عبد الرحمن سوار الذهب ولد عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب في 1935 في أسرة صوفية عريقة في قبيلة الشايقية العباسية، كان والده من رجال الدعوة الإسلامية. نشأ عبدالرحمن في الأبيض عاصمة كردفان بغرب السودان حيث كان والده ينشر الدعوة الإسلامية في تلك الربوع. تخرج عبدالرحمن سوار الذهب في الكلية الحربية في 1935م، أخبرني بالقاهرة أنه هو الذي تشرف برفع علم السودان فوق القصر صبيحة استقلال السودان »قصر الحكم»، ثم تدرج في الترقية العسكرية، وأنه ألحق بمكتب اللواء عبدالله خليل قبيل رئاسته للوزارة ثم واصل الضابط عبدالرحمن سوار الذهب حياته العسكرية والترقي في مناصبها. وفي عهد الرئيس نميري 1969 1985م كان سوار الذهب هو القلب الرحيم لذلك العهد والصفحة الناصعة لتلك الثورة. ومن قياداتها العسكرية. أرسله الرئيس الراحل جعفر نميري لدولة قطر مستشارا عسكريا لأمير قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة. تميز الضابط عبدالرحمن سوار الذهب عن أقرانه بالقراءة الواسعة والإطلاع الواعي، مما مكنه من تقويم لسانه العربي وزادته فصاحة قبيلته الشايقية ذات الجذور العربية المنحدرة من شائق بن حميدان العباسي. وهم أهل فصاحة وبيان ومن أمهر السودانيين خدمة في سلك العسكرية، حيث تكون منهم في مصر سلاح الحدود "الهجانة" وهم أهل شجاعة ومكر ودهاء. حصل العميد أركان حرب عبدالرحمن سوار الذهب علي عدة دورات عسكرية، ثم الماجستير في العلوم العسكرية. عمل ملحقا عسكريا بسفارة السودان في كمبالا عاصمة أوغندا، ثم رئيسا لهيئة الأركان العامة، ثم وزيرا للدفاع، ثم رئيسا للمجلس العسكري الإنتقالي عند انتفاضة 6 أبريل 1985م ضد الرئيس السابق المشير جعفر محمد نميري. حيث انضم سوار الذهب للشعب مع ثورته ضد الرئيس السابق نميري. وبعد عام في المرحلة الإنتقالية من 1985 1986م سلم المشير سوار الذهب السلطة لحكومة منتخبة هي حكومة السيد الصادق المهدي. 1986 1989م. مما جعل المشير سوار الذهب محل إعجاب وتقدير العالم في أول سابقة من نوعها في إفريقيا. تلقفته منظمة الدعوة الإسلامية رئيسا لمجلس أمنائها ونائبا لرئيس المنظمة طوال عقد ويزيد، طاف خلالها الرئيس السوداني الأسبق المشير سوار الذهب دول القارة الإفريقية حاملا معه الأمل في البقاء علي قيد الحياة لملايين البشر من ضحايا الكوارث الطبيعية والحروب والمجاعات والأوبئة في القارة المنكوبة بالحروب الأهلية والكوارث. وكرس الرئيس الأسبق سوار الذهب وقته بالداخل حيث كان وسيطا نزيها بين القوي المتحاربة في الشرق والغرب والجنوب والشمال، وعضوا فاعلا ومؤثرا في مؤتمرات الحوار الوطني والسلام والأمن بالداخل. وكثيرا ما أرسلته منظمة الوحدة الإفريقية مبعوثا خاصا لحل النزاعات بين بعض دول القارة والتمهيد للمفاوضات نحو السلام. منح سوار الذهب جائزة الملك فيصل العالمية في 2004م تقديرا لجهوده الإنسانية في القارة الإفريقية والوطن العربي والشرق الأوسط. ثم اختير عضوا بمجلس حكماء المسلمين العالمية التي تنشر وسطية الإسلام والدعوة نحو السلام والخير والعدل. وقد شارك الرئيس السوداني الأسبق في عدة مؤتمرات وندوات دولية حول السلام والتنمية الإنسانية بالداخل والخارج. والمدقق لأوراقه الملقاة في تلك الندوات والمؤتمرات سيلاحظ دقة عبارته وسلاسة لفظه ولغته العربية السليمة بصوته الأجش مع مراعاته لمخارج الحروف السليمة وتضمينه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وبعض الأبيات السائرة من الشعر العربي. كان سوار الذهب شغوفا باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وهو صبي في إحدي خلاوي أم درمان والأبيض. وذا ثقافة عربية وإسلامية واضحة معتزا بذلك. ولو جمعت هذه الأوراق التي قالها في الندوات والمؤتمرات لكانت عملا ثقافيا جديرا بالقراءة والبحث والدراسة حولها. مؤلفاته: ومن كتبه التي نشرها في حياته: 1 التعليم العربي الإسلامي في إفريقيا. 2 أوضاع الأقليات المسلمة في القارة الإفريقية. 3 تقارير لمنظمة الدعوة الإسلامية. 4 تقارير لمجلس حكماء المسلمين العالمية. هذا فيما عدا مقابلاته الإعلامية المقروءة والمكتوبة والمسموعة والمرئية، وغيرها من آراء نشرها في بعض الصحف السودانية والعربية.وجد الرئيس الأسبق المشير عبدالرحمن سوار الذهب نفسه في العمل الخيري والتطوعي لأنه جَبُلَ علي ذلك العمل الإنساني بفطرته السوية ونشأته الصوفية التي تعطي ولا تأخذ. وكثيرا ما شوهد هذا الرجل المتواضع بشعره الأبيض وبشرته السمراء وهو يطوف بمفرده حول أضرحة أولياء الله الصالحين من السيدة زينب إلي الإمام الشافعي إلي الإمام الليث بن سعد وختاما بالإمام الحسين رضي الله عنهم أجمعين. أخبرتني الإذاعية الأستاذة ثريا حشيش مديرة إذاعة وادي النيل الأسبق أنها دخلت في التسعينيات منزل الرئيس الأسبق المشير عبدالرحمن سوار الذهب، وقد ذُهِلتْ من فخامة مكتبته التي تربو علي أكثر من 10 آلاف مجلد في شتي العلوم. لا نستطيع في هذه العجالة أن نوفي هذا العلم حقه من التقدير. لقد لبي الرجل الصالح نداء ربه في 18 أكتوبر 2018 عن 83 عاما قضي جلّها في خدمة المسلمين في أنحاء العالم. ودفن بالبقيع بالمدينة المنورة علي مرمي حجر من مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم وآله وسلم.وجوار الصحابة الكرام من السلف الصالح رضي الله عنهم. مشيعا بدعوات المسلمين له بمقعد صدق عند مليك مقتدر. طبت يا سيدي حيا وميتا يا عبد الرحمن سراج السودان وسوار إفريقيا. عليه سحائب الرحمة وشآبيب الرضوان. قال الأصمعي كأنه ينظر إلي سوار الذهب: أميرُ عمَّ بالمعروف حتيَّ كأن الأرض جللّها العِهادُ »المطر الغزير» رجلُ من بقية السلف الصالح.