الأديب نجيب محفوظ وأبطال قصصه أبطال قصصه حقيقيون جدًا، ممن تراهم العين كل يوم ولا تخطئهم.. الأديب العالمي نجيب محفوظ، عرف المعلمة حسنية صاحبة الفرن البلدي بطلة قصته زقاق المدق، وعرف عم كامل، بائع البسبوسة والشيخ درويش، المجذوب والدكتور بوشي، الحلاق الذين تكلم عنهم في زقاق المدق، والتقي بالمعلم نونو الذي نقل حياته في قصته "خان الخليلي "، وجلس مع الشيخ متولي عبدالدايم، الذي لم ينسه في "بين القصرين". مجلة «آخر ساعة» ذهبت في جولة مع الأديب نجيب محفوظ إلى خان الخليلي وزقاق المدق وبين القصرين، لتشهد اللقاء بين الأديب وأبطال قصصه الحقيقيين، الذي أمضى ساعات طويلة يتكلم مع من كتب عنهم، وسط ثورة بعضهم لأنه تكلم عنهم بصراحة. ولد محفوظ في حي الجمالية الذي لا يبعد سوى خطوات عن حي الحسين، ثم غادره إلى العباسية، لكن صلته بالحي القديم لم تنقطع إلا فترة قصيرة، فعاد إلى شوارعه وهو طالب في الابتدائية، وجلس على كل مقاهيه وهو طالب في الجامعة، وكانت سهراته تمتد إلى الفجر، وعاش لسنوات طويلة على هذا المنوال. على إحدى مقاهي زقاق المدق، أشار محفوظ إلى محل عطارة في نهاية الزقاق، وقال هنا في هذا المكان كان يوجد الفرن البلدي الذي ظهر في الرواية، وعن يمينه كان المقهى، ليأتيه صوت من بعيد يخبره أن المعلمة صاحبة الفرن قد ماتت، فأخذ يترحم عليها والدموع تلمع في عينيه. وفي خان الخليلي، تذكر محفوظ المعلم نونو، الزبون الدائم للمقاهي الصغيرة التي كان يتميز بها الخان، فكلها كانت تعرف المعلم نونو بملابسه التقليدية، وعلى هذه المقاهي التقى محفوظ بالمعلم نونو، ومع مرور الأيام أصبحت شهرت المعلم نونو واسعة، واحتل مكانة في قلوب الرواد، فكانوا يسألون عليه بمجرد وصولهم ويلحون في رؤيته، حتى صار المعلم نونو مثل التحفة الفنية التي يبحث عنها هواة التحف. بياع الأدب ذهب نجيب إلى قهوة الفيشاوي لأخذ قسطا من الراحة، فإذا بصوت يأتيه من بعيد لرجل ضرير يحمل مجموعة من الكتب، إنه الشيخ علي فما أن سمع نجيب نداءه " كتب .. أنا اللي بيبيع الأدب"، سلم عليه، وعرفه الشيخ علي بمجرد سماع صوته، فأجلسه محفوظ إلى جواره ووضع في يده سيجارة، ودار بينهما حديث اطمأن خلاله نجيب على صديقه واشترى مجموعة من الكتب. وخرج الشيخ علي، من المقهى مرددا النداء، ونجيب يشير إليه قائلا: "إنه أحد أصدقائي، عرفته منذ سنوات طويلة عندما كنت أجيء إلى هنا مع بعض أصدقائي، وكانت هوايتنا عند رؤية الشيخ علي، أن نتبادل معه النكت، والقفشات، وكثيرا ما كنا نتحمس وندخل معه في قافية". آخر ساعة 16-8-1961