أكثر من 62 ألف قطعة أثرية مهددة بالتلف .. وفريسة التهريب والإهمال اختفاء 296 تحفة نادرة من الآثار المختارة ل «العرض بالمتحف الكبير» جرد مخازن سقارة يكشف خدعة المقلدات وينقذ كنوزنا الأثرية المخازن الأثرية لغز كبير يبدأ من رفض بعض مسؤولي المخازن لعمليات الجرد أو حتى تسجيل الآثار، وفي الوقت الذي تغلق فيه بعض المخازن بالسنوات بالشمع الأحمر مما يمكن لصوص الآثار من الاختباء خلف ذلك سنوات عديدة حتى تموت قضاياهم.. ولا ننسي في ذلك الحرائق التي كانت تشتعل في المخازن المنهوبة لتغطى على جرائم السرقات وإتهام الفئران بالتهام المومياوات والثعابين بإبتلاع الآثار.. لكن هل يمكن أن يمر أكثر من 16 عاماً على إنشاء أكبر مخزن آثار فى مصر دون أن تقترب منه لجنة فنية تكون مهمتها جرد وتسجيل الآثار وترميمها؟! وهل يمكن أن تظل أكثر من 62000 قطعة آثار فى عهدة مسؤول واحد يكون مدير عام مخازن سقارة ومسؤول عهدة مخزن سقارة 1 ويكون شقيقه مسؤولاً عن أمن المخزن؟! وهل يمكن أن تكون الصدفة فقط هى الكاشفة لحالات سرقات للآثار من داخل المخزن دون أن يكشف ذلك لجان الجرد؟! وهل يمكن أن تغلق أكبر مخازن للآثار فى مصر لتكون كنوز مصر خاصة العضوية منها كالمومياوات والتوابيت والتماثيل الخشبية حبيسة التلف والتحلل وفريسة التهريب والإهمال؟! مخازن سقارة هى أحد المخازن التى أنشأتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى عهد د. زاهى حواس وزير الآثار الأسبق والذى بدأ فى استقبال الآثار فى عام 2002 من المخازن النوعية “مخازن حفائر المنطقة” بالإضافة إلى الآثار المكتشفة عن طريق البعثات الأجنبية وفى سقارة 4 بعثات دائمة يرخص لها كل عام وهى البعثة الأسترالية والإيطالية واليابانية وبعثة متحف اللوفر الفرنسية. والمخزن أحراز العديد من القطع النادرة. وقد كشفت “الأخبار المسائى” خلال سلسلة من التقارير السابقة عن ما يتم بالمخازن المتحفية ودقت ناقوس الخطر مراراً وتكراراً من الممارسات الخاطئة التى تجري بها وعمليات النهب المنظم والسرقات والنسخ المقلدة وحذرنا أكثر من مرة من تعرض كنوز وثروات مصر الأثرية المودعة بالمخازن للضياع عن طريق التهريب تارة والإهمال وعدم الصيانة الناتج عن غلق بعض المخازن تارة أخرى.. وطالبنا بجرد هذه المخازن وعلى وجه الخصوص مخازن سقارة 1 أكبر مخازن آثار فى مصر خاصة بعد التصريحات التي خرجت على لسان اللواء عبد اللطيف البدينى مساعد وزير الداخلية ورئيس شرطة السياحة والآثار “الأسبق” فى عام 2011 والتى أكد فيها أن 75% من مخازن سقارة 1 مقلدات!! بداية الحكاية البداية كانت بالصدفة عندما أعلن الإنتربول الدولي منذ سنوات أنه عثر علي لوحة الزيوت السبع المقدسة الأصلية في الخارج معروضة في أحد المعارض بلندن وهو ما يعنى أن النسخة الأخرى الموجودة بمخزن سقارة “1” ضمن عهدة الأثرى خالد محمود مدير عام المخازن المتحفية بسقارة ودهشور والمسؤول عن المخزن المتحفي رقم 1 بسقارة مقلدة خاصة أنه لا يوجد نسختين لتلك اللوحة وعلى الرغم من أن الإنتربول طلب من وزير الآثار د.محمد إبراهيم آنذاك فحص اللوحة الموجودة في مخزن سقارة وبالرغم من أن الإدارة المركزية للمتاحف المخزنية سبق أن قامت بتشكيل ثلاث لجان لجرد مخازن سقارة وذلك للوقوف على هذه الواقعة إلا أن مدير المخزن “خالد محمود” رفض جرده تماماً وهو ما زاد من الشكوك خاصة أنه يتولى إدارة المخزن منذ 16 عاماً.. والغريب أنه منذ أن تم إغلاق المخزن الذي يوجد به اللوحة المقلدة تمهيداً لجرده وفحص اللوحة وذلك بناء على القرار رقم 1736 بتاريخ 6 – 3 – 2014م الصادر من د.