وسامية جمال تعاين الخراف وتشتري بنفسها كل عام وأنتم بخير.. اليوم الوقفة وفجر غد تبدأ أيام عيد الأضحي المبارك أعاده الله عليكم ومصرنا بالخير والبركة.. لكل منا ذكريات مع الخروف عشناها ونحن في الطفولة.. وظلت مختزنة نرويها لأبنائنا وأحفادنا لندلل كم كانت أضحية العيد رخصية مقارنة بالاسعار الفلكية التي نسمعها الآن.. والكاتب الساخر محمد عفيفي يقدم لنا "روشتة" في كتابه "ابتسم من فضلك " لحكايته مع الخروف، وسنترك لكم ما كتبه بأسلوبه الساخر ونحن نشير إلي نجوم " زمان " الذين كانوا " أشطر" منه في شراء الخروف والتقاط " سيلفي " معه وفي المقدمة : سامية جمال التي تختار الخروف وتعاينه بنفسها، وصباح التي جملت خروفها بنفسها، ومديحة يسري التي تداعب خروفها قبل النحر، وشكوكو الذي صنع لخروفه ملابس الاراجوز، الصور كثيرة، لكن تعالوا نعايش حكاية خروف الساخر محمد عفيفي. كانت فكرتي عن الطريقة التي أشتري بها خروف العيد هي أن أنتظر حتي أري رجلاً سارحاً بعدد من الخرفان فأقول له : " يا بتاع الخرفان.. أوزن لي الخروف اللي هناك لو سمحت !" ولكنه لم يكن متاحاً لي أن ألجأ إلي هذه الطريقة من ناحية لأن الحي الذي أسكن فيه لا يسرح فيه الرجال بالخرفان!.. ومن ناحية أخري لما حدثني به أهل العلم من أن الرجل العاقل لا يشتري خروفه بهذه الطريقة ! لأن الخرفان التي يسرح بها الرجال خرفان رديئة في أغلب الأحيان.. فلماذا سرحوا بها أصلاً !! منطق غير معقول طبعاً ولذلك.. صدقته !! وقلت لهم : " أمّال الراجل العاقل يا أهل العلم بيشتري خروفه ازاي ؟ ".. فقالوا : " انه يذهب إلي المذبح برفقة واحد منهم حيث ينتقي بمساعدته خروفا مناسبا فيدفع ثمنه ويذبحه ويسلخه ويوضبه ويعود به إلي المنزل فرحاً مرحاً فخوراً به ". فقلت عاملا بالنصيحة : " علي خيرة الله.. ياللا بينا ". وسحبت - أقصد سحبني - واحد منهم إلي المذبح حيث أجلسني في قهوة بلدي مع تاجر خرفان ملطخ الجلباب بدماء بضاعته ! وأحضروا لنا ثلاثة خرفان لنتخير منها أضحيتنا أحدها بني اللون كبير القرنين.. والثاني رمادي متوسط القرنين.. والثالث غير ذي قرنين أصلا وغير ذي لون ايضا !.. شخص ما قد حلق له شعره بسبب أو آخر نمرة زيرو ! قلت لهم: " يظهر أن الخروف ده معجب ببول براينر.. ها هاها ". ولكن أحداً لم يضحك الأمرالذي فهمت منه أن سمعة المستر براينر لم تصل إلي المدبح بعد.. وهذا غير مهم.. المهم اني كنت في صف الخروف الرمادي لا بسبب لونه الشاذ فحسب وانما بسبب ما ميزته أذني في مأمأته من نغمة خفيفة ! لكن زميلي مندوب أهل العلم بشئون الخرفان قال لي : " إن هذا الخروف هو أسوأ الخرفان الثلاثة !.. والرجل العاقل لا يجوز له ان يتخيرخروفه علي اساس من الاعتبارات الموسيقية.. إذ ان الصوت لا أهمية له في الدلالة علي جودة اللحم.. بدليل انه اشتري مرة خروفا يسجل بصوت تينور لطيف ومع ذلك كان لحمه زي الزفت " ! قال تاجر الخرفان : " إن البيه غاوي طرب هع هع ". ومع همهمته " هعهع" رددها سائر الموجودين لسبب لا أدريه