صعدت الروح الي بارئها ولكن بطولة الرجل لن تنساها الاجيال فبكل الشجاعة وبلا خوف قدم التضحية بنفسه وجسده دفاعاً عن الوطن ضد جماعات الارهاب التي ارادت فرض الفوضي. اصابته رصاصات الغدر فاسقطته مصاباً باصابات بالغة فقد بصره واخترقت اجزاء من وجهه وفكه كما حدثت به تشوهات كادت تودي بحياته ولكن شاءت ارادة الله ان يعيش حتي لقي ربه أمس. ما بين يوم الاصابة الذي سطره بدمه ويوم أمس كانت قصة بطولة العميد ساطع النعماني الذي كان في يوم 2 يوليه 2013 مأموراً لقسم بولاق الدكرور بمنطقة بين السرايات. البداية عند الفجر حيث احتلت جماعات الاخوان الارهابية المنطقة المحيطة بالجامعة وحاولت احتلال اجزاء من جامعة القاهرة ثم بدأت في توجيه رصاصاتها نحو الاهالي أسرع النعماني الي المنطقة وسط آلاف الطلقات التي صوبت ناحيته ولكنه بلا خوف مضي يؤدي دوره وواجبه وأمام الجامعة اصابته الرصاصات القاتلة اخترقت احداها فكه واخري لصدره وسقط البطل مدرجا في دمائه فاقداً الوعي فاسرع احد سكان المنطقة بنقله علي دراجة بخارية الي مستشفي الشرطة بالعجوزة وهو تقريبا بين الحياة والموت.. هناك في المستشفي بدأت محاولات الانقاذ بالسيطرة علي النزيف الحاد وعلاج مكثف حتي بدأ البطل يستعيد بعضا من قدرته لتبدأ رحلة علاج اخري جديدة قاسية وعلي مدي عام ونصف في مستشفيات سويسرا بدأت مراحل كانت الحالة دقيقة خاصة وانه فقد اجزاء كبيرة من الفك وفقد نظره وكان خلال فترة علاجه كلما أفاق يردد انا شهيد وراضي بقضاء الله وقدره وكانت إرادة الله أقوي واعادته للحياة مرة اخري بينما كان الجميع يؤكد ان ساعاته قليلة لخطورة اصابته. معاناة كبيرة عاشها البطل علي مدي العام والنصف خارج الوطن حتي عاد للحياة بعد 92 يوما كاملة تم خلالها ما يشبه المعجزة باعادة ترقيع منطقة الفك.. أطلق عليه الإرهابيون والقناصة الرصاص من اعلي اسوار جامعة القاهرة اثناء انقاذه العشرات من اهالي بين السرايات بعدما اعتدوا عليهم وقتلوا 15 منهم واصابوا 60 آخرين ودمروا 70 محلا مملوكة للمواطنين وبصوت منخفض.. تلك اللحظات العصيبة وبالتحديد في يوم الثاني من يوليو عندما كان المعزول محمد مرسي يلقي خطابه بالتليفزيون ويردد كلمة الشرعية مرات ومرات وهنا خرجت عناصر من الإخوان بمنطقة بين السرايات وظلوا يطلقون الرصاص علي الاهالي واشتبكوا معهم مما اسفر عن مقتل من لاذنب لهم من الموجودين بالمنطقة مصادفة وقامت قناصة باطلاق الرصاص بصورة عشوائية، واصيب البطل من بندقية قناص اعلي الجامعة.. اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية الأسبق يقرر سفره في طائرة طبية للعلاج في سويسرا »بعدما ظل تلك المدة في غيبوبة تامة وتوقف في الكلي حتي انه كانت تجري عمليات غسيل بشكل يومي ولما أفاق ظل يردد انه يشعر بالفخر لانه كما وقف بجوار الشعب فالله سخر له مصر دولة وشعبا لتقف بجواره إلي ان تم شفاؤه من اصابته وبعد اجراء 12 جراحة بالبطن والوجه بعد ان تحطمت اسنانه وفقد بصره».. وجاءت محطة العودة وامام رغبة أهالي بولاق الدكرور في تقدير دور النعماني وتضحيته بروحه من أجلهم دفعتهم إلي تنظيم فعاليات لاستقباله بمطار القاهرة الدولي، فور وصوله من رحلة العلاج التي استغرقت عاما ونصف، قضاها النعماني بين سويسرا ولندن، حيث توجه العشرات من أهالي منطقتي بولاق الدكرور وبين السرايات إلي مطار القاهرة بالطبل والمزمار الذي تعالت أصواته مع وطأة قدم النعماني صالة الوصول، والتف الجميع حوله، حيث استقبله وفد من وزارة الداخلية ونادي الشرطة.. وبكلمات ممزوجة بالدموع بدأ البطل النعماني حديثه لمستقبليه، قائلا »مش مصدق إني رجعت مصر تاني وشفتها تاني أنا كنت شهيداً لكن ربنا رجعني للحياة تاني» ليحتضنه الجميع بأعلام مصر، ووسط بكاء المتواجدين حين التقي والدته التي ارتمي في أحضانها باكيا. وبعد كلمته في حفل تخريج دفعة جديدة لطلاب كلية الشرطة، بأكاديمية الشرطة، بالقاهرة الجديدة خلال 2015 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمصافحته وتقبيله وبعدها بأيام أبلغه وزير الداخلية انذاك هاتفيا بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي له لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. وقبل وفاته بأيام كتب النعماني علي موقع التواصل فيس بوك وكأنه يشعر بأن الموت يحاصره قائلا »السيد الفريق أول وزير دفاع مصرنا الحبيبة.. تحية طيبة وبعد.. نصت الأعراف والمواثيق الدولية علي حماية حق المكفوفين ومتحدي الإعاقة والأقزام في الحياة والأمن أثناء قيامهم بأعمالهم أو تواجدهم في حياتهم الخاصة وذلك لاعتبارات حساسيتهم من كل مشكلة وذلك لحساسيتهم تجاه إعاقتهم وما قد تسببه من مشاكل لهم». وأضاف: »ارتادت مصر هذا المجال وذلك لما تملكه من أسرار حضارة عاشت ملايين السنين بل إن رئيسها وابنها البطل سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي قرر تخصيص عام 2018 عاما لمتحدي الإعاقة ووجه بتوحيد كل قوي الحكومة في سبيل إنجاح فعاليات هذا المطلب الحضاري الذي تقاس به نهضة الأمة وحضارتها».