محاولات ترجمة القرآن الكريم قدم العديد من المستشرقين محاولات متعددة لترجمة القرآن الكريم منذ عام 1947 وحتي منتصف الخمسينيات إلى اللغات المختلفة، حتى وصل عددها إلى 27 نسخة بالإضافة إلى الطبعة الأصلية باللغة العربية. وبدأت قصة ترجمة القرآن في منتصف الأربعينيات عندما أرسل المستشرق الفرنسي بلاستر، مقدمة للقرآن مترجمة باللغة الفرنسية، وواجه مشايخ الأزهر وقتها المشكلة بعد أن أثيرت بصفة جدية، وأصبحت تطلب حلا سريعًا، وفتوى ترضي الباحثين والمسلمين في أنحاء العالم. وجاء أول قرآن مترجما بشكل كامل من إنجلترا، وقام بترجمته يوسف علي، ومحمد علي، ثم جاء قرآن باسم سيل، وقرآن آخر مترجم بالإنجليزية باسم "بيل"، ثم توالت الترجمات من إنجلترا والهند، وكان أصحابها هم "بالمر، ورودويل، وبيكتال، ولين". وفي عام 1955، قام سبعة فرنسيين وهم كاسيمرسكي ولاميش، وبن داود ورير، ومادروس ومونتبت وجالاند بترجمة القرآن. ولقد ضربت ألمانيا خلال فترة الخمسينيات الرقم القياسي في ترجمة القرآن والبحث في أصول الدين الإسلامي، فقد وصل الأزهر تسع ترجمات للقرآن، مثل القرآن الذي كتبه "واهل، وبولمان، وجريجول، وروكيرت، ومولر، وكلامروث". كان القرآن المترجم الوحيد المترجم باللغة الإيطالية للعالم الإيطالي "بونيللي"، وباللغة الأسبانية ل"رفائيل كستلونومن" وساعده في الترجمة السوري أحمد عبود. وفي مارس من نفس العام، أعلن راديو طهران، أنه سوف يذيع القرآن باللغة الإنجليزية، وقال المسئولون في الأزهر إن هذا حرام، وأرسل شيخ الأزهر وقتها الشيخ عبدالرحمن تاج، يطلب الإذاعة الإيرانية أن ترسل له النسخة المترجمة التي يذاع منها القرآن الإنجليزي، حتى تبحث صحة هذه الترجمة. وقال المسئولون في إذاعة طهران إن الترجمة صحيحة وأنهم راجعوها وصححوا أخطاءها وعلى هذا الأساس فإن القرآن الإنجليزي سوف يذاع. وأرسل شيخ الأزهر يقول إن الأزهر سوف يعتبر هذا العمل ضد الإسلام والقرآن، لأنه لم تصدر فتوى نهائية في شرعية ترجمة القرآن، وأن كل ما هناك أن الأزهر يجيز شرح معاني القرآن العربي باللغات الأجنبية، أما أن تترجم كلماته حرفيًا فهذا عمل يخالف الشريعة الإسلامية. وصرح مدير قسم ترجمة القرآن بالأزهر الشيخ توفيق النحاس، بأن المسألة ليست سهلة كما يتصور الكثيرون، ولكننا نحاول أن نلتزم حدود التعاليم الإسلامية، ولا نخرج عن القواعد الموضوعة في الوقت الحاضر لترجمة القرآن الكريم، إننا نقر الترجمة التي تقصد شرح القرآن باللغات الأجنبية وعلى هذا الأساس فإننا نبحث الترجمان التي تجيئ إلينا. فيما أكد شيخ الأزهر الشيخ عبدالرحمن تاج، أنه يعتقد أن الترجمة مستحيلة لأن القرآن عربي بنص كلام الله سبحانه وتعالي "قرآنا عربيا غير ذي عوج"، ولأن المتأمل في آي كلمة منه لا يجد غيرها مناسبا لمكانها مما قبلها وما بعدها، والمعاني القرآنية أو المقاصد الإلهية لم تكتمل إلا في الألفاظ التي اختارها الله لها، فالترجمة إن دلت على شئ فإنما تدل على المترجم فقط، وسترى بأدق المقاييس والمعايير مدى فهم هؤلاء المترجمين من اتصال بمعاني الألفاظ وأهدافها، ثم يجب ألا ننسى الجانب التناسقي الذي يحمل الألفاظ القرآنية تنغيما وترخيما دينيًا ونفسانيًا في نفس الوقت. مجلة آخر ساعة: 9 مارس 1955