مصطفى أمين الأمين العام للآثار.. وقرار النيابة العامة بغلق وتشميع مخزن (1) للآثار بسقارة في السادس من مارس 2014م بالشمع الأحمر، لم تتخذ أي خطوة زيتنا فى دقيقنا ولما كانت القطعة من ناتج حفائر البعثة الأسترالية “بعثة نجيب قنواتى” حيث أبلغ د.نجيب عن قيام معرض لبيع الأنتيكات بعرض “لوحة الزيوت السبعة” للبيع وقام بإبلاغ السفارة المصرية والتي أبلغت وزارة الآثار وتبين أن لوحة الزيوت المعروضة بالمزاد كانت ضمن القطع المختارة لعرضها في المتحف المصري الكبير وتم تشكيل لجنة برئاسة الأثري سعيد شبل بأمر من نيابة الأموال العامة هذه اللجنة أثبت وجود فقد يتجاوز 257 قطعة أثرية ثم تم تشكيل لجنة أخري في عام 2018 برئاسة الأثري نوبي محمود للتأكد من وجود القطع المفقودة بالمخزن من عدمه والتي جاء تقريرها مطابق للجنة السابقة، حيث أكدت أن القطع المذكورة مفقودة بالفعل وأن هناك 39 قطعة أثرية أخرى مفقودة لتكون عدد القطع المفقودة فقط فى الصناديق المجنبة والتى يصل عددها إلى حوالى 64 صندوقاً هى حوالى 296 قطعة أثرية والتى من أبرزها لوحة الزيوت السبعة وملعقة العطر على شكل سيدة نائمة وهو ما دفع الرقابة الإدارية بتكليف من النيابة بالقبض على مسؤول المخزن حيث تم استدعائه لمقر الوزارة بالزمالك بناءً علي طلب الرقابة الإدارية وقامت الرقابة بالتحقيق معه لمدة حوالي 6 ساعات ثم قامت باصطحابه إلي نيابة الأموال العامة وبعدها بأيام تم القبض على شقيقه المسؤول عن الأمن بالمخزن ليتحقق المثل القائل “زيتنا فى دقيقنا”. المشكلة أن اللجنة التى تم تشكيلها اقتصرت مسؤوليتها على البحث عن القطع المفقودة بالصناديق المجنبة التى وضعت فيها القطع الأثرية التى تم اختيارها من المخزن لتكون من بين القطع المعروضة بالمتحف المصري الكبير الذى سيتم افتتاحه عام 2020 وأثبتت اللجنة فقد عدد 296 قطعة أثرية منها، والسؤال هو إذا كان عدد القطع الأثرية المفقودة من القطع المختارة للعرض فى المتحف المصري الكبير فقط هو 296 قطعة فماذا ستكون النتيجة إذا نجحت وزارة الآثار فى جرد مخزن سقارة 1 بالكامل وبه أكثر من 62 ألف قطعة أثرية ؟! علماً بأن ثلثى آثار مخزن سقارة 1 غير مسجلة !! تقرير الفحص ومن واقع تقرير اللجنة المشكلة بالقرار رقم 510 بتاريخ 28 يناير الماضي لفحص الآثار العضوية والتوابيت الخشبية والمومياوات بالمخزن المتحفي بسقارة (1) موضوع القضية رقم 448 لسنة 2017 وتحديد قيمة الأضرار والتلفيات للآثار العضوية سواء كانت لسوء التخزين وعدم حماية الآثار بعد ترميمها واستلامها من البعثات بدون ترميم، للوصول إلى أسباب التلف والتدهور للآثار العضوية من توابيت خشبية ومومياوات وتماثيل خشبية وأقنعة خشبية وأواني كانوبية خشبية بأغطيتها والتي تمثل حالة نادرة وفريدة في الآثار حيث وجدت اللجنة التكدس الهائل للآثار العضوية وغير العضوية لهذه القاعات وأن هذه الآثار مشونة بطرق غير علمية تؤدى إلى تلفها وتدهورها وسوء حالة التوابيت الخشبية ووجود كميات من الأتربة والإتساخات وشروخ وتشققات على كثير من أغطية التوابيت الخشبية كما توجد أجزاء منفصلة من التوابيت وأجزاء خشبية مفقودة كما أن حالة بعض أخشاب التوابيت في حالة ضعيفة يمكن أن تتحول إلى بودرة إذا لم تتم أعمال الحفاظ الفورية والعاجلة لهذه التوابيت كما أن بعض التوابيت التي على أغطيتها نقوش ورسوم تتعرض للتلف