"كلما قرر أحدنا الانتحار نظر إليه الآخر أقول لصديقي بصيغة من صيغ المبالغة الحياة صعبانة عليّ بالرئة ما يكفي من الغرق وبالعين ما يكفي من العمى و بنا ما يكفي من كل ما لا نحب".. قشعريرة غريبة سنتابك فور سماع هذه الكلمات، لا تدري هل هي مقدمة أغنية عابرة أم تعويذة سماعية تجبرك "راضيًا" على سماعها لآخر "كوبليه" . وتجذبك مع أداء من تغنيها إلى ملكوت آخر، وتخطفك مع موسيقاها إلى كوكب "نفسي" معزول عن مجرة حياتك، كلمات ابتعدت عن تيمة الأغاني المعتادة، ليست عاطفية وليست كئيبة وبالطبع غير مبهجة بتاتًا، ولكنها توليفة سماعية غير مألوفة من الوجع والوحدة والأمل وراحة البال، والمؤكد أنك ستعيدها مرة تلو أخرى دون أن تمل، وستضطر أن تأخذ نفسًا عميقًا كلما سمعتها. هي ببساطة إحدى روائع مطربة تونسية الأصل مصرية الهوى، خطفت بها قلوب عشاقها المصريين فى آخر زياراتها لأم الدنيا، أعادت بها إحياء واحدة من أقدم أغاني مشوارها الغنائي الممتد لقرابة عقدين من السنوات، بضمها في مشروعها الموسيقي الجديد "ساعة قبل صحوة الآلهة"، جرعة موسيقية لعبت بها على وتر السايكديليك بموسيقاها الإلكترونيك وأدائها الغنائي، وأطلت به للمرة الأولى لايف نهاية مارس الماضي بجولة حفلات خماسية بالقاهرة، نالت خلالها نصيب الأسد من الإقبال الجماهيري، ومزجتها بإطلالة مختلفة بحفلتي توقيع روايتها الأولى "روميو وليلى"، هي حالة أقرب منها مجرد أغنية تسمعها من حين لآخر، لها قاعدة جماهيرية لا يستهان بكبرها في ربوع العالم العربي، وحفرت لنفسها مكانة خاصة في قلوب جمهورها المصري، ممن وجدوا فيها "حتة منهم" و"شخصية تتحب" أكثر منها فنانة قد توصف بالعالمية بجولاتها الفنية وإنجازاتها، ومثلت مصر لها "بيتها الثاني". ومثلما تكمن العادة السنوية لها، فلا يمر رمضان إلا وتضع خلاله غالية بنعلي بصمتها ب"ليلة أو اتنين" من سهراتها الغنائية الخاصة، هذا بالفعل ما تنوي تحقيقه هذا العام، عبر جولتها الموسيقية الجديدة بين القاهرة والإسكندرية، تبدؤها من عروس البحر على مسرح سيد درويش أوبرا إسكندرية مساء الجمعة 8 يونيو، ومن ثم تشد الرحال من بعدها بيوم للقاهرة لإحياء حفلتها الكبرى على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، وقررت هذه المرة أيضًا أن تغير جلدها، وتطل بمشروع موسيقي جديد ومغاير عن آخر زياراتها، بمفاجأة المصريين بالظهور اللايف الأول ل"الحضرة"، وجبة سماعية متنوعة المذاقات من أبرز أغانيها، ممزوجة ببهارات "الابتهالات" ولمسات من أجواء التصوف، لروائع "مولاي من سقى حسن الموارث ما غنى إلا على الوارث ما سمع يطرب"، و"قلبي يحدثني بأنك متلفي"، و"دعاء البهاء".