.