التدريجي بمرور الوقت إذا لم يتم العلاج الفوري لها، وكشفت اللجنة أن بعض المومياوات في حالة سيئة وصل إلى درجة التفحم وبعضها نجد تلف للكتان الملفوفة به المومياء وفقدان أجزاء من بعض المومياوات منها على سبيل المثال التابوت رقم 15966 سجل عام المنطقة وكان به شرخ طولي والمومياءعليها صدرية من الخرز وبعد دخوله المخزن المتحفى وجد به تفكك فى جزء الرأس الخشبى وبه شروخ وحالته ضعيفة ولاتوجد صدرية الخرز وعليه كمية من الأتربة وليس عليه أى مظاهر لترميم سابق والمومياء فى حالة سيئة حيث تفكك لفائف الكتان وتمزقها، وكذلك التابوت رقم سجل منطقة 16130 وقد كانت حالته عادية وكان على غطاء التابوت كتابات هيروغليقية والمومياء عليها صدرية من الخرز وبعد الفحص تلاحظ عدم وجود الصدرية الخرز على المومياء ويوجد عليه أتربة ويوجد بالتابوت شروخ وتشققات بالجزء الأعلى ورأس التابوت مفككة وملونة ولاتوجد عليه أى مظاهر لترميم سابق وداخله مومياء فى حالة سيئة لعدم وجود صيانة دورية أو أعمال ترميم لهذه التوابيت التى فقدت الصدرية الخرز وكذلك بهتان للألوان والكتابات. إختفاء السجلات أما التوابيت الخشبية المنقولة من مخازن تفتيش آثار سقارة إلى المخزن المتحفى بسقارة (1) والتى تم نقلها بتاريخ 22/4/2003 بأرقام سجل منطقة 2540 ميت رهينة –15932-15965-15967-16122-16123-1726118156-18224-1823918719-غطاء تابوت 16059- مومياء صغيرة 15800 فقد ذكر بالمحاضر أنها سلمت بكشوفات تفصيلية ودفاتر حرف (ز) لسرد الوصف والتفاصيل والحالة الراهنة لهذه التوابيت وفوجئت اللجنة بعدم وجود دفتر حرف (ز) وكذلك عدم وجود كشوفات لهذ التوابيت ولكن من الواضح أن الحالة تزداد سوءاً لهذه التوابيت. كما لم يستدل على كشوف ودفاتر حرف «ز» الخاصة بالصناديق الخشبية الحاوية للآثار ومن بينها تمثال من خشب الجميز ينتمى للدولة القديمة حالته كما هو عندما استخرج من الحفر الجزء السطحى متفحم وحالته ثابتة ومستقرة ولكنه يحتاج إلى بعض أعمال التقوية والتنظيف، وتابوت خشبى ملون عليه طبقة تشبه المونة السوداء بداخله مومياء متهالكة وتالفة فاقدة لأجزاء منها تحمل رقم 7166 بالمحضر المؤرخ فى 15/5/2012 . أما الآثار العضوية المنقولة إلى المخزن المتحفى بسقارة ناتج البعثات الأجنبية علي سبيل المثال.فقد تبين أن سجلات قيد الآثار بالمنطقة وليست بالمخزن وهى سجلات قديمة وأوراقها فى حالة ضعيفة وبعضها منذ عام 1962. كما سهل المتهم للبعثات الأجنبية دخول الآثار المكتشفة دون ترميم بالمخالفة للمادة 34 من القانون 117 لسنة 1983 وتعديلاته بأن تقوم كل بعثة بترميم ماتكتشفه من آثار أولاً بأول وهو يعنى أن الآثار وخاصة ثلثى آثار سقارة 1 غير مسجل بدفاتر حرف (ز) وبالتالى لا يتم ترميمه، لذلك يطالب د. عبدالفتاح البنا الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة النائب العام بإصدار أوامره بفتح مخازن سقارة 1 كما يطالب وزارة الآثار بتشكيل لجنة محايدة لجرد المخزن بالكامل وإظهار حجم الكارثة ومحاكمة المسؤولين وإنقاذ ما تبقى من آثار ومومياوات وتوابيت وتماثيل وخاصة الآثار العضوية التى فى طريقها للتلف خاصة أنه تم اجهاض لجنتى جرد من قبل عن القيام بهذه المهمة الوطنية وخاصة أن المخزن الذى يحتوى على أكثر من 62 ألف قطعة آثار منذ أن بدأ فى استقبال الآثار فى عام 2002 لم يتم جرده مطلقاً وعهدته بالكامل طيلة كل هذه الفترة التى تقدر بحوالى 16 عاماً فى عهدة أثرى واحد هو المقبوض عليه حالياً.