عيوبنا الازلية والمزمنة كثيرة، بعضها عابر للأزمنة وللحكومات، تصاهرنا لا تفارقنا ولعل ابرز امثلتها الصارخة ما يمكن أن نطلق عليه تنازع الاختصاصات وضياع المسئوليات!! منذ أن كنت طفلا وانا أري أعمدة الانارة مضاءة في الشوارع، الآن بلغت مشارف الخمسين من العمر ومازالت الاعمدة لم تطفأ بعد!! عبثا تحاول البحث عن المسئول عن هذا الهدر المستفز في بلد انفق المليارات لتأمين احتياجاته من الطاقة الكهربائية وبعد عناء تجد اتهامات متبادلة بين المحليات والكهرباء. كلاهما يتنصل ويلقي بالمسئولية علي الآخر بينما يظل ما يقرب من أربعة ملايين عامود معظمها مضاء نهاراً تستهلك ما يزيد علي 5٪ من انتاجنا من الكهرباء ويظل الفاعل معلوما وتقيد الجريمة ضد مجهول!! يكفي أن نعلم وحسب تصريحات للمتحدث الرسمي للكهرباء أن الوزارة تلقت في شهور ما يزيد علي 50 ألف شكوي من المواطنين عن انارة الاعمدة نهاراً ومازالت هذه الظاهرة المستفزة تخرج لسانها للجميع. نحن في أشد الحاجة إلي من يحسم هذه القضية يحدد المسئوليات ويوزع الاختصاصات بوضوح لا لبس فيه بين المحليات ووزارة الكهرباء حتي لا تضيع المليارات هدراً في اضاءة النهار!! نهر النيل الذي قدسه الاجداد ونحتاج لكل قطرة من مياهه لنحيا ونعيش تطفو فوق سطحه جهاراً نهاراً اكوام القمامة وكانها سفن عائمة وتسمم مياهه آلاف الاطنان من الملوثات وعندما تبحث عن المسئول الذي حول سر الحياة إلي مستنقع للموت تجد أن هناك 9 وزارات وجهات لها ولاية علي النيل بشكل أو بآخر تضيع بينها المسئوليات ويختفي في دهاليز روتينها العقيم المجرم الحقيقي المسئول عن جريمة اغتيال النيل التي تحدث امام اعيننا كل دقيقة ونحن صامتون!! ويبقي السؤال المنطقي لماذا لا يتولي أمر النيل جهة واحدة تحاسب إذا ما قصرت وتثاب إذا ما أحسنت؟! اكوام القمامة التي تحتل الارصفة والشوارع لا تغادرها بسبب حالة التواكل بين وزارة البيئة والمحليات وأمثلة أخري لا حصر لها!! تحديد المسئوليات وفك الاشتباك بين الاختصاصات ينهي الكثير من الأزمات التي تحاصرنا إلي غير عودة.