المرأة ملكة تتزين علي عرش هذه الدنيا، وإن نظرت لها من جميع الجهات تجد أنها تستحق الكرامة و التقدير، فهي تحوي بداخلها موناليزا مستترة. وقد عاصرتُ الفنانة »بارسيا فقيه» تلك الرسامة صاحبة الرسوم ذات الطراز الحديث، التي أهدت عائلتنا واحدة من لوحاتها الفنية، حينها كنت طالباً في الصف الأول لفن الجرافيك، وهنا بدأت علاقتي بالرسم، وبالطبع كان لديّ سابق تجربة في دروس الرسم، لكني لم أنجذب أبداً لهذا النوع التقليدي الجاف في التعليم، فهجرت كل شئ. بعد ذلك بدأت بدراسة هذه الهدية القيمة، وصرت أتردد علي شراء الكتب الفنية مثل »الفن الحديث» و»دائرة علوم الفن»، رغبة مني في الإلمام بالأساليب الفنية، بالإضافة لمعرفة الفنانيين الإيرانيين والغربيين. في البداية كثيراً ما كنت أنجذب نحو فن المدرسة التكعيبية وتقنية الكولاج التي كانت تظهر في أعمال عظماء وكبار هذا الفن مثل بيكاسو وجورج براك. ومن ناحية الدراسة في الجامعة، فكنت كثيراً ما أجد تشجيعًا للوحاتي من أساتذتي. بعد ذلك أتممت فترة تدريبي في معرض المجموعة المشتركة، الذي كان يرأسه الأستاذ المرحوم »نامي بتجر»، وقد وجدت تشجيعًا كبيرًا. كان لابد عقب تعلمي الرسم من أن أذهب إلي أكاديمية الأستاذ »ماكان خزايي»، وأثناء فترة عملي وما اكتسبته من خبرات، تبدلت وتغيرت ميولي ورغباتي تجاه الأساليب ونوعية الفنون التي تأثرت بها جدا، حتي إنه في النهاية وبسبب روح وأسلوب الطابع الروائي الهادف تمكنت من نقل هذه الروح في موضوعات لوحاتي، ثم اتجهت إلي الأسلوب التعبيري. رأينا أعباء النساء، اللاتي قد يكن شخصيات صلبة ومحكمة، صلبة بمعني إنهن استطعن - بالرغم من عدم الراحة و الحزن - رسم الابتسامه علي وجوه أسرهن، بعدما بثثن السعادة في نفوسهم، وفي الحقيقة بالنسبة إليّ، هي تستحق أن تكون أجمل لوحة فنية في الدنيا. أليس شغف الناس بالموناليزا ما هو إلا بسبب تلك الابتسامة المستترة؟! إذن فكل امرأة بتلك الابتسامة.. موناليزا، وما أكثر الموناليزات في إيران. كما تستطيع النساء بمثل هذه الشخصيات أن يكن هن التحدي نفسه لموضوعات رسوماتي، ثم أورد بعدها التراكيب وعلاقة النساء بما يحيط بها من أشياء . وفي مجموعة رسوماتي الأخيرة ظهرت تفاصيل بشخصيات ذات طابع مستقل، ومن ضمنها الكراسي التي تتحدث إلينا باختلاف أشكلها سواء كانت كراسي بسيطة أو بلاستيكية أو فاخرة وحسنة المظهر، أو حتي رسمية، وبالطبع علاقة الإنسان بالكرسي هي واحدة من أكثر العلاقات ارتباطاً، حيث يمكن للإنسان من خلال الجلوس والاستقرار عليه أن يعثر علي عمق شخصية إنسان وعواطفه. كذلك أيضا النساء، فهن أكثر صدقاً في إخراج مشاعرهن، حيث تستطيع من شكل مواقعهن علي الكرسي أن تتعقب عمق هذه المشاعر، سواء كانت مشاعر السعادة والحزن أو الهدوء والصبر . إن هذه الكراسي تقدّم لنا هؤلاء النساء في صور مختلفة داخل المجتمع، ومكانة المرأة كأم وربة منزل وكأخت وممرضة ومديرة، ومع الأسف هناك نساء لهن أعمال سافرة داخل المجتمع، وتناولت أيضاً شخصياتهن بين المقدرة والضعف والطموح والهشاشة. الآن أسعي لرسم مكانة ومشاعر كل هؤلاء النساء في مجموعة فنية باسم »المرأة والكرسي».