فانكمشت في بذلتي وقررت الا أكشف لهؤلاء القوم عما لا يبدو انه في امكانهم ان يتذوقوه من خواطري.. وانتهي زميلي من فرز الخرفان الثلاثة حتي وقع اختياره علي الخروف الأقرع !.. قائلاً : " الفروة موش مهمه لأنك طبعا حتاكله من جوه " ! فهززت كتفي في استخفاف قائلا : " أنت أدري ولو انه صوته عادي خالص " ! وأخذوا الخروف فوزنوه وحاسبوني عليه ودفعت للتاجر مبلغا من المال اوجعني إلي درجة أنني قلت : "يارب ان حكمتك اجل من إدراكها ". وبانتهاء عملية الشراء احضروا لنا جزاراً يتصبب بدلا من العرق دماً، وأوصوه أن يأخذ باله من " البيه" ويذبح له الخروف كويس. وكان من رأيي أن يذبحه حيث جلسنا ولكن الجزار لسبب لا اعرفه صمم علي ان يذبحه في منزله ! فسألته : " هو البيت بعيد ؟ " قال : " لا ده خطوتين " فنهضنا وبدأ الجزار رحلتنا، ومندوب أهل العلم وأنا والخروف الذي يقدم رجلاً ويؤخر توطئة لأن يثبت في مكانه ويرفض السير رفضاً باتاً، فلو كانت له قرون لجذبناه منها ولو كانت له فروة لجذبناه منها، ولكن ماذا تصنع بخروف عديم الفروة والقرون ؟ لذلك اخذ الجزار يدفعه من مؤخرته قائلاً لي في سآمة : - " قول له " ور" يا بيه. - فقلت : " ور " ؟ - قال بلهجة العليم ببواطن الخرفان : قل" ورر ".. عشان يمشي. وكان في لهجته من نفاد الصبر ما يدل علي ضيقه الشديد بهذا البيك الذي لم يسمع حتي هذه اللحظة أن الخرفان تسير عندما يقول لها الرجل " ور " !. حقاً إنه كان يجب أن يدرك أنه غير لائق بذلك البيك حتي في حال علمه بتلك الحقيقة أن يسير في الطريق العام قائلاً " ور " !.. خصوصاً إذا كان الخروف الذي يوجه إليه الكلمة خروفاً أقرع ولكن الجزار كان يريد أن يوصل الخروف إلي المنزل بأية طريقة. فلما كنت أنا الآخر مشتركاً معه في تلك الرغبة، فقد بسطت ذراعي في استسلام وقلت للخروف : " وِرّ " يا سيدي.. "وررر".. "ورررر ". ففهم اللعين الكلمة وسار نحو عشر خطوات قبل أن يتوقف من جديد، كأنه يريد أن يفهمني ان الحكاية موش فوضي، وأنه ليس من الخرفان التافهة التي تسير أكثر من خمسة أمتار ب " ور " واحدة.. فخضعت للأمر الواقع ورحت أقولها وأعيدها أنا ومندوب أهل العلم في حين يتولي الجزار عملية الدفع من الخلف.. ذلك المنظر الذي أعجب نصف دستة من الصبية فانضموا إلينا وكلما توقف الخروف يقولون : " وررر ".. وكلما سار يصفقون : هييه ! واستمرت تلك المظاهرة إلي بيت الجزار الذي اتضح أنه علي بعد نحو كيلو متر الأمر الذي يدلك علي النسبية التامة في مسألة تحديد المسافات!. وكيفما يبدو لك أنت الرجل العادي كيلو متراً، لا يبدو خطوتين اثنتين بالنسبة للجزار.. وإلي هنا أرجو أن تأذن لي بالتوقف عن الكتابة إذ إن ثمة رائحة شواء ذكية تصل إلي أنفي من حجرة المائدة وأعتقد أنك توافقني علي أنه إذا كان الكلام عن الخرفان محبباً إلي النفس فإن أكلها بالنسبة للرجل العاقل علي الأقل أحب من ذلك بكثير ! للمعلومة : - "بول براينر " ممثل أمريكي أصلع الرأس كما الخروف الذي شربته من مدعي الفهم والاختصاص !!