ترامب يري بوتين منافسا وليس عدوا »المحطة الأسهل» في جولته الأوروبية هذا الأسبوع، هكذا كان وصف الرئيس الأمريكي لزيارته المرتقبة لروسيا غدا ولقاؤه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد مواجهات عاصفة مع الحلفاء من القادة الأوروبين في قمة الناتو وزيارة غير مرغوب فيها شعبيا في بريطانيا. هكذا يري ترامب بوتين باعتباره »منافسا وليس عدوا » بعد أن انتهي من ابتزاز حلفائه من أجل زيادة الإنفاق العسكري في حلف الناتو لمحاربة نفوذ المنافس بوتين والنفوذ الروسي المتنامي في أوروبا والعالم. وأعلن الرئيس الأمريكي أنه سيناقش مع نظيره الروسي أثناء قمتهما في هلسنكي الأوضاع في سورياوأوكرانيا و»التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية » دون انتظار توقعات كثيرة» وفقا لتعبير ترامب. فلن تتوقف المناورات العسكرية الأمريكية في دول البلطيق ولن تزيل أمريكا درعها الصاروخي في أوروبا ولن تتنازل روسيا عن القرم ولن يتخلي أي منهما عن التسليح النووي. وربما لن يتم تجديد معاهدة ستارت للحد من التسليح النووي بين أكبر قوتين نوويتين في العالم والتي ينتهي العمل بها في عام 2021. في الوقت الذي يخوض الطرفان سباقا في التسلّح النووي جعلت ترامب يجدد من ترسانة أمريكا النووية في الوقت الذي كشف فيه بوتين في مارس الماضي عن مجموعة من الأسلحة النووية الجديدة وهدد الجميع بالقول أن هناك واقعا جديدا في روسيا لن يقوي أحد علي مواجهته. وبعد إثبات ان روسيا تدخلت بشكل صارخ في نتيجة الانتخابات الامريكية في الفضيحة المتورط بها الرئيس الأمريكي نفسه لم يعد أمام الطرفين سوي ترتيب الأوراق ووضع أولويات للقضايا المشتركة أو بمعني آخر المصالح المشتركة التي تربطهما في الفترة القادمة بعد توسع النفوذ الروسي في كثير من ملفات الشرق الأوسط خاصة الحرب السورية وإيران. وبعيدا عن استعراض القوة الذي يجيده الطرفان الروسي والأمريكي، ليس هناك مجال للشك أن ما حدث في بداية زيارة ترامب لحلفائه الأوروبيين كان رسالة عملية موجهة للرئيس بوتين بعد الاتفاق علي زيادة الميزانية الدفاعية للحلف لمواجهة النفوذ الروسي. ولكنها كانت لحظات صعبة عاشها القادة الأوروبيين وهم في انتظار ما سيقوله ويفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ثاني لقاء له مع قادة حلف الناتو منذ توليه منصبه قبل عام، فالامر لم يكن مجرد محاضرة عن أهمية الإنفاق علي منظومة الدفاع الأوروبية وإنما كان توبيخا للدول التي لم تف بتعهداتها بزيادة الإنفاق علي حلف الناتو أعقبه تهديد بإمكانية انسحاب القوات الامريكية من الناتو وأوروبا أو تأخير نشر القوات والعتاد ما لم يدفع القادة الأوروبين فاتورة الخدمات الامريكية. ووجه ترامب انتقادات شديدة لألمانيا التي تنفق حاليا 1.24 ٪ من ناتجها القومي علي قواتها العسكرية، رغم انها قررت زيادتها إلي 1.31 ٪ العام القادم.وتعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زيادة مطردة في الإنفاق العسكري الألماني في السنوات القادمة تمشيا مع تعهد بلادها بالالتزام بأهداف الناتو ولكن من غير المتوقع أن تصل للنسبة التي يريدها ترامب. واعتبر قادة الناتو الضم الروسي للقرم في أوكرانيا في عام 2014 بمثابة طوق النجاة لهم من غزواتهم الخارجية واعتقدوا خطأ أنهم عادوا إلي الأرض التي يعرفونها ويمكنهم الفوز في حربهم علي بوتين بسهولة. لكن بوتين قام مراراً وتكراراً بتضليلهم وانخرطوا في حرب هجينة أخطرها الهجمات الإلكترونية..ورغم استمرار حلف الناتو في التوسع، مع انضمام جمهورية شمال مقدونيا لكنه لن يضم جورجيا قريبا الا اذا أراد تصعيدا جديدا مع روسيا لأن الناتو يظل عمله مركزيا يدور في فلك ما تريده السياسة الأمريكية والتي انحصرت حتي الآن في ثلاث ملفات هي ردع العدوان الروسي في الشرق، ومكافحة الإرهاب في العراق، ومواجهة التهديدات الجديدة في الفضاء الإلكتروني. ولكن ترامب غير راض عن أداء قادة أوروبا خاصة في ملف العقوبات المفروضة علي إيران بعد أن رفضت الدول الأوروبية الاذعان لقرارات ترامب بإلغاء الاتفاق النووي وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية علي ايران التي تملك علاقات اقتصادية طيبة مع معظم الدول الأوروبية وبسبب تقاعسهم عن تأييد فرض عقوبات جديدة علي موسكو في 2017. من جانبها عززت موسكو من قدراتها العسكرية في منطقة بحر البلطيق وانتقدت حلف الناتو لنشره الدرع الامريكي المضاد للصواريخ في شرق أوروبا في النرويج والدنمارك وأيسلندا في حين تظل السويد وفنلندا علي الحياد. بينما وقفت واشنطن إلي جانب قادة أوكرانيا الموالين للغرب في مواجهتهم مع روسيا. وقدمت مساعدات عسكرية بمئات ملايين الدولارات إلي كييف.و يقول مراقبون أن قمة هلسنكي ستمثل انتصارا لبوتين إذا أقنع ترامب بالتخلي عن تقديم تلك المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ومع المعرفة الجيدة لشخصية الرئيسين فأي شيء يمكن أن يحدث إذا التقي ترامب وبوتين وجها لوجه.